الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُعِيد تذكير الإخوان بما سبق التذكير به، فيما يتعلق بترك مسابقة الإمام بآمين، وأُذَكِّر أولاً: إمام المسجد هنا، بأن يتابع جماعتَه، بأن يذكرهم بهذا الحديث:«إذا أمَّن الإمام فأمّنوا فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» .
أُذَكِّركم مرة ثانية، وأرجو ألَّا أسمعها كما سمعتها في المرة الأولى، حتى أطمئِن أنكم معي، لستم فقط بأبدانكم، بل وبألبابكم وقلوبكم، أما إذا كانت الأخرى -لا سمح الله- فمعنى ذلك أنكم ترجمتم أنفسكم لي بترجمة لا أرضاها منكم ولا ترضونها منكم لي ..
هذا تذكير: لا تسبقوا الإمام بآمين، وأُذَكِّر إمام المسجد أن يُذَكّر إخوانه، وقد يكون الذين يصلون عادةً صف صفين ثلاثة، ما أدري كيف الوضع هنا؟ ! حتى يستقيموا معه على الجادة، وتنتقل هذه السنة إلى مساجد أخرى .. إلى قرى أخرى، حتى يعم الخير بلاد الإسلام -إن شاء الله- كُلَّها، فيكون لمن أحيا هذه السنة أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، كما هو في الحديث الصحيح.
(الهدى والنور / 744/ 43: 16: 00)
مسابقة المأمومين لإمامهم بالتأمين
الشيخ: طفت المرة الأخيرة شهرين في السعودية، ووجدت هذا الخطأ [أي مسابقة الإمام بالتأمين] كما هو هنا، كما في سوريا كما في مصر، إيه نعم.
الناس في غفلة، وسبب هذه الغفلة أولا يعود إلى غفلة أهل العلم، وغفلتهم قد تكون مزدوجة، فأقول: إنه غفلة العلماء، تارة تكون مزدوجة، وتارة تكون منفردة، فكثير من العلماء درسوا الفقه مجرداً عن السنة، وإن كان فيهم من درس الفقه مقروناً بدراسة السنة، فالغالب عليهم دراسة الفقه على دراسة السنة، وبَدَهي جداً أننا حينما نذكر الفقه مقابلاً للسنة، فإنما نعني الفقه التقليدي، وإلا فلا انفصال
بين السنة وبين الفقه النبوي الصحيح.
فالذين يدرسون الفقه المذهبي إن درسوا السنة فدرسوها من قريب، وبصورة ليس فيها التفقه الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح المعروف:«من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين» من أجل ذلك فقد تفوتهم كثير من السنن مع أنها معروفة في السنة وفي الأحاديث الصحيحة، ومهجورة في واقع العالم الإسلامي، وهذا كثير وكثير جداً، وحسبنا الآن هذه الظاهرة المنتشرة في كل المساجد في كل بلاد الإسلام، لا أستثني منها حتى ولا المسجد الحرام ولا المسجد النبوي، فمسابقة المقتدين لإمامهم بالتأمين، هذه ظاهرة واضحة جداً، ومخالفة لقوله عليه السلام الذي ذكرناه آنفاً:(إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه).
ولذلك فقد أُلْقِي في نفسي حينما سمعت صوتين مختلفين بالتأمين خلف الإمام، صوتاً مخالفاً للحديث، وصوتاً مطابقاً للحديث، أُلقي في نفسي أنه لا بد من تذكير الإخوان الذين قلت عنهم -آنفاً- إنهم غرباء في هذا البلد، ولكنهم ليس غرباء فينا، فهم منا ونحن منهم، نحن جميعاً -إن شاء الله- على الكتاب والسنة، إلا أن المرء قوي بأخيه، والمؤمن مرآة المؤمن، فهو يساعده على أن يكتشف ما قد لا يرى من عيبه أو عيوبه، ولذلك أقول: ألقي في نفسي أنكم أنتم أولاً الذين قد تكونون قد اعتدتم هذه العادة الجارية في العالم الإسلامي أن تعودوا أنفسكم قبل أن تنبهوا غيركم على عدم مسابقة الإمام في هذا الأمر، كما أنتم معتادون في عدم مسابقة الإمام في غير هذا الأمر، وذلك يكون بلا شك بالانتباه لقراءة الإمام، ذلك لأن الأئمة تختلف طرائق قراءتهم للفاتحة، فمنهم من يقرؤها هَذّاً كهذّ الشعر، ومنهم من يقرؤها مُرتِّلاً لها كما قال الله:{أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] ومنهم بين ذلك.
ثم من بعض التفاصيل التي تدخل في هذا الإجمال: أن بعض الأئمة يطيلوا مد اللين في {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ومنهم من يطيل أربع حركات، ومنهم ست.
فإذاً: هذا يقتضي على المقتدين شيئاً مهماً جداً، ألا وهو: أن يكون لبُّهم وقلبُهم وعقلُهم مع قراءة الإمام، لعله يمد حركتين، لعله يمد ستاً، لعله يمد أربعاً، فإذا ما انتهى الإمام من قراءة {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] وسمعتم إسكانه للنون، هنا يجب أن تتصوروا، إن لم يتيسر لكم أن تسمعوا، وكثيراً ما لا يتيسر لكم أن تسمعوا جَهْرَ الإمام بآمين، لسبب أو آخر، فقد يكون الإمام من متعصبة بعض المذاهب الذين يخالفون السنة في تركهم الجهر بآمين، ويرون أن السنة الإسرار بها فلا تسمعوا والحالة هذه جهر الإمام بآمين، وحينئذ فيكفيكم أن تنتبهوا للملاحظة السابقة، إذا سمعتم إسكان الإمام لآمين، -حينئذ- خذوا نَفَساً في أنفسكم بمقدار ما يقول هو سراً آمين، ثم قولوا أنتم معه آمين، هذا إذا كان لا يجهر، أما إذا كان يجهر فالعذر في المخالفة أبعد؛ لأننا في هذه الحالة أول ما نسمع «آم» من الإمام نحن نمشي معه على أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الأفضل أن ننتظر فراغ الإمام من قوله آمين، بمعنى: حسب التفصيل السابق كما قلنا لا نشرع بآمين حتى نسمع جزم الإمام لنون «ولا الضالين» على القول الثاني في تفسير فقولوا آمين، أي: ما نشرع نحن المقتدون بآمين إلا إذا سمعنا إسكان الإمام لنون آمين، لا شك إنه هذا القول أحوط في البعد عن الوقوع في مسابقة الإمام وفي تحقيق الأمر الذي رتبه عليه السلام على قول الإمام:«إذا أمن فأمنوا» هذا أحوط.
لكن الظاهر والأرجح أننا ما ينبغي أن نتأخر هذا التأخُّر كله، وإنما المهم ألَاّ نسبق الإمام بأن نبدأ بآمين قبل أن يبدأ كما هو الواقع اليوم، فإذا تَمَرَّنا على هذا عملياً -حينئذ- ساغ لنا أن ننقل هذه السنة تبليغاً للحديث وتعليماً عملياً على هذا النحو الذي سمعتموه الآن، «إذا أمَّن الإمام فأَمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه» .
وليس يخفاكم في اعتقادي أن مخالفة الأمر النبوي هو معصية، لقوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
لكن كثيراً من الناس قد لا يهتمون بالمخالفة كاهتمامهم فيما إذا شعروا بأن هناك خسارة كبرى بالمخالفة وهي: أن يخسروا استحقاقهم لمغفرة الله تبارك وتعالى المترتبة على متابعة الإمام بآمين، (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
ومعنى هذا الحديث: أن الملائكة الذين يحضرون المساجد، ويحضرون الصلوات الخمس على نوبتين معروفتين هم ليسوا كالبشر المطبوعين، البشر المطبوعين على المعصية، فالملائكة ليسوا كذلك؛ لأن الله عز وجل وصفهم بقوله:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
بناءً على ذلك: هم لا يُسابقون الإمام، فهم لا يقولون آمين قبل تأمين الإمام، فحينئذ إذا قام، أو إذا فعل المقتدون فعل الملائكة، ووافق تأمينهم تأمين الملائكة، وهذا -بلا شك- أمر غيبي، نحن لا نحس به، ولا ندركه، لكن من إخبار الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث نعلم أن الملائكة يقولون بعد أن يشرع الإمام بآمين هم يقولون: فإذا نحن فعلنا فعلهم، ووافقناهم على تأمينهم، كان من ذلك أجرنا عند الله أن يغفر الله لنا ذنوبنا، وهذا مكسب عظيم جداً جداً، لو عاش كما أقول في هذه المناسبة وبغيرها، لو عاش المسلم عمر نوح عليه السلام، الذي هو أكثر من ألف سنة إلا خمسين عاماً، لو عاش عمر نوح الذي هو أكثر من ألف سنة إلا خمسين عاماً، فقط ليغفر الله له لكان هو الرابح، فما بالك أن هذه المغفرة إنما ينالها المسلم فقط بالإنتباه لقراءة الإمام ولمتابعته قوله «ولا الضالين» ، ثم ابتداء هذا الإمام بآمين، فيمشي هو معه بآمين لا يتقدمه ولا يتأخره، غفر الله له ما شاء الله، هذا مكسب عظيم جداً.
لذلك ليبلغ الشاهد الغائب تعوَّدوا معنا على تنفيذ هذا الأمر النبوي، ثم ليكن هَمُّكم فيما بعد أن تُبَلِّغوا ما وراءكم.
مداخلة: هذه أشياء مهمة جداً، وأنا أراها -صحيح- في كل بلاد المسلمين إنه نحن أحوج ما نكون للتعلم على الأشياء الصغيرة في ديننا، فالأشياء الصغيرة في
ديننا نحن نجهلها تماماً، حتى الناس المتعلمين منا، نرى الشيوخ عندنا في المساجد يقف الواحد يخطب خطبة كاملة عن مشكلة اقتصادية، أو مشكلة سياسية، أو مشكلة كذا، ولا نرى أن أحداً منهم يُعلِّم الناس كيف يتبرأ الإنسان من البول، هذه الأشياء المهمة جداً بالنسبة لنا.
الشيخ: على كل حال، يعني، الأمر كما تقول مع ملاحظة شيء وهو: أن هذه في الواقع قد تكون صغيرة بمعنى هيِّنة، ولكنها عند الله كبيرة، انظر الآن بمناسبة ما قلت قوله عليه السلام:(تَنَزَّهوا من البول فإن عامَّة عذاب القبر منه).
إذاً: «تنزهوا من البول» هذا شيء صغير رشاش من البول يصيب البدن أو الثياب، وهذا يقع فيه كثير من الناس، وخاصة الذين ابتُلُوا بلباس البنطلون، يا أبا عبد الله هذه مصيبة الدهر؛ لأنه هذا البنطلون لا يساعد على التَّنَزُّه من البول هذه حقيقة، ولذلك كما قال -أيضاً- في الحديث الآخر وهو أصح من الأول رواه البخاري ومسلم في صيحيحهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:(أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال: أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) هنا الشاهد (بلى إنه كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول) وفي رواية (لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يسعى بالنميمة) ثم أمر عليه الصلاة والسلام أن يُؤتى إليه بعذق من نخيل، فشقه شقين، ووضع على كل قبرٍ شقاً، فسألوه عن هذا فقال:(لعل الله أن يخفف عنهما ما داما رطبين).
وبالمناسبة -وهذا من الأشياء التي أنت يعني فتحت باب التأخر عن طعامك بسببها يعني الأشياء الّلي لازم الناس يتعلموها ويتعرفوا عليها- يظن كثير من الناس وقد تسمعون هذا الظن من بعض الخاصة من الناس، العادة الجاهلية اليوم وبخاصة في الأعياد، من وضع الأغصان الرطبة على القبور، زعماً منهم إن هذا ينفع الميت، هيهات هيهات لا ينفع الميت إلا ما قدم من عملٍ صالح، أو ما خلَّف مِن بعده من آثاره الصالحة، كما قال تعالى:{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]،
وشرح ذلك الرسول عليه السلام في قوله: (إذا مات الإنسان) وفي رواية: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فإذا مات الميت ما أحد يستطيع أن يفيده إطلاقاً، إلا عمله الصالح وإلا كما قلنا ما خلَّف من بعده من آثارٍ لعمل له صالح، كما تدل الآية والحديث، وإلا بإمكاننا أن نستثني استثناء آخر، ويجب أن يظل هذا قائماً في أذهاننا، وإلا دعاء يدعو به المسلم لمسلم ميت، فيستجيب الله لهذا الدعاء، فينتفع به ذلك الميت، ولكن هذا أمر غيبي لا يجوز لنا أن نتكل عليه، لا في حياتنا ولا بعد وفاتنا، بمعنى: أن نؤمل أننا إذا متنا أن يمر بنا رجل صالح فيدعو لنا فيغفر الله لنا هذا في عالم الغيب، ولذلك المثل يقول: عصفور في اليد ولا عشرة في الشجرة، فإذاً: {وَسَيَرَى اللَّهُ
عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 94 و 105]، فهذا الغصن الرطب الندي لا يفيد الميت إطلاقاً، أما ما فعله الرسول عليه السلام فهذه معجزة وكرامة من الله كما جاء في رواية في صحيح مسلم من حديث جابر أن الله عز وجل قبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في المقبور ما دام الغصن رطباً.
فإذاً: علة انتفاع الميت الذي وضع الرسول عليه الصلاة والسلام الغصن على قبره ليس هو الرطوبة والنداوة الموجودة بالغصن، وإنما العلة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا وقبل الله منه دعاءه بحق الميت، ولكن ليس إلى يوم يبعثون، وإنما ما دام الغصن رطباً فإذاً هذا هو معنى الحديث ونستفيد منه أن الشيء الذي لا يهتم به المسلم مثل استغابة أخيه المسلم في المجلس، أو عدم الاهتمام بالتنزه من رشاش البول فذلك من الأسباب الموجبة لعذاب القبر، ونسأل الله عز وجل أن يعيذنا وإياكم من عذاب القبر.
(الهدى والنور/331/ 39: 00: 00)
(الهدى والنور/331/ 03: 16: 00)