الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أنها «فوق السماء السابعة» ، وهو ما دلَّ عليه حديث أنس بن مالك، من طريق شريك بن عبد الله، عنه.
الثالث: أنها «في السماء السادسة» ، وهو ما دلَّ عليه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وهذه الأحاديثُ الثلاثة يُوهِمُ ظاهرها التعارض فيما بينها في تعيين مكان سدرة المنتهى. (1)
المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الأحاديث:
للعلماء في دفع التعارض بين الأحاديث مسلكان:
الأول: مسلك الجمع بين الأحاديث:
ولأصحاب هذا المسلك مذهبٌ واحدٌ في الجمع بين هذه الأحاديث، وجملة مذهبهم:
أنَّ أصل سدرة المنتهى في السماء السادسة، وأغصانها وفروعها في السماء السابعة.
وعلى هذا المذهب: النووي، والحافظ ابن كثير، والحافظ ابن حجر، والعيني، والمناوي، والألباني. (2)
قال النووي: «ويمكن أنْ يُجْمَعَ بينها، فيكون أصلها في السادسة، ومعظمها في السابعة، فقد عُلِمَ أنها في نِهايةٍ من العِظَمِ» . اهـ (3)
(1) انظر حكاية التعارض في الكتب الآتية: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي
(1/ 394)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (3/ 3)، وفتح الباري، لابن رجب (2/ 118)، وفتح الباري، لابن حجر (7/ 253)، وفيض القدير، للمناوي (4/ 427).
(2)
انظر على الترتيب: شرح صحيح مسلم، للنووي (3/ 3)، والبداية والنهاية، لابن كثير (1/ 36)، وفتح الباري، لابن حجر (7/ 253)، وعمدة القاري، للعيني (4/ 45)، وفيض القدير، للمناوي (4/ 427)، والإسراء والمعراج، للألباني، ص (89).
(3)
شرح صحيح مسلم، للنووي (3/ 3).
وقال الحافظ ابن حجر: «ولا يُعارض قوله إنها في السادسة ما دلَّت عليه بقية الأخبار أنه وصل إليها بعد أنْ دخل السماء السابعة؛ لأنه يُحمل على أنَّ أصلها في السماء السادسة، وأغصانها وفروعها في السابعة، وليس في السادسة منها إلا أصل ساقها» . اهـ (1)
الثاني: مسلك الترجيح بين الأحاديث:
ويرى أصحاب هذا المسلك أنَّ لسدرة المنتهى مكاناً واحداً لا غير، وهذا المكان هو ما جاء مرفوعاً في حديث أنس من أنها في السماء السابعة، وأما ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود من أنها في السادسة فموقوف عليه، والمرفوع أولى من الموقوف.
وهذا مذهب: ابن العربي، والقاضي عياض، وأبي العباس القرطبي، والحافظ ابن رجب، والملا علي القاري. (2)
قال أبو العباس القرطبي: «في حديث أنس ما يقتضي أنَّ السدرة في السماء السابعة أو فوقها؛ لقوله: «ثم ذهب بي إلى السدرة» بعد أنْ استفتح السماء السابعة فَفُتِحَ له فدخل، وفي حديث عبد الله أنها في السماء السادسة، وهذا تعارضٌ لا شك فيه، وما في حديث أنس أصح، وهو قول الأكثر، وهو الذي يقتضيه وصفها بأنها التي يَنْتَهي إليها علمُ كلِّ مَلَكٍ مُقَرَّب
…
، وأيضاً فإنَّ حديث أنس مرفوع، وحديث عبد الله موقوف عليه من قوله، والمسند المرفوع أولى». اهـ (3)
وقال الحافظ ابن رجب: «وقول ابن مسعود: «إنَّ سدرة المنتهى في السماء السادسة» يُعارضه حديث أنس المرفوع من طُرُقِهِ كُلِّها؛ فإنَّه يدل على أنها في
(1) فتح الباري، لابن حجر (7/ 253).
(2)
انظر على الترتيب: عارضة الأحوذي، لابن العربي (12/ 119)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (1/ 525)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (1/ 394)، وفتح الباري، لابن رجب (1/ 118)، وعمدة القاري، للعيني (10/ 567).
(3)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (1/ 394).