الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن السكتة الطويلة هذه المدعاة بعد الفاتحة لا أصل لها.
(فتاوى جدة (6) /01: 08: 08)
قراءة المأموم للفاتحة وراء إمامه
السائل: أقول بأن كثيرا من الناس يرون قراءة الفاتحة خلف الإمام سواء كانت صلاته سرية أم كانت جهرية أنها واجبة على المأموم، ويستدلون على ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». و «من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج خداج» .... ونحن نعرف ولعل في تذكيرك لنا بالحديث ما أفاد ما فائدة كان بعض إخواننا ربما يجهلونها وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«وإذا قرأ الإمام فأنصتوا» . ولكن حجة هؤلاء قولهم بأن على الإمام أن ينصت حتى يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة من وراء الإمام بعد أن ينصت الإنصات الذي يمكن المأموم من قراءة الفاتحة؛ فنريد توضيحا لهذه المسألة بالذات لأن الإخوان هنا وفي غير هذا المكان من الإخوان الحاضرين ربما يعترض على أحدهم أو يحتج على أحدهم بمثل هذه الأحاديث وهي صحيحة ولاشك؛ ولكن ربما يكون تأويلها أو تفسيرها ليس على صواب؛ فنزيد بارك الله فيكم توضيحا لهذه المسألة الفقهية وهي من المسائل الدقيقة التي قل من يعرفها على وجهها الصحيح، بارك الله فيكم.
الشيخ: أحسنت جزاك الله خير، الحقيقة إن هذه المسألة من المسائل الدقيقة التي ظهر فيها الخلاف منذ قديم وهناك من المذاهب والأئمة من يقول بوجوب القراءة بالفاتحة وراء الإمام في كل صلاة سواء كانت جهرية أو سرية؛ ويقابل هذا المذهب وهذا القول قول آخر على عكسه تماما، يقول بوجوب السكوت وراء الإمام في كل صلاة سواء كانت هذه الصلاة سرية أو جهرية؛ وبين هذين القولين قول ثالث وهو كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أعدلها وأصوبها وهو أن يقرأ المقتدي وراء الإمام في السرية وأن ينصت في الجهرية ولا يقرأ شيئا مطلقا؛ ولاشك أن ذكر أدلة الأقوال الثلاثة هذه إن المسألة تأخذ وقتا طويلا وربما يكون فيه شيء
من الدقة ويحتاج أن يكون هناك من درس شيئا من علم أصول الفقه؛ ولذلك نرى أن نأتي المسألة من أقرب طريق فنقول إنما كان القول الثالث أعدل الأقوال وأقربها للصواب وهو أن يقرأ في السرية ويسكت في الجهرية؛ لأنه في ذلك تجتمع الأدلة التي تنازعها العلماء المختلفون في هذه المسألة؛ أول ذلك نجد أمامنا قول ربنا تبارك وتعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . نعم.
الطالب: وإذا.
الشيخ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . نعم فهذه الآية نص صريح من حيث دلالة عمومها أن على كل من يسمع القرآن يتلى أن عليه الاستماع والإنصات {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} . استمعوا له لا يغني عن الإنصات لأننا نجد من جهر من بعض الناس اليوم؛ أما الاحتجاج بالحديث السابق «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» . فهو احتجاج بالعموم؛ وهنا الدقة في المسألة ولابد من التعرض لها في الحقيقة، الآية بعمومها تشمل الصلاة وتشمل الفاتحة؛ لأنها قرآن بل هي أم القرآن، الحديث بعمومه يشمل كل صلاة «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» . فأي العمومين يسلط على الآخر ويخصصه؛ هنا يقول بعض العلماء العام الذي بقي على عمومه وشموله ولم يدخله تخصيص هو أقوى في عمومه وشموله من العام الذي دخله تخصيص؛ وحينذاك يسلط العام الأعم على العام المخصص؛ وقد ذكرنا في حديثنا السابق بأن حديث «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» . قد خصص واستثني منه بعض الفروع، ذكرنا من ذلك المسبوق الذي أدرك الإمام راكعا فقلنا إنه يعتبر قد أدرك الركعة مع أنه ما قرأ الفاتحة؛ فماذا فعل العلماء بحديث «لا صلاة» .
قالوا لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا لمن أدرك الإمام راكعا عام مخصوص أي ضعف عمومه؛ كذلك مثلا حديث الذي أسلم حديثا لا يحسن قراءة الفاتحة لكن يسبح كما ذكرنا أيضا هذا بشيء من التفصيل فتكون صلاته صحيحة أيضا على الرغم من أنه لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ فماذا يقال «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا الأعجمي الذي لا يحسن قراءة الفاتحة» أما الآية
فلم يدخلها أي تخصيص إطلاقا؛ حينئذ يستثنى من الحديث من كان يسمع التلاوة إعمالا للآية وتخصيصا للحديث؛ ومن العجيب أن هذا المذهب قد وضح للفريق الأول الذي قال بوجوب القراءة حتى في الجهرية وتبين له أنه ليس من المقبول أن يقرأ المقتدي وهو يسمع قراءة الإمام؛ ولذلك وجدوا لأنفسهم أو أوجدوا لأنفسهم متنفسا ومخرجا فقالوا يسكت الإمام ليتفرغ لقراءة المقتدي؛ فهذا في الحقيقة كما يقال «كان تحت المطر وصار تحت الميزراب» لماذا؟ هو استعمل عقله وحكمته، وجد غير مهضوم أن يقرأ المقتدي وهو يسمع قراءة الإمام فماذا فعلوا؟ قالوا للإمام انقلب مقتديا وقلد المقتدي، أنصت ليقرأ المقتدي، هذا قلب لوظيفة الإمام؛ ثم هذه السكتة هي من عجائب ما يصدر من بعض الأئمة، هم يسكتون ولا سكوت في الشرع في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري ومسلم «كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان يسكتهما سكتة عند استفتاح الصلاة وسكتة عند الفراغ من قراءة القرآن». ولم يكن هناك سكتة طويلة بين السكتتين إلا السكتة الأولى؛ ولذلك جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنية فقلنا يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ماذا تقول؟ قال أقول «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب .... »
إلى آخر الدعاء؛ لو كانت هناك سكتة أخرى طويلة تتسع لقراءة الفاتحة لسألوا الرسول عليه السلام كما سألوه في السكتة الأولى، قالوا له نراك تسكت بين تكبيرة الإحرام وبين القراءة ماذا تقول؟ أجابهم؛ فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت سكتة أخرى طويلة بمقدار تلك وأيضا تسكت قبل بعد الفاتحة فلماذا؟ فيقول مثلا ليقرأ المقتدي؛ لم يكن شيء من هذا إطلاقا؛ فهم كما قلنا آنفا أوجدوا لهم مخرجا من هذا النقاش القلبي الداخلي، مش معقول مش مهضوم أن الله شرع للإمام أن يقرأ في بعض الصلوات جهرا لماذا؟ ليسمع المقتدي؛ فما معنى أن يقال للمقتدي انصرف عن الاستماع إلى أن تقرأ بنفسك، مش مقبول هذا؛ إذا ماذا نفعل؟ نوجد سكتة طويلة؛ مع ذلك هذه السكتة الطويلة ما التزموها، كثير من هؤلاء الذين يسكتون بسكتوا نصف سكتة لا يكاد الواحد يقرأ نصف الفاتحة وإذا