الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما يجوز للمعتكف: ]
ثم شرع في الكلام على مسائل جائزة، فقال: وجاز له إقراء قرآن، أي: تعليمه، وأما تعلم القارئ القراءة فالظاهر أنه من تعلم العلم.
وجاز سلامه على من بقربه من مريض أو صحيح، وتطييبه بأنواع الطيب على المشهور، وللمرأة الحلي.
وجاز له أن ينكح بفتح الياء، أي: يتزوج، وأن ينكح بضمها، أي: يزوج غيره بولايته عليه، بأن يغشاه ذلك بمجلسه؛ إذ ليس فيه غير الإيجاب والقبول.
وجاز أخذه إذا خرج لكغسل جمعة أو جنابة أو عيد، قال في المجموعة: أو لحر أصابه؛ لأنه من باب دفع الحاجة ورفع المضرة، وما لا بد منه ظفرًا وشاربًا أو نتف إبط أو حلق عانة.
وفهم من قوله: (خرج) أنه لا يفعل ذلك في المسجد، وهو كذلك، وإن جمعه في ثوبه وألقاه خارجه؛ لإهانة المسجد، ومثله السواك داخله، ولا يعلم من كلامه عين الحكم وهو الكراهة.
وجاز انتظار غسل ثوبه إذا أجنب فيه مثلًا، وخرج لغسله، أو تجفيفه، أي: انتظار تجفيفه، إذا لم يكن له غيره، ولا وجد من يستنيبه في ذلك، قاله سند؛ لأنه إذا تعذر ذلك صار من الأمور الضرورية لقضاء الحاجة.
ويدل على أن هذا مراد المصنف قوله: وندب إعداد ثوب، كالمرضع يستحب لها إعداده، وعلى هذا فقول الشارح: (الذي في المدونة لا ينتظره،
= وقال ابن نافع عن مالك رضي اللَّه تعالى عنهما: إن أخرجه قاض لخصومة أو غيرها كارهًا فأحب إلى أن يبتدئ اعتكافه وإن بنى أجزأه. انتهى.
طفى: ظاهر إطلاقها ألد باعتكافه أو لا.
وقال القلشاني في شرح الرسالة: إن أخرج كرهًا، وكان اعتكافه هربًا من الحق فخروجه يبطل اعتكافه اتفاقًا. ونحوه في الجواهر فيقيد كلامها بهذا".
ولعله معطوف على ما تقدم من المكروه) غير ظاهر، ولم يقف البساطي على كلام سند، فتبع الشارح، ولكنه أجاب بنحو كلام سند، فقال: لعل كلامه محمول على ثوب مستغنى عنه.
وندب مكثه في معتكفه ليلة العيد، إذا اتصل اعتكافه به، فيمضي من مصلاه لبيته، لفعله عليه الصلاة والسلام، وهو قول ابن عبد السلام.
وندب لمن نذر الاعتكاف دخوله معتكفه قبل الغروب من الليلة التي يريد اعتكاف يومها، وصح إن دخل قبل الفجر على الأصح؛ بناءً على أن أقله يوم، وشهره ابن الحاجب (1).
وندب اعتكاف عشرة، يحتمل فما فوقها، كقول أبي محمد، وأقل ما هو أحب إلينا من الاعتكاف عشرة أيام، وأما أكثره فلا حد له كالصوم،
(1) قال في المنح (2/ 179): " (وصح) الاعتكاف (إن دخل) المعتكف المسجد (قبل الفجر) من الليلة التي ابتدأ اعتكافه منها سواء كان اعتكافه منويًا أو منذورًا مع مخالفة المندوب في الأول والواجب في الثاني.
ابن الحاجب من دخل قبل الغروب اعتد بيومه وبعد الفجر لا يعتد به وفيما بينهما قولان: التوضيح اختلف إذا دخل بينهما والمشهور الاعتداد.
وقال سحنون: لا يعتد، وحمل قوله سحنون على التطوع والمشهور على المنذور.
ابن رشد الظاهر أنه خلاف ابن هارون ظاهر كلامه أن الخلاف فيمن دخل عقب غروب الشمس، وظاهر الرواية أنه لا يدخله وإنما محله فيمن دخل قبل الفجر انتهى.
وفي كلام ابن رشد عكس الحمل الذي في التوضيح كما نقله ابن عرفة ونصه ابن رشد، وحمل قولي سحنون والمدونة على الخلاف أظهر من حمل بعضهم الأول على النذر والثاني على النفل. انتهى.
فما في التوضيح سبق قلم وتبعه عليه ابن فرحون قاله طفى، فالصواب إبقاء كلام المصنف على إطلاقه لاستظهار ابن رشد أن بين القولين خلافًا.
وقول التوضيح المشهور الاعتداد وعزاه ابن عرفة للمعونة، ورواية المبسوط وهو على أصلهم أن من نذر اعتكاف يوم لا يلزمه ليلة لكنه خلاف ما قدمه المصنف من لزومها وهو مذهب المدونة، وعليه من الدخول قبل الغرب كما صرحت به وإلا لم يصح.
ودرج هنا على الصحة لقول التوضيح تبعًا لابن عبد السلام هو المشهور؛ لأن إعادته اتباع المشهور حيث وجده ولم يتنبه إلى أنه خلاف ما قدمه الذي هو مذهب المدونة قاله طفى".
ويحتمل لا أزيد منها، كقول ابن الحاجب: وأكمله عشرة، أي: فأكثر منها غير أكمل.
وندب الاعتكاف بآخر المسجد، وهو عجزه بسكون الجيم (1)، لا برحبته؛ لأنها دونه في الفضل.
وقيل: هما سواء.
وندب كونه برمضان لفضله على غيره، وبالعشر الأخير منه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام اعتكفه، وعلل ذلك بقوله: لليلة القدر -أي: لطلبها- الغالبة به، لوجودها فيه؛ لخبر:"التمسوها في العشر الأواخر"(2).
ولما اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأول منه أتاه جبريل، فقال: إن الذي تريد أو تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فأتاه وقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأواخر (3).
(1) قال الأجهوري: "ثم إن (تت) ضبط قوله عجز المسجد يكون الجيم ولعله اعتمد في ذلك على ضبط بالقلم وقع في نسخة الصحاح التي وقف عليها، والذي رأيته في المصباح مضبوطًا بخط من له يد في اللغة ضبطه بالقلم بضم الجيم ولم يتعرض في المصباح لضبط الجيم بالتصريح إلا في عجز الرجل والمرأة؛ فإنه جوز في كل منهما سكون الجيم وضمها مع فتح الأول ومع ضم الأول أيضًا ثم رأيت في القاموس ما فيه رد ما ذكره (تت) وضبط بعضهم له بضم الجيم ونصه العجز مثلثة وكندس وكنف مؤخر الشيء ويؤنث، إلى أن قال: والعجز بالضم الضعف والفعل كضرب وسمع فهو عاجز. انتهى".
(2)
رواه من حديث أبي سعيد مالك (1/ 319، رقم 692)، والطيالسي (ص 291، رقم 2187)، وابن أبي شيبة (2/ 326، رقم 9539)، وأحمد (3/ 86، رقم 11834)، والبخاري (2/ 709، رقم 1912)، ومسلم (2/ 826، رقم 1167)، والنسائي في الكبرى (2/ 269، رقم 3387)، وابن ماجه (1/ 561، رقم 1766)، والبيهقي (4/ 319، رقم 8372).
ومن حديث عبد اللَّه بن أنيس، رواه أحمد (3/ 495، رقم 16088)، ومسلم (2/ 827، رقم 1168).
(3)
رواه البخاري (1/ 280، رقم 780).