الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شروط الخلطة: ]
وللخلط شروط أشار لأحدها بقوله: إن نويت من كلٍّ، لأنه أمر جعله الشارع مغيرًا للحكم، فلا بد في النقل إلى حكم آخر من النية.
ولثانيها بقوله: وكل حر مسلم، فلو فقدت الحرية والإسلام من أحدهما فلا عبرة بخلطتهما على المشهور، ويزكي محصل الشرط كالانفراد.
ولثالثها بقوله: ملك كل نصابًا؛ فلا عبرة بخلطة مالك دونه كأربعين لكل شاة، فلا زكاة، أو كانت لاثنين كذلك (1).
= الافتراق؛ لأنه الذي قد وجب فيها ولزمها فلا يجوز لهم تغيير حكمها وإسقاط ما وجب فيها، والأصل في ذلك حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي كتب فريضة النبي صلى الله عليه وسلم في صدقة الماشية، وفيه:"لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" وحديث عمر المتقدم في ذلك.
(فرع): وهذا إذا تيقن ذلك ولكن خاف الساعي أن يكون قصد ذلك أو يكون ستر عنه بعض ماشيته لينقص عن النصاب فوجب أن يحمل الأمر على الظاهر من المصدق؛ لأن قوله: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، يقتضي أنه لم يتناول نهيه ما كان من ذلك على غير خشية الصدقة فلا ينتقل إلى خلاف ذلك إلا بأمارة تقوى بها التهمة.
(فرع): فإن أراد استحلافه نظر، فإن كان صاحب الماشية على ظاهر الأمانة والديانة والصدق فليس له استحلافه؛ لأن ظاهر حاله ينفي التهمة عنه، وإن كان المعروف منه خلاف ذلك من قلة مراعاة الدين ومحبة توفير المال من وجهه وغير وجهه وترك الإنصاف في معاملة الناس فإنه يستحلفه؛ لأن في ذلك توصلا إلى استيفاء حقوق الفقراء قال ذلك كله القاضي أبو محمد في معونته".
(1)
قال في المنتقى: "وهذا كما قال؛ لأنه إذا ثبت أن الخليطين بعرف الشرع هو ما تقدم وصفنا له فإنه لا تجب الصدقة عليهما حتى يكون لكل واحد منهما نصاب ماشيته، وذلك لا يخلو أن يكون لكل واحد منهما أقل من نصاب أو يكون لأحدهما نصاب وللآخر دونه أو يكون لكل واحد منهما نصاب فإن كان لكل واحد أقل من نصاب فلا زكاة عليهما، وإن كان في ماشيتهما نصاب خلافًا للشافعي في قوله: إذا بلغت ماشيتهما النصاب فالزكاة عليهما، والدليل على ما نقوله ما روي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة"، ودليلنا من جهة القياس أن كل ما لا تجب فيه الصدقة إذا كان منفردًا فإنه لا تجب عليه الصدقة إذا خالط غيره أصله إذا كان ذميًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (مسألة): فإن كان رجل خالط رجلًا ببعض ماشيته دون بعض فإن كانت غنمًا خالط منها بأربعين صاحب أربعين وله أربعون بغير خلطة، فقد قال مالك وابن القاسم وأشهب: يكون خليطه بالثمانين فتجب عليهما شاة عليه ثلثاها وعلى صاحب الأربعين ثلثها، قال ابن الماجشون وسحنون: لا يكون خليطه إلا بما خالطه به يزكي المختلطة على حكم الخلطة فيكون على صاحب الأربعين نصف شاة؛ لأنه لم يخالطه إلا بها ويكون على صاحب الثمانين ثلثا شاة، وجه القول الأول: أن المالك للثمانين لما اعتبر في حقه ومخالطته بالتماس فكذلك صاحب الأربعين وهذا الجواب الذي جاوب به مالك على قوله: إن في الأوقاص الزكاة، وعلى قوله: إنه ليس في الأوقاص شيء فعلى كل واحد منهما نصف شاة؛ لأنه لو انفرد كل لوجب عليه مثل ما يجب على الآخر، ووجه القول الثاني: أن صاحب الأربعين لم يخالط من مال صاحب الثمانين إلا بأربعين فلا تأثير لغيرها في حكمه هذا الذي قاله عبد الملك، وأن صاحب الثمانين نم يخالط صاحب الأربعين من ماشيته إلا بأربعين فكان يجب أن لا تؤثر خلطته له في غيرها.
(فرع): فإذا قلنا بقول عبد الملك فإن سحنونا قال: لو لم يخالطه صاحب الثمانين من غنمه لثبت حكم الخلطة؛ لأن الزكاة واجبة عليه في جميع ماله.
(مسألة): فإن خالط ببعض غنمه رجلًا وخالط ببعضها رجلًا آخر وفي كل جزء منها نصاب فقد قال ابن المواز: من له ثمانون خالط بأربعين منها رجلًا وبأربعين رجلًا آخر فإنه خليط لكل واحد منهما بثمانين فعلى صاحب الثمانين شاة وعلى كل واحد من صاحبيه ثلث شاة وحكي ذلك عن ابن عبد الحكم وأصبغ.
(مسألة): وهذا حكم خليطين لكل واحد منهما نصاب، فإن كان لأحدهما نصاب وللآخر أقل من نصاب كان ماشية الذي له نصاب تؤخذ منه الصدقة دون ماشية الذي لا نصاب له وحكمه في زكاته حكم المنفرد وعلى الساعي أن يأخذ الزكاة من ماشيته خاصة، فإن أخذها من ماشية الذي لا نصاب له فلا يخلو أن يدخل بماشيته مضرة على صاحب النصاب أو لا يدخل عليه مضرة، فإن لم يدخل عليه مضرة فقد قال أصحابنا: إنه يرجع بالشاة على الذي له النصاب والشاة عليه دون الذي لا نصاب له سواء أخذت منه أو من صاحبه.
قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه: ويحتمل عندي أن يقال: إن الساعي إذا أعلم وبين أنه إنما يأخذ الشاة منهما أن يتحاصا فيها؛ لأنه حكم حاكم بقول قائل من أهل العلم فلا يرد حكمه ولا ينقض.
(مسألة): وإن كان الذي لا نصاب له أدخل على صاحب النصاب مضرة مثل أن يكون لرجل مائة شاة ويكون لآخر أحد وعشرون شاة فأخذ المصدق منها ثمانين فاختلف =