الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشاء له، هذا ما يبدو لي في الجواب عن هذا السؤال.
السائل: الرجل المسافر يعلم أن ذاك الإمام يصلي العشاء، وهو أخر المغرب فدخل مع الجماعة، يدخل معهم بنية المغرب؟
الشيخ: طبعاً، لا يجوز تأخير صلاة المغرب عن صلاة العشاء، وإنما يقتدي به، ثم ينوي المفارقة -كما قلت آنفاً- حينما ينهض الإمام إلى الركعة الرابعة.
السائل: بعض العلماء قال: يدخل معهم بنية النافلة، يصلي معهم العشاء نافلة له، ثم يصلي المغرب، ثم العشاء.
الشيخ: لماذا؟
السائل: لا أدري، فما صحة هذا القول؟
الشيخ: هذا الذي قَدَّمت له، قدمت، ما قدمت من أدلة، هو لأُبيِّن أن اختلاف نية المقتدي عن نية الإمام لا تَضرّه في صحة الصلاة.
فإذا كان هو يصلي المغرب، والإمام يصلي العشاء: فأولى أن تكون هذه الصلاة صحيحة، من أن تكون صلاة المفترضين وراء المتنفل صحيحة، كل ما في الأمر أنه يحتاج إلى واسطة في الموضوع، وهو أن ينوي المفارقة.
(الهدى والنور / 497/ 40: 35: 00)
إئتمام من يصلي المغرب بمن يصلي العشاء
الملقي: طيب: إذا كان الإمام جمع بين المغرب والعشاء لعذر -مثلاً- المطر، وجاء رجل، سواء علم أم لم يعلم بأنه صلاة العشاء ولم يصل المغرب؛ فكيف يعمل؟
الشيخ: يصلي المغرب وراء الذي يصلي العشاء.
الملقي: أربع ركعات، هو يصلي الإمام.
الشيخ: لا، هو يصلي، ثلاثاً.
يعني: هنا نتصور الموضوع، أنه جاء وقد أُقيمت صلاة العشاء، فأدرك صلاة العشاء من أولها، فهو لا يجوز له أن يصلي العشاء وهو بعدُ لم يصل المغرب، فعليه أن يقتدي بهذا الإمام الذي يصلي العشاء، لكن هو ينوي صلاة المغرب؛ لأنه:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
وكما لا يجوز للمسلم عادةً أن يقدم ويؤخر الصلاة، كذلك -لا يجوز ولو اقتدى بإمام يصلي صلاة العشاء-، لا يجوز له أن يصلي العشاء ثم يُثَنِّي فيصلي صلاة المغرب، وإنما يبتدئ الصلاة بصلاة المغرب وراء هذا الإمام الذي يصلي صلاة العشاء.
ونحن افترضنا: أنه اقتدى مع الإمام في أول الصلاة، فإذا ما قام الإمام إلى الركعة الرابعة، جلس هو ونوى المفارقة -نوى مفارقة الإمام-؛ لأنه زيادة على ثلاث ركعات في صلاة المغرب عامداً متعمداً يُبطلها، كمن صلى الصبح أربعاً أو ثلاثاً، أو صلى العشاء أو الظهر أو العصر ثلاثاً أو اثنتين، لا فرق في كل هذه الصور في بطلان الصلاة زيادة أو نقصاً.
ولهذا: فله مخرج، أن ينوي مفارقة الإمام؛ لأنه مضطر إلى أن يأتي بثلاث ركعات المغرب، ولا يتابعه في الرابعة، فإذا سلم هو فيقوم ويقتدي بالإمام، حيث كأنه يستأنف صلاة العشاء معه، ولو أدركه قبل السلام، هذا الذي
…
.
الملقي: ما يقع في المخالفة يا شيخ: أنه يسلم قبل الإمام، نية المفارقة هذه، كيف؟
الشيخ: مضطر، مضطر هذا للمخالفة، هذه لا بد منها؛ لأنه أيُّ المخالفتين صاحبها أعذر: أذاك الأنصاري الذي دخل مقتدياً وراء معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهو يصلي بقومه صلاة العشاء الآخرة، فلما افتتح سورة البقرة قطع الصلاة وانصرف يصلي وحده، أي الرجلين أعذر: هذا أم الذي قلناه آنفاً.
لا شك أن الأول أعذر؛ لأنه يريد أن يصحح الصلاة التي فرضها الله عليه
ثلاثاً وليس أربعاً، وليس من العذر أن يعكس التوقيت الشرعي، أن ينوي الصلاة وراء الإمام أربعاً، وبعد ذلك يصلي المغرب.
ونحن نعلم أن بعضهم يقول: ينوي النافلة وراء هذا الإمام، يصلي أربع ركعات مع الإمام، لكن ينويها نافلة، ثم بعد ذلك يستأنف الصلاة على الترتيب المعروف، يصلي ثلاث ركعات المغرب، ثم أربع ركعات العشاء.
لكن هنا يقع في مخالفة أخرى، وما أدري كيف لا يتنبه لها من يفتي بهذه الفتوى الأخيرة، ألا وهي، قوله عليه السلام:«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» ، فما يجوز لإنسان أن يصلي نافلة والناس يصلون فريضة، لا شك أن كل هذه الصور لا تخلو من مخالفة، لكن الحقيقة كما يقال:
حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
وكما يقول الفقهاء: إذا وقع المسلم بين شَرَّين، أو لنقل الآن: بين مخالفتين، ولا بد له من إحداهما، فليختر أخفَهَّما، وهذا من الفقه الذي ينبغي أن يعرفه طالب العلم.
الملقي: بس الظاهر شيخنا: أن الحالة الأخيرة هي أخف.
الشيخ: وهي؟
الملقي: أنه يصلي بنية النافلة؛ لأنه «إلا المكتوبة» ، يعني يصلي العشاء معهم، وفي الصورة الأولى ما صلى العشاء يصلي المغرب
…
.
الشيخ: بس ما صلى هو المكتوبة؟
الملقي: ولكن الأولى المكتوبة، المكتوبة العشاء.
الشيخ: معليش، أنا قلت: لا بد من مخالفة، لكن الآن نحن نتناقش في أيّ المخالفتين أقل.
هذا الذي صلى المغرب وراء من يصلي العشاء يصح فيه أنه صلى مكتوبة، -ولو أنها هي غير ذيك المكتوبة-، يعني -مثلاً- لما قال: لما دخل الرسول عليه السلام
في صلاة الفجر ورأى رجلاً يصلي سنة الفجر وقد أقيمت الصلاة، قال له:«آلصبح أربعاً، آلصبح أربعاً» ؛ لأنه زاد نافلة على الفريضة، أما هذا الذي يصلي ثلاث ركعات الفرض، هذا صلى مكتوبةً، وإن كانت كيفيتها تختلف عن تلك، ولذلك قلنا: إنه لا بد من المفارقة.
بعدين أصل المفارقة -أيضاً- يعني ثابتة في بعض الصور الأخرى، فهي تُخفِّف من شؤم المخالفة فيما نحن في صدده.
لعل كثيراً من إخواننا الحاضرين يعلمون أن صلاة الخوف التي بطبيعة الحال ما أظنها أحييت في هذه الفتنة التي وقعت في هذا الزمان، فصلاة الخوف هذه لها صور عديدة، منها: أن الإمام يصلي ركعتين لنفسه، لكن الجماعة لكلٍ منهم ركعة، وذلك بأن ينقسم المحاربون للكفار صفين أو طائفتين.
الآن الحقيقة: المسألة تحتاج إلى شيء من الفقه الجديد، لكن ها إلي بيهمنا أن الرسول عليه السلام بالنسبة لذلك الزمان كان صلى بأصحابه الكرام صلاة الخوف في صور عديدة جداً، بلغت من حيث الرواية خمس عشرة كيفية، لكن يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله: لا يصح إلا سبع كيفيات فقط.
من هذه الكيفيات الصحيحة: ينتصب الإمام، يستقبل القبلة، وقد يكون العدو في دُبُر القبلة، بمعنى: الشمال، فلا يستطيع الإمام أن يستقبل الشمال، بِدُّو يستقبل الجنوب، فهو لو صلى بجميع أصحابه، ممكن أن يَغْدُر به المشركون، ولذلك فكان يقسم الصحابة قسمين: قسم في وجه العدو، وقسم بيصلي خلفه عليه السلام، فيصلي الركعة الأولى، فينوي الصف الذي خلف الرسول المفارقة، يجلسون ويتشهدون ويسلمون، ويذهبون، ويأخذون مَصَافّ الجماعة التي كانت تُجَاه العدو.
ثم تأتي هذه الجماعة وتقتدي مع الرسول، وهو ينتظرهم قائماً للركعة الثانية، فيسلم بهم، فتكون للرسول ركعتان، ويكون للجماعة ركعة واحدة، وهذا من معاني قوله عليه السلام:«صلاة الخوف ركعة» صلاة الخوف ركعة.