الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: بدليل ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه، واضح هذا الجواب؟
الآن نعود إلى السؤال الثالث: دخل جماعة المسجد فأيهما المتصدِّق والمتصدَّق عليه، هو الإمام أيضاً؟
مداخلة: ما فيه.
الشيخ: ما فيه هنا مُتَصدِّق ولا متصدَّق عليه واضح؟
لذلك حَشْر هذا الحديث في موضوع الجماعة الثانية تحميله ما لا يطيق.
الحقيقة: هذا الحديث يدل على ما دل عليه سبب وروده، الحديث يقول -كما جاء في سنن الترمذي وغيره من حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث أنس بن مالك أيضاً في معجم الطبراني-: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم صلاة العصر، ولما سلم دخل رجل يريد أن يصلي وحده، فقال عليه الصلاة والسلام لمن صلى خلفه: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل واقتدى به.
من هنا جاء الجواب السابق صحيحاً، لماذا كان المقتدِى مُتَصدِّق، والمقتدَى به متصدَّق عليه؟ هذه نكتة جميلة جداً، المتصدِّق غني والمتصدَّق عليه فقير، كيف؟ المتصدِّق صلى وراء الرسول عليه السلام فاكتسب فضيلة صلاة الجماعة بسبع وعشرين درجة أولاً، ثم وراء سيد البشر ثانياً، أما الرجل هذا فقير فاتته هذه الخيرات الكثيرة، فإذاً هذا المليء المشحون بالخير وبالأجر هو الذي تصدق على ذلك المسكين الذي فاتته الصلاة.
(الهدى والنور /347/ 34: 26: 00)
حكم الجماعة الثانية
مداخلة: يسأل هنا: ما حكم صلاة الجماعة الثانية بعد الجماعة الأولى في كل فريضة يصلونها؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: ينهوا الصلاة، ومن ثَمَّ تأتي جماعة أخرى وتقيم الصلاة.
الشيخ: هذه في الحقيقة -الجماعة الثانية- من العادات التي سار عليها المسلمون من زمن بعيد، وهي ليست مشروعة عند جماهير علماء المسلمين.
كلنا يعلم أن صلاة الجماعة في مساجد المسلمين فريضة، أو واجبة يجب على كل مسلم أن يسعى إليها فور سماعه المؤذن يقول:«حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفلاح» هذا الواجب في سبيل الحفاظ عليها وتكثير سواد جماعتهم حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها فقال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بخمسٍ» وفي رواية «بسبعٍ وعشرين درجة» .
ثم كلما كثرت الجماعة كلما كان أجرُها أعظم عند الله تبارك وتعالى، لذلك كان السلف الصالح حريصين كلَّ الحرص على المحافظة على هذه الجماعة، أولاً: ليقوموا بواجب قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] كما شرحنا ذلك في درس أو محاضرة مضت: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] أي: صَلُّوا مع المصلين في المساجد، فحرصاً من السلف كانوا يفعلون ذلك ويحضرون الصلاة في المساجد، ثم بعد ذلك لا تقام جماعة ثانية أبداً، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي سَنَّ للأمة هذه الجماعة جعلها جماعةً فريدة واحدة.
فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم في زمنه كسائر المساجد الأخرى التي كانت في بَلَدِه أو في غيره من بلاد التي دخلها الإسلام، كان المسلمون يحافظون على وحدة الجماعة.
ومن الأدلة على ذلك: الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمُرَ رجلاً فيصلي بالناس، ثم آمُر رجالاً فيحطِبوا حَطَباً، ثم أُخالِف إلى أُناس يَدَعُون الصلاة مع الجماعة فأحرِّق عليهم بيوتَهم، والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها» أي: صلاة العشاء.
فهذا الحديث يدل على أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الجماعة الأولى، من أين أخذنا هذه الدلالة؟
مِن هَمِّه عليه السلام بحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وإلا لو كان هناك جماعة ثانية ومشروعة لكان في ذلك عذر واضح لأولئك المُتَخَلِّفين في بيوتهم، فكان بإمكانهم أن يعتذروا عن أنفسهم، وأن يقولوا: لو هَمَّ، أو لو فعل الرسول ما هَمَّ به من تحريق بيوتهم بالنار لقالوا: يا رسول الله نحن نصلي مع الجماعة الثانية أو الثالثة أو ما أدري كم الرقم، يختلف هذا باختلاف البلاد أو المساجد، وأنا شخصياً في دمشق شاهدت أكثر من مرة وفي المسجد الكبير -مسجد بني أمية- آذان المغرب يؤذِّن وهناك جماعة في المسجد يُصَلُّون صلاة العصر، تصوَّروا كم جماعة أقيمت من بعد الجماعة الأولى، علماً أن من مساوئ هذا المسجد الكبير غير تكرار هذه الجماعة الطارئة، فهناك أربعة محاريب، وأربعة جماعات مُعترف بها في وزارة الأوقاف، بل ولكل محراب إمامه، هذا هو الإمام الحنفي في الوسط، يميناً الشافعي، يساراً الحنبلي، ثم المالكي، هكذا هذا -بلا شك- ليس مشروعاً، بل كراهته أشد مما نحن نتحدث فيه؛ لأنها أئمة معترف بها رسمياً من قِبل الدولة.
أما الإسلام الذي جاء في القرآن، وجاء في حديث الرسول عليه السلام، فهو لا يعترف بهذه الجماعات الطارئة، كما مثَّلْتُ لكم آنفاً، آذان المغرب يؤَذَّن، وهناك جماعة تُصلي صلاة العصر، هذه الجماعة الطارئة، فأنكر منها أربع جماعات، بل ثلاث جماعات بعد الجماعة الأولى معترف بها رسمياً، وتصرف أموال الشعب المسلم لإقامة هذه الجماعات غير المشروعة، وهي بعد الجماعة الأولى.
هذا بلا شك يخالف القرآن ويخالف السنة أما القرآن فقوله تبارك وتعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32].
لا شك أن الصلاة من الدين فالتفرُّق في هذه الصلاة هو تفرُّق في الدين، ولا أدل على ذلك من أننا كنا نشاهد تُقَام الصلاة فيصلي الإمام الأول، وهناك جلوس، ناس جلوس لا