الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرض إجمالي
أفضل بقاع الأرض المساجد، وأفضل المساجد ثلاثة: المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى، وأفضل الثلاثة عند الجمهور مسجد مكة، وعند مالك مسجد المدينة، وقال الحنفية: مسجد أستاذه للعلوم له فضله، ومسجد الحي له حقه.
ومن أحكام المساجد: حرمة دخول المساجد على الجنب والحائض والنفساء، وأباح الشافعية والحنابلة العبور من غير مكث ولا كراهة فيه، سواء أكان لحاجة أو لغيرها، ويكره تحريماً عند الحنفية اتخاذ المسجد طريقاً بغير عذر، ومن احتلم في المسجد وجب عليه الخروج منه إلا لعذر لخوف على نفسه أو ماله أو عجز عن الخروج لإغلاق المسجد، ولو أجنب خارج المسجد والماء في المسجد لم يجز أن يدخل ويغتسل فيه، ولو دخل للاستقاء لا يجوز أن يقف إلا قدر حاجة الاستقاء أما المحدث حدثاً أصغر فيجوز له الجلوس في المسجد بإجماع المسلمين، ويجوز النوم في المسجد بلا كراهة عند الشافعية، وقال الحنفية يكره إلا للغريب والمعتكف، وكره الحنابلة اتخاذ المسجد مبيتاً أو مقيلاً، ومنع المالكية دخول الكافر المسجد إلا لضرورة عمل كأن كان أقل أجرة أو أكثر إتقاناً، وأجاز أبو حنيفة للكافر دخول كل مسجد، واستثنى الشافعية المسجد الحرام وحرم مكة، ويجوز عندهم أن يبيت فيه ولو كان جنباً بإذن المسلمين، ويجوز الوضوء في المسجد إذا لم يؤذ بمائه والأولى أن يكون في إناء، وقال مالك وأبو حنيفة يكره الوضوء فيه تنزيهاً واستثنى الحنفية الوضوء في مكان أعد له، ولا بأس بالأكل والشرب ووضع المائدة فيه وغسل اليد فيه بشرط ألا يلوثه وأن ينظفه بعد ذلك، ويكره لمن أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو غيرها مما له رائحة كريهة وبقيت رائحته أن يدخل المسجد من غير ضرورة، ومن باب أولى أن يأكل هذه الأشياء داخل المسجد أو يدخل شيئاً كريه الرائحة إليه، وكل ذلك مكروه تحريماً عند الحنفية ومحرم عند المالكية، ويكره البصاق في المسجد على أرضه أو جدرانه إلا إذا دفن البصاق أو كان في شيء يحمله، ويحرم البول والفصد والحجامة في المسجد بغير إناء ويكره الفصد والحجامة فيه في إناء، ويكره إدخال نجاسة إلى المسجد، ولا يجوز عند الحنفية الاستصباح فيه بدهن نجس ولا تطيينه بنجس، ويحرم الوطء في المسجد أو على ظهره، ومن كان على بدنه نجاسة أو كان
به جرح، فإن خاف تلويث المسجد حرم عليه دخوله، وإن أمن لم يحرم، ولا يجوز بناء المسجد ولا تجصيصه بنجس.
ويكره غرس الشجر في المسجد، ويكره حفر البئر فيه إلا لمصلحته، ولكن هذا بعد أن يكون مسجداً أما إذا كان الواقف قد جعل حيزاً من المسجد لمثل هذه الشؤون وغيرها فلا حرج، وتكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشدان الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود الدنيوية، ويحرم عند الحنابلة البيع والشراء في المسجد وإن وقع فهو باطل، ويكره رفع الصوت بالذكر إن شوش على المصلين عند الحنفية والحنابلة إلا للمتفقه، كما يكره عندهم الكلام، كلام اللغو الذي قد يجر إلى ما ليس مباحاً، أما الكلام المباح فلا يكره إن لم يشوش على المصلين ولا بأس عند الشافعية أن يعطى السائل في المسجد شيئاً، ولكن السؤال نفسه في المسجد مكروه عند الشافعية والمالكية والحنابلة، إلا أنهم يجيزون الإعطاء، وحرم الحنفية السؤال في المسجد وكرهوا الإعطاء، ويكره إدخال البهائم والمجانين والصبيان الذين لا يميزون المسجد عن غيره.
ويكره أن يجعل المسجد مقعداً لحرفة كالخياطة مثلاً.
أما نسخ العلم والعمل المؤقت فلا بأس به، ويجوز الاستلقاء في المسجد على القفا، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى، وتشبيك الأصابع ونحوه إلا في حالات سنراها.
ويستحب عقد حلق العلم والوعظ في المساجد، ويجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات، وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحاً. ولا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان مدحاً للنبوة والإسلام أو كان حكمة أو في مكارم الأخلاق أو الزهد أو نحو ذلك من أنواع الخير، أو كان فيه دفاع عن الإسلام وأهله أو هجاء للكفر والكافرين، أما الشعر المذموم كالذي فيه هجاء للمسلم أو تهييج على معصية أو كان فيه معصية كمدح الظالمين إلى غير ذلك فإنه غير جائز، ويسن كنس المسجد وتنظيفه وإزالة ما يرى فيه مما لا يليق فيه، وإذا دخل إنسان للمسجد ومعه سلاح يمكن أن يجرح فإنه يمسك على حده، ويسن للقادم من سفر أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين وينبغي للجالس في المسجد أن ينوي الاعتكاف ما دام فيه، فإن له بذلك مزيد أجر،
والأصل ألا يغلق المسجد إلا لصيانة أو لحفظ أو لخوف مفسدة أو خوف من أن تنتهك حرمته.
ويسن لداخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد إلا إذا دخل في وقت لا تجوز فيه الصلاة أو تكره فيه صلاة النافلة عند من ذهب إلى ذلك من الفقهاء فعند الحنفية مثلاً لا تصلى تحية المسجد بعد صلاة الفجر أو العصر ولا في الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة: عند طلوع الشمس وقبيل الزوال وعند غروب الشمس.
ولا ينبغي للقاضي أن يتخذ مجلساً للقضاء إلا ما يقع فيه صدفة، وقال الجمهور لا تقام الحدود في المساجد، وإذا وجد المسجد فيحرم أن يحفر فيه قبر، أما من دفن في مكان فبني بسبب ذلك مسجد ولم يكن يتوجه إلى القبر في صلاة، أو كان بينه وبين المصلين حاجز فالكراهة حاصلة ولكن لا حرمة في ذلك.
وتكره الكتابة عند الشافعية والحنابلة والمالكية على جدران المسجد وسقوفه، وقال المالكية والحنابلة تكره الكتابة في القبلة ولا تكره فيما عدا ذلك.
وحائط المسجد من دخله وخارجه وكذا سطحه ورحبته إذا كان عليها باب ومنارته التي تكون فيه أو التي بابها فيه من المسجد لها أحكام المسجد، وكذا كل ما زيد في المسجد مهما كثر له حكم أصل المسجد.
ومن أراد دخول المسجد تفقد نعليه ومسح ما فيهما من الأذى قبل دخوله، ويستحب أن يدعو عند دخول المسجد بدعاء الدخول وبدعاء الخروج عند الخروج من المسجد كما سيمر معنا، ويقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج.
ولا يجوز أخذ شيء من أجزاء المسجد كحجر أو حصاة أو تراب إلا إذا كان من باب التنظيف، وينبغي أن يكثر المسلمون من بناء المساجد وعمارتها وتعهدها وإصلاح ما يطرأ عليها، قال الحنابلة يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة، وذلك فرض كفاية ويجوز بناء المسجد في موضع كان كنيسة أو بيعة أو مقبرة درست إذا أصلح ترابها.
ورخص الحنفية بتزيين المسجد وزخرفته مراعاة لما طرأ على أعراف الناس، فلا ينبغي أن يكون المسجد أقل جمالاً من بيوت رواده، وخاصة حيث يكون لذلك أثره في إثارة المشاعر بقوة الإسلام وعظمته أمام الآخرين، ويجب أن تكون النية في ذلك صالحة.
ومصلى العيد الذي ليس مسجداً في الأصل، ليس له حكم المسجد فلا يحرم فيه المكث على الجنب والحائض.
قال الحنابلة: يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر، أما الخروج بعذر فمباح، وقال الشافعية يكره الخروج من المسجد بعد الأذان بغير صلاة إلا لعذر.
قال أبو حنيفة وصاحباه: يكره للنساء الشواب حضور الجماعة مطلقاً، وقال أبو حنيفة ولا بأس أن تخرج العجوز في الفجر والمغرب والعشاء، وأفتى متأخرو الحنفية بكراهة حضور النساء الجماعة مطلقاً ولو لجمعة وعيد ووعظ ولو عجوزاً، وقال المالكية: إن خروج المرأة محتمشة للمسجد ولجماعة العيد والجنازة والاستسقاء والكسوف والخسوف خلاف الأولى، وللشابة المأمونة الفتنة الخروج لمسجد وجنازة بشرط القرب من أهلها، أما التي تخشى منها الفتنة فلا يجوز لها الخروج مطلقاً، وقال الشافعية والحنابلة: يكره للحسناء أو ذات الهيئة شابة أو غيرها حضور جماعة الرجال وتصلي في بيتها، ويباح الحضور لغير الحسناء إذا خرجت تفلة بإذن زوجها، وبيتها خير لها.
واستحب الشافعية جماعة النساء، وتقف الإمامة وسطهن، وقال الحنفية يكره تحريماً جماعة النساء وحدهن بغير الرجال وأجازوا لهن صلاة الجنازة جماعة وتقف الإمامة وسطهن.
قال الحنفية: ولو خرب المسجد وليس له ما يعمر به أو استغنى الناس عنه ببناء مسجد آخر يبقى مسجداً إلى قيام الساعة، فلا يعود إلى ملك الباني وورثته، ولا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر.
ولا يحل وضع جذوع على جدار المسجد ولو دفع أجرة، وقال محمد إذا انهدم الوقف وليس له من الغلة ما يعمر به يرجع إلى الباني أو إلى ورثته، وهذا الخلاف عند الحنفية
يسري على بسط المسجد وحصره وقناديله إذا استغني عنها، قال أبو يوسف: تنقل إلى مسجد آخر، وقال محمد ترجع إلى مالكه، والخلاف بين أبي يوسف ومحمد يسري على أنقاض المسجد، فأبو يوسف يفتي بنقله إلى مسجد آخر، ومحمد يعيده إلى ورثة الواقف وأبو حنيفة يمنع الاثنين.
وإذا وقف واقف واحد وقفين على مسجد أحدهما لترميمه والآخر للإمام أو المؤذن أو المدرس فقل مخصص الإمام ونحوه فللحاكم أن يصرف من فاضل وقف المصالح والعمارة إلى الإمام والمؤذن بعد استشارة أهل الصلاح من أهل المحلة، أما إذا اختلفت الجهة التي كان عليها الوقف أو اختلف الواقف فلا يصح للحاكم نقل مخصص أحدهما للآخر.
ويجوز للباني أو لصاحب الإذن جعل شيء من الطريق مسجداً لضيقه إذا وافق أهل المحلة والجهة ذات العلاقة، ولا يضر بالمارين ويجوز العكس وهو أن يوسع الطريق على حساب المسجد إذا اضطر لذلك المسلمون، وجاز في هذه الحالة للكافر أن يمر فيه ويتحاشى الجنب والحائض عن المرور فيه، ويجنب الدواب كذلك المرور فيه احتراماً للأصل.
(انظر المجموع 2/ 187 - 196)، (إعلام المساجد بأحكام المساجد للزركشي)، (الدر المختار 1/ 441 فما بعدها)، (الفقه الإسلامي 1/ 392 فما بعدها).