الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشرع للإمام أن تُعلن قراءته وصلاته بمكبر الصوت
؟
مداخلة: نسمعكم في بعض الأشرطة المسجلة لكم بجدة أنه لا يجوز للإمام المسلم أن يقرأ
…
في الميكرفون في الصلاة الجهرية، ما الدليل؟
الشيخ: أنا لم أقل هكذا! كلامي فيه دقة، قلت شيئين اثنين: لا يجوز إعلان الإقامة بالمذياع بحيث يسمع خارج المسجد؛ لأن الإقامة إعلان لأهل المسجد، كذلك لا يجوز إذاعة قراءة الإمام بمكبر الصوت إلى خارج المسجد؛ لأنه هناك أدب ذكرناه في بعض مجالسنا اليوم مأخوذ من قوله تبارك وتعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] فمفاجأة الناس الذين ليسوا في صلاة .. ليسوا في المسجد وهم في أعمالهم، وهم في دورهم وبيوتهم بقراءة القرآن جهراً خارج المسجد فيه إيقاع للناس في الحرج فهم بين أحد أمرين:
إما أن يعطلوا أعمالهم لأجل أن يتفرغوا لتحقيق الآية السابقة: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} [الأعراف: 204] وإما أن يعرضوا عن تطبيق هذا الأمر الإلهي ويكون السبب في ذلك هو هذه الإذاعة التي خرجت عن حدود الواجب، فالواجب هو تسميع المصلين في المسجد أما خارج المسجد فليس مكلفاً الإمام أن يسمعهم سواء كان هذا الإسماع في الصلوات الخمس أو يوم الجمعة، أما لو كان هناك درس ووعظ وليس فيه تلاوة القرآن إلا نادراً جداً فلا بأس من ذلك.
فإذاً: قول السائل أنني قلت: لا يجوز أن يستعمل مكبر الصوت في قراءة القرآن ليس على إطلاقه .. يستعمله بحسب الحاجة، وقد قلت يومئذٍ: لأنه في الأذان يستعمل مكبر الصوت وليسمع من بعد جداً جداً عن المسجد فهذا لا ضرر فيه، أما القرآن الذي يجب أن يتأدب معه وأن ينصت وأن يسكت فهذا ينبغي أن يكون في حدود الموجودين في المسجد.
مثلاً: هذا المسجد الذي صلينا فيه اليوم كان فيه صفين أو ثلاثة لا أدري، فما الداعي إلى أن
…
صوت المؤذن يشمل المسجد كله ويشمل [المنطقة] المحيطة بالمسجد.
مداخلة: القارئ وليس المؤذن.
الشيخ: نعم، القارئ أو المقيم، لا ينبغي رفع الصوت بالقرآن في المسجد بحيث يخرج عن دائرة المسجد لما فيه من الحرج بالنسبة للسامعين للأذان، كذلك الإقامة لا ضرورة أبداً إلى تسميع من كان [خارج] المسجد؛ ولذلك نجد في حديث أصل تشريع الأذان في قصة الرؤيا التي لا بد أنكم سمعتموها أو قرأتموها أن المسلمين في أول الأمر لم يكن يومئذٍ الأذان مشروعاً وإنما كان ينبه بعضهم بعضاً لكلمة الصلاة أو حضرت الصلاة أو نحو ذلك كما يفعل بعض المسلمين حتى اليوم وبعد شرعية الأذان بهذه السنين الطويلة.
فجمع الرسول عليه السلام ناساً من أصحابه اختارهم ليتشاور معهم بوسيلة يتخذونها لإعلان الناس بحضور وقت الصلاة فاختلفت الآراء في ذلك فما بين قائل باتخاذ نار عظيمة تلفت أنظار الناس ينتبهون بها لحضور وقت الصلاة فأبى ذلك عليه السلام وقال: «هذا شعار المجوس، وقال آخر: نضرب عليه بالبوق، قال: هذا شعار اليهود، قال ثالث: نضرب عليه بالناقوس، قال: هذا شعار النصارى» وانفض المجلس وبعد لم يتخذوا رأياً، أحدهم رأى في المنام كأنه يمشي في بعض طرق المدينة فرأى رجلاً في يده ناقوس، قال له: أتبيعني هذا الناقوس يا عبد الله؟ قال: لم؟ قال: لنضرب عليه في أوقات الصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقام على جذم جدر .. أي: هناك كان جدار انهدم وبقي له أصل؛ لأن
…
الجدار لما ينهدم يبقى له أصل مرتفع عن الأرض بعض الشيء، فقام هذا الشخص على هذا الجذم، أي: الأصل من الجدار ووضع أصبعيه في أذنيه فأذن هذا الأذان المعروف حتى اليوم والحمد لله: الله أكبر الله أكبر، إلى أن قال: لا إله إلا الله، نزل من الجدر إلى الأرض وأقام الصلاة، فنجد هنا فرقاً بين الأذان وبين الإقامة في أصل هذا الحديث الذي فيه شرعية الأذان والإقامة لأول الأمر، فالإقامة كما هو معلوم من كتب الحديث والفقه لأعلام أهل المسجد بأن الصلاة قد أقيمت،
أما الأذان لإعلام من كان خارج المسجد وأن الصلاة قد حضر وقتها فتهيئوا لها: حي على الصلاة حي على الصلاة، لا يقول المؤذن هناك: قد قامت الصلاة وإنما يقول ذلك في المسجد؛ لأن المخاطب الإقامة إنما هم أهل المسجد.
فإذاً: ينبغي استعمال مكبر الصوت بحكمة وهي في الواقع نعمة خلقها الله عز وجل في هذا العصر الحاضر كما خلق لنا هذه الوسائل التي تيسر تسهيل العلم ونقله بأدنى جهد ووسيلة، كذلك المذياع هذا ومكبر الصوت هو نعمة ولكن يجب أن يوضع كل شيء في محله فالأذان يذاع والإقامة لا تذاع إلا في المسجد، وقراءة القرآن أيضاً للإمام في المسجد وليس لخارج المسجد.
مداخلة: يا شيخ أنت واجهت نفس المشكلة عندما صلينا العشاء جمع تقديم بعد المغرب، كان الإمام يصلي المغرب وكان صوته يلبس علينا وعليك كإمام أنت في الصلاة، تذكرون؟
الشيخ: لا ما أذكر.
مداخلة: عندما صلينا العشاء .. كان الإمام يقرأ المغرب، ونحن نصلي العشاء جمع ..
الشيخ: نعم، صحيح، وهذا مما يؤكد أن هذه الإذاعة تشوش أيضاً على أهل البيوت الذين هم يكونون إما من النساء الآتي لا يجب عليهن أن يحضرن المسجد أو من كان مثلنا كما يذكرنا الأخ جمال هنا من المسافرين لا يجب عليهم أن يحضروا المسجد لكن يجب عليهم أن يصلوا جماعة .. هؤلاء القوم المسافرين يجب عليهم أن يصلوا جماعة لكن ليس جماعة المسجد، فإن حضروا جماعة المسجد فكالمسافرين الذين يصلون الجمعة، أو إذا صلوا الجمعة وهي غير واجبة عليهم فقد سقطت عنهم فريضة الظهر، وإن لم يصلوها فعليهم أن يصلوها جماعةً في رحالهم .. في منزلهم .. في أي مكان آخر أدركتهم الصلاة.
فإذاً: هذا مثال آخر يذكرنا به آنفاً ليكشف لكم ويؤكد لكم ضرر إذاعة قراءة الإمام في الصلاة إلى خارج المسجد، نعم.
(رحلة النور: 07 أ/00: 35: 10)