الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل مده حركتين أم أربع أم ست، حتى يتمكنوا هم بدورهم أن يتابعوه في آمين، لا يستطيعون ذلك ما دام أن الإمام لا يجهر بآمين، فخسروا بذلك هذه الفضيلة بسبب خطئهم الأول، فوقعوا في خطأ آخر فيه خسران كبير لهذا الفضل العظيم، لذلك كان من السنة الصحيحة أن الإمام يجهر بآمين كما جاء في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه:«أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى قوله: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قال: آمين، ورفع بها صوته» .
هذه سنة فعلية: رفع بها صوته، ترتب من ورائها حكم آخر هو ما ذكرته آنفًا، ترتب على هذا الحكم الآخر ذلك الفضل الكبير من رب العالمين، فعلى المسلم إذًا أن يلاحظ قراءة الإمام بعامة، ثم فراغه من قوله: ولا الضالين، ثم شروعه في قوله: آمين، حتى يتابعه فيكون متبعًا للأمر ومستحقًا للأجر.
(فتاوى جدة (11) /00: 19: 50)
خطأ مسابقة الأمام بالتأمين
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] ولقد تنبهت في ليلتكم المباركة هذه إن شاء الله إلى التنبيه والتذكير لمسألتين اثنتين رأيتهما في كثير من البلاد التي طفت فيها مخالفةً للشرع:
إحداهما: تخالف نص الحديث الصحيح الصريح.
والأخرى: تخالف بعض الآداب الإسلامية التي جرت بعض التقاليد الحديثة على الاستهتار بها وعدم الاهتمام بها، أما المسألة الأولى فهي أن جماهير المصلين المقتدين وراء الإمام في الصلاة الجهرية يقعون في مسابقة الإمام في قضية هي كما لو أن الشارع الحكيم فرضها عليهم على ما هم عليه من الخطأ، أعني بذلك مسابقة جماهير المصلين لإمامهم في الصلاة الجهرية بقولهم: آمين، قبل أن يشرع الإمام بقوله: آمين، وهذه قضية رأيتها مع الأسف في أكثر البلاد الإسلامية لا نحاشي ولا نستثني منها بعض البلاد المقدسة كمكة والمدينة، فإن الناس عن هذه السنة بل عن هذا الأمر النبوي هم من الغافلين، ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» هذا الحديث جاء تطبيقاً لقاعدة وأصل أصله النبي صلى الله عليه وسلم في عدم جواز مسابقة هذا المأموم لذاك الإمام ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» زاد في رواية: «فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» .
فكما قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا» إلى آخر الحديث، كذلك قال في الحديث الأول:«إذا أمن الإمام فأمنوا» فكما أنه لا يجوز
للمقتدي أن يسابق الإمام في شيء مما سبق ذكره في الحديث الثاني: «إذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا» كذلك لا يجوز للمقتدين أن يسابقوا الإمام بقوهم: آمين، والغفلة في هذه القضية عامة في أكثر البلاد التي رأيتها؛ ولذلك فينبغي على عامة المصلين أن:
أولاً: أن يستحضروا عقولهم وألبابهم في الصلاة ولا يكونوا من الغافلين عن ذكر الله فيها، فإن مسابقة الإمام في آمين تنشأ من قضيتين اثنتين: ..
[إنشغالهم] بأمور دنياهم في صلاتهم، والأخرى جهلهم بهذا الحكم الشرعي الصريح في هذا الحديث الصحيح:«إذا أمن الإمام فأمنوا» لقد تكلم شراح الحديث في هذه الجملة من الحديث فقالوا: إذا أمن الإمام فأمنوا له معنيان:
المعنى الأول وهو المعنى الراجح والله أعلم: إذا شرع الإمام في آمين فاشرعوا أنتم بدوركم في آمين.
والمعنى الثاني: إذا انتهى الإمام من آمين فابدؤوا أنتم بقولكم: آمين.
فعلى كل من الوجهين أو الشرحين في هذا الحديث فهما يلتقيان في أن المقتدي ينبغي أن يتأخر عن الإمام في الشروع بآمين، فعلى هذا فينبغي على كل مصل أن يراقب قراءة الإمام وأن يكون قلبه ولبه معه، فإذا وصل الإمام إلى قوله:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] لا يبادر المقتدي إلى قوله: آمين وإنما يحبس نفسه إلى أن يبدأ يسمع شروع الإمام بآمين فهو بعد ذلك يشرع في آمين، هذا الحديث صريح جداً في هذا الحكم الذي خالفه جماهير المقتدين؛ ولذلك فينبغي ملاحظة ذلك حتى لا نقع في أمرين اثنين:
الأمر الأول، وهو الأهم بلا شك بالنسبة لتعبد لله عباده بما شاء من أحكام شريعته ألا وهو ألا نقع في مخالفة قوله عليه السلام:«إذا أمن الإمام فأمنوا» .
والأمر الآخر، وهو في الحقيقة مما يسعى إليه كل مسلم في هذه الحياة الدنيا
العاجلة الفانية ليهتبلها فرصة ليكسب فيها مرضاة الله تبارك وتعالى، حيث قال:«فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» فهذا أجر عظيم تشد كما كانوا يقولون إليه الرحال، أي: يتكبد كل المشاق في سبيل الوصول إلى مغفرة الله تبارك وتعالى.
وأنتم تعلمون الأحاديث الصحيحة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث المغيرة بن شعبة وغيره من أصحابه أنه قام حتى تفطرت قدماه، فقالوا:«يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال عليه الصلاة والسلام: أفلا أكون عبداً شكوراً» الشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حتى تفطرت قدماه، لماذا هذا القيام ولماذا هذه المشقة؟ لينال مغفرة الله تبارك وتعالى.
فمن فضل الله عز وجل على هذه الأمة المحمدية أنه عز وجل تفضل على عباده بأسباب ميسرة مذللة تكون سبباً للحصول على مغفرة الله تبارك وتعالى، من هذه الأسباب ما جاء في هذا الحديث الصحيح أن لا يسابق المقتدي إمامه بقوله: آمين، وإنما يأتي بالتأمين كما ذكرنا آنفاً بعد أن يشرع الإمام بقوله: آمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة» أي: إن الملائكة الذين وصفوا بقوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] إنهم ليسوا كهؤلاء الناس الذين يسابقون الإمام بآمين وإنما يتأخرون عنه على ما ذكرناه آنفاً، فمن كان من المصلين من البشر موافقاً في تأمينه تأمين الملائكة أي: لم يسابق الإمام بالتأمين وإنما تأخر عنه كما تتأخر الملائكة فمن وفاق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، أفلا تشد الرحال إلى الحصول على هذه الفضيلة وعلى هذه المغفرة مهما كانت الصعاب والمشاق؟ لا شك .... فكيف والأمر ميسر مذلل لا يحتاج إلى شيء من الانتباه لقراءة الإمام وحث النفس إلى من انتهى هذا الإمام من قراءته:{وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] يمسك كل فرد لفظه فلا يقول: آمين إلا بعد أن يشرع الإمام آمين، هذه هي المسألة الأولى.
وأنا بتجربتي الخاصة ستشعرون أنه ليس من السهل بعد أن اعتاد الجماهير على تلك المخالفة والمسابقة فإن لم تراقبوا هذه القضية وقعتم في مخالفة أمر الرسول عليه