الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم متابعة الإمام الذي يقنت في الفجر في قنوته
السائل: شيخ، عندنا فيه إمام المسجد يقنت في أكثر صلاة الفجر ليس في كلها، هل نقنت معه؟
الشيخ: ينبغي البحث معه ليبين له أن هذه القنوت لا أصل له في السنة فإذا اقتنع ورجع يصلي بالناس فلا يتابع، أما إذا لم يقتنع فيتابع.
(فتاوى جدة-موقع أهل الحديث والأثر- شريط 4)
الصفة الصحيحة لمتابعة الإمام في التسليم
الشيخ: [هنا تنبيه] يتعلق بالسلام، المعروف في هذه البلاد أن المقتدين بالإمام لا يباشرون الخروج من الصلاة بالسلام إلا بعد أن ينتهي الإمام من التسليمة الثانية، وهذا يبدو لي أنه خلاف السنة، وأقول يبدو لأني أعني ما أقول؛ ذلك لأن السنة أحياناً تكون منصوصاً عليها، بحيث يشترك في معرفتها العامة مع الخاصة، وهناك أمور أخرى لا اشتراك فيها أو في معرفتها بين العامة والخاصة، وإنما هي خاصة بالخاصة، ومسألتنا هذه من هذا القبيل، ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين، يمنة ويسرة، ولكن ثبت أيضاً بأنه في بعض الأحيان كان يقتصر على تسليمة واحدة، ومن عرف هذه السنة والتي قبلها يتفتق في ذهنه حكم شرعي لا نص عليه، ومع ذلك نقول السنة هكذا استنباطاً واقتباساً وليس نصاً.
هذا الحكم ما هو؟ متى يخرج المصلي سواءً كان إماماً أو مقتدياً من الصلاة، أبالتسليمة الأولى والأخرى معاً، أم يخرج بالتسليمة الأولى من الصلاة، بحيث أنه إذا لم يسلم التسليمة الأخرى يكون قد انتهى من الصلاة، وتكون صلاته صحيحة، ويكون في الوقت نفسه قد طبَّق حديث نبيه صلى الله عليه وسلم في الصلاة حين قال:«تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» ، تحليلها التسليم، هل التسليم هنا التسليم مرتين أم
التسليم مرة واحدة؟
الجواب على التفصيل السابق وهو أنه عليه السلام كان تارةً يسلم تسليمتين، وتارة كان يُسلِّم تسليمة واحدة، فإذا المصلي قال: السلام عليكم، كيف حالك صحت صلاته والَّا لا؟ صحت صلاته؛ لماذا؛ لأنه خرج من الصلاة بالسلام.
أما لو لم يكن لدينا الحديث الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقتصر أحياناً على التسليمة الواحدة حينئذٍ ينعكس الحكم الشرعي السابق: السلام عليكم، كيف حالك، بطلت صلاتك؛ لأنك ما خرجت بعد من الصلاة، أما وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمة واحدة، فأنت الآن خرجت من الصلاة، وانتهت الصلاة بتحريمها وتحليلها.
إذا كان الأمر كذلك وابتليتم يوماً ما بإمام مثلي لا أقول يفجؤكم قد يفجؤكم بقوله: السلام عليكم، وبيسكت، شو بتسووا أنتو؟ تنتظروا التسليمة الثانية لمَ؟ هكذا اعتدتم، والآن شاهدنا هذا فيمن كان يبلغكم انتقالاتي وتكبيري وتسليمي، حيث أنه لم يقل هو بدوره السلام عليكم يمنة ويسرة إلا بعد ما أنا سلمت التسليمة الثانية فهو ذكرني بهذا الواقع، فوجب علي أن أنبهكم عن هذا الواقع أنه خلاف السنة، فلا تنتظروا الإمام حتى يشرع في التسليمة الثانية وينتهي منها فتبدؤون أنتم، لا؛ إذا قال: السلام عليكم فقولوا: السلام عليكم، ثم إذا ثنى فثنوا أنتم بعده معه، ومما يؤكد لكم هذا المبدأ العام الذي أسسه وقعده عليه الصلاة والسلام بقوله:«إنما جعل الإمام ليؤتم به» .
ثم فَصَّل، ثم فَصَّل لنا تفصيلاً فقال:«فإذا كبر فكبروا، وإذا ركعوا فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين» .
الشاهد من هذا الحديث فيما يتعلق بمسألتنا هذه هو: إذا كبر فكبروا، نعود فإذا سلم فانتظروا أم فسلموا إذاً فسلموا، فنحن نفهم لغة أن إماماً حينما قال: السلام
عليكم، وأراد أحد العرب الأقحاح الذين لم تدخلهم العجمة بعد أن يعبر عن هذا الذي سمعه، هل يقول: سلم الإمام، ولا ينتظر انتظاركم التسليمة الثانية، يقول: سلم الإمام.
إذاً: على وِزَان قوله عليه السلام: «إذا كبر فكبروا» ، على ذلك نقول: وإذا سلم فسلموا، فإذا سلم التسليمة الأولى فسلموا، وإذا سلم التسليمة الثانية فسلموا، وإذا لم يسلم فلا تسلموا؛ لأنه هذا هو معنى الاقتداء بالحديث السابق:«إنما جعل الإمام ليؤتم به» ، ومعذرة، يعني وآسف أن أقول لعدم تيسر لي مثل هذا اللقاء يبدو لي خواطر أستوحيها من هذا الواقع، والكلام بيجر كلام والكلام ذو شجون.
قوله عليه السلام في الحديث: «فإذا كبر وكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمد، فقولوا: ربنا ولك الحمد» ، الآن بعض الناس يطبقون هذا الحديث حرفياً، إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده يقولون هم: ربنا ولك الحمد، هل هذا صواب؟ نقول: ليس صواباً، بل هو خطأ وهذا يساوي مسألة أخرى جاء الحديث الصحيح كهذا فيها، وهو قوله عليه السلام:«وإذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين» .
بعض علماء المذهب المالكي لا يرون من السنة تأمين الإمام، اعتماداً منهم على هذا الحديث الأخير:«إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قال: «فقولوا: آمين» ، ما قال: وقال الإمام آمين فقولوا آمين، فأخذوا من هذا الحديث أن الإمام لا يؤمن.
هذا الحديث يشبه ذاك، ولا يجوز الاعتماد على حديث واحد في مسألة واحدة، وإنما يجب جمع أطراف الأحاديث تماماً كما فعلنا فيما يتعلق بمسألة الأيمن فالأيمن، كيف أنه لما وقفنا على زيادة استسقى، غير الموضوع رأساً على عقب، كذلك في هاتين المسألتين: وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد.
هل معنى هذا الحديث أن المقتدي لا يقول: سمع الله لمن حمده؟ الجواب: لا،
وبلى، كيف؟ ! نقول: لو أنه لم يَرِد في هذه المسألة سوى هذا الحديث قلنا: نعم هذا هو المعنى، أي: إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فالمقتدون يقولون: آمين، ولكن قد جاء حديث آخر بَيَّن أن هناك تأميناً بالنسبة للإمام أيضاً وليس فقط بالنسبة للمقتدين، ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام الصريح الذي لا يحتاج إلى بيان أو توضيح:«إذا أمن الإمام فأمنوا» .
إذا: أمَّن الإمام فأمِّنوا، إذاً في تأمين للإمام، فماذا نفعل بالحديث الأول:«وإذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين» ، نضم إليه الحديث الثاني، ونخرج بنتيجة إيجابية بحيث أنه لو أردنا أن نجمع بين الحديثين نقول في الحديث الأول: وإذا قرأ الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، وقال: آمين؛ فقولوا: آمين، هاه هالزيادة من أين أتينا بها؟ مو من كيسنا، لا من جيبتنا، وإنما من حديث نبينا الثاني:«إذا أمن الإمام فأمنوا» .
إذاً: الإمام يؤمن، وهكذا مسألة: سمع الله لمن حمده، قال في الحديث:«وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» ، هذا ظاهره أنه لا يقول المقتدي: سمع الله لمن حمده، ولكن السنة العملية تدل بالإضافة إلى هذه السنة قوله عليه الصلاة والسلام: كمبدأ عام وقاعدة عامة: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
إذا: كان الأمر كذلك فكيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، كان يجمع كما تعلمون بين التسميع والتحميد، هذه واحدة، وكان حينما يجمع بينهما يؤمهم، وما تعلموا صفة صلاته صلى الله عليه وسلم إلا من إمامته بهم، فقال لهم:«صلوا كما رأيتموني أصلي» .
تُرى: «صلوا كما رأيتموني أصلي» هل نفهمه كما رأيتموني أصلي إماماً، فإذا صليت إماماً فصلوا كما رأيتموني، أما إذا كنتم أفراداً أو كنتم مقتدين فلا تصلوا صلاتي، ما أحد يفهم هذا الكلام، إذا كان الأمر كذلك، فحينئذٍ نقول: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، يجمع بينهما فعلى كل مصلٍ أن يجمع بينهما، كما جمعنا بين التأمين مع الإمام؛ للحديث الثاني، كذلك نجمع