الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان لنا هناك صديق كنا نجول عليه، وله مسجد قريب من داره، ففي صلاة العشاء خرجنا إلى المسجد فَقَدَّمني، فأسررت إليه، قلت: يا رجل الجماعة غير معتادين أن يروا بدعة مثل هذه -في زعمهم- أن يصلي الإمام بهم ركعتين ويقول لهم أتمُّوا صلاتكم، هذا أمر غريب.
قال: يا أخي لا يهمك، سنُعَلِّمهم السنة.
قلت: والله أنا حريص مثلك، لكن أرى أنه قد يعمل معنا مشكلة، قال: لا عليك.
فعمِلت محاضرةً حول هذه الملاحظة التي أبديتها، مع ذلك قامت شوشرة بعد الصلاة، لماذا يصلي هذا الرجل الغريب وكذا .. إلى آخره، ويعمل علينا شوشرة .. تكلمنا كلمة يا أخينا تأييداً لكلام أخونا هذا، يا أخي السنة هكذا، والرسول صلى الله عليه وسلم «كان إذا أَمَّ قوماً فلا يُتم وإنما كان يصلي قصراً» وروي عنه -كما قلنا آنفاً- لكن صَحَّ ذلك عن عمر بن الخطاب «أنه كان في مكة، وأهل مَكّة مقيمون وهم آفاقيون فكان هو خليفة المسلمين يصلي بهم إماماً، فيُصَلّي قصراً ويقول لهم: «أتموا صلاتَكم فإنا قوم سُفْر» ، وهناك الألوف، المؤلفة ما كانوا يبالون في سبيل تعليم الناس السنة.
(الهدى والنور /627/ 04: 02: 00)
هل يُقَدَّم الأقرأ للإمامة حتى ولو كان متبنطلًا
؟
السائل: مسائل حول الإمامة، رجلان رجل قارئ، ورجل أقرأ، لكن الأقرأ متبنطل، أيهما يُقَدّم للإمامة؟
الشيخ: أقول الأقرأ على كل حال، ذلك لأن هناك أمور تتعلق بالصفات الشرعية التي تُعْتَبر مُرَجِّحا لشخص على آخر من حيث الإمامة، وهناك صفات أخرى تتعلق بكل مسلم، ليس فيما يتعلق بذلك الجانب ألا وهو الإمامة، وإنما تتعلق بالشخص ذاته، أيّهما أقرب عند الله تبارك وتعالى وأيهما أتقى، فهذا الجانب لا ينبغي أن يطغى على الجانب الأول، فقد يكون الإمام أتقى عند الله،
وهذه حقيقة لا شك ولا ريب فيها، قد يكون الإمام الذي يؤم الناس، يوجد ممن يُصَلّي خلفه من هو أتقى منه بمراحل لا تُعد ولا تحصى، هذا واقع في التاريخ الإسلامي الأول والأنور والأطهر.
هذه الحقيقة لا يمكن لمسلم عالم، أو على الأقل هو طالب علم أن يشك فيها، أو أن يتردد فيها.
فحينئذ نحن أمام منهج -بالنسبة- لكل من الأمرين، الأول: المتعلق بمن هو الأحق بالإمامة، والآخر: المتعلق بمن هو أتقى عند الله عز وجل أما هذا الجانب الثاني، فما هو أولا: موضوع حديثنا، ولا هو بحاجة إلى الشرح والدخول فيه، لأن المسلم كل ما كان أطوع لله كان أتقى عند الله عز وجل لكن الأمر الأول هو الذي جاء السؤال من أجله.
فأنا أقول الآن: هناك قارئ وأتقى، وهناك أقرأ وهو دونه في التقوى، فهو -كما ضربت آنفا مثلا متبنطل- وقد يكون حِلِّيق اللحية، وقد يتعامل بالربا وقد وقد
…
إلى آخره، وقد يكون سَفّاك للدماء، لكنه هو الأحق بالإمامة، فمن يقدم؟ قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح -ولهذا الحديث أحاديث أخرى تعتبر متممة للأحاديث الفقهية لكن حسبنا الآن بالنسبة لموضوع السؤال الخاص أن نذكر بحديث مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأكبرهم سِنَّا، وإن كانوا في السن سواء فأقدمهم هجرة» إذاً: قَدّم الأقرأ على من كان أعلم بالسنة.
ثم من الأحاديث الأخرى التي لا بد من ذكر أحدِها على الأقل، لنضرب مثلًا من تاريخ الإسلام الأول، لا يُؤَم الرجل في سلطانه، أي: هذا السلطان وهو الإمام إما الإمام الأول يعني خليفة، وإما نائبه، لا يُؤَم هذا الإمام في سلطانه، هذا الحديث يكون كالمُقَيّد والمُخَصِّص للحديث الأول، ولذلك -وهذا هو بيت القصيد وبه ينتهي الجواب عن سؤالك- كنا نجد كبار الصحابة أو فضلاءهم يصلون وراء