الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألة: ]
وإن قدم الساعي على رب الماشية وسأله عن عددها، فأخبره بعدد، ثم عدها الساعي فنقصت عنه بذبح لم يقصد به الفرار أو بموت، قاله ابن عبد السلام، أو زادت عنه بولادة فالموجود هو المعتبر، إن لم يصدق بكسر الدال، أو صدق ونقصت عما أخبر، فالموجود أيضًا هو المعتبر على المشهور؛ لأن تصديقه لا يوجب عليه زكاة ما أخبر به، بدليل جواز عدها عليه بعد.
[مسألة: ]
وفي كون المعتبر في الزائد على القدر الناقص ما أخبره ربها وصدقه؛ إذ تصديق الساعي له كالحكم، أو المعتبر الزائد غيره، ولا عبرة بتصديقه؛ إذ ليس بتصديق كما في التي قبلها تردد، أشار به لطريقين ذكرهما ابن بشير:
الطريق الأول: المعتبر ما صدقه فيه.
والطريق الثاني، فيه قولان:
الأول؛ كالطريق الأول.
والثاني: اعتبار الزائد.
[مانعي الزكاة: ]
وأخذ الخوارج على الإمام بعد أعوام بالماضي -أي: بزكاته- من وقت خروجهم، إلا أن يزعموا الأداء فيصدقوا.
ظاهره: ولو في عام أخذهم بعد حولها، وهو كذلك، حكاه ابن عبدوس (1) عن أشهب.
(1) هو: محمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه، ابن عبدوس، (202 - 260 هـ = 817 - 874 م): فقيه زاهد، من أكابر التابعين. من أهل القيروان، له "مجموعة" في الفقه والحديث. ينظر: الأعلام (5/ 294).
عياض: وبه فسر الأكثر المدونة.
ولأشهب: لا يصدقون في أدائها عام أخذهم، قاله فضل، وحملها عليه (1).
(1) وذلك إذا كان الإمام عدلًا، وإلا فقد قال في المنتقى: " (مسألة): وأما الأموال الظاهرة وهي الماشية والثمار والزرع فإنه إن كان الإمام جائرًا وأمكنه أخفاؤها ووضعها في مواضعها أجزأه ذلك فإن لم يمكنه إخفاؤها وأداها إليه فإنها تجزئه سواء وضعها الإمام موضعها أو غير موضعها؛ لأنه لا يجوز له مجاهرة الإمام بالمخالفة؛ لأنه من باب شق العصا والخروج عليهم وذلك ممنوع فإذا وجب عليه دفعها إليه وجب أن يجزئه.
(مسألة): وإن كان الإمام عدلًا وجب دفعها إليه ولم يجزه إخراجها دونه وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وله قول آخر أن ذلك يجزئه والدليل على صحة ما نقوله قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، وهذا أمر بأخذ الصدقة والأمر يقتضي الوجوب ومن جهة السنة ما روى ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن:"إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، فإن أطاعوك بذلك فأعلمهم أن اللَّه قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن اللَّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم"، ودليلنا من جهة القياس أن هذا مال للإمام فيه حق الولاية فوجب دفعه إليه أصله دفع مال اليتيم إلى الوصي.
(فصل): وقوله: وإن قال لا أسلم إليه عطاء ولم يأخذ منه شيئًا يقتضي تصديق الناس في الأموال الباطنة وهي التي سأل الإمام عنها أربابها إذا كان عدلًا قال مالك وابن القاسم في الموازية ويقبل الإمام العدل قول الرجل الصالح قد أخرجتها.
(مسألة): والناس في ذلك على ثلاثة أضرب: ضرب يعرف بالخير والمبادرة إلى أداء الزكاة فهذا يقبل قوله على ما تقدم، وضرب يعرف بمنعها، ففي المجموعة عن مالك إذا علم الإمام أنه لا يزكي فليأخذه بالزكاة، فإن ظهر له مال أخذ الزكاة منه وأداها عنه خلافًا لأبي حنيفة في قوله: يلجئه إلى الأداء ويحبسه ولا يأخذها منه والدليل على ما يقوله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم"، ومن جهة المعنى أنه حق من حقوق المال المحض تصح النيابة فيه مع العجز والقدرة فوجب أن يؤخذ جبرًا عند الامتناع كديون الناس فيه.
(فرع): وتقوم في ذلك نية الإمام مقام نية من أخذت منه خلافًا لمن قال: لا تجزئه، والدليل على ما نقوله أن هذه زكاة فجاز أن تنوب فيها نية من يتولى إخراجها عن نية من يخرج منه كالأب في مال ابنه الصغير والكبير المجنون. =