الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرحمن الرحيم، فقال: أي بني إياك والحدث، قد صليت مع النبي؛ ومع أبي بكر، ومع عمر، ومع عثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقولها، فلا تقلها إذا أنت صليت، فقل: الحمد لله رب العالمين.
وأول الشافعي حديث أنس: كانوا يستفتحون الصلاة بـ (الحمد لله رب العالمين) معناه: أنهم كانوا يبدؤون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة، ليس معناه أنهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم. شرح السنة (3/ 55).
قال الإمام الزيلعي في (نصب الراية 1/ 327): والمذاهب في كون البسملة من القرآن ثلاثة: طرفان، ووسط، فالطرف الأول قول من يقول: إنها ليست من القرآن إلا في سورة النمل، كما قاله مالك وطائفة من الحنفية، وقاله بعض أصحاب أحمد مدعياً أنه مذهبه أو ناقلاً لذلك رواية عنه، والطرف الثاني المقابل له قول من يقول: إنها آية من كل سورة، أو بعض آية، كما هو المشهور عن الشافعي ومن وافقه، فقد نقل عن الشافعي أنها ليست من أوائل السور غير الفاتحة، وإنما يستفتح بها في السور تبركاً بها، والقول الوسط: أنها من القرآن حيث كتبت وأنها مع ذلك ليست من السور بل كتبت آية في كل سورة، وكذلك تتلى آية مفردة في أول كل سورة، كما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت عليه (إنا أعطيناك الكوثر) وهذا قول ابن المبارك، وداود، وأتباعه، وهو المنصوص عن أحمد، وبه قال جماعة من الحنفية، وذكر أبو بكر الرازي أنه مقتضى مذهب أبي حنيفة، وهذا قول المحققين من أهل العلم، فإن في هذا القول الجمع بين الأدلة، وكتابتها سطراً مفصلاً عن السورة يؤيد ذلك، وانظر (بداية المجتهد 1/ 124).
-
قراءة الفاتحة في الصلاة:
967 -
* روى الجماعة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
الترمذي (2/ 12، 13) أبواب الصلاة، 18 - باب ما جاء في ترك بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" والزيلعي في "نصب الراية" 1/ 333.
967 -
البخاري (2/ 236، 237) 10 - كتاب الأذان، 95 - باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها.
مسلم (1/ 295) 4 - كتاب الصلاة، 11 - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وزاد أبو داود:"فصاعداً" قال: وقال سفيان: "لمن يصلي وحده" وزاد النسائي أيضاً في رواية له: "فصاعداً".
أقول: حمل الحنفية هذا النص على أن المراد لا صلاة كاملة إلا بفاتحة الكتاب، بدليل النص الذي يذكر كلمة الخداج فيمن لم يقرأ سورة الفاتحة، ولذلك اعتبروا قراءتها واجبة على الإمام والمنفرد حيث أوجبوا قراءتها، أما المأموم فلا يقرأ عندهم شيئاً ما دام وراء الإمام، وأسقطوا قراءتها على من كان مقيماً وصلى وراء مسافر، فإذا أتم المقيم صلاته بعد انتهاء صلاة المسافر المقصورة، فإنه لا يقرأ الفاتحة.
968 -
* روى مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، يقولها ثلاثاً"- وفي رواية (1): فهي خداج، ثلاثاً، غير تمام- فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل"- وفي رواية (2):
أبو داود (1/ 217) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب].
الترمذي (2/ 25) أبواب الصلاة، 183 - باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب.
النسائي (2/ 137، 138) 11 - كتاب الافتتاح، 124 - إيجاب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة.
ابن ماجه (1/ 273) 5 - كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، 11 - باب القراءة خلف الإمام.
(فصاعداً): أي فما زاد عليها، وهو منصوب على الحال.
968 -
الموطأ (1/ 84) 3 - كتاب الصلاة، 9 - باب القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة.
مسلم (1/ 297) 4 - كتاب الصلاة، 11 - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
الترمذي (5/ 201) 48 - كتاب تفسير القرآن، 2 - باب (من سورة فاتحة الكتاب).
النسائي (2/ 136) 11 - كتاب الافتتاح، 23 - ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب.
(1)
مسلم (1/ 296) 4 - كتاب الصلاة، 11 - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
(2)
مسلم (1/ 297) في نفس الموضع السابق.
(أم القرآن): سورة الفاتحة، سميت بذلك لأنها أوله وعليها مبناه وأم الشيء: أصله ومعظمه.
(خداج) الخداج: النقص، وتقديره: فهي ذات خداج، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، أو فهي مخدجة، فوضع المصدر المفعول.
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) أراد بالصلاة ها هنا: القراءة، بدليل أنه فسرها في الحديث بها، وقد تسمى الصلاة قراءة لوقوع القراءة فيها وكونها جزءاً من أجزائها، كما سميت بها في قوله:(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها)[الإسراء: 110] أراد: القراءة، كما سمى الصلاة قرآناً، قال تعالى: (وقرآن الفجر، إن قرآن
"فنصفها لي، ونصفها لعبدي- فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال: مجدني عبدي"- وقال مرة: "فوض إلي عبدي- وإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل".
وفي رواية الترمذي (1) وأبي داود (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج"، غير تمام، قال أبو السائب- مولى هشام بن زهرة- قلت: يا أبا هريرة، إني أحياناً أكون وراء الإمام؟ قال: فغمز ذراعي، ثم قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي
…
وساق نحو ما تقدم، وقال في آخرها:"هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".
وفي أخرى لأبي داود (3)، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرج فناد في المدينة: إنه لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد". وفي رواية للترمذي (4) ولأبي داود (5): "أمرني أن أنادي: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب"
الفجر كان مشهوداً) [الإسراء: 78] أراد صلاة الفجر، لانتظام أحدهما بالآخر. والصلاة خالصة لله تعالى، لا شرك فيها لأحد، وحقيقة هذه القسمة التي جعلها بينه وبين عبده: راجعة إلى المعنى، لا إلى متلو اللفظ، لأن السورة من جهة اللفظ نصفها ثناء، ونصفها مسألة ودعاء، وقسم الثناء انتهى عند قوله:(إياك نعبد)، وقوله (وإياك نستعين) من قسم الدعاء. ولذلك قال:"وهذه بيني وبين عبدي" ولو كان المراد: قسمة الألفاظ والحروف، لكان النصف الآخر يزيد على الأول زيادة بينة، فيرتفع معنى التعديل والنصيف، فعلم أنما هو قسمة المعاني.
(مجدني) المجيد: الكريم والشريف، والتمجيد: التعظيم والتشريف.
(فوض) يقال: فوض فلان أمره إلى فلان: إذا رده إليه، وعول فيه عليه.
(1)
الترمذي (2/ 121) أبواب الصلاة، 233 - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام.
(2)
أبو داود (1/ 216) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب].
(3)
أبو داود في نفس الموضع السابق.
(4)
الترمذي (2/ 121، 122) أبواب الصلاة، 233 - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام.
(5)
أبو داود (1/ 216) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب].