الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أوزارهم شيء» فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يَسُنُّون للناس السنة الحسنة.
(الهدى والنور / 696/ 13: 53: 00)
(الهدى والنور / 697/ 43: 00: 00)
إذا قرأ الإمام في الصلاة ما ورد في السنة ولكن المأمومين اتهموه بالتطويل فثاروا عليه
مداخلة: نصلي بالناس، ونُطَبِّق هذه السنة كما تكلمت بها .. ولكنّا نواجه من الناس الإعراض والصد ورفع الصوت علينا؛ بأنكم تُطِيلون علينا، وأنكم تُنَفِّرون من الصلاة ..
الشيخ: ما شاء الله ..
مداخلة: ودائماً يقولون لنا هكذا؟
الشيخ: طيب، هل نقصت؟ نقصت نقص وزنك من القول، نقص إيمانك؟
مداخلة: يضعونا في موضع الاتهام ..
الشيخ: ما .. ما .. ما أجبتم، ما أجبتني.
مداخلة: لا، لا، لم ينقص.
الشيخ: إذاً: بأيّ شيء يهمك؟ لقد قيل في من هو أفضل منك، وأفضل من هذه البشر كلها، أسوأ مما يقال فيك وفيَّ، تعرف هذا: كم مرة أماتوني وها أنا حَيّ بين ظهرانيكم، ماذا ضَرّني ذلك؟
مداخلة: لا شيء.
الشيخ: ما يضرني شيء، بالعكس هذا ينفعني، كذلك ينفعك، لذلك لا تهتم لما يقال، ربنا عز وجل رَبَّانا نحن في شخص رسوله، فقال له تعالى:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: 43]، ماذا قيل للرسل من قبله؟ مجنون .. ساحر .. إلى آخره، وقد قيل هذا في حق الرسول عليه السلام، وقيل فيه باعتبار أنه عربي غير مجنون وغير ساحر شو قيل عنه؟ شاعر، لكن ما ضَرّ الرسول ما قيل فيه بباطل.
إذاً: ما يضرك، ولا تهتم بكلام الناس إطلاقاً، وأنا أُحَذِّرك من أن تصغي إلى كلام هؤلاء وتهتم به، وترفعه من أرضه، هناك عبارة تستعمل في بعض البلاد العربية تعجبني بهذه المناسبة، بدل ما يقولوا: ارم هذا الشيء، أو هذا الإنسان اتركه، شو يقولوا؟ ازبله، ما تعرفوها أظن ها الكلمة، تعرفوها؟
لذلك بارك الله فيك، لما تسمع مثل هذا الكلام، ازبله ارمه أرضاً، هذا أولاً.
ثانياً: هؤلاء يا أخي في الحقيقة التي عشتها وكدت أبلغ الثمانين، هؤلاء مرضى، مرضى هم بحاجة إلى معالجة الطبيب الحاذق الرحيم الرؤوف بهؤلاء المرضى، هؤلاء نقول لهم: أنتم تأخذون بعض الكلمات التي تَكَلَّم بها الرسول عليه السلام ثم تفسرونها حسب أهوائكم وحسب عاداتكم، وحسب -قد نقولها أحياناً حين يتأزم الأمر- وحسب قلة دينكم، إي: هذه ما نقولها إلا في الأخير، ليه؟ لأنه اللّي عمدتهم الحديث المعروف:«من أَمَّ الناس فليخفف» طيب، القائل لهذا الكلام الحق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يؤم الناس، لكن هل جعلها فوضى كل إنسان له هواه، كل إنسان له هوس يقول لك: من أَمَّ فليخفف، ولا وضع لهذا ضوابط وقيود نعم؟ هذا لابد منه وإلا صار الدين هوىً:«من أَمّ الناس فليخفف» ، ما هي المناسبة التي قالها عليه الصلاة والسلام لهذه الجملة الطيبة؟ أظنُّكم كلكم أو جُلّكم يذكر قصة ذلك الأنصاري الذي كان يصلي خلف معاذ في قبيلته.
كان من عادة معاذ -رضي الله تعالى عنه- أن يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده؛ حرصاً منه أن يكسب فضيلة الصلاة وراء الرسول عليه السلام، فضيلة الصلاة في مسجد الرسول عليه السلام، ويتعلم أيضاً، كان يصلي صلاة العشاء الآخرة وراء الرسول عليه السلام، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم نفس صلاة العشاء، هي له نافلة وهي لهم فريضة، جاء هذا الرجل الأنصاري، عامل بالناضح، الناضح: هو الجماعة الذين كانوا إلى عهد قريب في البادية يربطون ها الدلو بطريقة أو بأخرى، إذا ما شفتوها بالجمل ويدور الجمل هذا يسحب الدلو من البير مهما كان ثقيلاً، فهذا اسمه ناضح، جاء هذا الأنصاري ليُصَلّي وراء معاذ، قرأ الفاتحة، بعدين: بسم الله الرحمن الرحيم {الم} [البقرة: 1] * {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]، هذا وقت قراءة سورة البقرة، خاف، والظاهر أن الخوف هذا له أصل، بمعنى: سبق أنه صلى وراء معاذ، وأنه يطيل عادةً، ويومها يمكن كان هذا تعبان، فخاف أنه يطيل وهو ما يستطيع، قطع الصلاة، وذهب إلى ناحية من المسجد صلى لوحده، طبعاً أحسوا الصحابة ماذا عمل الرجل، ونقلوا قصته إلى معاذ، معاذ صار يَسُبّه صار يستغيبه، صار يقول عنه: هذا منافق، وهذا له وجه من القول، حتى ما يعني: ننسب الخطأ الفاحش إلى معاذ، لماذا؟ لأن هذا الرجل حضر المسجد وصلى وحده هذا منافق؛ لأن الذي لا يصلي مع الجماعة فهو منافق، لكن معاذ عذُره أنه لم يعرف عذره، الرجل بلغه مسبة معاذ له، فذهب شكاه للرسول صلى الله عليه وسلم؛ أنه: «يا رسول الله إننا أصحاب نواضح نعمل في النهار ونأتي في الليل، ونصلي وراء معاذ فيطيل بنا الصلاة، فأرسلوا وراء معاذ قال له: أفتَّان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ، أفتان أنت يا معاذ، ثلاث مرات، بحسبك -وهذا الشاهد- بحسبك أن تقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1]،
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] .. ونحوها من السور»، وهكذا ذكر الرسول الحديث السابق لهذه المناسبة:«إذا أَمَّ أحدكم فليُخَفّف، فإن وراءه الكبير والمريض وذا الحاجة» ، فاقتُطع هذا الحديث من هذه المناسبة، فصاروا يفسروا بعد «فليخفف» كيفما يريد هذا المستعجل، لا، هذا كان متعب في النهار، وبَيَّن عذره للرسول، وشكا معاذاً إليه
إنه يطيل علينا، لم يقل له: اقرأ بهم الفاتحة فقط، مع أنه يكفي، من قرأ الفاتحة تكون الصلاة صحيحة، لكن قال له:«بحسبك أن تقرأ بعد الفاتحة هذه السور من قصار المفصل» .
إذاً: إذا تصورنا إنسانًا، صليت أنت إماماً في العشاء، قرأت الفاتحة و {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] أو {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] ما هذا التطويل يا شيخ، إنك تثقل علينا وتُشَدِّد علينا، والرسول قال:«من أَمّ فليخفف» ، تقول له: رويدك ليس على كيفك التخفيف، الرسول قال لمن شكى التطويل وأوصى معاذاً أنه يقرأ بهذه السور التي أنا قرأتها، فلماذا أنت تشتكي مني وتقول: طَوَّلت علينا؟ لا، أنا لم أُطَوِّل عليك، لو قرأت لهم -مثلاً-:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] هنا طولت؛ لأن الرسول قال: «بحسبك» من السور القصيرة، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] بقراءة سورتين أو ثلاثة من هؤلاء، فله حق أن يقول هنا طَوَّلت، أما إذا التزمت السنة لم تكن مُطَوِّل، سيكون هو رجل خفيف الدّين، يريد أن يصلي من هنا، ويرى شغله ويرى مصلحته ويرى أولاده .. إلى آخره هذا شيء.
وخلاصة هذا الشيء: أن حديث: «من أَمَّ فليخفف» ليس على كيف الناس، وإنما هو محدد، يؤكد هذا المعنى حديث في سنن النسائي من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال:«إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليصلي بنا في صلاة الفجر بالصافات صفاً» ، هذا حديث عظيم جداً، لو أن أحد الأئمة اليوم صلى بالناس إماماً في الفجر، وقرأ بالصافات صفًا، كم طول هذه؟ وقالوا له: يا شيخ أنت طَوَّلت علينا، والرسول قال: إنه يخفف، تروي له هذا الحديث، ابن عمر يقول:«إن كان رسول الله ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليؤمنا بالصافات صفاً في صلاة الفجر» .
إذاً: معنى هذا الحديث: أن هذا الذي كان يأمرنا بالتخفيف كان يُطَوِّل علينا في صلاة الفجر، أكثر ما يطول علينا في غير هذه الصلاة.