الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم. وإني كلما أسير في شعب الاختلاف؛ أجد قول المحدثين فيه قريباً من الإنصاف، فلله درهم وعليه شكرهم كيف لا، وهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم حقاً، ونُوَّابُ شرعه صدقاً، حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم». اهـ.
[أصل صفة الصلاة (1/ 349)]
وُجُوبُ قراءةِ الفاتحة في السِّرِّيَّةِ بدون تشويش على الإمام
وأما في السرية؛ فقد أقرهم على القراءة فيها، فقال جابر:«كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: «فاتحة الكتاب» وسورة، وفي الأخريين بـ:«فاتحة الكتاب» .
وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين صلى الظهر بأصحابه؛ فقال:«أيُّكم قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}؟ » .
فقال رجل: أنا، [ولم أُرِدْ بها إلا الخير]. فقال صلى الله عليه وسلم:«قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها» .
وفي حديث آخر: «كانوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، [فيجهرون به]، فقال: «خلطتم عليَّ القرآن» ».
قوله - في حديث عمران -: «خالجنيها» ؛ أي: نازَعَنِيها. وأصل «الخَلْج» : الجذب والنزع - كما في «النهاية» -.
وقال الخطابي: «وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة، حتى تداخلت القراءتان وتجاذَبَتا» .
وقال النووي في «شرح مسلم» : «ومعنى هذا الكلام: الإنكار عليه في جهره، أو رفع صوته، بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة؛ بل فيه أنهم كانوا يقرؤون
بالسورة في الصلاة السرية، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم.
وهكذا الحكم عندنا، ولنا وجه شاذ ضعيف: أنه لا يقرأ المأموم السورة في السرية، كما لا يقرؤها في الجهرية، وهذا غلط؛ لأنه في الجهرية يؤمر بالإنصات، وهنا لا يسمع؛ فلا معنى لسكوته من غير استماع، ولو كان في الجهرية بعيداً عن الإمام لا يسمع قراءته؛ فالأصح أنه يقرأ السورة؛ لما ذكرناه». اهـ.
فثبت من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أقرهم على القراءة في هذه الصلاة، وهي سرية؛ فدلَّ على استحباب القراءة في السرية وراء الإمام. وفيها من الفضل قوله صلى الله عليه وسلم:«من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: «الم» حرف، ولكن «ألف» حرف، و «لام» حرف، و «ميم» حرف».
أخرجه الترمذي «2/ 149 - 150» من طريق أيوب بن موسى قال: سمعت محمد بن كعب القُرَظي قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول:
…
فذكره مرفوعاً. وقال: «حسن صحيح» .
قلت: وهو على شرط مسلم. ثم قال: «ويروى من غير هذا الوجه عن ابن مسعود. ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود؛ رفعه بعضهم، ووقفه بعضهم» .
قلت: رواه من هذا الوجه الدارمي «2/ 429» من طريق سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص به موقوفاً.
وإسناده صحيح أيضاً، ولا يضر كونه موقوفاً؛ لأنه من طريق غير الطريق الأول، بل
هو قوة له - كما لا يخفى -. «وهو مخرج في «الصحيحة» «660» ».
وهو نص عام يشمل القراءة في الصلاة وخارجها، وشموله لها من باب أولى.
فليس من المعقول إذن أن تتسنى للمصلي فرصة ينال فيها هذا الفضل العظيم، ثم
يضيعها، ويشغل باله بالتفكير بأمور لا تليق بالصلاة وجلالها.
«وأما حديث: «من قرأ خلف الإمام؛ مُلئَ فوه ناراً» فموضوع، وبيانه في