الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرج بـ (المعين) غيره كالمساكين؛ ولذا قال: إلا المساكين؛ فإنها على الموصي؛ لعدم من هي له، فلا يملكها إلا بالقبض وبالجزء ما لو أوصي لمعين بكيل، فإن النفقة على الموصي؛ لما فيه من حق التوفية، وصرح به فقال: أو بكيل فعلى الميت في المسائل الثلاث.
البساطي: أحسن المؤلف اختصار هذه المسألة؛ لأنه ذكر التعيين من الجانبين أولًا، أعني الموصى له وبه، وذكر ضد الأول، أعني (المساكين)، وأبقاه على عمومه في الموصى له، أعني سواء كان لمعين أولًا.
[ما يكون فيه الخرص: ]
ولما كان الخرص بالفتح، وهو: الجزر إنما يدخل في التمر والعنب دون غيرهما أفاد المؤلف ذلك بصفة الحصر مع بيان وقته، مشيرًا للعلة بقوله: وإنما يخرص التمر والعنب فقط، ووقت ذلك إذا حل بيعهما (1).
(1) قال العدوي: " (قوله: وإنما يخرص التمر والعنب) قال في ك وجد عندي ما نصه لا شك أن المناسب للعنب الرطب والتمر والزبيب وكأنه أراد ما يصير تمرًا، لأنه بعد صيرورته لا يخرص لأنه يقطع وينتفع به ففي تخريصه الآن انتقال من معلوم لمجهول وقد يمنع ضبطه بالمثناة فوق، بل يضبط بالمثلثة ويكون من إطلاق العام وإرادة الخاص، وهو تمر النخل إذا كان رطبًا. اهـ.
ثم نقول: أراد التمر الذي لو بقي تتمر بالفعل والعنب الذي تزبب بالفعل أن لو بقي فخرج بلح مصر وعنبها فإنه لا بد من تخريصهما، ولو لم تكن له حاجة أكل ونحوه لتوقف زكاتهما على تخريصهما مع حل بيعهما ورده محشي تت بأن قال: هذا غير صحيح إذ الذي لا بد منه تقدير جفافهما، وفرق بين تقدير الجفاف والتخريص فالزيتون ونحوه لا يخرص ويقدر جفافه فعنب مصر ورطبها إن خرص فعلى رؤوس الأشجار وإن لم يخرص كيلًا ثم قدر جفافهما واعترض حصر المصنف بالشعير الأخضر إذا أفرك وأكل أو بيع زمن المسغبة وبالفول الأخضر والحمص الأخضر وبالبلح الخضارات؛ فإن كلًّا يخرص كما مر أكلت الثلاثة، أو بيعت زمن مسغبة، أو لا على المشهور في كل، وإن كان قبل يبسها على ما مشى عليه المصنف من أن الوجوب بالإفراك وأجيب بأن حصره منصب على أول شروطه. اهـ.
ورده محشي تت بما حاصله أن تخريص الشعير زمن المسغبة آت على غير المشهور وأن الفول الأخضر والزرع لا تخريص فيهما لأنه، وإن كان بحسب ما أكل منه لكن فرق بين ما أكل بالتخريص وبين خرص الشيء قائمًا على أصوله".
وأشار للعلة بقوله: واختلفت حاجة أهلهما (1): إما للأكل أو للإهداء أو للبيع أو التبقية؛ ليعلم بالخرص ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب فيه الزكاة، وقدر الواجب.
وقيل: العلة تمييز الثمرة فيهما دون غيرهما.
وقيل: غير معلل (2).
(1) قال في المنح (2/ 36): " (و) إذا (اختلفت حاجة أهلهما) بأكل وبيع وإهداء وإبقاء بعض أي: لأن شأنهما ذلك وأورد على الحصر الشعير الأخضر الذي أفرك وأكل أو بيع زمن المسغبة والفول الأخضر والحمص كذلك، فإنها تخرص بعد إفراكها.
وأجيب بأن الحصر منصب على قوله إذا حل بيعهما.
الرماصي: لا ورود لهذا أصلًا؛ لأن التخريص حزر الشيء على أصله والذي في الشعير والفول ونحوهما حرز قدر ما أكل أو بيع.
بعض الشارحين، أراد المصنف الثمر الذي إذا بقي على أصله يتتمر أو يتزبب بالفعل، وأما ما لا يتتمر ولا يتزبب فيخرص ولو لم تختلف حاجة أهله لتوقف زكاته على تخريصه بعد حل بيعه. الرماصي: هذا غير صحيح.
فكلام المصنف شامل لما يتتمر وما لا يتتمر وما يتزبب وما لا يتزبب كما في الجواهر.
وإذا لم تختلف حاجة أهلهما يستغنى عن تخريصهما بكيل الرطب ووزن العنب بعد جذهما، وتقدير جفافهما فالذي لا بد منه تقدير جفافهما.
وفرق بينه وبين التخريص؛ فالزيتون ونحوه لا يخرص ويقدر جفافه فعنب مصر ورطبها إن خرصا فعلى رءوس الشجر، وإن لم يخرص كيلًا وقدر جفافهما وهذا كله إذا شك فيما لا يتتمر وفيما لا يتزبب هل يبلغ النصاب؟ فإن تحقق بلوغه النصاب فلا يحتاج لتقدير جفافه أصلًا".
(2)
قال في. المنتقى: "وهذا كما قال إن النخيل والكروم تخرص عند مالك دون سائر ما تجب فيه الزكاة من الحيوان والثمار وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة لا يخرص شيء من ذلك والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك ما روى أبو حميد الساعدي قال غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فلما جاء وادي القرى إذا امرأة في حديقة لها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أخرصوا" وخرص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق فقال لها: "أحصي ما يخرج منها"، فلما رجع إلى وادي القرى قال للمرأة "كم جاءت حديقتك" قالت: عشرة أوسق خرص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ودليلنا ما روى عتاب بن أسيد أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخيل فتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صدقة النخل تمرًا، ودليلنا من جهة المعنى أن الزكاة تجب في هذه الثمار إذا بدا صلاحها والعادة جارية بأن يأكل أهلها منها رطبًا وعنبًا ويبيعون ويعطون ويتصرفون فإن أبحنا ذلك لهم دون خرص أتى على التمرة فلم يبق للمساكين ما يزكى إلا اليسير فيضر ذلك بهم، وإن منعنا أرباب الأموال التصرف فيها قبل أن ييبس أضر ذلك بهم، فكان وجه العدل بين الفريقين أن يخرص الأموال ثم يخلى بينها وبين أربابها ينتفعون بها ويتصرفون فيها ويأخذون من الزكاة بما تقرر عليهم في الخرص فيصلون هم إلى الانتفاع بأموالهم على عادتهم ويصل المساكين إلى حقهم من الزكاة.
(فصل): وقوله: فإن كان يخرص حين يبدو صلاحه ويحل بيعه وذلك أن النخيل والعنب يؤكل رطبًا فهذا على ما قال: إن وقت الخرص هو إذا بدا صلاحه في الثمرة ووجبت فيها الزكاة وأما قبل ذلك فلم تجب فيها الزكاة ولو وجد جميعه قبل ذلك لم يجب عليه شيء وأيضًا، فإن ذلك وقت تناهي عظمها وتمكن خرصها وأما قبل ذلك فلا يتأتى خرصها.
(مسألة): ومعنى الخرص أن يحزر ما يكون في هذه النخلة من التمر اليابس عند الجداد على حسب ذلك التمر وجنسه وما علم من حاله أنه يصير إليه عند الإثمار؛ لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمرًا وهذا على قول من يرى أن يخرج فيها الثمر أو الرطب وأما على قول من يلزمه القيمة فإنه لا يحتاج إلى الخرص في هذا النوع إلا في معرفة النصاب خاصة.
(فرع): ومتى يقوم هذا النوع عليه روى ابن القاسم عن مالك أنه يؤدي من ثمنه إن باعه فإن أكله فإنه يؤدي قيمته، وظاهر هذا أنه لو قدم عليه عند إزهائه لوجب أن يؤدي الزكاة على تلك القيمة ولا يعتبر بما بعد ذلك من زيادة ثمن أو نقصه قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه: وهذا الأظهر عندي؛ لأن تقويمه يتأتى في ذلك الوقت ويحتاج من التحرز فيه للمساكين وإباحة التصرف فيه لأرباب الأموال مثل ما يحتاج إليه النخل الذي يثمر.
(مسألة): وصفة الخرص أن يخرص الحائط نخلة نخلة فإذا كمل خرصه أضاف بعضه إلى بعض روى ذلك ابن نافع عن مالك ووجه ذلك أن هذا أقرب إلى الإصابة وأمكن للحزر فإذا كثر النخل مع اختلافها شق الحزر وكثر الوهم.
(مسألة): وهل يخفف في الخرص على أرباب الأموال أم لا؟ المشهور من مذهب مالك أنه لا يلغى له شيء، وقال ابن حبيب: يخفف عنهم ويوسع عليهم، وقال الشيخ أبو محمد هذا خلاف مذهب مالك وحكى القاضي أبو محمد الروايتين عن مالك، وجه القول الأول: أن هذا تقدير للمال المزكى فلم يشرع فيه تخفيف كعد الماشية والدنانير والدراهم، ووجه القول الثاني: ما روي عن سهل بن أبي خيثمة أنه =
نخلة نخلةً نصب على الحال، بتأويل، أي: مفصلًا، أو على التمييز من محل التمر، أو بعامل أي: ويكون التخريص.
= قال أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرصتم فخذوا الثلثين ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع" ومن جهة المعنى أن التخفيف في الأموال مشروع؛ لأن صاحب الحائط يكون له الجار المسكين فلا بد أن يطعمه ويهدي إليه ولا يكاد أن يسلم حائط من أكل طائر وأخذ إنسان مار فيخفف عنه لهذا المعنى.
(مسألة): ويجوز أن يرسل فيها الخارص الواحد خلافًا لأحد قولي الشافعي والأصل في ذلك حديث عائشة رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد اللَّه ابن رواحة فيخرص النخل الحديث، ومن جهة المعنى أن الخارص حاكم لجنس العين المحكوم فيها فجاز أن يكون واحدًا، وأما المحكمان في جزاء الصيد فإنهما يخرجان عن العين من غير جنسها فأشبها المقومين فلا بد أن يكونا اثنين.
(فصل) وقوله فيخرص عليهم ويخلى بينهم وبينه يأكلونه كيف شاؤوا يريد أن الخارص قد قدر ما يجب في ثمارهم من الزكاة فسلم إليهم الانتفاع بها ويأخذون من الزكاة بما قدره عليهم الخارص وليس ذلك بمضمون عليهم، وإنما ذلك مع السلامة وباللَّه التوفيق.
(ش): وهذا كما قال إن ما لا يؤكل رطبًا، وإنما يؤكل يابسًا بعد حصاده فإنه لا يخرص؛ لأن الخرص إنما هو لحاجة انتفاع أهلها بها رطبًا وهذه لا تؤكل رطبة فتحتاج إلى الخرص، ولأن النخيل والأعناب ثمارها بارزة ظاهرة عن أكمامها فيتهيأ فيها الخرص وهذه ثمرتها وحبوبها متوارية في أوراقها فلا يتهيأ فيها الخرص.
(فصل) وقلنا إنما هي على أهلها إذا حصدوها ودقوها وطيبوها وخلصت حبًا يريد أن الزكاة تجب عليهم فيها وعليهم تنقيتها وتصفيتها من كل شيء وتخليصها إلى هيئة الادخار والاقتيات ولا يسقط عنهم من زكاتها شيء لأجل الإنفاق عليها، رواه في المدنية ابن دينار عن مالك رحمه الله ووجه ذلك أن هذه الحال التي لا يمكن الانتفاع بها إلا عليها وعلى هذه الهيئة كانوا يؤدون الزكاة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك أن التين والعذق لا تجب فيه الزكاة فيجب على أرباب الأموال تمييز الثمرة التي تجب فيها الزكاة مما لا زكاة فيها وما وجبت الزكاة في زيته من الحبوب، فإن على أرباب الأموال تخليصه زيتا؛ لأن تلك حال ادخاره والانتفاع به، ولأن ثفله لا زكاة فيه فيجب عليهم تمييزه.
(فصل): وقوله: "وإنما على أهلها فيها الأمانة يؤدون زكاتها إذا بلغ ذلك ما تجب فيه الزكاة يريد أنهم مؤتمنون في مبلغها وفي وجوب الزكاة فيها، فإذا قالوا: قصرت عن النصاب ائتمنوا في ذلك ولم تؤخذ منهم الزكاة، وإن قالوا قد بلغت النصاب ومبلغها كذا ائتمنوا في ذلك وأخذت منهم الزكاة على حسب ما أقروا به".