الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد فرجة
(فائدة): إذا لم يستطع الرجل أن ينضم إلى الصف، فصلى وحده، فهل تصح صلاته، الأرجح الصحة، والأمر بالإعادة محمول على من لم يستطع القيام بواجب الانضمام. وبهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما بينته فى «الأحاديث الضعيفة» المائة العاشرة.
[إرواء الغليل تحت حديث رقم 541]
حكم صلاة المنفرد خلف الصف
الشيخ: المسلم يجب أن يحرص كل الحرص، أن لا يُصَلِّي في الصف وُحْدَه.
يعني: يكون جهده أن يَنْضَمّ إلى الصف الذي بين يديه، سواء كان الصف الأول، أو الثاني، أو غيره، فقد «رأى الرسول عليه السلام رجلاً يُصَلِّي خلف الصف وَحْدَه فقال له:«أعد صلاتك» فهذا نص يؤكد معنى الحديث: الأول: «لا صلاة لمن» وهذا يشمل أنواعاً من الناس، وبخاصة المؤذنين في بعض المساجد، حيث يصلون في السُّدّة، في مكان خاص، ولا يشاركون الجماعة.
كذلك من يدخل المسجد، ويخشى أن يرفع الإمام رأسه من الركوع، فبيقف وراء الصف وحده، بينما عن يمين الصف ويساره خالي، هذا لا صلاة له، لكن يجب أن يُحْفَظ هذا الحديث، أو أن يُفْهَم في حدود قواعد الشريعة العامة، وهي:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، إذا دخل الرجل المسجد، وجد الصف الذي بين يديه مكتملاً من جانبيه، ولا يجد فراغاً بين اثنين حتى يَنْضَم هو إلى الصف، ولو بشيء من التلطف، بإبعاد أحدهما عن الآخر، فصلى وراء الصف وحده، هذا صلاتُه صحيحة؛ لأنه لم يُصَلّ وَحْدَه بسبب اللَّامبالاة وعدم الاهتمام، وإنما هو فعل ما يجب عليه، لكنه لم يتمكن من أن يَنْضَمَّ إلى الصف الذي بين يديه.
هنا يُذْكَر حديث في بعض الكتب «أن رجلاً صلى وراء الصف وحده، فنهاه الرسول عليه السلام، فاعتذر الرجل: بأنه لم يجد مكاناً، فقال: هَلّا اجتررت إليك رجلاً» .
هذا الاجترار الذي هو الجر في هذا الحديث، لم يصح عن الرسول عليه السلام من حيث إسناده، ولذلك فلا يجوز أن نُشَرِّع به حكماً؛ لأن الحديث الضعيف لا يَثْبُت به حكم، لا سيما إذا كان هذا الحكم يترتب من ورائه إيجاد مفسدة، أو إيجاد خَلَل في الصف.
فإنه لا يخفى: أن هذا الذي يريد أن يُصَلّي وراء الصف وحده، أو جاء فلم يجد من يصلي معه، إذا اجْتَرّ إليه شخصاً، وقع في الصف فراغ، وهذا خلل، إن بقي هذا الفراغ، وهذا في كثير من الأحيان نراه؛ لأن الناس لا علم عندهم، إن بقي هذا الفراغ، فهذا الفراغ حَلّ فيه شيطان يشغله.
ولذلك جاءت الأحاديث تأمر المصلين بالتَرَاصّ في الصف، وأن لا يَدَعوا خللاً وفُرْجَةً للشيطان، حتى لو كانوا متقاربين بعضهم لبعض، ما فيه تَرَاصّ، قال الرسول «أنا أرى الشيطان يَتَخَلّلكم» ؛ لأن الرسول كان يرى ما لا يرى الناس -بطبيعة الحال- فما بالكم إذا وجدت فُرْجَة شخص بكامله.
فإذاً: هذه الفرجة التي أحدثها هذا المجتر، إذا أخذ إنساناً هو أفسد الصف الذي كان بين يديه، ثم هذا الإفساد إذا حاول القائمون في الصف تداركه وإصلاحه، فمعنى ذلك أنهم بدؤوا يَنْضَمُّوا، لكن هذه الفرجة ستنتقل إلى جانب آخر، يميناً أو يساراً، فعلى كل حال بقيت الفرجة فرجةً، وبقي الصف ناقصاً، من الذي تسبب لهذا الإخلال؟ هو هذا المنفرد الذي جر إليه رجلاً من الصف، الذي كان بين يديه، فإن كان الحديث هذا ضعيف السند، ثم يترتب من تطبيقه إفساداً، وإيجاد خلل في الصف، فالمصلي المنفرد هنا قد قام بواجبه، وتكون صلاته صحيحة، ولا ينطبق عليه حديث:«لا صلاة لمن صلى وراء الصف وَحْده» أو كما قال عليه السلام.
مثل هذا الحديث، دائماً يجب أن يُفَهم -كما قلته في أول الكلام- على ضوء القواعد الشرعية العامة، نحن ذكرنا فيما ما مضى من كلامنا، قوله عليه السلام: «لا