الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة [2]: في المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى
.
المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)) [التوبة: 108].
المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يُوهِم ظاهرها التعارض فيما بينها:
(66)
ـ (57): عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مَرَّ بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري فقلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال: قال أبي: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ (1)، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ: هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا، لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ» . قَالَ: فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ هَكَذَا يَذْكُرُهُ. (2)
(67)
ـ (58): وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة:
(1) الحصباء: هي صغار الحصى. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (1/ 393).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحج، حديث (1398).
108] قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ (1) بِالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ». (2)
(1) الِاسْتِنْجَاءُ: هو طَلَبُ طَهَارَةِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ بِالتُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ. قَالَ صَاحِبُ مُجْمَلِ اللُّغَةِ: النَّجْوُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: أَصْلُهُ مِنْ النَّجْوَةِ، وَهِيَ الِارْتِفَاعُ مِنْ الْأَرْضِ. وَكَانَ الرَّجُلُ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ تَسَتَّرَ بِنَجْوَةٍ، فَقَالُوا ذَهَبَ يَنْجُو، كَمَا قَالُوا ذَهَبَ يَتَغَوَّطُ، إذَا أَتَى الْغَائِطَ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ سُمِّيَ الْحَدَثُ نَجْوًا وَاشْتُقَّ مِنْهُ: اسْتَنْجَى، إذَا مَسَحَ مَوْضِعَهُ أَوْ غَسَلَهُ. انظر: طلبة الطلبة، للنسفي، ص (3).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الطهارة، حديث (44)، والترمذي في سننه، في كتاب التفسير، حديث (3100)، وابن ماجة في سننه، في كتاب الطهارة وسننها، حديث (357)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، جميعهم من طريق يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
وهذا الإسناد فيه علتان:
الأولى: ضعف يونس بن الحارث، كما في تقريب التهذيب، لابن حجر (2/ 394).
الثانية: جهالة إبراهيم بن أبي ميمونة، قال ابن القطان:«مجهول الحال» . تهذيب التهذيب (1/ 152).
وقال الذهبي: «ما روى عنه سوى يونس بن الحارث» . ميزان الاعتدال (1/ 197).
وقد حكم على هذا الإسناد بالضعف: النووي في المجموع (2/ 116)، والحافظ ابن كثير في تفسيره
(2/ 403)، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 112).
وأما الألباني فقد ذكر في «إرواء الغليل» (1/ 84 - 85): أنَّ الحديث صحيح باعتبار شواهده.
وسأذكر شواهد الحديث ثم أبين بعد ذلك درجته وحكم الاحتجاج به:
الشاهد الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا)[التوبة: 108] بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال: «ما هذا الطهور الذي أثنى الله به عليكم؟ فقال: ما خرج رجل منا أو امرأة من الغائط إلا غسل دبره أو مقعده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهو هذا» .
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 67)، وعمر بن شبة في «أخبار المدينة» (1/ 37)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، والحاكم في المستدرك (1/ 299) وقال:«صحيح على شرط مسلم» ، ووافقه الذهبي، جميعهم من طريق محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 212): «رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن؛ إلا أنَّ ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه» . اهـ
ورواه البزار في مسنده [كما في كشف الأستار، للهيثمي (1/ 130)، ونصب الراية، للزيلعي (1/ 218)] قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، ثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [التوبة: 108] فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء».
قال البزار: «هذا حديث لا نعلم أحداً رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، ولا نعلم أحداً روى عنه إلا ابنه» . قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (1/ 112): «ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد الله حديث مستقيم، وعبد الله بن شبيب ضعيف أيضاً» . وانظر: مجمع الزوائد، للهيثمي (1/ 212)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية، لابن حجر (1/ 96)، ونصب الراية، للزيلعي (1/ 218).
الشاهد الثاني: حديث عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فَقَال: «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمْ الثَّنَاءَ فِي الطُّهُورِ فِي قِصَّةِ مَسْجِدِكُمْ، فَمَا هَذَا الطُّهُورُ الَّذِي تَطَّهَّرُونَ بِهِ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَنَا جِيرَانٌ مِنْ الْيَهُودِ فَكَانُوا يَغْسِلُونَ أَدْبَارَهُمْ مِنْ الْغَائِطِ فَغَسَلْنَا كَمَا غَسَلُوا» .
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 422)، وابن جرير في تفسيره (6/ 476)، وابن خزيمة في صحيحه
(1/ 45)، والطبراني في الكبير (17/ 140)، والأوسط (6/ 89)، والصغير (2/ 86)، والحاكم في المستدرك (1/ 258)، جميعهم من طريق أبي أويس، عن شرحبيل بن سعد، عن عويم بن ساعدة، به.
وفي إسناده «شرحبيل بن سعد، أبو سعد الخطمي، المدني، مولى الأنصار» قال بشر بن عمر: سألت مالكاً عنه فقال: ليس بثقة، وقال ابن معين: ليس بشيء، ضعيف، وقال ابن سعد: كان شيخاً قديماً، روى عن زيد بن ثابت وعامة الصحابة، وبقي حتى اختلط واحتاج، وله أحاديث، وليس يحتج به، وقال أبو زرعة: لين، وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: ضعيف، يعتبر به، وقال ابن عدي: له أحاديث وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه نكارة، وذكره ابن حبان في الثقات. وفي سماعه من عويم بن ساعدة نظر؛ لأن عويماً مات في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال في خلافة عمر رضي الله عنه.
انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (4/ 282).
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 212) وقال: «رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة ووثقه ابن حبان» . اهـ
الشاهد الثالث: حديث أبي أيوب الأنصاري، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك رضي الله عنهم: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لما نَزَلَتْ: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ فَمَا طُهُورُكُمْ؟ قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. قَالَ: فَهُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ» .
أخرجه ابن ماجة في سننه، في كتاب الطهارة وسننها، حديث (355)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1882)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن الجارود في المنتقى (1/ 22)، والدارقطني في سننه (1/ 62)، والحاكم في المستدرك (2/ 365)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 105)، وفي شعب الإيمان (3/ 18)، جميعهم من طريق عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني طلحة بن نافع قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، فذكره.
قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 218): «سنده حسن، وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان» . اهـ
وقال النووي في «المجموع» (2/ 116): «إسناده صحيح؛ إلا أنَّ فيه عتبة بن أبي حكيم وقد اختلفوا في توثيقه، فوثقه الجمهور، ولم يبين من ضعفه سبب ضعفه، والجرح لا يُقبل إلا مفسراً، فيظهر الاحتجاج بهذه الرواية» . اهـ
قلت: الحديث فيه انقطاع؛ فإن طلحة بن نافع لم يُدرك أبا أيوب، كما أشار إلى ذلك البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 222).
الشاهد الرابع: حديث محمد بن عبد الله بن سلام قال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا - يَعْنِي قُبَاءً - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ خَيْرًا أَفَلَا تُخْبِرُونِي؟ قَالَ: يَعْنِي قَوْلَهُ: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108] قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَجِدُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْنَا فِي التَّوْرَاةِ، الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ» .
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 141)، والإمام أحمد في مسنده (6/ 6)، وابن جرير في تفسيره (6/ 476)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 18)، جميعهم من طريق مالك بن مغول قال: سمعت سياراً أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال:
…
، فذكره.
وأخرجه الطبري في تفسيره (6/ 476)، والبغوي في «معجم الصحابة» كما في «الإصابة» (6/ 22)، عن أبي هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم - وقد تحرف عند الطبري إلى يحيى بن رافع - عن مالك بن مغول، به.
قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (6/ 22): «لكن قال فيه يحيى: لا أعلمه إلا عن أبيه - يريد: عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه عبد الله بن سلام - وقال أبو هشام: وكتبته من أصل كتاب يحيى بن آدم ليس فيه عن أبيه. وقال البغوي: حدث به الفريابي، عن مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر، عن محمد، عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أباه.
وقال ابن مندة: رواه داود بن أبي هند عن شهر مرسلاً، لم يذكر محمداً ولا أباه، ورواه سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، فزاد فيه:«عن أبيه» وقال أبو زرعة الرازي: الصحيح عندنا عن محمد، ليس فيه عن أبيه، والله أعلم». انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه «معرفة الصحابة» (1/ 176)، من طريق الإمام أحمد، ثم قال: «ورواه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبو أسامة، وابن المبارك، والفريابي، وعنبسة بن عبد الواحد، ومحمد بن سابق، كرواية يحيى بن آدم، وخالفهم سلمة بن رجاء، عن مالك، فقال: عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه».
ثم ساق رواية سلمة بن رجاء فقال: «حدثناه الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي، ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم بن الحجاج الرقي، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، قال: قال أبي .... ، فذكره.
ثم قال: ورواه زيد، ويحيى ابنا أبي أنيسة، عن سيار، عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، كرواية سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول.
حدثنا بحديث زيد: محمد بن إبراهيم، ثنا الحسن بن محمد بن حماد، ثنا محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، قال: سمعت أبي يقول: .... ، فذكره.
وحديث يحيى: حدثناه سليمان، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن حماد الحضرمي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه قال: .... ، فذكره».
قلت: الحديث مدار إسناده على شهر بن حوشب الأشعري أبو سعيد، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، وثقه جماعة، والأكثر على تضعيفه.
قال إبراهيم بن الجوزجاني: أحاديثه لا تشبه أحاديث الناس، وقال موسى بن هارون: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: قيل لابن المديني: ترضى حديث شهر؟ فقال: أنا أحدث عنه، وكان عبد الرحمن يحدث عنه، وأنا لا أدع حديث الرجل إلا أنْ يجتمعا عليه: يحيى وعبد الرحمن على تركه، وقال حرب بن إسماعيل عن أحمد: ما أحسن حديثه ووثقه، وقال حنبل عن أحمد: ليس به بأس، وقال عثمان الدارمي: بلغني أنَّ أحمد كان يثني على شهر، وقال الترمذي عن البخاري: شهر حسن الحديث، وقوى أمره، وقال ابن أبي خيثمة ومعاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة، وقال عباس الدوري عن ابن معين: ثبت، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، على أنَّ بعضهم قد طعن فيه، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، وعن الأثبات المقلوبات، وقال الحاكم: أبو أحمد ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: وعامة ما يرويه شهر وغيره من الحديث فيه من الإنكار ما فيه وشهر ليس بالقوي في الحديث وهو ممن لا يحتج بحديثه ولا يتدين به، وقال الدارقطني: يخرج حديثه، وقال البيهقي: ضعيف، وقال ابن حزم: ساقط، وقال ابن عدي: ضعيف جداً. انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (4/ 324 - 325).
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الزوائد» (1/ 213) وقال: «رواه الطبراني في الكبير، وفيه شهر بن حوشب وقد اختلفوا فيه ولكنه وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة» . اهـ
الشاهد الخامس: حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء: «ما هذا الطهور الذي قد خُصِصتم به في هذه الآية: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108] قالوا: يا رسول الله ما منا أحد يخرج من الغائط إلا غسل مقعدته» .
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 121)، وفي الأوسط (3/ 231) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن يحيى بن العلاء، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، فذكره.
وفيه «شهر بن حوشب» وقد تقدم الكلام عليه في الشاهد الرابع.
الشاهد السادس: حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: كان رجال منا إذا خرجوا من الغائط يغسلون أثر الغائط فنزلت فيهم هذه الآية: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة: 108].
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 100)، من طريق أبي بكر بن أبي سبرة، عن شرحبيل بن سعد، عن خزيمة، به.
وفي إسناده «أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة» ، قال صالح بن الإمام أحمد عن أبيه: أبو بكر بن أبي سبرة يضع الحديث، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بشيء، كان يضع الحديث ويكذب، وقال الدوري، ومعاوية بن صالح، عن ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال الغلابي عن ابن معين: ضعيف الحديث، وقال ابن المديني: كان ضعيفاً في الحديث، وقال مرة: كان منكر الحديث، وقال الجوزجاني: يضعف حديثه، وقال البخاري: ضعيف، وقال مرة: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في جملة من يضع الحديث. انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (12/ 30 - 31).
وفيه أيضاً «شرحبيل بن سعد» ضعيف، وقد تقدم الكلام فيه في الشاهد الثاني.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (6/ 476)، من طريق إبراهيم بن محمد، عن شرحبيل، به.
والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 213) وقال: «رواه الطبراني، وفيه أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك» . اهـ
الشاهد السابع: حديث سهل الأنصاري: أنَّ هذه الآية نزلت في ناس من أهل قباء كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة: 108].
أخرجه عمر بن شبة في «أخبار المدينة» (1/ 37) قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا يزيد بن عياض، عن الوليد بن أبي سندر الأسلمي، عن يحيى بن سهل الأنصاري، عن أبيه، به.
وفيه «يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي، أبو الحكم المدني» ، قال الإمام مالك: كذاب، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أحمد بن صالح المصري: أظنه كان يضع للناس، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: ضعيف الحديث، منكر الحديث، وعن أبي =