الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو اللفظ الذي استغلق وخفي معناه على السامع، ولم يتبين إلا بعد طلبٍ وتأمل، فقد يظهر معناه من قرينةٍ في النص، أو من دليلٍ آخر منفصلٍ عن النص، أو بتأمل ونظر، وقد لا يظهر.
ويقابل المُشْكِل عند الأصوليين: المتشابه، فقد يُعَبِّرُ بعضهم عن المُشْكِل بالمُتَشَابِه، كما إنَّ تعريفهم للمتشابه هو بعينه تعريف المُشْكِل، وقد عرَّفه أبو الوليد الباجي فقال:«المتشابه: هو المُشْكِل الذي يُحتاج في فهم المراد به إلى تفكرٍ وتأمل» . اهـ (1)
وعرَّفه الشاطبي فقال: «ومعنى المتشابه: ما أشكل معناه، ولم يتبين مغزاه» . اهـ (2)
وقد أشار إلى هذا التداخل بين اللفظين شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: «ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يُسَمُّون ما أشكل على بعض الناس حتى فُهِمَ منه غير المراد:
مُتشابهاً». اهـ (3)
وهذا المصطلح للمُشكل استعمله بعض المفسرين والمحدثين، فقد يُطلقون الإشكال ويريدون به الخفاء وعدم وضوح المعنى، وقد ألَّفَ مكي بن أبي طالب كتاباً في غريب القرآن سمَّاه:«تفسير المُشْكِل من غريب القرآن» ، حيث سمَّى الغريبَ مُشْكِلاً. (4)
وألَّف ابن الجوزي كتاباً سمَّاه: «كشف المُشْكِل من حديث الصحيحين» ، ومراده: شرح الألفاظ التي يراها غريبة، أو بحاجة إلى توضيح وبيان. (5)
ثانياً: تعريف المُشْكِل في اصطلاح المحدثين:
لم يتطرق الأوائل ـ ممن ألف في مشكل الحديث ـ لتعريفِ المُشْكِلِ
(1) إحكام الفصول في أحكام الأصول، للباجي (1/ 176)، وانظر: التعاريف، للمناوي، ص (633).
(2)
الاعتصام، للشاطبي (2/ 736).
(3)
نقض أساس التقديس، لابن تيمية، مخطوط (2/ 495).
(4)
انظر: مشكل القرآن، للمنصور، ص (55).
(5)
انظر: مقدمة تحقيق الكتاب، للدكتور علي حسين البواب (1/ 16).
بمعناه في اصطلاح المحدثين ـ إلا ما ذكره أبو جعفر الطحاوي في كتابه «مشكل الآثار» ، حيث أشار في مقدمة كتابه لمعنى المُشْكِل فقال:«وإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم، بالأسانيد المقبولة، التي نقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها، وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما يسقط معرفتها، والعلم بما فيها عن أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها، وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فيها، ومن نفي الإحالات عنها» . اهـ (1)
وهذا الذي ذكره الطحاوي يُعد وصفاً لمعنى المشكل، لا تعريفاً له، وقد استفاد منه من جاء بعده من المتأخرين، حيث نقله الدكتور أسامة خياط، واستخلص منه تعريفاً لمشكل الحديث بأنه:«أحاديثُ مرويةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأسانيد مقبولة، يُوهِمُ ظاهرها معاني مستحيلة، أو مُعارضة لقواعد شرعية ثابتة» . (2)
وأفاد من هذين التعريفين الدكتور فهد بن سعد الجهني، فإنه نقل كلام الطحاوي ثم قال:«فمن الممكن استخلاص تعريفٍ للمشكل من خلال نص الطحاوي هذا بأنه: الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند مقبول، وفي ظاهره تعارض يقتضي معنى مستحيلاً، عقلاً أو شرعاً؛ يحتاج في دفعه إلى نظر وتأمل» . (3)
وقد أشار إلى أنه أفاد من تعريف الدكتور أسامة. (4)
وذكر الأستاذ عبد الله المنصور في كتابه «مشكل القرآن» تعريفاً مقارباً لما ذُكِرَ، مع إضافة بعض الضوابط التي استخلصها من خلال استقرائه لبعض المؤلفات في مشكل الحديث، وقد خلص إلى أنَّ المراد بمشكل الحديث:
(1) مشكل الآثار، للطحاوي (1/ 6).
(2)
مختلف الحديث، لأسامة خياط، ص (36).
(3)
قواعد دفع التعارض عند الإمام الشافعي، للدكتور فهد بن سعد الجهني، بحث منشور في مجلة جامعة أم القرى، لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، المجلد (17)، العدد (32)، ص (262).
(4)
المصدر السابق، ص (296)، حاشية رقم (30).