الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك فقد تمَّت صلاتك، وإن أنت أنقصت من ذلك فقد أنقصت من صلاتك»، هذا الحديث في الصحيح.
لكن جاء من طريق صحابي آخر، وطريق أخرى في سنن أبي داود، قال له:«إذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة، وأذن وأقم ثم كبر» ، أذن وأقم ثم كبر، إلى آخره، فإذاً: أمر المسيء صلاته بالأذان والإقامة، وهو يصلي وحده في المسجد.
فدلنا هذا الحديث: على أن الأذان والإقامة، لا ينبغي أن يخل به أي مصل، حتى النساء، وبخاصة في صلاة النساء جماعة.
وقد جاء في حديث صحيح فضيلة عظيمة جداً لمن يكون في فلاة من الأرض فحضرته الصلاة فأذن وأقام قال عليه السلام: «إلا صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طَرَفاه» .
لماذا؟ لأنه أعلن الصلاة: الله أكبر، ثم أتبعها بالإعلان الثاني هالّلي هو دونه، وهو الإقامة، ثم صلى ولو لوحده في هالبرية في هالصحراء، إلا صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طَرَفاه.
فحريٌّ إذاً بكل مسلم أن يكون حريصاً على الأذان والإقامة بين يدي الصلاة، ولو كان منفرداً، فما بالكم لو كان يصلي جماعةً، فذلك أولى وأولى.
(الهدى والنور / 533/ 37: 18: 00)
إذا كان بعض الناس في مجلس علم فهل يرخَّص لهم في ترك جماعة المسجد فيصلوا جماعة في مكانهم
؟
مداخلة: طيب الجماعة خارج المسجد، مثلنا هنا -مثلاً- وصلينا جماعة، هل لها أجر الصلاة في المسجد كجماعة؟
الشيخ: هذا يختلف باختلاف جَوّ الجماعة، إذا كان جواً علمياً فلهم رخصة في أن يتأخروا .. إذا كان الجو عِلْمِيّ، فلهم رخصة في أن يُصَلّوا في المجلس وأن لا يذهبوا إلى المسجد، أما إذا كان الجو عادي، فلا يجوز لهم أن يتأخروا عن صلاة الجماعة، ويُصَلِّوا في المكان الذي هم مجتمعون فيه.
كلامي السابق: إذا دار الأمر بين إضاعة الفريضة، وبين إضاعة المستحب، ماذا نفعل؟ نُضيِّع المستحب ونحافظ على الفريضة.
لو فرضنا: ناس في مسجد في حارة، اتفقوا جميعاً على أنهم يُؤَخِّروا صلاة العشاء إلى آخر وقتها، فيكونوا جمعوا بين الفضيلتين، بين فضيلة صلاة الجماعة، وبين فضيلة تأخير صلاة العشاء إلى آخر الوقت، خلافاً لبقية الصلوات.
هذا ما عندي من الجواب.
مداخلة: أسأل عن أجر الجماعة في المسجد، هل له أجر أفضل في المسجد أكثر من البيت؟
الشيخ: سامحك الله، هذا السؤال غير وارد، أنا أقول لك: إذا دار الأمر بين فضل صلاة العشاء في آخر الوقت، وبين الصلاة في المسجد، قلنا لك: الصلاة في المسجد فريضة، يعني: هل تظن أنه ليس عليها أجر؟
مداخلة: أنا الذي أقصده بسؤالي، أنه نحن الآن صلينا جماعة مع بعض هنا، هل أجر الجماعة الذي أعرفه أنا في روايتين قرأتها: خمس وعشرين درجة، والرواية الأخرى بتقول: سبع وعشرين درجة.
في الحالة هذه يستنتج الواحد منا بالبدهيات، أنه سبع وعشرين درجة على الصلاة التي تصليها منفرداً لنفسك.
أقصد الآن: طالما أننا خارج المسجد وأقمنا الصلاة الآن هنا، هل الأجر في المسجد كونه المكان المخصص للصلاة، أفضل من المكان الذي نحن فيه؟
الشيخ: بصورة عامة هو هذا يا أخي، لكن نحن أعطيناك صورتين: قلنا لك: إذا كان المجلس مجلس علميّ، فلهم أن يَدَعوا الفريضة هناك، ويُصَلّوا هنا.
وهذا معناه: أن هؤلاء إذا لم يذهبوا إلى المسجد، أولاً: ما تركوا فرضاً؛ لأنهم في مجلس علم، وإذا ما تركوا فرضاً، وصلوا هنا جماعة، فقد حَصّلوا الأجر، لكن إذا كان المجلس ليس مجلس علم، فقد ضَيَّعوا فرضاً، وصلوا هنا جماعة، ولا يكونوا قد أدركوا فضيلة تلك الجماعة؛ لأنه لا عذر لهم.
مداخلة: ما الدليل على تقديم مجلس العلم على الصلاة؟
الشيخ: ليس هناك دليل كما يتبادر للذهن، وإنما هو الاجتهاد القائم على فهم يؤتيه الله عبداً في كتابه.
هناك في «صحيح البخاري» أن الصحابي أبا جحيفة السّوائي قال يوماً لعلي بن أبي طالب: «هل خَصّكم آل البيت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس» ؟ قال: «لا، اللهم إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه، أو ما في قيراب سيفي هذا» وأخرج من جفن السيف، من بينه، ورقة من الأوراق القديمة مكتوب فيها حديث يتعلق بالقصاص والجراحات ونحو ذلك.
الشاهد قوله: «اللهم إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه» .
أنا أحكي عن نفسي، لما كنا نُدَرِّس على إخواننا في دمشق وفي حلب بلد أخينا محمد ناصر الترمانيني، وكنا ننزل في بيته -جزاه الله- خير، كان مركز الدعوة هناك يومئذ ولا يزال، لكن ضغط البعثيين معروف.
المهم كنا في أول الأمر مجرد ما نسمع الأذان نخرج من المجلس، ونصلي في أقرب مسجد.
لكن كان في النفس شيء، يعني: أنا أشعر أننا معذورين، نحن الآن في دراسة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا قد يعتبر عذراً في ترك الصلاة في المسجد،
كنت أقول في نفسي هكذا، ولكن ليس عندي شيء يقنعني بهذا، فكنت أمشي مع الأصل وهو إجابة المؤذن، إلى أن قرأت في كتاب «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم رواية أن الإمام أحمد كان في مجلس علم، فيه كبار علماء الحديث، مثل يحيى بن معين، ومثل علي بن المديني، فأُذِّن لصلاة الظهر، فقال أحدهم: -منبهاً مذكراً- بأنه قد أُذِّن لصلاة الظهر، كأنه يقول: حيَّ على الصلاة.
فقال الإمام أحمد: نحن الآن -لا أدري إذا كان قال لفظة صلاة باللفظ، أو بما يؤدي هذا المعنى- واعتبر مجلس العلم عذراً لترك صلاة الجماعة في المسجد، فهو يجمع بين صلاة الجماعة في المكان الذي هو فيه وبين مجلس العلم.
من -يومئذ- الذي كان يجري في نفسي من تساؤل، راح وطاح، وأصبحت أُصَلّي هناك في مقر الدرس مع جماعة المسلمين، وفي كثير من الأحيان تكون تلك الجماعة أكثر بكثير من جماعة المسجد القريب منا.
الشاهد: «فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه» ، هذا الإمام يقابل المصالح والمفاسد، وهذه مسألة لا يستطيعها كل الناس، هذه أمور مثل المسائل الطِبِّية الدقيقة، الأطباء كلهم لا يشتركون في معرفتها، وإنما هم النوابغ المتخصصين في ذاك العلم، هم بالكاد أن يدركوها، ولذلك فنحن ننصح إخواننا جميعاً، أنه لا يتصوروا كما أقول أنا في كثير من المناسبات، لا يتصوروا أن كل مسألة عليها نص مُفَصّل عليها تفصيل، وعلى كيف كل واحد يخطر في باله هذه المسألة فيها نص، لا ليس فيها نص، إذاً: من أين أتيتم بها؟ وين بنروح من: «إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه» هذا ليس حديث، هذا كلام عليّ، وهنا وين بنروح من: قوله عليه السلام: «من يُرِد الله به خيراً، يفقهه في الدين» .
(الهدى والنور / 162/ 18: 37: 00)
(الهدى والنور / 162/ 34: 40: 00)