الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سترة الإمام سترة للمأموم وحكم المشي لطلبها
مداخلة: يا شيخنا بالنسبة لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: سترة الإمام هي للمأموم.
طيب. إذا انصرف الإمام من الصلاة هل تبقى قائمة السترة، أولا؟
ثانياً: إذا انصرف الإمام، هل يجوز له أن يتخذ سترة إذا كانت بعيدة عن سجوده مسافة عشرة أمتار أو ثلاثة عشر متراً، هل يسير
…
؟
الجواب: قبل ذلك لابد من التنبيه إلى أن: الجملة المأثورة باللفظ الذي جاء في سؤال السائل: «سترة الإمام سترة للمصلين» هذا جاء حديثاً نبوياً، ولكنه لا يصح من حيث إسناده، وإن كان صحيحاً متنه؛ لأن معنى المتن مما جرى عليه المسلمون الأولون، ثم مَن تلاهم.
بعد هذا التوضيح وهذا التحرير لهذه الجملة، أدخل الآن في صلب الإجابة فأقول: إذا كان المقتدي مسبوقاً بركعة أو أكثر، فلما سّلَّم الإمام، وقد كان هو فعلاً سترة له، قام هو ليتم وليقضي ما سُبق به من الركعات، فهنا نقول: لا يزال هو آخذ ذلك الحكم الذي يُعَبَّر عنه بأن «سترة الإمام سترة لمن خلفه» هذا فيما يتعلق به كمقتد.
ولكن لكي لا يتعرض أحد للمرور بين يديه من الغافلين، وخاصةً كما يقع في المسجد المكي ثم في المسجد المدني، فيحسن هنا اجتهاداً واستنباطاً وليس نصاً أن يتخذ السترة من جديد؛ لأن تلك السترة هي حُكْمِيَّة، وهي غير مرئية بالنسبة لمن قد يتعرضون لقطع صلاته، فمن أجل ألَّا يتعرض أحد لقطع صلاته، لابد من وضع واتخاذ سترة مادية، مشاهدة ملموسة، هنا لابد من التفصيل:
إذا كانت السترة بعيدة عنه على النحو الذي ذكر السائل -آنفاً- بحيث يتطلب منه العمل الكثير هنا نقول: اكتفِ بأن تُصَلِّي حيث أنت.
أما إذا كان بإمكانه أن يتخذ سترة من قريب، ولو سلك إليها بخطوات فلا بأس من ذلك، فهذا البحث كُلّه استنباط واجتهاد يقبل المناقشة، ويقبل المخالفة.
لكن الذي نراه هكذا بإيجاز: إذا كانت السترة بعيدة عنه، تتطلب منه مَشْياً كثيراً، فيصلي حيث هو، وإذا كان بإمكانه أن يتخذ سترة قريبة منه، فيمشي إليها بخطوات.
والفارق بين هذا وذاك، أي: بين هذا الذي نراه من الخطوات، وتلك التي نراها من الخطوات الكثيرة هو: أنه إذا واحد يمشي قيل: هذا لا يُصَلِّي، فإذا كانت خطوات كثيرة، يكون حكمه أنه لا ينبغي أن يفعل، وإذا كانت خطوات قليلة فليفعل ذلك في سبيل تحقيق تلك المصلحة، وهي دفع المفسدة التي قد يتعرض لها هذا المصلي، هذا جوابي عن هذا السؤال.
مداخلة: فهل تبطل الصلوات، خطوات كثيرة إذا مشى خطوات كثيرة؟
الشيخ: أنا قلت آنفاً: الخطوات الكثيرة، لماذا نحن أوصينا بتجنبها؟ لأنه عمل كثير، وقد اختلف العلماء اختلافاً كثيراً في العمل الذي يُبْطِل الصلاة، فمن قائل: بأنه ثلاث حركات تبطل الصلاة، ومن قائل: بأن ذلك لا يمكن تحديده بحركات، وإنما التحديد بنوعية العمل، فإذا كان العمل الذي يأتي به المصلي يَشْغَل الرائي والناظر إليه؛ لأنه ليس في صلاة، فهذا العمل هو الذي يبطل الصلاة، وما دون ذلك فلا.
أذكر أن بعضهم ضرب -مثلاً- طريفاً، وجميلاً ونادر الوقوع بالنسبة للمصلين، لكن المقصود فيه: تجلية مسألة العمل الكثير، قال: لو رئي أحد وهو يصلي ويخيط زر أو فتق في ثوب أو ما شابه ذلك، فالذي يراه ماذا يقول، فيه هو في صلاة؟ ما يقول في صلاة.
إذاً: هذا النوع من العمل يُبْطِل الصلاة، وأنا الآن أضرب مثالاً في صلب المثال السابق، وهي: الخطوات إذا رأينا إنساناً كان في صلاة، ومسبوقاً كما جاء في السؤال والجواب، يمشي المشية العسكرية أنا هكذا أمثل الآن، من يقول إن هذا يصلي؟ لا أحد.
إذاً: هذا عمل يبطل صلاته، ننزل قليلاً من هذه الصورة إلى صورة أبعد عنها، يمكن أن تكون من المتشابهات يعني: يمكن أن يقال عنها تبطل الصلاة، ويمكن أن يقال عنها لا تبطل الصلاة، يمشي هو ليس المشي عسكرياً نظامياً، لكن يمشي بسرعة، من الذي يقول إن هذا في صلاة، وهكذا تتعدد الأمثلة، وتعدد الصور حينما نأتي إلى صورة من المشي يخرج عن أن يقال فيه: إنه ليس في صلاة، فهنا يقال: بجواز هذا المشي في سبيل تحقيق تلك المصلحة التي أشرنا إليها، هذا تقريباً توضيح ما سألت عنه، لكن الآن يخطر في البال شيء، وهو:
أن المسلم يجب أن يكون ليس فقط فقيهاً، وهذا لابد منه، بل يجب أن يكون أيضاً: حكيماً في دعوته، وفي فقهه اقتداءً منه بنبيه صلوات الله وسلامه عليه، حيث قال لعائشة حينما أرادت أن تدخل الكعبة وأن تصلي فيها ركعتين اقتداءً بنبيها وبزوجها محمد صلى الله عليه وسلم فقال لها:«صَلِّي في الحجر فإنه من الكعبة، ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، ولجعلت لها بابين مع الأرض» ما هو بابين عاريين كما هو اليوم باب واحد عاري، لا يدخل إلى الكعبة منه إلا من لا يليق أن يدخل فيه، اليوم أقول، قال عليه السلام:«ولجعلت لها بابين مع الأرض باباً يدخلون منه، وباباً يخرجون منه» .
مداخلة: تنظيم سير؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: تنظيم سير.
الشيخ: نعم تنظيم سير -ما شاء الله- لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعل شيئاً من ذلك لماذا؟ خشي المفسدة التي قد تترتب من وراء هذا التجديد وهذا الإصلاح.
نحن الآن كدعاة لاتباع السلف الصالح الذين كانوا على الكتاب والسنة، نحن دعاة إصلاح، فينبغي أن نجمع في دعوتنا بين العلم والأسلوب الحسن في الدعوة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
هذه توطئة لأقول: إذا كان المسبوق في مسجد طرق أسماع أهله البدعة والسنة وقال عليه السلام وإلى آخره، وليسوا مذهبيين لا يعرفون هذه الحقائق النبوية، فتقدم ومشى مشياً طويلاً، لكن ليس ذاك المشي الأول أو الثاني أو الثالث الذي يُوهم الناس أن هذا لا يصلي، فليفعل، أما إذا كان في مسجد لا يعرفون شيئاً من السنة، يعرفون ثلاث خطوات تبطل الصلاة، بلا شك هو إذا مشى ثلاث خطوات سيثور الناس عليه، وستقع مشكلة كان هو في غنى عن إثارتها، فحينئذ لا يثيرها بهذا الإصلاح لصلاته اقتداءً بنبيه صلى الله عليه وسلم في تركه للكعبة على بنيان الجاهلية، خشية أن يقع هناك مفسدة في قومه، «يا عائشة، لولا أن قومك حديثوا عهد بالشرك لهدمت الكعبة، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام» .
مداخلة: قال: هذا مَثَل يا شيخ، إنه إذا مشى المصلي لا تبطل صلاته، ولكن يبطل؟
الشيخ: لا نطرق هذا الكلام.
مداخلة: لا، مع تفسيرات ....
الشيخ: ما عليك أيّ يقيدها، إذاً: لا نطلق هذا الكلام بالقيد السابق نعم لا يفسد الصلاة.
(الهدى والنور /208/ 30: 30: 00)
(الهدى والنور /208/ 01: 31: 00)