الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة [1]: في أخذ الغنيمة، وهل يُنقص من أجر المجاهد
.
المبحث الأول: ذكر الآية الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)) [النساء: 74].
المبحث الثاني: ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية، التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
(64)
ـ (55): عن أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» . (1)
(1) حديث أبي هريرة هذا مخرج في الصحيحين، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» رُوي بلفظين: بلفظ «أو» ، وبلفظ «و» ، ولما كان مدار الإشكال في هذه المسألة قائم على هذين اللفظين، لزم تخريج الحديث وبيان طرقه وألفاظه لتحرير الخلاف في هذه الألفاظ وبيان الصحيح منها، وقد روى الحديث ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما يلي تفصيل ذلك:
الحديث الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه:
وقد رُوي عنه من ستة طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأول: طريق أبي زرعة البجلي، عن أبي هريرة، به.
وقد رواه عن أبي زرعة عُمَارَةُ بنُ الْقَعْقَاعِ؛ بصيغة «أو» ، أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (36)، قال: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ
…
، فذكره. وأخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإمارة، حديث (1876)، قال: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ
…
، فذكره.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 384)، عن عفان بن مسلم، عن عبد الواحد بن زياد، بصيغة «أو» ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 157)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا عمارة
…
، فذكره بصيغة «و» ، ولا أراه إلا وهماً من أحد شيوخ البيهقي.
الثاني: طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.
وقد اختُلِفَ فيه على أبي الزناد؛ فرواه مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة، حديث (1876)، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
…
، فذكره بصيغة «و» .
إلا أنَّ مسلماً لم يتابع في روايته عن يحيى بن يحيى، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 11):«وقد رواه جعفر الفريابي، وجماعة، عن يحيى بن يحيى؛ فقالوا: «أجر أو غنيمة» بصيغة (أو)». اهـ
قلت: وممن رواه عن يحيى بن يحيى بصيغة «أو» : محمد بن عمرو بن النضر، أخرجه من طريقه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 157)، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي الحافظ ببغداد، ثنا أبو العباس محمد بن أحمد النيسابوري، ثنا محمد بن عمرو بن النضر، أنبأ يحيى بن يحيى
…
، فذكره.
ورواه عن أبي الزناد: مالكٌ، وسفيانُ الثوري، بصيغة «أو» .
أمّا حديث مالك فهو في موطئه، حديث (974)، وقد رُوي عن مالك من ثلاثة طرق، كلها بلفظ «أو»:
الأول: طريق إسماعيل بن عبد الله بن أويس، عن مالك، به.
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب فرض الخمس، حديث (3123)، وفي كتاب التوحيد، حديث (7457).
الثاني: طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، به.
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التوحيد، حديث (7463).
الثالث: طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك، به.
أخرجه النسائي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (3122).
وأما حديث سفيان الثوري، عن أبي الزناد؛ فأخرجه الدارمي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (2391).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 11): «وقد رواه مالك في الموطأ بلفظ «أو غنيمة» ولم يُخْتَلف عليه إلا في رواية يحيى بن بُكير عنه، فوقع فيه بلفظ:«وغنيمة» ، ورواية يحيى بن بكير عن مالك فيها مقال». اهـ
قلت: ويحيى بن بُكير، ترجم له الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الباري، ص (475) فقال: «يحيى بن عبد الله بن بكير المصري، وقد ينسب إلى جده، لقيه البخاري، وحدَّث أيضاً عن رجل عنه، وروى عن مالك في الموطأ، وأكثر عن الليث، قال ابن عدي: هو أثبت الناس فيه. وقال أبو حاتم: كان يفهم هذا الشأن، يُكتب حديثه. وقال مسلم: تُكلم في سماعه عن مالك، لأنه كان بعرض حديث. وضعفه النسائي مطلقاً، وقال البخاري في تاريخه الصغير: ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني أتقيه. قلت: فهذا يدلك على أنه ينتقي حديث شيوخه، ولهذا ما أخرج عنه عن مالك سوى خمسة أحاديث مشهورة متابعة، ومعظم ما أخرج عنه عن الليث
…
، وروى له مسلم وابن ماجة». اهـ
إلا أن يحيى قد توبع في روايته عن مالك، حيث رواه البيهقي في الأسماء والصفات (1/ 468) قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا القعنبي، فيما قرأ على مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة .... ، فذكرة بصيغة الواو.
الثالث: طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، حديث (2787)، والنسائي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (3124). ولفظه:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
الرابع: طريق عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، به.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 494)، والنسائي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (3123)، ولفظه:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 11): «ووقع عند النسائي من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة بالواو أيضاً، وكذا من طريق عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة» . اهـ ولا أدري ما هذا من الحافظ؟ فإن رواية النسائي في كلا الطريقين جاءت بلفظ «أو» .
الخامس: طريق ذكوان (أبي صالح الزيات)، عن أبي هريرة، به.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 424)، ولفظه:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
السادس: طريق سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، به.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/ 259)، ولفظه:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
الحديث الثاني: عن أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، .... » . الحديث.
أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (2494)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْماَعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ سَمَاعَةَ - حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عن أَبِي أُمَامَةَ، به.
وقد خولف عبد السلام بن عتيق في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= روايته عن أبي مسهر؛ خالفه سماك بن عبد الصمد، فرواه عنه بصيغة «أو» ، أخرجه من طريقه الحاكم في المستدرك (2/ 83) عن أبي بكر محمد بن إبراهيم البزاز، عن سماك، به.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 166).
وقد توبع سماك بن عبد الصمد في روايته بصيغة «أو» ؛ فرواه عمرو بن هشام، عن الأوزاعي، عن سليمان بن حبيب، به.
أخرجه من طريقه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 99).
لكن يُعكِّر على هذه المتابعة أن الحديث رواه مكحول عن أبي أمامة رضي الله عنه بصيغة «و» ، أخرجه من طريقه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 381)(4/ 316)، وفي المعجم الكبير (8/ 127).
الحديث الثالث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: «أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِي ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ضَمِنْتُ لَهُ أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ وَأَرْحَمَهُ وَأُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ» .
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 117)، قال: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ
…
، فذكره.
وأخرجه النسائي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث (3126)، من طريق حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، به. ولكن بلفظ:«مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
الحديث الرابع: عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من انتدب خارجاً في سبيل الله، غازياً ابتغاء وجه الله، وتصديقاً بوعده، وإيماناً برسوله؛ فإنه على الله ضامن إما أن يتوفاه في الجيش بأي حتف شاء، فيدخله الجنة، وإما أن يسيح في ضمان الله، وإن طالت غيبته، فرده إلى أهله سالماً، مع ما نال من أجر وغنيمة
…
». الحديث.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 282)، وفي مسند الشاميين (1/ 121) و (4/ 354)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 166)، جميعهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، يرده إلى مكحول، إلى عبد الرحمن بن غنم الأشعري، عن أبي مالك الأشعري، به.
وفي إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، قال فيه الإمام أحمد:«لم يكن بالقوي في الحديث» ، وضعفه النسائي، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول. انظر: تهذيب التهذيب (6/ 136).
الحديث الخامس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، هُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ إِنْ قَبَضْتُهُ أَوْرَثْتُهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ رَجَعْتُهُ رَجَعْتُهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
أخرجه الترمذي في سننه، في كتاب فضائل الجهاد، حديث (1620). وقال: صحيح غريب من هذا الوجه.
الحديث السادس: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَضْمُونٌ عَلَى اللَّهِ، إِمَّا أَنْ يَكْفِتَهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَهُ بِأَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَمَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ حَتَّى يَرْجِعَ» . =