الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والحديث:
ظاهر الآية الكريمة أَنَّ الله تعالى لا يُعذِّبُ أحداً بوزر غيره، وأما الحديث الشريف ففيه أنَّ الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، وهذا يُوهِمُ مُعارضة الآية؛ لأن بكاء أهله عليه ليس من فعله. (1)
قال الشنقيطي: يَرِدُ على هذه الآية الكريمة سؤال: وهو ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، من أَنَّ الميت يُعذب ببكاء أهله عليه، فيقال: ما وجه تعذيبه ببكاء غيره؟ إذ مؤاخذته ببكاء غيره قد يظن من لا يعلم أنها من أخذ الإنسان بذنب غيره. اهـ (2)
المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والحديث:
أجمع العلماء على أَنَّ المراد بالبكاء في الحديث هو الذي يكون بصوتٍ وندبٍ ونياحة، وأما مجرد دمع العين فلا يدخل في الحديث، وقد حكى الإجماع النووي رحمه الله. (3)
ومستند الإجماع قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ
= البكاء؛ فيحمل على ما فيه نياحة جمعاً بين الأحاديث". اهـ من عمدة القاري (8/ 78).
(1)
انظر حكاية التعارض في الكتب الآتية: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (227)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (3/ 79)، وكشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي
(1/ 55)، ومفاتيح الغيب، للرازي (20/ 137 - 138)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (2/ 580)، وتفسير القرطبي (10/ 151)، واللباب في علوم الكتاب، لابن عادل الحنبلي
(12/ 229)، وسبل السلام، للصنعاني (2/ 238)، ونيل الأوطار، للشوكاني (4/ 125)، وروح المعاني، للآلوسي (15/ 47).
(2)
أضواء البيان، للشنقيطي (3/ 470)، بتصرف.
(3)
انظر: المجموع (5/ 283)، وشرح صحيح مسلم (6/ 325)، كلاهما للنووي.