الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس قصده، بل حتى يتبعه العدو، فيرجع عليه ليقتله، وهو من مكايد الحرب، يقال: انحرف عنه وتحرف وأحرورف، أي: مال وعدل وإلا تحيزًا بأن يرجع إلى فئة يستنجد بها أو إلى أمير الجيش بشرط القرب إن خيف خوفًا بينًا وهذا الشرط يحتمل عوده للتحرف والتحيز معًا وعليه قرر البساطي، ويحتمل للثاني فقط وهو ظاهر كلام الشارح.
وحرم المثلة: وهو أن يمثل بالعدو عند الظفر به، ولا يغيث به ولا يقطع وسطه بالسيف ولكن يضرب عنقه وأبي صلى الله عليه وسلم أن يمثل بيحيى بن أخطب وأما قبل الظفر فيقتله، أي قتل أمكن وحرم حمل رأس منهم لبلد يعلق به أو إلى وال لأنه من فعل فارس والروم ولا يتأنى بهم وحرم خيانة أسير ومن طائعًا إن لم يكن ائتمانه على نفسه بأن كان على مال بل ولو على نفسه قاله سحنون.
ومفهومه: أنه إذا لم يؤتمن أو ائتمن مكرهًا جازت خيانته وبه صرح في توضيحه وحرم الغلول اتفاقًا بل إجماعًا عند الأكثر ابن عرفة هو عرفًا أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها فهو أخص معه لغة واختلف هل هو لغة القصور على الخيانة من الغنيمة أو عام في كل خيانة قولان لأبي عبيدة والأكثر وأدب الفال إن ظهر عليه ولا يحرق رجله ولا يمنع سهمه من الغنيمة ويرد ما أخان وإن مات صلي عليه غير الإمام ومفهوم الشرط عدم أدبه إن جاء تائبًا لسقوطه بالتوبة وظاهره تاب قبل قسم الغنيمة ورد ما أخذ أو بعد ولو بعد تفرق الجيش وجاز لمجاهد أخذ محتاج إليه من المغنم نعلًا وحزامًا ظاهره له أو لدابته وهو واضح وتخصيص البساطي له بقوله يشد به وسطه غير ظاهر وابرة وطعامًا وإن بعد حوزه بغير إذن الإمام ظاهر أو خفية وإن كان المحتاج إليه نعمًا إبلًا وبقرًا وغنمًا بغير ذكاة ولو لأضحيته قال ابن القاسم واللَّه أعلم.
تنبيه:
بالغ ليبين أنه لا فرق في المأكول بين ما لا يحتاج في أكله لواسطة كعسل وزيت وزبيب وما يحتاج لواسطة كالنعم وظاهره إن مطلق الحاجة كاف ولا يتوقف على الضرورة المبيحة للميتة العوفي وهو ظاهر كلام اللخمي وعلفا بفتح اللام لدوابه كثوب احتاج للبسة وغرارة لطعامه أو
حمل متاعه وسلاح يقاتل به ودابة لركوبه حال القتال أو في رجوعه لبلده وقيد جواز ما بعد الكاف بقوله ليرد عند الاستغناء عنه أنه لا يجوز أخذه بنية التملك بخلاف ما قبله لأن الانتفاع بهذه مع بقاء عينها وتلك مع ذهابها ورد الفضل من طعام وعلف وغيرهما إن كثر لقصر الإباحة على قدر الحاجة.
ومفهوم الشرط عدم رد اليسير؛ لأنه في حكم ما دعت الحاجة إليه فيجوز أكله واختلف هل هو كالدانق وما ثمنه كالدرهم قولان لمالك وابن القاسم وإن تعذر رد ما كثر كثوب وما بعده والفضل الكثير من الطعام والعلف لسفر الإمام أو تفريق الجيش تصدق به كله على المشهور وبما قررناه يندفع قول البساطي إن الذي يباع ويتصدق بثمنه هو الطعام ولم يتعرض لفضل الثوب وما معه ومضت مبادلة بينهم فيما بأيديهم ملح وعسل وسمن ولحم ولو بتفاضل في النوع إلا واحد لأنهم لم يروا المبادلة بيعًا وإنما المقصود بها الانتفاع بالعوض الآخر وفي قوله مضت إشعار بعدم الجواز ابتداء وهو كذلك فقد كره بعضهم التفاضل في النوعين ومنعه ابن العربي وفي قوله بينهم إشعار بعدم الجواز مع غيرهم وهو كذلك فعن مالك كراهته في المختلفين ومقتضى المذهب حرمته وكلام المصنف سواء غنموا ذلك جملة لو غنم كل ما بادل به وهو كذلك وجاز ببلدهم إقامة الحد سواء كان للَّه أو ليدمي كزنا وقذف ولو على أسير أو على من أسلم ولا يراعي خوف ارتداده لإقامة الحد وجاز تخريب لقراهم وحصونهم وجاز قطع نخل وأشجار بأرضهم مثمرة أو غيرها وحرق لشجر وبناء وغيره ولذا أطلق بغير ضمير إن كان بغيرهم سواء رجي للمسلمين أو لم ترج لهم وإن لم ترج جاز مطلقًا كان فيه نكاية أو لا لما فيه من التضييق عليهم.
أنكر عند ابن رشد أنه، أي: التخريب والقطع والتحريق مندوب إليه إن لم يرج لنكايتهم كعكسه وهو الإبقاء إن رجى للمسلمين عند ابن رشد أيضًا وجاز وطء أسير زوجة أو أمة له سبيتا معه وسلمتا من وطء الكافر؛ لأن السبي لا يهدم النكاح ولا يبطل الملك إذا أمن وطء الكافر، كما هنا.