المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌محمد فى التوراة: - خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم - جـ ١

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌مقدمة

- ‌محمد رسول الله وخاتم النبيين

- ‌‌‌يا رسول الله:

- ‌يا رسول الله:

- ‌يا رسول الله:

- ‌يا رسول الله يا خير البشر:

- ‌ربى العظيم:

- ‌[تمهيد]

- ‌الاضطراب الفكرى:

- ‌المجوسية:

- ‌المانوية:

- ‌المزدكية:

- ‌البراهمة:

- ‌[طبقات الناس في عقيدة البراهمة في المجتمع الهندي]

- ‌الطبقة الأولي: هى أعلاها وهى طبقة البراهمة

- ‌الطبقة الثانية: طبقة الجند

- ‌الطبقة الثالثة: طبقة الزراع والتجار

- ‌الطبقة الرابعة:

- ‌هل للبرهمية أصل سماوى:

- ‌[الأدلة على سماوية الأصل البرهمي]

- ‌أولهما:

- ‌ثانيهما:

- ‌أولها:

- ‌الأمر الثانى:

- ‌ كتبهم

- ‌الأمر الثالث:

- ‌البوذية:

- ‌[مبادىء بوذا الخلقية]

- ‌[أقسام البوذيين]

- ‌(أحدهما) البوذيون الذين أخذوا أنفسهم بالتعاليم السابقة

- ‌(ثانيهما) البوذيون المدنيون، وأولئك لم يطبقوا المنهاج الشاق

- ‌الكونفوشيوسية:

- ‌عقيدة الصين القديمة:

- ‌وثنية اليونان والرومان:

- ‌مزج الفلسفة بالدين:

- ‌التثليث فى الفلسفة:

- ‌ويلاحظ أمران:

- ‌أولهما- أنه التقت الأفلاطونية الحديثة مع الدين

- ‌الأمر الثانى- أن شيخ هذه المدرسة هو أمنيوس المتوفى سنة 242 ميلادية

- ‌وبذلك نقول مقررين أمرين:

- ‌أولهما

- ‌ثانيهما

- ‌العرب

- ‌دخول الوثنية أرض العرب:

- ‌لم ينسوا الله فى وثنيتهم:

- ‌القلوب فارغة من إيمان:

- ‌أرض النبوة الأولي

- ‌إدريس عربى:

- ‌نوح عربى:

- ‌هود نبى الله كان عربيا:

- ‌صالح عربى:

- ‌إبراهيم أبو العرب المستعربة وإسماعيل:

- ‌بناء الكعبة:

- ‌شعيب ومدين:

- ‌موسى كلف الرسالة فى أرض العرب:

- ‌أرض العرب مأوى الفارين بدينهم:

- ‌النصرانية:

- ‌رجل صالح:

- ‌أصحاب الأخدود:

- ‌اختصاص الجزيرة العربية

- ‌[أسئلة]

- ‌[الجواب]

- ‌أولها:

- ‌الأمر الثانى:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌[عناصر تبوئ العرب الصدارة في الدعوة إلى الحق]

- ‌العنصر الأول: قوة فى النفس تقاوم، ولا تستسلم

- ‌العنصر الثانى: صفاء نفسى وقوة مدارك

- ‌العنصر الثالث: الأنفة وألا يطيعوا فى ذلة

- ‌الله أعلم حيث يجعل رسالته

- ‌مكة المكرمة

- ‌أول بناء فى مكة المكرمة وبلوغها هذه المنزلة:

- ‌مكة المكرمة موطن تقديس لأجل الكعبة المشرفة:

- ‌‌‌المكانوالزمان

- ‌المكان

- ‌الزمان:

- ‌البشارات

- ‌ويستفاد من هذا الكلام أمران:

- ‌أولهما:

- ‌ثانيهما:

- ‌محمد فى التوراة:

- ‌محمد فى الإنجيل:

- ‌على فترة من الرسل:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌محمد من أوسط قريش نسبا

- ‌النسب الطاهر

- ‌ قصى

- ‌ عبد المطلب

- ‌[صفات عبد المطلب]

- ‌الأولى- الطيبة والسماحة

- ‌الثانية- أنه كان مباركا

- ‌الثالثة- عزيمته، وإصراره على ما يقوم به من خير

- ‌عبد الله

- ‌الأم

- ‌صفات سامية فى امنة:

- ‌الجنين المبارك

- ‌أصحاب الفيل

- ‌ولد الهدى

- ‌ولادته قبل وفاة أبيه:

- ‌ظواهر تعلن مكانته

- ‌تاريخ مولده:

- ‌إرهاصات النبوة يوم مولده:

- ‌إرضاعه صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌اخبار شق الصدر

- ‌سفر أمه به إلى يثرب:

- ‌موت الطهور امنة:

- ‌فى حضن عبد المطلب

- ‌فى كنف أبى طالب

- ‌إلى العمل

- ‌حماية الله تعالى

- ‌إلى التجارة

- ‌سفره مع عمه

- ‌ارهاص وبشارة بالنبوة:

- ‌محمد التاجر:

- ‌مشاركته فى الأمور الجامعة

- ‌حرب الفجار

- ‌حلف الفضول

- ‌الزواج

- ‌خديجة:

- ‌ارهاصات الرحلة

- ‌الإملاك:

- ‌أغناه الله وواساه

- ‌إعادة بناء الكعبة

- ‌بناء قريش

- ‌الحمس:

- ‌التكامل الإنسانى فى محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌1- وفور عقله

- ‌2- بلاغته

- ‌3- الخلق الكامل

- ‌[أ] الرفق

- ‌[ب] العفو:

- ‌[ج] اخلاقه خارقة للعادة:

- ‌هيبة:

- ‌العفو والتسامح:

- ‌حياؤه:

- ‌جوده عليه الصلاة والسلام:

- ‌الشفقة والرأفة والرحمة:

- ‌صدقه وأمانته وعفته صلى الله عليه وسلم:

- ‌الوفاء ورعاية العهد:

- ‌العابد

- ‌عبادته قبل البعثة:

- ‌عبادته بعد البعثة:

- ‌الزاهد

- ‌زهده قبل البعثة:

- ‌زهده بعد البعثة:

- ‌قوت الزاهد:

- ‌الصابر المصابر

- ‌[أقسام الصبر]

- ‌أولها- الصبر على النوازل

- ‌القسم الثانى: الصبر على الحرمان من الأهواء والشهوات وقمعها

- ‌القسم الثالث: الصبر على ما ينزل من نوازل

- ‌العادل

- ‌ بعد البعثة

- ‌الشجاع

- ‌بعد البعثة

- ‌شجاعة النبى عليه الصلاة والسلام فى ميدان القتال:

- ‌الرجل

- ‌ أمور:

- ‌أولها: جمال تكوينه الجسمانى

- ‌الأمر الثانى- أن قلبه الطاهر كان يشع على وجهه بالنور

- ‌الأمر الثالث- شدة جاذبيته صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌ خاتم النبوة

- ‌تقدمة صفات النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌البشارات بالنبى المنتظر

- ‌ما كان يروج بين العرب من اخبار نبي يرسل

- ‌علم النبوة عند سلمان الفارسى قبل أن يلقاه:

- ‌يهود تخبر عن النبى [صلى الله عليه وسلم] المنتظر:

- ‌أخبار الكهان:

- ‌هل كان محمد عليه الصلاة والسلام يسمع اخبار الأحبار والرهبان والكهان

- ‌البعثة المحمدية

- ‌التجلى الأعظم

- ‌[التزام النبي ص بأمرين قبل أن يبعث]

- ‌أولهما

- ‌الأمر الثانى

- ‌التقى بالروح القدس:

- ‌قلق الزوجة الصالحة:

- ‌إلى ورقة بن نوفل:

- ‌فترة غياب روح القدس:

- ‌مدة الفترة:

- ‌الشهر الذى نزل فيه الوحى:

- ‌أول ما نزل من القران الكريم:

- ‌مراتب الوحى وشكله:

- ‌المرتبة الأولى:

- ‌والمرتبة الثانية

- ‌المرتبة الثالثة:

- ‌المرتبة الرابعة:

- ‌المرتبة الخامسة:

- ‌المرتبة السادسة:

- ‌ المرتبة السابعة

- ‌دعوة الحق

- ‌مراتب الدعوة:

- ‌الأولى النبوة:

- ‌المرتبة الثانية: إنذار العشيرة الأقربين

- ‌والمرتبة الثالثة: إنذار قومه

- ‌المرتبة الرابعة: عبر عنها ابن القيم بقوله

- ‌والمرتبة الخامسة: تبليغ الدعوة إلى غير العرب

- ‌أول من أسلم

- ‌الإسلام فى بيت النبوة:

- ‌إسلام على:

- ‌أول أسرة فى الإسلام:

- ‌النور يشرق من بيت النبوة

- ‌إسلام أبى بكر:

- ‌تتابع المخلصين:

- ‌فرضية الصلاة

- ‌وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين

- ‌بين أبى طالب وأبى لهب:

- ‌فاصدع بما تؤمر

- ‌[أقسام القلوب]

- ‌القسم الأول: القريب إلى الهداية

- ‌القسم الثانى: قوم امتلأت عقولهم بمعلومات سابقة

- ‌والقسم الثالث قسم غلبت عليه الضلالة

- ‌استجابة محمد صلى الله عليه وسلم لأمر ربه

- ‌السابقون السابقون

- ‌الاسلام يخرج إلى القبائل:

- ‌المناوأة

- ‌تلقى الناس للدعوة

- ‌الذين استجابوا لله والرسول

- ‌إسلام حمزة

- ‌اسلام عمر

- ‌بين عهدين

- ‌محاولة كفه عنهم بالاستمالة

- ‌لقاء أهل مكة المكرمة به لاستمالته:

- ‌جدلهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الاستعانة باهل الكتاب

- ‌إسماعهم القران الكريم

- ‌الايذاء والفتنة

- ‌ايذاء الضعفاء:

- ‌بلال رضى الله عنه واخوانه:

- ‌ال ياسر رضى الله عنهم وغيرهم:

- ‌التهديد بالتشنيع:

- ‌مصابرة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:

- ‌الاذى ينزل بشخص النبى عليه الصلاة والسلام:

- ‌مهابة محمد عليه الصلاة والسلام:

- ‌لماذا لم يرهبهم صلى الله عليه وسلم بهيبته:

- ‌الهجرة إلى الحبشة

- ‌متابعة الأولياء ومتابعة الأعداء:

- ‌خديعة:

- ‌النبي صلي الله عليه وسلم يناضل ويصابر فى مكة المكرمة

- ‌لقاؤهم بأبى طالب:

- ‌المقاطعة

- ‌الأرضة تمنع اسم الله تعالى من مواثيقهم:

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم مستمر فى دعوته

- ‌سعى فى نقض الصحيفة

- ‌نقض الصحيفة فعلا

- ‌انطلاق الدعوة الاسلامية:

- ‌عام الحزن

- ‌أبو طالب، وإيمانه

- ‌خديجة رضي الله عنها

- ‌ما كان بعد موت أبى طالب

- ‌حماية الله تعالي

- ‌المهابة مع المحبة

- ‌محمد عليه الصلاة والسلام فى الطائف

- ‌عداس والنبى صلى الله عليه وسلم:

- ‌دعاء، وعفو، وإجارة:

- ‌سماع الجن له:

- ‌فى جوار المطعم بن عدى

- ‌انشقاق القمر

- ‌الإسراء والمعراج

- ‌الإسراء بالجسم:

- ‌المعراج بالروح

- ‌الاسراء والمعراج فى صحاح السنة

- ‌انتشار الاسلام في البلاد العربية

- ‌وفد نصارى نجران:

- ‌عرض الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه على القبائل

- ‌جماعات تقبل الواحدانية:

- ‌ما بين الروم والفرس:

- ‌التقاؤه صلى الله عليه وسلم بالأوس والخزرج

- ‌ابتداء الاتصال بأهل يثرب:

- ‌يوم بعاث:

- ‌بدء إسلام الأنصار

- ‌العقبة الأولى أو البيعة الأولى

- ‌مصعب بن عمير:

- ‌أول جمعة أقيمت بالمدينة المنورة:

- ‌العقبة الثانية

- ‌البيعة:

- ‌علم قريش بالبيعة:

- ‌ابتداء الهجرة

- ‌النبى صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين على الهجرة:

- ‌الإذن للمؤمنين بالهجرة

- ‌هجرة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ما اقترن بالهجرة المحمدية:

- ‌تنفيذ المؤامرة:

- ‌اجتمع المشركون فى العتمة:

- ‌النبى صلى الله عليه وسلم مع صاحبه إلي الهجرة وطريقهما:

- ‌فى غار ثور:

- ‌سراقة والسير إلى المدينة المنورة:

- ‌الركب يسير فى طريق وعر:

- ‌أم معبد:

- ‌خوارق أخرى:

- ‌وصول النبى صلى الله عليه وسلم إلى قباء

- ‌دخول المدينة

- ‌خطب لرسول الله صلي الله عليه وسلم

- ‌الخطبة التى رواها ابن جرير:

- ‌بناء مسجده عليه الصلاة والسلام

الفصل: ‌محمد فى التوراة:

عليه الصلاة والسلام مكتوب، كما قال تعالي: وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ، قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ، وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ، فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» .

والجواب عن ذلك أن أهل الكتاب كانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم إذ كانوا على مقربة من دعوته، فكان يحاجهم بما عندهم، وكانوا هم يعرفون النبي، ويستفتحون على المشركين عندما كانوا ينازلونهم بالنبى عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.

على أن رسالة النبى عليه الصلاة والسلام ما كانت تستمد من شهادة السابقين، إنما كانت قوتها تستمد من ذاتها، وتحمل فى نفسها الشهادة بصدقها، والبينات الناطقة بأنها حق، وأنها من الله العزيز الحكيم.

‌محمد فى التوراة:

53-

جاء ذكر محمد عليه الصلاة والسلام فى التوراة بالإشارة الواضحة، ومع أنه جرى فيها التغيير والتبديل لم يمح ذلك ما فيها من إشارات بينات واضحات إلى رسالته عليه الصلاة والسلام مما جعل اليهود يعرفونه على وجه اليقين، كما يعرفون أبناءهم، واستفتاحهم على المشركين به قبل أن يبعث، فلما بعث كفروا.

وقد عنى الأستاذ عبد الحق ببيان النصوص العبرية التى فيها البشارة بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكانت ترجمتها هى «إن الرب جاء من سيناء ونهض من ساعير لهم، وسطع من جبل فاران، وجاء مع عشرة الاف قديس وخرج من يمينه نار شريعة لهم» .

وجبل فاران إنما هو بمكة، وقد قال عبد الحق فى ذلك: «إن الشواهد القديمة جميعا تنبيء عن وجود فاران فى مكة، وقد قال المؤرخ جيرون، واللاهوتى يوسبيوس إن فاران عند بلاد العرب على مسيرة ثلاثة أيام إلى الشرق من أيلة، ولا يكتفى بالنقل العبرى وترجمته، بل ينقل عن النص العربى المترجم أن إسماعيل سكن برية فاران بالحجاز، ثم يقرر أن سفر العدد من العهد القديم جاء فيه أن بنى إسرائيل ارتحلوا

(1) سورة الأعراف: 156، 157.

ص: 65

من برية سيناء فحلت السحابة فى برية فاران.. ويستنبط من ذكر عشرة الالاف الذين ذكروا على أنهم محمد وأصحابه عندما خرجوا فى غزواتهم إلى مكة، وإلى الشام، فقد بلغوا هذا العدد، وكانوا من الصحابة الأطهار. ويسوق ما جاء فى التوراة من أن موسى كليم الله تعالى بشر بمحمد عليه الصلاة والسلام بقوله:«إن نبيا مثلى سيقيم الرب إلهكم من إخوانكم أبناء إبراهيم» .

ويسترسل الكاتب المحقق فى بيان ما جاء بالتوراة من إشارات فيذكر أن عبارة «نبى من أبناء إبراهيم مثلي» تثبت أنه محمد عليه الصلاة والسلام، إذ لم يجيء أى نبى بعد موسى عليه السلام بشريعة كاملة تبين كل الأحكام غير القران الكريم الذى نسخ بعض الأحكام التى جاءت فى التوراة «1» .

وهكذا نجد التوراة قد بشرت بالنبى وإشارات التبليغ قائمة فيها، حتى بعد أن عراها التغيير والتبديل.

وإن هذا الكلام لا يبشر فقط بالنبى عليه الصلاة والسلام، بل يبين مكان الرسالة، ومنبعثها الذى تعم منه مشارق الأرض ومغاربها، ففاران كما جاء فى أخبار المؤرخين والمحققين من الكتاب الأقدمين، كان بينها وبين أيلة مسيرة ثلاثة أيام، وكما جاء فى كثير من أقوال المؤرخين كانت حول مكة أو بمكة.

وقد ذكر الأحمديون الذين عنوا بترجمة معانى القران الكريم، وإن كنا نخالفهم فى أصل ترجمة القران، كما نرى الرأى المبطل لاعتقادهم، مع ذلك نأخذ كلامهم فى التبشير بالنبى صلى الله عليه وسلم، فإن اللؤلؤة الفائقة لا تهون لهوان غائصها الذى استخرجها، والحكمة ضالة المؤمن يلقفها أنى وجدها.

ذكر الأستاذ المرحوم العقاد ما قاله الأحمديون، فقال:

«ومن الجماعات التى عنيت عناية خاصة بهذه النبوات جماعة الأحمدية الهندية التى ترجمت القران (أى معانيه) إلى اللغة الإنجليزية، فإنها أفردت للنبوات والطوالع عن ظهور محمد عليه الصلاة والسلام بحثا مستفيضا فى مقدمة الترجمة.. قالت فيه إن نبوءة موسى الكليم تشتمل على ثلاثة أجزاء، وهى التجلى فى سيناء، وقد حصل فى زمانه، والتجلى من ساعير، أو جبل أشعر، وقد تجلى فى زمن السيد المسيح، لأن هذا الجبل، على قول الجماعة الأحمدية، واقع حيث يقيم أولاد يعقوب الذين اشتهروا بعد ذلك بأبناء أشعر، وأما التجلى الثالث فمن أرض فاران، وهى أرض التلال التى بين المدينة ومكة.

وقد جاء فى كتاب (فصل الخطاب) أن الأطفال يحيون الحجاج فى تلك الأراضى بالرياض من برية فاران

وقد أصبح أبناء إسماعيل أمة كبيرة، كما جاء فى وعد إبراهيم، فلا يسعهم شريط من الأرض على تخوم كنعان ولا وجه لإقامتهم، حيث أقام العرب المنتسبون إلى إسماعيل، ولا باعث لهم

(1) الكتاب المذكور ص 150.

ص: 66

على انتحال هذا النسب، والرجوع به إلى جارية مطرودة من بيت سيدها، وقد جاء فى التوراة أسماء ذرية إسماعيل الذين عاشوا فى بلاد العرب.

ومن نبوءة أشعياء التى سبقت مولد السيد المسيح بسبعمائة سنة أن أبناء أسماعيل كانوا يقيمون بأرض الحجاز، ففى هذه النبوءة يقول النبى أشعياء فى الإصحاح الحادى والعشرين:«تبيتين بقوافل الدادانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان، بإسكان أرض تيماء، وأووا الهارب بخبره، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب، فإنه هكذا قال إلى السير فى مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد فيدا» . ويقول المترجمون من الجماعة الأحمدية فيفسرون هزيمة فيدا بهزيمة المكيين فى وقعة بدر، وهى الهزيمة التى نزلت بهم فى وقعة بدر بعد هجرة النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة «بنحو سنة كسنة الأجير» «1» وهذا النص يشير، وكل تبشيرات الكتب بالأخبار المستقبلة تكون بالإشارة التى لا تخفى على المتأمل، وربما لا يفهمها من يأخذ بظواهر الألفاظ، لا بمراميها وغاياتها، وإن التفسير بالظواهر لا يجدى ولا يؤدى معانى، والاتجاه إلى المرامى التبشيرية يجعل للألفاظ معانى قائمة بذاتها وواضحة.

ويسوق جماعة الأحمدية فى مقدمة تفسيرهم بالإنجليزية، فينقلون عن إصحاح فى سفر أشعياء، «وهو يرفع راية للأمم من بعيد، ويصف لهم من أقصى الأرض، فإذا هم بالعجلة يأتون، وليس فيهم وازع ولا عائر، لا ينعسون ولا ينامون، ولا تنحل حزم حقائبهم، ولا تنحل سيور أحذيتهم، سهامهم مملوءة، وجميع قسيهم ممدودة، حوافر خيلهم كأنها الصوان» .

وإن هذا النص يدل على الدعوة إلى الحج، وهى قد تدل على بعض قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا، وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ، وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ، فَكُلُوا مِنْها، وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ «2» .

وجاء فى سفر أشعياء فى الإصحاح الثامن: «ولا تقولوا فتنة لكل ما يقول هذا الشعب فتنة، ولا تخافوا خوفة ولا زهوا، وقدسوا رب الجنود فهو خوفكم وهو رهبتكم، ويكون مقدسا، وحجر كل صدمة، وصخرة عثرة وكما شرقا لسكان أورشليم، فيعثر بها كثيرون، ويسقطون فيتكسرون، ويعلقون فليفظون، صدا شهادة، أختتم الشريعة بتلاميذى، فاصطبر للأب السائر وجهه فى بيت يعقوب» .

(1) الكتاب المذكور ص 17.

(2)

سورة الحج: 27، 28.

ص: 67