الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابقون السابقون
230-
أشرنا إلى سبق الأربعة الكرام خديجة أم المؤمنين، سكن الرسول التى جعلت بيته روضة الاطمئنان، ويسكن إليها بعد معاناة عداوة الأعداء، والمناضلة فى سبيل الله تعالى،. فيجد المواساة، ويجد القلب الحبيب الودود، وما أكرم الوداد، إذ يذهب ببرحاء العداء، ويجعل الروح والريحان بعد ملاقاة الكذب والبهتان.
ثم ذكرنا أبا بكر الصديق الولى الوفى، والصديق الذى خلص قلبه لله تعالى، وإذا كان إبراهيم أبو الأنبياء خليل الله، فالصديق كبير المصادقين خليل محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد أشرنا إلى أنه ما عتم أن أسلم، بل إنه سعى إلى الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام عندما علم من حكيم بن حزام بأمر ما جرى بين النبى عليه الصلاة والسلام وورقة بن نوفل وزوجه خديجة من مذاكرة فى أمر الرسالة المحمدية.
وذكرنا إسلام على بن أبى طالب الذى صدق ابن عمه بعد تفكير وهو ابن عشر سنين، وكان قد هم باستشارة أبيه، ولكنه فكر وقدر واحده، فعاد إلى ابن عمه يعلمه بإيمانه، فكان المؤمن باقتناع مع الصغر وغضاضة الإهاب.
وذكرنا إيمان زيد بن حارثة الذى اثر جوار محمد عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث على أن يعود إلى أبيه وأمه حرا، فاختار الرق مع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم على الحرية مع أبويه، فجعله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم ابنا له وحرا، فكان وارثا ومورثا.
ثم إن إسلام أبى بكر جعل بعض أصدقائه ومن يألفونه يستأنسون بالإسلام، فقد كان ألوفا محبوبا.
وقد قدم هؤلاء للنبى صلى الله عليه وسلم، وأخذ أبو بكر يبث الدعوة لأصدقائه وخلانه، وعارفيه، ثم ذهب بطائفة أخرى إلى النبى عليه الصلاة والسلام منهم عثمان بن مظعون، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وأبو سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبى الأرقم.
(1) سيرة ابن هشام. والبداية والنهاية ج 3 ص 29.
أخذ العدد ينمو بفضل الله، وإخلاص صفوة مختارة ممن صفت نفوسهم، واستقامت قلوبهم حتى بلغ العدد ثمانية وثلاثين، ومنهم نساء دخل الإسلام قلوبهن، ومنهم أم جميل أخت عمر بن الخطاب، وزوجها زيد بن نفيل كان من السابقين الأولين.
وقد أراد أبو بكر أن يخرج المسلمون مجاهدين بالدعوة إلى الإسلام قبل أن يتكاثر الجمع، ولكن محمدا عليه الصلاة والسلام صاحب الدعوة والتبليغ رأى التريث، حتى يكون الجمع أوفر وأكثر عددا، لأنه مع العدد عزة الكثرة النسبية، وإن كانوا فى الحقيقة عددا قليلا، ولكن الصديق مازال بمحمد عليه الصلاة والسلام حتى قبل أن يخرجوا من الاستخفاء إلى الإعلان، ويظهر أن الدعوة قد أعلنت بإنذار العشيرة الأقربين، وتذاكر الناس أمرها، ولكن يندر فيهم من يتقبلها، ويكثر فيهم من يعارضها، ومنهم من لم يعرف لهم موافقة ولا مناوأة.
ومهما يكن فقد خرج أبو بكر، ومحمد عليه الصلاة والسلام قام بعمل جليل قبل ذلك الخروج، فقد انبعث كل رجل إلى عشيرته يدعو إلى الإسلام فيها، وخرج محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه أبو بكر إلى المسجد الحرام، ثم قام أبو بكر خطيبا، ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالس. وقال ابن كثير فى روايته ما نصه: كان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله (أى بعد النبى صلى الله عليه وسلم ، وثار المشركون على أبى بكر وعلى المسلمين فضربوه فى نواحى المسجد ضربا شديدا، ووطيء أبو بكر، وضرب ضربا شديدا «1» .
بعد ذلك، وخصوصا بعد إعلان الإسلام فى مخاطبة بنى هاشم، وبنى عبد المطلب عند الصفا، أخذ الإسلام ينتشر انتشار الضوء فى الظلام، فأسلم بنو مظعون من أولاد كعب بن لؤى، وأسلم عبيدة بن الحارث بن المطلب وسعيد بن زيد بن نوفل، وامرأته فاطمة، أخت عمر بن الخطاب، وعمير بن أبى وقاص، وعبد الله بن مسعود الهذلى، وأسماء بنت أبى بكر- وهكذا غيرهم من أهل مكة الأحرار، وإن لم يكونوا ذوى مال وذوى رياسة.
ومن الضعفاء، وقد كانوا أسبق إلى الإسلام عامر بن فهيرة مولى أبى بكر الصديق، وهو مولى لأسد اشتراه أبو بكر رضى الله عنه.
ومنهم صهيب بن سنان، ويقال أنه مولى عبد الله بن جدعان، ويقال أنه رومى، ونسب إلى الروم، لأنه كان أسيرا فى أرض الروم.
(1) البداية والنهاية لابن كثير ج 3 ص 30.