الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» أنت تعلم أن القيام ركن من أركان الصلاة، فأسقط عنك هذا الركن لتحقق متابعتك للإمام الذي جلس صلى جالساً، علماً أنه معذور وأنت غير معذور.
لماذا أمرك بأن تشاركه في الجلوس هو فيه معذور، وأنت فيه غير معذور؟ أقول: أنت فيه معذور كما هو فيه معذور لكن عذرك غير عذره، عذرك متابعة الإمام، عذره هو بدني مادي وَضَح.
(الهدى والنور /212/ 38: 11: 00)
إنما جعل الإمام ليؤتم به
الشيخ: نُذَكِّر إخواننا الحاضرين بخطأ يقع من المصلين، ولا أقول من المسلمين بل من خاصة المسلمين ألا وهم المصلون، وهذا ما يُؤْسَف له، أن هذا الخطأ عام لكل المساجد في كل البلاد الإسلامية التي عرفتها أو حللت بها، ألا وهو مخالفتهم الصريحة لأمرين اثنين، أو لحديثين اثنين: الحديث الأول: هو منهاج وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقتدين في صلاتهم بأئمتهم، ألا وهو قوله عليه السلام:«إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» هذا الحديث الذي جعله عليه الصلاة والسلام قاعدة للمقتدين بالأئمة، خلاصتها: عدم مسابقة الإمام في شيء من أركان الصلاة أو واجباتها أو سننها، والذي يعنيني من هذه القاعدة، إنما هو التنبيه على جزئية منها واحدة، وهي التي جاء التنصيص عليها في حديث صحيح كمثال لهذه القاعدة، ومع ذلك فالمفروض في الأحاديث الخاصة أن يهتم بها المسلمون الذين يغلب عليهم الغفلة والسهو عن القاعدة العامة، المفروض فيهم أن ينتبهوا لهذا الحديث الخاص الذي جاء ليلفت النظر إلى جزء من أجزاء تلك القاعدة العامة، أعني بهذا الحديث قول
رسولنا صلوات الله وسلامه عليه: «إذا أمّن الإمام فأمنوا» هذا على ميزان قوله عليه السلام في الحديث الأول: «إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا» على هذا الميزان جاء الحديث الآخر «إذا أمّن الإمام فأمّنوا» ومعنى هذا بداهة في التأمين، وإنما إذا أمّن هو فأمّنوا أنتم معه، تمام الحديث مهم جداً؛ لأن فيه بيان فضل -الله عز وجل على عباده المؤمنين المُتّبعين لأوامر نبيه الكريم، بحيث أن الله عز وجل يغفر لهذا المصلي لأنه حقق هذا الأمر الكريم، قال عليه السلام:«إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه»
انظروا إلى فضل الله أنه يغفر لهذا المصلي كُلَّ ذنوبه المتقدمة، ما كان منها صغيرةً أو كبيرةً إلا غفر الله له ذنوبه، لماذا؟ لأنه لم يسبق الإمام بآمين، وقال بُعَيدة، أي: تابع الإمام في «آمين» ولم يسبقه، فله هذا الفضل العظيم من الرب الكريم، أن يغفر الله له ذنوبه، فما هو حال المصلين اليوم كما سمعنا اليوم ونسمعه في كل يوم -مع الأسف الشديد- وفي كل صلاة لا بد أن هؤلاء المقتدين أن يسابقوا الإمام، لا يكاد الإمام -وبطبيعة الحال نحن كلامنا عن الصلاة الجهرية، حيث يجهر الإمام بالقراءة، ويجهر الإمام المتبع للسنة بآمين، أما أولئك الذين يخفونها فليس لنا كلام معهم إطلاقاً .. فهو يقول «آمين» لكننا نرى ونشاهد أن الإمام لا يكاد- ينتهي من قراءة {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] إلا والمسجد يضج بآمين، وهو لا يزال لم يأخذ نَفَسًا ليستريح من قراءة السورة المباركة الطيبة سورة الفاتحة، فعلينا نحن إذاً، أولاً: ائتماراً بأمر الرسول عليه السلام الذي يأمرنا بالاقتداء به وعدم مسابقته مبدأً عاماً، وثانياً: يأمرنا أمراً خاصاً، بأن لا نسابق الإمام «بآمين» لكي نحظى بمغفرة رب العالمين، فعلينا إذاً، ماذا؟ ننصت للإمام، كما قال ربنا عز وجل في القرآن:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} [الأعراف: 204].
إذاً: إذا كنا مستمعين وكنا ناصتين حقاً، فعلينا أن نتريث حينما يقول الإمام:{وَلا الضَّآلِّينَ} [الفاتحة: 7] نأخذ نَفَسًا قصيراً أو طويلاً، ثم نسمعه يبدأ بـ «آ» وفي .... نبدأ نحن بـ «آ» ونكملها بعد الإمام آمين آمين، إذا فعلنا ذلك نجونا، أولاً: من مخالفة الأمر النبوي الكريم، حظينا ثانياً: بمغفرة الرب العظيم سبحانه وتعالى.
أيضاً: أُذَكِّركم، والذكرى تنفع المؤمنين، أنكم إذا اقتديتم وراء إمام يجهر بآمين، فلا تسابقوه بآمين، فتقلبوا القاعدة، تجعلون أنفسكم إماماً والإمام مقتدياً بكم؛ لأنه هو يلحقكم بينما المفروض هو العكس.
فاصبروا إذاً: -بارك الله فيكم- واستحضروا آذانكم وأذهانكم، استحضروها وراء الإمام.
فإذا سمعتم الإمام قد جهر بآمين لا تسبقوه بآمين بل تريثوا، والقاعدة العملية التي تضبط لكم هذه المسألة هي أن تأخذوا نَفَسًا معه أو بعده، لأن أخذكم هذا النَفَس هو الذي سيؤخركم وسيمنعكم من مسابقة الإمام بآمين، وبذلك تنجون من مخالفة الرسول عليه السلام في هذا الحديث «إذا أمّن الإمام فأمّنوا» ثم تحظون -إن شاء الله- بمغفرة رب العالمين جميعاً، حيث قال عليه السلام في الحديث السابق:«إذا أمّن الإمام فأمّنوا» ليس إذا أمّن فاسبقوه بالتأمين، «إذا أمّن فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه» .
وهنا لا بد من أن نتعرض لتفسير «فأمّنوا» .. فإن للعلماء في هذا الحديث الصحيح، وهو متفق عليه بين الشيخين يعني رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما قالوا في تفسير قوله عليه السلام:«إذ أمّن فأمّنوا» قولين: إذا أمّن: أي انتهى من التأمين، بمعنىً توضيحي: سمعتم سكون النون في آمين، إذا انتهى الإمام من قوله آمين تبدؤوا أنتم بقولكم آمين، القول الثاني: وهو الذي ترجّح لديّ أخيراً، أن المعنى: إذا شرع الإمام بآمين فاشرعوا أنتم بآمين، وأنتم ترون على كلٍ من التفسيرين أننا نخالف التفسيرين على طول الخط وبخاصة القول الأول، القول الأول طويل البال شوية أكثر منا، نحن نقول إذا صبرتم قليلاً بمعنى سمعتم قول الإمام آ .. ألف آمين قولوا أنتم بعده آمين لأنه في هذه الحالة ما سابقتوه، لكن القول الأول إذا فرغ من آمين، هذه تريد ضَبْط نفس أكثر كما ترون.
وأنا أرى أن هذا القول الأول، إذا تبنيناه مبدئياً لقطع دابر هذه المسابقة التي
ابتلي بها جماهير المصلين، يكون أولى ابتداءاً أما انتهاءاً فلا نتأخر عن الإمام مجرد ما نسمعه يقول «آ» نقول نحن بعده «آ» ونكمل آمين كما قاله تماماً، هذه كما قلنا في أول الكلمة هذه من باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
وأقول كما قال عليه السلام في كثير من خُطَبِه: «فليُبَلِّغ الشاهد الغائب، فليبلغ الشاهد الغائب» لا، أنا أُوَلي من هنا، وكل واحد منكم ينصرف لداره وعمله .. إلى آخره وما دخل في ذهننا شيء، ونصلي في بعض المساجد، ونسمع هذه المخالفة، ثم نظل فيها هذا أول شيء، ثاني شيء: لا نبلّغ الناس ولا نحذّرهم منها، والرسول عليه السلام كان يقول:«بلّغوا عني ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» والشاهد من هذا الحديث قوله «بلّغوا عني ولو آية» ليس المقصود بالآية هنا المعنى العرفي العام أي آية من القرآن، لا؛ لأن أصل الآية، أصل معنى الآية في اللغة العربية هي: الجملة .. هي الجملة الكاملة، فهنا الرسول عليه السلام في هذا الحديث يأمر كل مسلم بَلَغته آية، أي جملة من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أن يُبَلّغها للناس، وبذلك ينتشر العلم الصحيح؛ لأن العلم كما تعلمون من قول ابن القيم رحمه الله من كبار العلماء السلفيين الذين يقتدون بالسلف الصالح عقيدةً وفقهاً وسلوكاً، كان يقول ابن القيم رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذراً من التعطيل والتشبيه
فالعلم: قال الله، قال رسول الله، في المرتبة الثالثة والأخيرة، قال الصحابة، لأنهم هم الذين نقلوا إلينا ما قال الله على لسان نبيه، وما قاله عليه الصلاة والسلام بلفظه من أحاديثه، هم الأمنة هم الذين نقلوا إلينا هذه الشريعة بكتابها وسنة نبيها.
ولذلك: فيجب أن نهتم ليس بنقل قيل وقال، وإنما بقال الله وقال رسول الله