المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: الترجيح: - الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

[أحمد القصير]

فهرس الكتاب

- ‌أصل هذا الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث

- ‌منهج البحث

- ‌شكر وتقدير

- ‌القسم الأولدراسة نظرية في الأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم

- ‌الفصل الأولتعريف المشكل، وبيان الفرق بينه وبين التعارض والمختلف

- ‌المبحث الأول: تعريف المُشْكِل في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الأول: تعريف المُشْكِل في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المُشْكِل في الاصطلاح:

- ‌أولاً: تعريف المُشْكِل في اصطلاح الأصوليين:

- ‌ثانياً: تعريف المُشْكِل في اصطلاح المحدثين:

- ‌ثالثاً: تعريف المُشْكِل عند علماء التفسير وعلوم القرآن:

- ‌رابعاً: التعريف العام للمُشْكِل:

- ‌المبحث الثاني: تعريف التعارض في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الأول: تعريف التعارض في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف التعارض في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثالث: تعريف المختلف في اللغة والاصطلاح:

- ‌المطلب الأول: تعريف المختلف في اللغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف مختلف الحديث في الاصطلاح:

- ‌المبحث الرابع: الفرق بين المشكل والتعارض والمختلف:

- ‌المطلب الأول: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المطلب الثاني: الفرق بين التعارض والمختلف:

- ‌المطلب الثالث: الفرق بين مشكل الحديث وموهم التعارض:

- ‌الفصل الثاني: أسباب التعارض، وشروطه، ومسالك العلماء في دفعه

- ‌المبحث الأول: أسباب وقوع التعارض بين النصوص الشرعية:

- ‌المبحث الثاني: شروط التعارض بين النصوص الشرعية:

- ‌المبحث الثالث: مسالك العلماء في دفع التعارض بين النصوص الشرعية:

- ‌الفصل الثالث: المراد بالأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم، وبيان الفرق بينها وبين مشكل القرآن، ومشكل الحديث

- ‌المبحث الأول: المراد بالأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم، ومشكل القرآن:

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم، ومشكل الحديث:

- ‌الفصل الرابع: عناية العلماء بالأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

- ‌المبحث الأول: أحاديث التفسير المشكلة في كتب «التفسير وعلوم القرآن»:

- ‌المبحث الثاني: أحاديث التفسير المشكلة في كتب «مشكل الحديث»:

- ‌المبحث الثالث: أحاديث التفسير المشكلة في كتب «الحديث وشروحه»:

- ‌المبحث الرابع: أحاديث التفسير المشكلة في كتبٍ أخرى متفرقة:

- ‌القسم الثانيدراسة تطبيقية للأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

- ‌الفصل الأولالأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم

- ‌المسألة [1]: في حكم المفاضلة بين الأنبياء عليهم السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والأحاديث

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [2]: في تأخير الأجل بالبر والصلة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [3]: في حَدِّ الإماء إذا أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [4]: هل يُنْشِئُ الله تعالى للنار خلقاً فيعذبهم فيها

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [5]: في الحدود هل هي كفارة لأهلها أم لا

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [6]: في عصمة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم من الناس

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌أولاً: أجوبة العلماء عن خبر شجه، وكسر رباعيته صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد:

- ‌ثانياً: أجوبة العلماء عن خبر سحره صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: أجوبة العلماء عن قصة السُّمِّ الذي وُضِعَ له صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [7]: في تعذيب الميت ببكاء الحي

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [8]: في تحميل اليهود والنصارى ذنوب المسلمين يوم القيامة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [10]: في ولد الزنا، وهل عليه من وزر أبويه شيء

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [11]: في رؤية الإنس للجن

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [12]: في مستقر أرواح الكفار

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [13]: في المُوجِبِ لدخول الجنة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [14]: في مدة خلق السماوات والأرض

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [15]: فيمن أساء في الإسلام هل يُؤاخذ بما عمل في الجاهلية

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [16]: في الوقت الذي يتبرأ فيه إبراهيم الخليل عليه السلام من أبيه آزر

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [17]: في حكم تَمَنِّي الموت والدُّعاء به

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [19]: هل يُورَثُ الأنبياء عليهم السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [20]: في سماع الأموات لكلام الأحياء

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [21]: في إضافة تحريم مكة إلى الله تعالى، وإلى إبراهيم الخليل، عليه السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [22]: في خراب ذي السويقتين للكعبة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [23]: هل كتب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة شيئاً أم لا

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهِرُه التعارض مع الآيات:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآيات والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [24]: في حكم تسمية المدينة النبوية بيثرب

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [25]: في حكم الجمع بين اسم الله تعالى، واسم غيره في ضمير واحد

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [26]: في نظم النبي صلى الله عليه وسلم للشِعْر

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [27]: في أشد الناس عذاباً يوم القيامة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [28]: فِي إخباره صلى الله عليه وسلم بعدم جدوى تَأْبِيرِ النَّخْلِ

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث الذي يُوهِمُ ظاهره التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [29]: في انتفاع الأموات بسعي الأحياء

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض مع الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌الفصل الثانيالأحاديث التي ترد في تفسير آية ما، ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها

- ‌المسألة [1]: في أخذ الغنيمة، وهل يُنقص من أجر المجاهد

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديثين:

- ‌أولاً: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الحديثين:

- ‌ثانياً: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية وحديث أبي هريرة:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [2]: في المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يُوهِم ظاهرها التعارض فيما بينها:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الحديثين:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الحديثين:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [3]: في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) [

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يُوهِم ظاهرها التعارض فيما بينها:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [4]: في مكان سدرة المنتهى

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يُوهِم ظاهرها التعارض فيما بينها:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌الفصل الثالثالأحاديث التي ترد في تفسير آية ما، ويوهم ظاهرها معنىً مشكلاً

- ‌المسألة [1]: في قصة هاروت وماروت

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [2]: في نسبة الشك لإبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [3]: في بيان الزمن الذي لا ينفع فيه الإيمان

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [4]: هل وقع الشرك من آدم وحواء عليهما السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآيتين:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [5]: في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي بن سلول، وصلاته عليه

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [6]: في دسِّ جبريل في فم فرعون من حال البحر

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [7]: في تفسير الآيات التسع التي أعطيت لموسى عليه السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [8]: في نسبة الكذب لإبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌المبحث الأول: ذكر الآيات الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [9]: في الوقت الذي تكون فيه زلزلة الساعة

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الأحاديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الأحاديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [10]: في قصة الغرانيق

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌المسألة [11]: في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:

- ‌المبحث الثاني: ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

- ‌المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث:

- ‌المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث:

- ‌المبحث الخامس: الترجيح:

- ‌خاتمة البحث

- ‌مُلخص البحث

الفصل: ‌المبحث الخامس: الترجيح:

وهذا مذهب ابن قتيبة، وابن بطال، ومرعي بن يوسف الكرمي، وعبد الرحمن السعدي. (1)

قال السعدي: «وهذه الآيات فيها بيان أنَّ للرسول صلى الله عليه وسلم أسوةً بإخوانه المرسلين، لما وقع منه عند قراءته صلى الله عليه وسلم (وَالنَّجْمِ) فلما بلغ: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)) [النجم: 19 - 20] ألقى الشيطان في قراءته: (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى)، فحصل بذلك للرسول صلى الله عليه وسلم حزن، وللناس فتنة، كما ذكر الله؛ فأنزل الله هذه الآيات» .

قال: «وقد عصم الله الرسل بما يبلغون عن الله، وحفظ وحيه أن يشتبه أو يختلط بغيره، ولكن هذا إلقاء من الشيطان غير مستقر ولا مستمر، وإنما هو عارض يعرض ثم يزول، وللعوارض أحكام» . اهـ (2)

‌المبحث الخامس: الترجيح:

الحق أنَّ هذه القصة ضعيفة بل باطلة، لأنَّ كل الروايات الواردة فيها مُعَلَّةٌ؛ إما بالإرسال، أو الضعف، أو الجهالة، وليس فيها ما يصلح للاحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير، الذي يمس مقام نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. (3)

والحق أنَّ الآية لا يصح في سبب نزولها شيء، وغاية ما في الآية الإخبار من الله تعالى أنَّ الشيطان يُلقي شيئاً ما عند (4) تلاوة نبي من الأنبياء، إلا أننا لا نستطيع الجزم بتعيين ذلك الشيء، ولا يَحِلُّ لنا تعيينه بناء على

(1) انظر على الترتيب: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (169)، وشرح صحيح البخاري، لابن بطال (3/ 57)، وقلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ من القرآن، للكرمي، ص (131)، وتيسير الكريم الرحمن، للسعدي، ص (889).

(2)

تيسير الكريم الرحمن، ص (888 - 889).

(3)

انظر: نصب المجانيق، للألباني، ص (35).

(4)

نقل القرطبي في تفسيره (12/ 56)، عن سليمان بن حرب: أن «في» في قوله: (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) بمعنى عند؛ أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله عز وجل:(وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)[الشعراء: 18]، أي عندنا.

ص: 697

روايات ضعيفة لا يعتمد عليها؛ فإن ذلك من التفسير المذموم الذي حَذَّرَ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. (1)

والأقرب في معنى الآية: أنَّ الله تعالى يُذَكِّرُ نبيه بأنه ما أرسل من قبله من رسول ولا نبي إلا وحاله أنه إذا قرأ شيئاً من الآيات - على المعنى الذي أراد الله تعالى - ألقى الشيطان في قلوب أوليائه وأتباعه معنىً غير المعنى الذي أراد الله تعالى، من الشُّبَه والوساوس والمعاني الباطلة، فينسخ الله تلك الشُّبَه التي ألقاها الشيطان، بمعنى أنه يبطلها ويذهبها، ثم يحكم آياته فلا يبقى إلا الحق الذي أراده سبحانه، وهذا الإلقاء إنما هو من الشيطان، وهو على صورة إيحاء، وهو كائن في قلوب الذين كفروا، وليس هو إلقاء من الشيطان، في قراءة نبي من الأنبياء؛ بصوت مسموع، فهو لا يستطيع ذلك.

وقد قدَّر الله تعالى إيقاع هذه الإيحاءات من الشيطان، ابتلاءً منه وامتحاناً؛ ليجعل ذلك فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. (2)

«والمراد بالنسخ في الآية هو النسخ اللغوي، الذي هو بمعنى الإزالة والإبطال، لا النسخ الشرعي الذي هو: رفع حكم شرعي بخطاب جديد؛ لأن ما ألقاه الشيطان ليس بحكم، حتى يكون رفعه نسخاً شرعياً؛ بل هو باطل أبطله الله وأزاله» . (3)

إذا علمت هذا فإن الآية تدل على أنَّ الله ينسخ شيئاً ألقاه الشيطان، ليس مما يقرؤه الرسول أو النبي، وأن ما يلقيه الشيطان: هي الشكوك والوساوس المانعة من تصديق القرآن وقبوله؛ كإلقائه عليهم أنه سحر أو شعر أو أساطير الأولين، وأنه مفترى على الله وليس منزل من عنده، والدليل على هذا المعنى: أنَّ الله بين أنَّ الحكمة - في الإلقاء المذكور - هي امتحان الخلق؛ لأنه قال: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ

(1) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» .

أخرجه الترمذي في سننه، في كتاب التفسير، حديث (2950)، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .

(2)

انظر: روح المعاني، للآلوسي (17/ 225).

(3)

انظر: رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، للشنقيطي، ص (128).

ص: 698

قُلُوبُهُمْ) [الحج: 53]، ثم قال:(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ)[الحج: 54]، فقوله:(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ) يدل على أنَّ الشيطان يلقي عليهم: أنَّ الذي يقرؤه النبي ليس بحق؛ فيصدقه الأشقياء، ويكون ذلك فتنة لهم، ويكذبه المؤمنون الذين أوتوا العلم، ويعلمون أنه الحق، لا الكذب، كما يزعم لهم الشيطان في إلقائه، فهذا الامتحان لا يناسب شيئاً زاده الشيطان من نفسه في القراءة. (1)

«هذا هو المعنى المراد من هذه الآية الكريمة، وهي كما ترى ليس فيها إلا أنَّ الشيطان يلقي عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم ما يفتتن به الذين في قلوبهم مرض، ولكن أعداء الدين الذين قعدوا له في كل طريق، وترصدوا له كل مرصد، لا يرضيهم إلا أن يدسوا فيه ما ليس منه، ولم يقله رسوله، فذكروا ما لا يليق بمقام النبوة والرسالة وذلك دَيْدَنهم منذ القديم، كما فعلوا في غير ما آية وردت في غيره صلى الله عليه وسلم من الأنبياء، كداود، وسليمان، ويوسف عليهم الصلاة والسلام، فرووا في تفسيرها من الإسرائيليات ما لا يجوز نسبته إلى رجل مسلم فضلاً عن نبي مُكَرَّم، كما هو مبين في محله من كتب التفاسير والقصص» . (2)

وهذا المعنى الذي قلناه في تفسير الآية يشهد له آيات من كتاب الله عز وجل؛ كقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113)) [الأنعام: 112 - 113]، وقوله تعالى:(وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ)[الأنعام: 121].

وأما ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر من تصحيح الحديث وقبوله، فهو اجتهاد منه رحمه الله، وقد خالفه جمع من العلماء المحققين، كما تقدم، وردَّ عليه آخرون وبيّنوا أنَّ الصواب هو ضعف الحديث وبطلانه، وأجود من ناقش هذه المسألة مع الحافظ ابن حجر هو الألباني في كتابه «نصب المجانيق» (3)، وقد

(1) انظر: أضواء البيان، للشنقيطي (5/ 732).

(2)

انظر: نصب المجانيق، ص (9).

(3)

وناقشه آخرون، منهم: المباركفوري، في تحفة الأحوذي (3/ 137)، والقاسمي في تفسيره (7/ 263).

ص: 699

آثرتُ أن أنقل كلامه بطوله؛ لجودته ونفاسته، ولكن بعد نقل كلام الحافظ بتمامه، حتى يلتئم الكلام بعضه مع بعض:

قال الحافظ ابن حجر - بعد أن ساق بعضاً من روايات الحديث -: «وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف أو منقطع، لكن كثرة الطرق تدل على أنَّ للقصة أصلاً، مع أنَّ لها طريقين آخرين مرسلين، رجالهما على شرط الصحيحين، أحدهما: ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .... ، فذكره. والثاني: ما أخرجه أيضاً من طريق المعتمر بن سليمان، وحماد بن سلمة، فرقهما عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية.

قال: وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها. وهو إطلاق مردود عليه، وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده. وكذا قوله: ومن حُمِلَتْ عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية. قال: وقد بين البزار أنه لا يُعرف من طريق يجوز ذكره؛ إلا طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، مع الشك الذي وقع في وصله، وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه؛ لقوة ضعفه. ثم رده من طريق النظر: بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم. قال: ولم ينقل ذلك. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد؛ فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أنَّ لها أصلاً، وقد ذكرتُ أنَّ ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به؛ لاعتضاد بعضها ببعض

». اهـ (1)

مناقشة الألباني لابن حجر:

قال الألباني - بعد أن أورد كلام الحافظ السابق -: «والجواب عن ذلك من وجوه:

(1) فتح الباري، لابن حجر (8/ 293).

ص: 700

أولاً: أنَّ القاعدة التي أشار إليها، وهي تقوية الحديث بكثرة الطرق ليست على إطلاقها، وقد نبّه على ذلك غير واحد من علماء الحديث المحققين، منهم الحافظ أبو عمر بن الصلاح حيث قال رحمه الله في (مقدمة علوم الحديث):«لعل الباحث الفهم يقول: إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها، مع كونها قد رُويَت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة، مثل حديث: «الأذنان من الرأس» (1) ونحوه، فهلاّ جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن؛ لأن بعض ذلك عضد بعضاً كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفاً؟!

وجواب ذلك: أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت، فمنه ما يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه، ولم يختلّ فيه ضبطه له، وكذلك إذا كان ضَعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته، وذلك كالضعيف الذي ينشأ من كون الراوي متهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذاً. وهذه جملة تفاصيلها تُدرَك بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة». (2)

قال الألباني: ولقد صدق رحمه الله تعالى، فإن الغَفْلَةَ عن هذه النفيسة قد أوقعت كثيراً من العلماء، لا سيّما المشتغلين منهم بالفقه في خطأ فاضح، ألا وهو تصحيح كثير من الأحاديث الضعيفة اغتراراً بكَثرة طُرقها، وذهولاً منهم عن كون ضعفها من النوع الذي لا ينجبر الحديث بضعفها، بل لا تزيده إلا وَهناً على وهن، ومن هذا القبيل حديث ابن عباس في هذه القصة، فإن طرقه كلها ضعيفة جداً كما تقدم، فلا يتقوى بها أصلاً.

ص: 701

لكن يبقى النظر في طرق الحديث الأخرى، هل يَتَقَوّى الحديث بها، أم لا؟

فاعلم أنها كلها مرسلة، وهي على إرسالها مُعَلَّةٌ بالضعف والجهالة، سوى الطرق الأربعة الأولى منها (1)، فهي التي تستحق النظر؛ لأن الحافظ رحمه الله جعلها عمدته في تصحيحه هذه القصة، وتقويته لها بها، وهذا مما نخالفه فيه، ولا نوافقه عليه، وبيان ذلك يحتاج إلى مقدمة وجيزة مفيدة إن شاء الله تعالى، وهي:

الوجه الثاني: وهو يحتوي على تحقيق أمرين أساسيين:

الأول: أنَّ الحديث المُرسَل، ولو كان المُرسِل ثقة، لا يُحتج به عند أئمة الحديث، كما بيّنه ابن الصلاح في (علوم الحديث) وجزم هو به فقال: «ثم اعلم أنَّ حكم المُرسَل حكم الحديث الضعيف، إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر كما سبق بيانه

، وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضَعفه، هو المذهب الذي استقرَّ عليه آراء جماهير حفّاظ الحديث، ونقاد الأثر، وقد تداولوه في تصانيفهم». اهـ (2)

قال الألباني: الأمر الثاني: معرفة سبب عدم احتجاج المحدثين بالمُرسَل من الحديث، فاعلم أنَّ سبب ذلك إنما هو جَهالة الوساطة التي روى عنها المُرسِلُ الحديثَ، وقد بيّن ذلك الخطيب البغدادي في (الكفاية في علم الرواية) حيث قال - بعد أن حكى الخلاف بالعمل بالمرسل-: «والذي نختاره سقوط فرض العمل بالمراسيل، وأن المرسل غير مقبول، والذي يدل على ذلك: أنَّ إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه، ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه، وقد بيّنا من قبل أنه لا يجوز قبول الخبر إلا ممن عُرِفَتْ عدالته، فوجب كذلك كونه غير مقبول، وأيضاً فإن العدل لو سُئِلَ عمن أرسل عنه؟ فلم يُعدّله، لم يجب العمل بخبره، إذا لم يكن معروفَ العدالةِ من جهة غيره، وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره وتعديله، لأنه مع الإمساك عن

(1) يريد رواية سعيد بن جبير المرسلة، ورواية أبي بكر بن عبد الرحمن، ورواية أبي العالية، ورواية قتادة، وقد تقدم تخريجها في أول المسألة.

(2)

النكت على كتاب ابن الصلاح، لابن حجر (2/ 567).

ص: 702

ذكره غير مُعدّل له، فوجب أن لا يُقبل الخبر عنه». اهـ (1)

وقال الحافظ ابن حجر في (شرح نخبة الفكر) - بعد أن ذكر الحديث المرسل في أنواع الحديث المردود: «وإنما ذكر في قسم المردود للجهل بحال المحذوف، لأنه يحتمل أن يكون صحابياً، ويحتمل أن يكون تابعياً، وعلى الثاني يحتمل أن يكون ضعيفاً، ويحتمل أن يكون ثقة، وعلى الثاني يحتمل أن يكون حُمل عن صحابي، ويحتمل أن يكون حمل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق ويتعدد، أما بالتجويز العقلي، فإلى مالا نهاية، وأما بالاستقراء، فإلى ستة أو سبعة، وهو أكثر ما وُجِدَ من رواية بعض التابعين عن بعض، فإن عُرِفَ من عادة التابعي أنه لا يرسل إلا عن ثقة، فذهب جمهور المحدثين إلى التوقف، لبقاء الاحتمال، وهو أحد قولي أحمد، وثانيهما: يُقبلُ مطلقاً، وقال الشافعي رضي الله عنه: يُقبل إن اعتضد بمجيئه من وجه آخر يباين الطريق الأولى مسنداً كان أو مرسلاً؛ ليترجّح احتمال كون المحذوف ثقة في نفس الأمر» . اهـ (2)

قال الألباني: فإذا عُرِفَ أنَّ الحديث المُرسَل لا يقبل، وأن السبب هو الجهل بحال المحذوف فيرد عليه أنَّ القول بأنه يقوى بمرسل آخر غير قوي لاحتمال أن يكون كل من أرسله إنما أخذه عن راوٍ واحد، وحينئذ ترد الاحتمالات الذي ذكرها الحافظ، وكأن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قد لاحظ ورود هذا الاحتمال وقوته، فاشترط في المرسل الآخر أن يكون مُرسِله أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول، كما حكاه ابن الصلاح (3)، وكأن ذلك لَيغلب على الظن أنَّ المحذوف في أحد المرسَلين هو غيره في المرسَل الآخر.

وهذه فائدة دقيقة لم أجدها في غير كلام الشافعي رحمه الله، فاحفظها وراعِها فيما يمر بك من المرسَلات التي يذهب البعض إلى تقويتها لمجرد مجيئها من وجهين مرسَلين، دون أن يراعوا هذا الشرط المهم.

(1) الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي (1/ 387).

(2)

شرح نخبة الفكر، لابن حجر، ص (17).

(3)

انظر: مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، ص (33).

ص: 703

ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قد نصّ أيضاً على هذا الشرط في كلام له مفيد في أصول التفسير، نقله عنه الحافظ محمد بن عبد الهادي (1) في كتاب له مخطوط في الأحاديث الضعيفة والموضوعة، حديث (405/ 221)، فقال ابن تيمية رحمة الله تعالى:«وأما أسباب النزول، فغالبها مرسل، ليس بمسند، لهذا قال الإمام أحمد: «ثلاث علوم لا إسناد لها. وفي لفظ: ليس لها أصل: التفسير، والمغازي، والملاحم» . (2) يعني أنَّ أحاديثها مرسلة، ليست مسندة.

والمراسيل قد تنازع الناس في قَبولها وردها. وأصح الأقوال: أنَّ منها المقبول، ومنها المردود، ومنها الموقوف، فمن عُلم من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة قُبل مُرسَلُه، ومن عُرف أنه يُرسِل عن الثقة وغير الثقة، كان إرساله رواية عمن لا يُعرف حاله، فهو موقوف. وما كان من المراسيل مخالفاً لما رواه الثقات، كان مردوداً، وإن جاء المرسَل من وجهين، كل من الراويين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر، فهذا يدل على صدقه فإن مثل ذلك لا يُتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب

». اهـ

قال الألباني: ومع أنَّ التحقق من وجود هذا الشرط في كل مرسَل من هذا النوع، ليس بالأمر الهيِّن، فإنه لو تحققنا من وجوده، فقد يَردُ إشكال آخر، وهو أنه يحتمل أن يكون كل من الواسطتين أو أكثر ضعيفاً، وعليه يحتمل أن يكون ضعفهم من النوع الأول الذي ينجبر بمثله الحديث على ما سبق نقله عن ابن الصلاح، ويحتمل أن يكون من النوع الآخر الذي لا يقوى الحديث بكثرة طرقه، ومع ورود هذه الاحتمالات يسقط الاستدلال بالحديث المرسل وإن تعددت طرقه. وهذا التحقيق مما لم أجد مَن سبقني إليه، فإن أصبت فمن الله تعالى وله الشكر، وإن أخطأت فمن نفسي، وأستغفر الله من ذنبي.

وبالجملة فالمانع من الاستدلال بالحديث المرسل الذي تعدد مرسِلوه أحد الاحتمالين: الأول: أن يكون مصدر المرسلين واحداً.

(1) هو: محمد بن عبد الهادي التتوي، أبو الحسن، نور الدين السندي: عالم بالحديث والتفسير والعربية. أصله من السند ومولده فيها، وتوطن بالمدينة إلى أن توفي. له (حاشية على سنن ابن ماجة) و (حاشية على سنن أبي داود) و (حاشية على صحيح البخاري) و (حاشية على مسند الإمام أحمد) و (حاشية على صحيح مسلم) و (حاشية على سنن النسائي) و (حاشية على البيضاوي) وغير ذلك.

(ت: 1138 هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (6/ 253).

(2)

نقله عن الإمام أحمد: الزركشي في «البرهان في علوم القرآن» (2/ 292).

ص: 704

الثاني: أن يكونوا جمعاً، ولكنهم جميعاً ضعفاء ضعفاً شديداً.

وبعد هذه المقدمة نستطيع أن نقول:

إننا لو ألقينا النظر على روايات هذه القصة، لألفيناها كلها مرسَلة، حاشا حديث ابن عباس، ولكن طرقه كلها واهية شديدة الضعف لا تنجبر بها تلك المراسيل، فيبقى النظر في هذه المراسيل، وهي كما علمت سبعة، صح إسناد أربعة منها، وهي مرسل سعيد بن جبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وأبي العالية، ومرسل قتادة، وهي مراسيل يرد عليها أحد الاحتمالين السابقين، لأنهم من طبقة واحدة: فوفاة سعيد بن جبير سنة (95) وأبي بكر بن عبد الرحمن سنة (94)، وأبي العالية - واسمه رفيع مصغراً - سنة (90) وقتادة سنة بضع عشرة ومائة، والأول كوفي، والثاني مدني، والأخيران بصريان.

فجائز أن يكون مصدرهم - الذي أخذوا منه هذه القصة ورووها عنه - واحداً لا غير، وهو مجهول، وجائز أن يكون جمعاً، ولكنهم ضعفاء جميعاً، فمع هذه الاحتمالات لا يمكن أن تطمئن النفس لقَبول حديثهم هذا، لا سيّما في مثل هذا الحدث العظيم الذي يمسّ المقام الكريم، فلا جَرَم تتابع العلماء على إنكارها، بل التنديد ببطلانها، ولا وجه لذلك من جهة الرواية إلا ما ذكرنا .... ». اهـ (1)

وقال الألباني: «وأما قول الحافظ في (الفتح) بعد أن نقل خلاصة عن الوجوه التي تقدمت عن الإمامين المذكورَيْن في إعلال القصة وتوهينها: «وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها، دلّ ذلك على أنَّ لها أصلاً، وقد ذكرت أنَّ ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض» . اهـ

فأقول: إن هذا الجواب ليس بالقوي على إطلاقه لما بيَّنّا فيما تقدم أنَّ تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس قاعدة مضطردة، نعم من ذهب إلى الاحتجاج بالمرسل مطلقاً أو عند اعتضاده، ففي الجواب رد قوي عليه، كالقاضي عياض

(1) نصب المجانيق، ص (38 - 46).

ص: 705

وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، أما نحن فهو غير وارد علينا لما أوردنا من الاحتمالات التي تمنع الاحتجاج بالحديث المرسل، ولو من غير وجه، ولعل هذا مذهب الحافظ ابن كثير حيث قال عند تفسيره للآية السابقة:«قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظناً منهم أنَّ مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح» . اهـ (1)

فإن ابن كثير يعلم أنَّ بعض هذه المراسيل التي أشار إليها أسانيدها صحيحة إلى مُرْسِلها، فلو كان بعضها يعضد بعضاً عنده وتقوى القصة بذلك، لما ضعفها بحجة أنه لم يرها مسندة من وجه صحيح، وهذا بيِّن لا يخفى.

ثم إن من الغريب أنَّ الحافظ ابن حجر مع ذهابه إلى تقوية القصة يرى أنَّ فيها ما يُستنكر وأنه يجب تأويله فيقول - بعد كلامه الذي نقلته آنفاً-: «وإذا تقرر ذلك تعيَّن تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى)؛ فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد في القرآن عمداً ما ليس منه، وكذا سهواً إذا كان مغايراً لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته» . اهـ (2)

ثم ذكر الحافظ مسالك العلماء في تأويل ذلك، ثم اعتمد على الوجه الأخير منها (3)، وهو الذي نقلناه عن القاضي عياض قُبَيْلَ هذا الفصل، وقلنا إنه رجَّحه، ثم قال الحافظ:«وهذا أحسن الوجوه، ويؤيِّده ما تقدم في صدر الكلام عن ابن عباس من تفسير تمنَّى بـ (تلا)» . (4)

فينتج من ذلك أنَّ الحافظ رحمه الله، قد سلَّم أنَّ الشيطان لم يتكلم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الجملة، وإنما ألقاها الشيطان بلسانه في سكتة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يتفق ألبتة مع القول بصحة القصة، أو أنَّ لها أصلاً، فإن كان يريد

(1) تفسير ابن كثير (3/ 239).

(2)

فتح الباري، لابن حجر (8/ 293).

(3)

يرى الألباني نسبة هذا التوجيه للحافظ ابن حجر، وقد ذكرتُ سابقاً أنه لا يصح، وقلت هناك: إن عبارة الحافظ لا تفيد ذلك، فراجعه إن شئت، ص (699).

(4)

فتح الباري، لابن حجر (8/ 294).

ص: 706

بذلك أنَّ لها أصلاً في الجملة، أعني بدون هذه الزيادة، فهذا ليس هو موضع خلاف بينه وبين العلماء الذين ردّ عليهم قولهم ببطلان القصة، وإنما الخلاف في الجملة التي تزعم الروايات أنَّ الشيطان ألقاها على لسانه صلى الله عليه وسلم؛ فإذ قد صرح الحافظ بإنكارها وتنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عنها فنستطيع أن نقول: إن الحافظ متفق مع ابن كثير وغيره ممن سبقه ولحقه على إنكار القصة على ما وردت في الروايات، حتى التي صحَّحها الحافظ، وأما ما بقي منها مما لا يتنافى مع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا خلاف في إمكان وقوعها، بل الظاهر أنَّ هذا القدر هو الذي وقع بدليل ظاهر آية الحج حسبما تقدم تفسيرها في أوائل الرسالة.

نعم يرد على الحافظ هنا اعتراضان:

الأول: تليينه العبارة في إنكار تلك الزيادة، لأنه إنما أنكرها بطريق تأويلها! وحقه أن ينكرها من أصلها، لأن التأويل الذي زعمه ليست تفيده تلك الزيادة أصلاً.

الثاني: تشنيعه القول على ابن العربي والقاضي عياض لإنكارهما القصة، ومع أنه يعلم أنهما أنكراها لِمَ فيها من البواطيل التي لا تتفق مع القول بعصمة الرسول الكريم، منها هذه الزيادة التي وافقهما الحافظ على استنكارها، مع فارق شكلي وهو أنهما كانا صريحين في إنكارها من أساسها، بينما الحافظ إنما أنكرها بطريق تأويلها ـ زعم ـ.

ومن هنا يتبين لك ضعف ما قاله الحافظ ابن حجر في رده على القاضي في (تخريج الكشاف): «وأما طعنه فيه باختلاف الألفاظ فلا تأثير للروايات الواهية في الرواية القوية، فيعتمد من القصة على الرواية الصحيحة، أي: يُعتمد على الرواية المتابعة، وليس فيها وفيما تابعها اضطراب والاضطراب في غيرها، وأما طعنه من جهة المعنى فله أسوة كثيرة من الأحاديث الصِّحاح التي لا يؤخذ بظاهرها، بل يرد بالتأويل المعتمد إلى ما يليق بقواعد الدين» . اهـ (1)

قال الألباني: إن هذا الرد ضعيف؛ لأن الرواية الصحيحة التي أشار إليها هي رواية ابن جُبير، وفيها كما في غيرها من الروايات المتابعة الأمر

(1) الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، لابن حجر (3/ 161).

ص: 707

المستنكر باعترافه، بل في بعض الروايات عن سعيد ما هو أنكر من ذلك وهو قوله: ثم جاءه جبريل بعد ذلك فقال: اعرض علي ما جئتك به، فلما بلغ:(تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى) قال له جبريل: لم آتك بهذا، وهذا من الشيطان!! وقد جاء هذا في غير رواية سعيد كما تقدم، ولازمه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد انطلى عليه وحي الشيطان واختلط عنده بوحي الرحمن، حتى لم يميِّز بينهما، وبقي على هذه الحالة ما بقي، إلى أن جاءه جبريل في المساء! سبحانك هذا بهتان عظيم، وافتراء جسيم.

فاتضح أن ليس هناك رواية معتمدة صحيحة بالمعنى العلمي الصحيح، وأن الرواية التي صححها الحافظ قد أنكر بعضها هو نفسه فأين الاعتماد.

وأما قوله: «إن حديث الغرانيق له أسوة بكثير من الأحاديث الصحيحة» ، فصحيح لو صح إسناده، وأمكن تأويله، وكلا الأمرين لا نسلِّم به. أما الأول فلما علمت من إرساله من جميع الوجوه حاشا ما اشتد ضعفه من الموصول، وإنها على كثرتها لا تعضده. وأما الأمر الآخر فلأن التأويل الذي ذهب إليه الحافظ رحمه الله هو في الحقيقة ليس تأويلاً، بل هو تعطيل لحقيقة الجملة المستنكرة، وهو أشبه ما يكون بتأويلات بل تعطيلات القرامطة والرافضة للآيات القرآنية والأحاديث المصطفوية. تأييداً لمذاهبهم الهدّامة وآرائهم الباطلة، خلافاً للحافظ رحمه الله فإنه إنما فعل ذلك دفاعاً عن مقام الحضرة النبوية والعصمة المحمدية، فهو مشكور على ذلك ومأجور، وإن كان مخطئاً عندنا في ذلك التأويل مع تصحيح القصة». اهـ (1)

****

(1) انظر: نصب المجانيق، للألباني، ص (60 - 65).

ص: 708