الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقع إحرامه مطلقًا، فيعينه بما شاء.
[حكم الحج إفرادًا وقرانًا وتمتعًا: ]
ولما ذكر المبهم أخذ في بيان المعين وحكمه، فقال: وندب إفراد، بأن يحرم بحج مفردًا عاريًا عن صفتي القران والتمتع، ويحصل لصاحب الفرض ثواب الأصل، وثواب الإفراد، وكذا النفل كذلك، وكان أفضل من غيره لأنه لا هدي فيه؛ إذ الهدي للنقص، وعبادة لا نقص فيها أفضل، ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم مفردًا، وكذلك أبو بكر وعمر مدة خلافته، وعثمان ثلاثة عشر عامًا، وعليه عمل أهل المدينة.
وقول المقري (1) في قواعده عن مالك ومحمد: (الإفراد أفضل إذا كان بعد عمرة، وإلا فالقران أفضل)، يخالفه التعليل السابق.
ثم يليه في الاستحباب قران، ويقع على وجهين:
أشار لأحدهما بقوله: بأن يحرم بهما معًا، وقدمها -أي: العمرة- لفظًا مع نية، أو يقدمها نية لارتدافه عليها، دون العكس، وظاهر كلامه
(1) هو: محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر، أبو عبد اللَّه القرشي التلمساني، الشهير بالمقري، (000 - 758 هـ = 000 - 1357 م): باحث، من الفقهاء الأدباء المتصوفين. من علماء المالكية. ولد وتعلم بتلمسان. وخرج منها مع المتوكل أبي عنان (سنة 749 هـ) إلى مدينة فاس، فولي القضاء فيها وحمدت سيرته. وحج، ورحل في سفارة إلى الأندلس. وعاد إلى فاس، فتوفي بها ودفن بتلمسان. وهو جد المؤرخ الأديب صاحب (نفح الطيب).
له مصنفات، منها (القواعد - خ) في شستربتي (4748) اشتمل على 1200 قاعدة، و (الحقائق والرقائق - خ) رسالة في مكتبة (أدوز) بالسوس ذكرها صاحب خلال جزولة، تصوف، و (المحاضرات) و (التحف والطرف) و (رحلة المتبتل) و (إقامة المريدين). وله نظم جيد أورد ابن الخطيب (في الإحاطة) نماذج منه.
ولابن مرزوق الحفيد كتاب في ترجمته سماه (النور البدري في التعريف بالفقيه المقري) ضبطه فيه بفتح الميم وسكون القاف، وهي لغة ثانية في اسم (مقر) البلدة التي نسب إليها هو وحفيده، بفتح الميم وتشديد القاف، وهي من قرى زاب إفريقية. ينظر: الأعلام (7/ 37).
وجوب تقديمها كظاهر قول الرسالة: ويبتدئ العمرة في نيته. وقرره البساطي على الاستحباب.
ابن عرفة: القران هو الإحرام بنية العمرة والحج، وإن سمى قدم العمرة، ولو عكس ناويًا القران، فقارن، وإلا فمفرد.
وأشار للوجه الثاني بقوله: أو يردفه -أي: الحج على العمرة- بطوافها -أي: في أثنائه، وأحرى قبله، إن صحت؛ إذ لا يرتدف على فاسدها.
وكمله -أي: الطواف الذي أردف فيه عليه العمرة الصحيحة- إن شاء، وإن شاء قطعه، فإكماله جائز لا شرط عند ابن القاسم.
ولا يسعى إن كمله؛ لأن السعي حينئذ للعمرة، وأفعالها قد اندرجت بتأخر الحج؛ ليأتي به بعد الإفاضة، وقول الشارح في الأوسط والأصغر:(إذا أردفه في الطواف على العمرة الفاسدة كمله، ولا يسعى) سبق قلم؛ لأن المشهور وهو مذهب المدونة أنه لا يرتدف على الفاسدة؛ ففيها: عن ابن القاسم من جامع في عمرته ثم أحرم لم يكن قارنًا، ولا يردف حج على عمرة فاسدة.
وتندرج العمرة في الحج، فيفعل لهما فعلًا واحدًا، وكره الإرداف بعد الطواف وقبل الركوع، ويصير قارنًا لا بعده، أي: لا إرداف بعد الركوع، كذا قال الشارح في الأوسط والصغير، وقوله في الكبير:(وكره قبل السعي) تعقبه البساطي بأنه لا يوافق النقل، ولا كلام المصنف.
وصح الإحرام بالحج إذا نواه بعد سعي، ويكون مفردًا لا قارنًا ولا متمتعًا، إلا أن يحل من عمرته في أشهر الحج، وحرم الحلق للعمرة حتى يفرغ من حجه، وأهدى لتأخره، أي: حلاق عمرته.
وبالغ على لزوم الهدي مخافة توهم أنه إذا فعله يسقط بقوله: ولو فعله بأن حلق بعد إحرامه بالحج؛ لأن تأخير الحلاق مأمور به، وإن ترتب عليه الدم؛ لأنه هو الذي فعل سبب التأخير، فحلاقه كالعدم.