الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المغرب أو صلاة العشاء يقرأ القرآن كما أنزل وكما قال رب العالمين: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]. ويُسر المصلي بمثل هذه القراءة لأنها تجلب الخشوع إليه، بحيث لو كان من خلفه يريد أن يقرأ الفاتحة يتمكن من قراءة الفاتحة مرتين بدل المرة الواحدة لماذا؟ لأنه يتأنى في تلاوته ويرتلها ترتيلا، فإذا ما انتهى من الجهر وجاءت ركعة السر فهناك تراه قرأ الفاتحة بصورة سريعة جدًا، فتأتي هذه المشكلة حيث أن الذين يريدون أن يقرأوا الفاتحة خلفه لا يمكنهم أن يأتوا عليها بتمامها لأن هذا الإمام قد سارع في قراءة الفاتحة مسارعة غريبة وغريبة جدًا، ولذلك فأنا أنبه على هذا الخطأ لما ينتج منه من خطأ آخر سمعتم آنفا الكلام فيه، وأخشى ما أخشى أن من يفعل ذلك كأنه يضطر السامعين إلى اتهامه بشيء من الرياء، فهو إذا قرأ جهرًا يقرأ كما قال عليه السلام «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فهو إذا جهر بالقراءة تغنى بالقرآن في حدود قواعد علم التجويد، أما إذا قرأ القرآن سرًا فهو كما جاء في بعض الآثار يهذه هذًّا كهذ الشعر ويسارع فيه فتقع المشكلة السابقة، فأنا أُذكّر الأئمة بأن يراعوا هذه القضية فكما يقرأ هو القرآن في الجهرية ترتيلاً فعليه أيضًا أن يقرأ القرآن في السر ترتيلاً، كما أنه يقطع الفاتحة آية آية في الجهرية فكذلك عليه أن يقطعها آية آية في السرية، ولا يخالف بين قراءته في الجهرية وفي السرية وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
(فتاوى جدة-موقع أهل الحديث والأثر- 16)
من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة
مداخلة: هناك حديث: «من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة» ما مدى صحة هذا الحديث؟
الشيخ: أي نعم، هذا الحديث -بارك الله فيك- في نقدنا أولاً، وفي تعبير علماء الحديث ثانياً، صحيح لغيره.
ومعنى صحيح لغيره، أي: ليس له سند صحيح لذاته، ولكن له أسانيد كثيرة، هذه الأسانيد الكثيرة أعطت للحديث قوة.
وبشيء من التفصيل، الحديث مروي بسند صحيح عن عبد الله بن شداد -وهو تابعي-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» هذا صحيح مرسل، يعني لم يذكر الصحابي.
لكن في بعض الروايات ذكر بعضهم عن عبد الله بن شداد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
لكن هذا البعض فيه ضعف، فهو جاء موصولاً بسند ضعيف، وجاء مرسلاً بسند صحيح، ثم جاءت له طرق أخرى موصولة أيضاً، صحيح أنه فيها ضَعف، لكن هذه المجموعة من الأسانيد الضعيفة الموصولة تُعْطِي للإسناد المُرْسَل قوة، فيصبح الحديث صحيحاً لغيره، أي: صحيحاً بمجموع طرقه.
ولذلك فالحديث من جملة الأدلة التي تُسْقِط فرضية قراءة المقتدي وراء الإمام في الصلاة الجهرية؛ لأن «قراءة الإمام له قراءة» .
والاستنباط الفقهي والعلمي يساعد على تصحيح معنى هذا الحديث، لأنه يقول:«فقراءة الإمام له قراءة» .
معروف بالتجربة، أن المستمع للقرآن يتمكن من تدبره ومن الاستفادة من تلاوته، أكثر من التالي لنفسه بنفسه، ويدل على ذلك حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لعبد الله بن مسعود:«اقرأ عليّ قال: أأقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟ قال: اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري» .
لأن الإنسان يتفرغ للاستماع وللتدبر أكثر مما لو تولَّى القراءة بنفسه، لأنه أقل ما يقال: إنه يهتم بأداء الآية، أولاً: على الوجه الصحيح، بمقتضى أصول التلاوة الشرعية، وعندها تفوت آية أو يخطئ في تلاوتها، بينما هذا المستمع مستريح من هذا الجانب، ومُوَجِّه جهدَه كله أن يتدبر ما يسمع من التلاوة، فإذا كان الإمام يجهر بالقراءة وأنت تسمع، فقراءته لك قراءة، بل أحسن من قراءتك أنت لنفسك.