الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كَبَّر للصلاة سكت هنيهة، فقلنا: يا رسول الله! ماذا تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» ، وذكر الدعاء بتمامه.
إذاً: السكتة الطويلة تُلفت الأنظار، وتُحَفِّز الهمم لتعرف ما وراء هذه السكتة، ولذلك تَوَجَّهوا بالسؤال إلى الرسول عليه السلام فأجاب بأني أقرأ دعاء الاستفتاح.
فلو كان الرسول يسكت -أيضاً- أخت هذه السكتة، بعد قراءته الفاتحة والتأمين عليها، كانوا أيضاً يقولون له: أرأيت سكوتك بعد الفراغ من القراءة، أو قبل الركوع، ماذا تقول؟ لكن لا يوجد شيء من هذا إطلاقاً.
فعلى الرغم من أنه الأصل: أنه لو وقعت سكتة طويلة تُلفت الأنظار، أن الدواعي تتوفر لنقل هذه السكتة، مع أنها لم تُنْقل.
فقياساً على سكتته عليه السلام بعد تكبيرة الإحرام.
نقول: إن هذا دليل أنه عليه السلام ما كان يسكت هذه السكتة الطويلة.
الخلاصة: أن السؤال نظري ما هو عملي، إلا في حالة: إذا ابتُلينا بإمام يرى أن هذه السكتة مشروعة، حينئذٍ: نحن نهتبلها فرصة، ونقرأ الفاتحة، وليتهم إذ سكتوا، سكتوا سكتة طويلة بحيث يتمكن المقتدي من قراءة الفاتحة بتمامها، لكن ما أذكر أبداً أنني تمكنت من قراءة الفاتحة بتمامها، فإذاً: هم يسكتون، ولا يسكتون.
(الهدى والنور /485/ 09: 30: 00).
حكم السكتة بعد الانتهاء من الفاتحة
مداخلة: هل يجب على الإمام بعد قراءة الفاتحة أن ينصت حتى الذي خلفه يقرأ، وبعد ذلك يبتدئ القراءة؟
الشيخ: لا يجوز للإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة لسببين اثنين:
السبب الأول: أن هذا لا أصل له في السنة.
السبب الثاني: أنه قلب لمبدأ القدوة؛ لأن الإمام يصبح هنا مؤتماً والمؤتمون هم الإمام، هو يسكت ليقرأ المقتدون، يسكت من أجل من خلفه.
هو الإمام، ومعنى الإمام أي: يقتدى به، ويكون من خلفه يمشون معه، بينما هنا هو يراعيهم، ويسكت من أجلهم.
ففيه خطآن على الأقل:
الأول: أنه يُحْدِث في الصلاة ما لم يكن في عهد الرسول عليه السلام القائل: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
والشيء الآخر أنه يقلب نظام القدوة، فيجعل الإمام الذي هو قدوة الناس، يجعل نفسه مقتدياً بالناس، وهذا لا يجوز، وهذا الفعل إنما يفعله أحد رجلين، إما أنه متمذهب بالمذهب الشافعي الذي يقول بوجوب قراءة الفاتحة مطلقاً سواء كان في الجهرية أو السرية، أو أنه رجل يتوهم -وهو من أهل السنة- أن حديث سمرة بن جندب وأُبَيّ بن كعب، أنه:«كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان يسكتهما، سكتة إذا كَبَّر للصلاة، وسكتة عند الفراغ من القراءة» وهذا الحديث ضعيف الإسناد لا يصح؛ لأنه من رواية الحسن البصري، وهو مدلس معروف بذلك، وكل الطرق التي جاءت إلى الراوي عن الحسن وهو يونس بن عُبَيْد كل الطرق تذكرها بالعنعنة ولا يوجد في طريق ما ولو كان واهياً ضعيفاً أنه قال: سمعت جندب بن سمرة وأُبي، لا يوجد رواية تُصَرّح بالسماع.
ثانياً: مما يؤكد ضعف الحديث وعدم صلاحية الاحتجاج به في هذه المسألة أن الروايات اختلفت اختلافاً عجيباً، ففي بعضها السكتة الثانية بعد قراءة الفاتحة، وفي بعضها بعد الفراغ من القراءة، وفي قراءة وهو الأصح من حيث أكثر الروايات عليها، بعد الفراغ من القراءة كلها، أي: قبل الركوع.
وحينئذٍ لو صح الحديث فليس له علاقة بالسكتة المبتدعة التي وجدت لتسليك القول بوجوب قراءة الفاتحة على المقتدين في الصلاة الجهرية.
والحقيقة هنا عِبْرة: إن الذين ذهبوا إلى القول بوجوب قراءة الفاتحة للمقتدي في الجهرية، كأنهم شعروا في ذوات نفوسهم، أنه غير معقول في الفقه أن يقال: انصت واقرأ. وجدوه غريباً جداً، ولذلك حَلّوا المشكلة، وقالوا للإمام اسكت أنت، بدل ما المقتدين يسكتوا إصغاء لقراءة الإمام، قيل للإمام اسكت أنت عن قراءة شيء بعد الفاتحة، حتى يتفرغ المقتدون لقراءتها، هذا قلب لنظام القدوة.
فالحديث ضعيف لا يجوز الأخذ به، ولذلك قال ابن القيم الجوزية رحمه الله: إنه لو كان هناك سكتة بعد قراءة الإمام للفاتحة، تتسع هذه السكتة لقراءة الفاتحة من المقتدين، لكان هناك فجوة تدفع الناس الذين يُصَلّون وراء الرسول إلى أن يسألوه أن هذه السكتة ماذا تفعل فيها؟ كما فعلوا بالنسبة للسكتة الأولى، حديث سمرة سكت سكتتين، وحديث أبي هريرة ذكر أيضاً سكتتين، لكن حديث سمرة ضعيف بسبب عنعنة الحسن، حديث أبي هريرة صحيح في البخاري ومسلم، نصه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هُنَيّة، فقلنا: يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب .. » إلى آخر الدعاء المعروف، وهو أصح أدعية الاستفتاح.
إذاً: هناك وُجِدَ من الرسول عليه السلام بعد تكبيرة الإحرام سكتة غير معهودة عنه، فكان هذا السكوت من الدواعي ومن الدوافع، تدفع الصحابة إلى أن يقولوا له: ما معنى هذه السكتة، قال: أقول كذا وكذا، فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت أخت السكتة هذه بعد قراءة الفاتحة، كان هو أيضاً سأله هو أو غيره، كما سأل هو بالنسبة للسكتة الأولى، قال: ماذا تقول؟ قال: أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي .. » .
وهنا لم يسأله أحد: لماذا تسكت يا رسول الله في هذه السكتة الطويلة بعد الفاتحة.
إذاً: لم يكن هناك سكوت، ولذلك ما جاء السؤال. تفضل.
مداخلة: هب أن الإمام يعلم أن هذا السكوت ليس مشروعاً، يعرف الحكم جيداً، ولكنه أتى قوماً أُشْرِبوا في قلوبهم حب المذهبية والبدع وكذا، وأراد بحكمة الدعوة أن يتدرج حتى يعينه الله على القضاء على مثل هذه البدع، فأعانه الله على القضاء على كثير من أمثالها، وبقيت هذه، وينوي في نيته أنه في القريب أو متى ما يسر الله سبحانه وتعالى تنتهي كما أنهى الله على يديه مثل هذه البدع الكثيرة، فماذا يعمل، والحال ما ذكرت، علماً بأنه جَرَّب وحاول وسَبَّب هذا فتنة أو كادت.
الشيخ: هذا لا يمكن الجواب عليه، ونقول حينذاك:{بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14].
لكن أعتقد أن التدرج في الواقع يتطلب أموراً، وبخاصة أن بعضها يقع من غير المتدرج.
نحن نجد بعض أئمة الشافعية الذين من مذهبهم هذه السكتة، ونتعجب منهم، لا هم ساكتين ولا هم قارئين، هذه السكتة يقولوها من أجل أن يقرأ المقتدي، ولا يكاد يقرأ نص الفاتحة، إلا يكون هو بدأ بقراءة السورة الأخرى بعد الفاتحة أو بعض آيات.
إذاً: يا سكوت مثل الناس، أو قراءة مثل الناس.
أنا أقول الآن لهذا الذي أشرت إليه من المتسنن المتدرج: لا يطوِّلها.
مداخلة: يعني لا يطولها
…
الشيخ: ذلك ما نبغ، هذه كخطوة، ما زال عندي شيء.
أنه ما يطولها، حتى يأتي وقت يصبح معتاداً عند الناس أنه بمقدار ما تأخذ نفساً كاملاً، وإذا بك شرعت في قراءة السورة التي تليها، ويمشي الحال.
الشيء الثاني: يجب الدندنة أن هذه السكتة ليس لها أصل يا إخواننا، هذه لا يقول بها إلا مذهب واحد من المذاهب الأربعة، وأنتم أنا أراكم جماعة جمهوريين
تحبوا أن تمشوا مع الكثرة، والكثرة هنا ليس هناك سكتة.
مداخلة: بعض الأحيان -مثلاً- يحاول أن يطبق السنة، يجد ناساً يثورون عليه، فما هو العمل في هذا الأمر، هل يترك الأمر والمجال، هو غير قادر على تطبيق السنة، يترك هذا المسجد
…
الشيخ: «سددوا وقاربوا» .
مداخلة: بعض الإخوة المشاهدين عندما يرى حكم بَدّه بالحديد والنار، يعني بين غمضة عين وانتباهتها، يغير الحال من بدعة إلى سنة ومن سيء إلى أحسن.
الشيخ: ليس بهذه السهولة الحقيقة.
مداخلة: يا ليتهم
…
مداخلة: في القراءة يوجد سكتة واحدة فقط.
الشيخ: أي قراءة تعني.
مداخلة: بداية الصلاة، حديث أبي هريرة؛ لأني سمعتك أو كأني ما أصبت السماع، أنك ذكرت سكتتين قلت، حديث أبي هريرة فيه سكتتين، وشرحت السكتة الأولى، ولم تذكر السكتة الثانية ..
الشيخ: طبعاً؛ لأننا لا نتكلم بالنسبة لحديث أبي هريرة إلا السكتة الأولى، السكتة الثانية هي عند الركوع.
مداخلة: قبل الركوع.
الشيخ: نعم.
مداخلة: سكتة رَد النَّفَس.
الشيخ: سكتتان، حديث سمرة متفق مع حديث أبي هريرة من حيث السكتتين، لكن حديث سمرة الأصح أنه بعد الفراغ من القراءة كُلِّها.
(الهدى والنور /274/ 14: 28: 00)