الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام: (مالي أنازع في القرآن خلطتم علي القراءة) فإذاً: إن كان يسمع فقراءة الإمام له قراءة، إن كان لا يسمع فيقرأ.
(الهدى والنور /325/ 22: 17: 00)
القراءة خلف الإمام في الجهرية
مداخلة: ذكرت في كتابك «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» .
الشيخ: عليه الصلاة والسلام.
مداخلة: بأنهم كانوا يقرؤون الفاتحة خلف النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألهم:«لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله هَذًّا» يعني بسرعة ..
نعم، حتى إنهم كانوا يقرؤوا خلفه، قال:«لا يقرأ أحدكم خلف إمامه، إلا أن تكون فاتحة الكتاب» ومِن ثَمَّ قُلْتَ بأنه نُسِخت هذه القراءة والرسول صلى الله عليه وسلم لعله في صلاة الصبح كان يؤمهم، فقال:«ما لي أُنازَع القرآن» فبعدها يقول أبو هريرة رضي الله عنه: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل هذا دليل على النسخ؟
الشيخ: وما معنى: فانتهى الناس؟
يعني انتهوا عن شيء كانوا يفعلونه؟
مداخلة: هل كان هذا آخر أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يثبت به النسخ؟
الشيخ: أنا أقول لك: بأنهم كانوا يقرؤون، فإذا قال: فانتهى الناس، أليس معناها: تركوا ما كانوا يفعلون؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وماذا يكون النسخ غير هذا؟ أم أنت فاهم النسخ غير هذا المعنى؟
مداخلة: لا، هذا المعنى، هل يثبت النسخ فيما ذكرته في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أنا يا أخي تسألني عن شيء حاطَّه في كتاب، لا أدري لو كان لا يثبت النسخ بهذا، فلماذا ادعينا أنه نُسِخَ؟
لكن أنت عندك شبهة ممكن أنت تبيّنها، حتى هي التي تدفعك إلى التساؤل عن شيء.
مداخلة: ما سمعت بأن هذا دليل في النسخ أو كذا، ربما يكون عندك إجابة أو مثلاً ..
الشيخ: لا ما عندي إجابة غير هكذا، ماذا تتصور؟ أنه يكون هناك احتمال آخر مثلاً؟
مداخلة: أقصد: هل هناك من الفقهاء أو العلماء يعني سبقك في هذا القول وقال بأنها نُسِخَت، هل هناك قول بأنها نسخت، وكان هذا الدليل أو كذا؟
الشيخ: أنت يا أستاذ أتصور أنك على علم بأن هناك ثلاثة مذاهب في مسألة القراءة وراء الإمام، فالذين يقولون كالحنفية -مثلاً- إن المقتدي لا يقرأ وراء الإمام مطلقاً.
الشيخ: هؤلاء كيف يجاوبون على الأحاديث التي فيها «إلا أن تقرأوا بفاتحة الكتاب؟ أليسوا يرون أن هذا كان يوماً ما، وإلا كيف جاز لهم أن يقولوا بأنه لا قراءة وراء الإمام مطلقاً، لا في السرية ولا في الجهرية، كذلك ننتقل مرتبة إلى الذين يُفَرِّقون بين القراءة السرية والقراءة الجهرية، كمالك وأحمد وهو الصواب، أنه يقرأ في السرية دون الجهرية، ماذا يقولون عن قراءة الصحابة وراء الرسول عليه السلام، وعن قول الرسول: «إلا أن تقرأوا بفاتحة الكتاب» إذا كان هذا غير منسوخ لماذا يخالفونه؟
ليس هناك حيلة، إلا أن يقال إن الحديث غير صحيح، ولا أحد يقول بهذا.
إذاً: الحديث صحيح، لماذا؟ لا تعملون به؟ لأن هذا كان برهة من الزمن ثم تُرك، بدليل حديث أبي هريرة:«فانتهى الناس عن القراءة وراء الرسول صلى الله عليه وسلم فيما كان يجهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
فهذا نص صريح بالنسخ، هذا يشبه تماماً حديث علي:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرت به جنازة قام، ثم ترك بعد» هذا ألا يدل على النسخ؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: فذلك يدل على النسخ من باب أولى؛ لأنه انتهى الناس عن القراءة وراء الرسول صلى الله عليه وسلم.
تفضل.
مداخلة: يمكن أن يقال كما هي القاعدة المُقَرَّرة: أنه ما دام هناك إمكان للجمع فلا يُصار إلى النسخ، فانتهى الناس عن القراءة، باستثناء فاتحة الكتاب بنص آخر.
الشيخ: ممكن نجرب بإمكاننا أو لا، حظنا ونصيبنا نشوف، ممكن؟
مداخلة: والله يا أستاذ، أنا أسألك.
مداخلة: قصده يا شيخنا، طالما أن هناك إمكانية للجمع بين النصين، فلماذا نقول بالنسخ، والإمكانية موجودة؟
…
الشيخ: خَلِّيه يبين الأول ما هي الإمكانية؟
مداخلة: أن نقول: فانتهى الناس عن القراءة إلا فاتحة الكتاب؟
الشيخ: من أين أتى الاستثناء؟
مداخلة: من النص الذي قبله.
الشيخ: وهو.
مداخلة: ما لي أنازع
…
الحديث الصحيح.
الشيخ: «ما لي أنازع القرآن» .
مداخلة: قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب.
الشيخ: هذا هو.
هذا النص ماذا يعطي؟
مداخلة: يعطي الصمت عن كل قراءة ..
الشيخ: لا، لا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب، هل يعني أن قراءة فاتحة الكتاب واجبة حتى نستثنيها من الانتهاء؟
مداخلة: الظاهر يا أستاذي أنه للوجوب، «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» .
الشيخ: لا، هذا لا يفيد الوجوب؛ بدليل أن النهي بعد الأمر لا يفيد الوجوب. صحيح، أو لا؟
لو قال لك قائل عربي فصيح مثل حكايتك -إن شاء الله- لو قال لك: لا تنم في النهار، إلا في القيلولة. ماذا تفهم، هل تفهم أن النوم في القيلولة واجب؟
مداخلة: أفهم الإباحة.
الشيخ: وماذا الفرق بين هذا وهذا؟
مداخلة: نفس الشيء.
الشيخ: وأهم من هذا النص المشهور: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» في الدلالة على عدم الوجوب، «لا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب» ، يعني لا بأس إذا قرأ.
فإذا كان معناه هذا، أين قوة الاستثناء الذي أنت كنت مندفع إليها؛ حتى تساعدك على دعوى الاستثناء المُدَّعى من قول أبي هريرة:«فانتهى الناس عن القراءة» وبخاصة أن هذا الانتهاء هو نتيجة صرف التشويش في القراءة عليه، والتشويش حاصل سواء كان بالفاتحة أو بغير الفاتحة.
ليس عندنا في الشريعة ما يشبه القول بوجوب فاتحة الكتاب مع سماع المقتدي لقراءة الإمام، يعني غريبة عن مبادئ الشريعة العامة:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].
فليس من المعقول -أبداً- في وقت قراءة الإمام بعد فراغه من قراءة الفاتحة؛ حيث ينبغي أن يكون الناس متفرغين للإصغاء لما يقرأه الإمام بعد الفاتحة لعله يحفظ في هذا الوقت يقال له: انصرف عن الإصغاء، وانصرف عن الاستماع،
واشتغل بنفسك في قراءة الفاتحة.
ليت شعري كيف عرف الصحابة، إذا كانوا يقرؤون دائماً وأبداً بعد انتهاء الرسول عليه السلام من قراءتها، كيف كانوا يفهمون أنه قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] .. ونحو ذلك من السور القصيرة والأطول منها، وهم مشغولون بتلاوة الفاتحة، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4].
الآن يقال للمقتدي: إذا انتهى الإمام من قراءة الفاتحة فابدأ أنت بقراءتها، ولا تصغ إلى الآية أو الآيتين أو الثلاثة، خاصة في آخر الزمان الآن بحيث أنه إذا قيل لك ما الذي قرأه الإمام بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية، تجيب: والله لا أدري، أنا كنت مشغول بقراءة الفاتحة.
أو يقرأ الفاتحة، وقراءته وتركه لها سواء، لأنه هذّ كهذّ الشعر كما جاء في بعض الروايات.
لا يوجد في الشرع مثل هذه الأوامر المتنابذة المتنافرة، اقرأ واصغ، كيف يجتمعان، لذلك جاء في القرآن أمران في الآية السابقة.
ولذلك يخطئ كثير من الجالسين في خطبة الجمعة من الذين يحملون السبحة
…
ويسبح وهو يستمع لخطبة الخطيب، ما يفهم شيئاً أو ما يذكر شيئاً، واحدة من الاثنتين: إن كان عقله في فكره وتسبيحه، فإذاً: عقله ليس مع خطبة الخطيب، وإن كان العكس عقله مع خطبة الخطيب، فعقله ليس مع الذكر الذي يتظاهر به أمام الناس، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]، فكيف يأتي في الشرع بأنه في وقت وجوب الإصغاء والإنصات وتَعَلُّم ما يُقرأ من القرآن بعد الفاتحة وهو أحوج ما يكون أن يتعلم مثل هذا الذي يُقْرأ، في هذه الحالة يقال له: اقرأ الفاتحة.
لا يلتقي هذا أبداً مع مبادئ الشريعة وقواعدها.
(الهدى والنور /274/ 43: 04: 00)