الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيرادات على القول بمتابعة الإمام المخالف للسنة
مداخلة: [بعضهم] يعلق على قولكم بوجوب متابعة الإمام وإن ترك سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك بعض الإشكالات التي ترد على قولكم هذا من أهمها ..
الشيخ: اقرأ.
مداخلة: من أَهمَّها أن هذا القول يُسَبِّب حرجاً كبيراً، وذلك أنه يلزم كل المصلين بمراقبة كيفية صلاة الإمام ليتسنى لهم متابعته، وإلا لا يكون لقولكم هذا في وجوب متابعة الإمام بالتفصيل الذي يُحكى عنكم أيّ معنىً، وكما يعلم الشيخ -حفظه الله- أن الأئمة يختلفون في صلواتهم تبعاً لاختلافهم في مذاهبهم، وتكليف المصلين بهذا الحكم يلزمهم أن يرقبوا صفة صلاة الإمام، والحرج كما تعلمون مرفوع عن هذه الأمة، ولأن هذا مما تعم به البلوى، ثم إن قولكم هذا لم يقل به أحد من الأئمة السابقين ولا العلماء المحققين، بل هذه المسألة تكاد تكون كتب الفقه منها خالية.
فنرجو من فضيلة الشيخ أن يجيبنا عن الإشكالات المذكورة -آنفاً- بشيء من التفصيل، لأن المقام يتحمل ذلك، والله يوفقكم ويسدد خُطَاكم.
الشيخ: السؤال من أصله غير وارد عليَّ، لأنه رأيي فُهم خطأً، أنا ما قلت ولن أقول حتى ولا في المنام: إنه يجب عليَّ أنا الذي أقول بهذا القول أو ببعضه أن نراقب الأئمة، أنا ما أقول هذا.
مداخلة: في بعض الإشكال يا شيخنا.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: هو ما يقول أن هذا قولك لكن يقول هذا إشكال على قولك.
الشيخ: لا، الإشكال قائم على هذا الفهم.
مداخلة: إيه، طبعاً صحيح .. كفهم لكن نص السؤال ليس هكذا.
الشيخ: ها هو هكذا السؤال سمّعنا التسجيل .. قولي هذا الذي نقلته لا يلزم منه ذاك الحرج المُدَّعى، ذلك لأن كل مُصَلِّ إذا صلى في مسجدٍ ما له حال من حالتين: إما أن يعرف هذا الإمام -مثلاً- هل يضع يديه على السُّرَّة أم تحت السُّرَّة؟ أو لا يعلم شيئًا من ذلك، فإذا علم عمل بما يعمل الإمام تحقيقاً لمبدأ «إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» وهذا ليس قولاً وليس رأياً لي، إنما هو نص الرسول عليه السلام، وإذا لم يعلم فهو يعمل بالسنة التي يعرفها، فأيُّ إشكال في هذا، وأيُّ إلزام؟ هذا شيء، وشيء ثانٍ في الصورة الأولى دخل المسجد وهو يعلم أن الإمام -مثلاً- يضع يده تحت السُرَّة يعلم هذا، لكن هو نسي وغلبته العادة عادة اتباعه السنة، وصلاته على السنة فهو يُصَلِّي هكذا، لكن إذا تذكر عاد واتبع النص الآمر بمتابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه، فليست القضية حرج يمكن أن يُبنى عليه مخالفة الأصل الذي جاء التنصيص وجاء الأمر به في الأحاديث الصحيحة، وقد ذكرت آنفاً بعضه.
فإذاً: ليس هناك إلزام، وإنما ينبغي بحث المسألة كقاعدة، هل هي صحيحة من حيث أدلتها؟ أم هي على شفا جُرف هار، لأنه لا دليل عليها؟ يُلزم المكلف بأن يتبناها، أما على الإلزام فلا شيء وارد، أظن الآن يتبين لك أن كل ما جاء بعد كلمة الإلزام أنه لسنا ملزمين به، وبالجواب عليه، لأنه كما قيل: هل يستقيم الظل والعود أعوج؟ هناك شيء عندك الآن بعد أن وضح لك أنه ليس هناك إلزام، إما أن تعلم أو لا تعلم، إما أن تتذكر أو لا تتذكر، فلا حرج ولا إلزام.
مداخلة: يا شيخ
…
في الجزائر أغلب الأئمة من المالكية، فهم في صلاتهم يخذلون أيديهم، ومخالفين للسنة كثيراً من صلاتهم .. أغلب الصلاة يخالفون فيها أهل السنة.
الشيخ: وعندنا كذلك.
مداخلة: نتبعهم نحن، وإلا كيف؟
الشيخ: هذا سؤال خطأ .. هذا سؤال خطأ.
مداخلة: هم لا يعلمون بالسنة .. ليس لهم علم بالسنة.
الشيخ: لا، الانطلاق من هنا خطأ، يجب أن تَدْرُس المسألة من أصلها، بمعنى: هل المقتدي مكلف باتباع الإمام؟ -طبعاً- سيكون الجواب نعم، سواء أخطأ أم أصاب؟ الآن هاه كلما قال المسألة فيها تضييق عليه، فانتبه سواء أصاب أم أخطأ، أم فقط فيما أصاب ولا يُتابع فيما أخطأ؟
مداخلة: فيما أصاب أو أخطأ.
الشيخ: إذاً: خلاص أنت صرت معنا، لماذا تتابعه فيما أخطأ؟
مداخلة: لأنني مقتدى بالإمام.
الشيخ: لكن هو أخطأ، الصراحة تكون كما لا يخفاك بالاستسلام لأحكام الشرع، وعدم التجاوب مع التقاليد، قد تكون تقاليد طابعها الاتباع لكن واقعها الابتداع، أنت قلت أنه ما أحد من العلماء قال بهذا القول: الحقيقة أنا أقول: ما أحد من العلماء قال من الأوقات المكروهة التي تُكره فيها الصلاة صلاة النوافل والخطيب يخطب، ما أحد قال هذا الكلام، لكن الألباني يقوله، لكن هو حين يقول هذا ما يخالفهم، وهذا من العجائب! لماذا؟ لأنهم قالوا على اختلافهم -طبعاً- بين الحنفية والشافعية، فالأحناف يقولوا إذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام، لكن الشافعية يقولوا: إذا دخل المسجد لازم يصلي ركعتين تحية المسجد.
إذاً: نحن نقول بقول الحنفية إلى حد ما، أنهم يقولوا: ما فيه صلاة لكن ما حصروا هذا في الأوقات المكروهة، الأوقات المكروهة عند بعضهم ثلاثة، وعند الآخرين خمسة والرقمين هذين تفصيل لبعض الأوقات من الثلاثة، لكن ما أحد قال ستة لكن أنا أقول ستة، لكن لما أقول أخالفهم أسلوباً لكن لا أخالفهم عقيدة وفكراً.
الآن فيما يتعلق بحديث «إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به» كثيراً ما وقع الآن خلاف الإمام قام إلى الركعة الخامسة في الرباعية نسي التشهد قالوا له: سبحان الله، فيه رجال يقولوا يرجع وشيء يقول ما يجوز يرجع أصلاً، عفواً تبع التشهد الأوسط يقولوا بعض الناس إنه إذا قام من السجدة الثانية في الركعة الثانية إلى الركعة الثالثة
ونسي التشهد الأول فذُكِّر فرجع إلى التشهد بطلت صلاته، لماذا؟ قال: لأنه انتقل من ركن إلى ركن ..
الشيخ: آمين .. الشاهد نحن نقول إن هذه الحوادث ولو قال بخلاف السنة فيها بعض الناس، لكن السنة هي إمامنا، والسلف الصالح هم قدوتنا، فالرسول عليه السلام لما وضع هذا الحديث وحياً من الله إليه، هو لحل مشاكل قد تقع، قد وقعت بعض المشاكل في الزمان الأول يمكن ما تخطر في بالنا أن تقع في هذا الزمان الفاسد.
لكن لننظر ماذا فعل المصلون وفيهم -بلا شك- علماء كبار، في صحيح البخاري ما نذهب بكم بعيداً .. أن رجلاً من الولاة لعله كان في الكوفة الوليد بن عقبة في الكوفة؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: في الكوفة، صلى بالناس صلاة الفجر كم ركعة؟ أربع ركعات، اليوم بناءًا على عدم الإيمان بهذه القاعدة التي يقول بها الألباني، وأيضاً أنه لا يقول بها أحد: إذا رأينا الإمام صلى أربع ركعات صلاة الفجر ماذا سنعمل؟ نحن نتابعه كواقع، كثقافة عامة .. نتابعه وإلا ندعوا للمفارقة؟ لا نتابعه -طبعاً- لأنه معلوم -يعني- يقيناً صلاة الفجر ركعتين، قام يا أخي صلى ركعة ساهياً، طيب، الرابعة ما بالها كمان ما انتهت المشكلة، بعد ما صلى أربع ركعات وسلم قال لهم: أزيدكم؟ تتصوروا وقوع مثل هذه الحادثة اليوم؟ أنا ما أتصور ..
مداخلة: هو كان شارب أوشئ؟
الشيخ: نعم الشارب يفعل هذا، ما أحد أعاد هذه الصلاة، وما أكتم الحقيقة ممكن بعض الناس يذهب إلى البيت ويعيد الصلاة ممكن هذا، لكن هل يجب عليهم؟ لا، لماذا؟ لأن الرسول حينما قال:«إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا» إلى آخر الحديث «وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» في الرواية الأخرى «فلا تختلفوا عليه» يُريد بهذا طمس معالم فتنة، قد تقع من جراء مخالفة الإمام، الرسول عليه السلام كما تَعَلَّمنا منه في غير هذه
الحادثة، يدفع الشر الأكبر بالشر الأصغر، هذه قاعدة نفهمها من أحاديث الرسول عليه السلام، منها هذا الحديث «فلا تختلفوا عليه» كيف يا أخي وهو يصلي هكذا؟ والله أنا صليت خلف بعض أئمة في السعودية حيث أنتقده، حيث يضع يديه بعد رفع الرأس من الركوع على الصدر، أنا أقول هذه بدعة، وقد فعلتها تصدق أو ما تصدق بكيفك؟
مداخلة: أصدق.
مداخلة: قالوا إن الشيخ تراجع.
الشيخ: نعم أنا فعلت هذا مندفعاً من القاعدة: أعتقد أن هذا عالم فاضل، وأنه يسعى وراء معرفة الحق مثلي، أو ربما أحسن مني، فأنا ما أهدر قيمة اقتدائي به في جزئية من هذه الجزئيات، أنا أتابعه، ليس لأنه هو على صواب في هذا، هو كما قلت أنت تتبعه وهو مخطئ، لماذا؟ تحقيقاً لمبدأ «إنما جُعل الإمام ليؤتم به» ثم لو هؤلاء الأئمة الذين أنت تُشير إليهم انتبهوا إلى هذه القضية، تُرى ما عاقبتها؟ أهي أن يقتربوا منكم، أم أن ينفروا عنكم؟ تكفي هذه الفائدة لهذه الجزئية ..
فإذاً: القضية يجب أن تُبحث كقاعدة «إنما جُعل الإمام ليؤتم به» بعدين ما يهمنا نحن نستسلم لنتائجها ما دام الأصل صحيح، فما بُنِي على صحيح فهو صحيح، وما بُنِي على فاسد فهو فاسد، يكفي؟
مداخل آخر: [بقي جزئية يا شيخ وهي أنكم تفرقون بين الإمام المكابر وغيره].
الشيخ: على كل حال الأخ أبو عبد الله يُذَكِّرني بجانب بما يتعلق بهذا الموضوع، وفعلاً أنه قد يكون يعني بلسم لبعض الجراحات، أنه نحن لا نقول بأنه يجب علينا أن نقلّد وأن نتبع الإمام الذي يُخالف السنة على الإطلاق، وسأشرح هذا لكن في الوقت نفسه نقول: إنه ليس من السهل أن نقول: أنّا نحن بيّنا وخلاص ما عاد يجب علينا الاتباع؛ لأنه -أيضاً- هذه نقطة حَسّاسة بالموضوع.
إذا افترضنا إماماً أنت تعرِفه جيداً، ونصحته بأن يتبع سنة الخفض والرفع، وأتيته بكل آية، أي بكل حجة وبيِّنة فلم يؤمن بها ولم يُخضع نفسه لها، واقتنعت أنت
شخصياً بأنه رجل تبيّن له الحق ونأى بجانبه.
حينئذٍ: لا يرد في الموضوع السابق لأنه هذا مستكبر، ونحن حينما نقول بهذه القاعدة نتصور الأئمة، نتصور الصحابة لأن الواقع الذي يعرفه كل دارس .. أنا لا أقول الخلاف الذي كان عليه الأئمة .. كل الخلاف لا أقول، لكن لا بد من أن أقول: إن بعض الخلافات التي كانت بين الأئمة هي من الخلافات المتوارثة والمنقولة عن السلف الأول ألا وهم الصحابة.
إذ الأمر كذلك: فنحن الآن نتصور إمامنا يومئذ عبد الله بن مسعود يُصَلِّي بالناس ولا يرفع يديه، لا نستطيع هنا أن نتصور أنه رجل جاهل، أنه رجل متعصب لمذهب؛ لأنه ما عنده متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن هو هكذا مقتنع.
فحينئذ: نحن هذا الإمام رضيناه لنا إماماً وقدوة، وهذه وجهة نظره فنحن نتابعه، ولا ينقص من صلاتنا أيَّ شيء إطلاقاً، وهذا تماماً كما نقول بالنسبة لـ «لا تصوموا يوم السبت» يتوهم بعض الناس أننا إذا تركنا صيام يوم السبت بمصادفته ليوم عاشوراء، أو ليوم عرفة .. ، أو نحو ذلك أننا خسرنا قضية صوم أحد اليومين هذه إن صادف أحدهما يوم السبت! لا، نحن ما خسرنا، نحن ربحنا ربحين، الربح الأول: أنا أخضعنا قلوبنا ونفوسنا لقول نبينا: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أن يمضغه» نحن إذاً: اتبعنا هذا الحديث، لأنه صيام يوم عرفة وصيام يوم عاشوراء ليس فرضاً، وإنما استثنى الرسول عليه السلام صيام الفرض إذا صادف يوم السبت جاز، ما سوى الفرض نُهينا عنه فانتهينا، تُرى حينما انتهينا خسرنا صوم يوم عرفة أو صوم يوم عاشوراء؟ نقول نحن لا، نحن ربحنا ربحين، الربح فيما يبدوا بادئ الرأي لا نستحقه، الربح الآخر واضح لأننا اتّبعنا الشرع ما صمنا لكن الربح الآخر مضمن في مثل قوله عليه السلام:«من ترك شيئاً لله، عَوّضه الله خيراً منه» فنحن تركنا صوم يوم عرفة لمطابقته يوم السبت ما خسرنا صيام يوم عرفة، لماذا؟ لأننا تركناه لله، فالله يعوضنا خيراً منه. كذلك يُقال من باب أولى عن صيام يوم عاشوراء.
أيضاً: هنا نحن حينما نتبع الإمام ضيّعنا سنة الوضع أو سنة الرفع مع التكبيرات .. ما ضيّعنا لأنا نحن اتبعنا ما هو أوجب علينا «إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» نحن اتبعنا أمراً وماذا فعلنا هنا؟ ضيّعنا سنة، الثواب ثواب الواجب عاد بكثير من ثواب السنة.
فإذاً: نحن رابحون دائماً وأبداً، مهما كان الإمام يخالف السنة في وجهة نظرنا، ضربت مثالاً عالياً الآن وهو ابن مسعود انتقل رأي ابن مسعود إلى علقمة -مثلاً- يعني هو روى الحديث عن ابن مسعود أنه رأى الرسول وقد دخلت الصلاة رفع يديه ثم لم يعد، علقمة تلميذ ابن مسعود صلى بنا إماماً ما رفع يديه، معناه نقول هذا رجل جاهل! هذا رجل معادي للسنة! .. ، إلى آخره، هذا الإمام يسبل يديه نكاية في السنة؟ لا وإنما وهماً منه أن إمامه يقول هكذا، فهو يصلي على صلاة هذا الإمام، وقس على ذلك كل المقلدين اليوم.
فحينما نحن نتابع هؤلاء الأئمة، لا نتابعهم -باختصار- لذواتهم وأشخاصهم، وإنما لأنهم يمثلون أئمتهم السابقين، فالحنفي اليوم -حتماً- أنا أعلم أنه يُمَثِّل أبا حنفية، وأبو حنيفة يمثل ابن مسعود في هذه الجزئية، فهناك جزئيات في العشرات في المئات إلى آخره.
هذا في صورة إذا تبيّن لنا أن هذا الإمام معاند مكابر بعد أن بيّنا له السنة وأقمنا عليه الحجة واقتنعنا بأنه فَهِم، ليس لم يفهم ككثير من العامة! فَهِم تماماً، لكن إما بلسان حاله وإما بلسان حاله وقاله، قال:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22] هنا صل صلاتك ولا تصل صلاته لأنه هو عالم مكابر، ونحن لا نتصور ابن مسعود ومن تلاه في اتباعه هو كذلك! هذا الذي يشير إليه أخونا أبو عبد الله، جزاه الله خيراً .. وأرجو التدقيق في موضوع من الذي يقيم الحجة؟
مداخلة: من طلاب العلم ..
الشيخ: نعم الأقوياء نعم.
(الهدى والنور /211/ 29: 21: 00)