الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل وفوائد
- في عملية التفصيل الفقهي في الصلاة يتحدث عما هو ركن وواجب وسنة وأدب لتبيان قوة الإلزام في النصوص، وللفتوى فيما يبطل الصلاة أو لا يبطلها، ولتراعى بعض الحالات الاستثنائية التي لا يكون فيها أمام المسلم الخيار إلا أن يراعي الأهم فالمهم.
والأصل في الصلاة أن تؤدى تامة الأركان والواجبات والسنن والآداب، والعلم ينبغي أن يزيد من حرص العالم على الكمال ولكن بعض الناس يعكسون الأمر، فيتساهلون في واجبات أو سنن أو آداب، فهؤلاء لم يكن العلم في حقهم هو العلم النافع، والنصوص التي مرت معنا في هذا الفصل تحذر أمثال هؤلاء كما تحذر الجاهلين من أن ينتقص الإنسان من صلاته.
- الخشوع من مقاصد الإسلام العظيمة في الصلاة وتلاوة القرآن وفي الحياة العامة، فالأصل في المسلم أن يكون خاشعاً في الصلاة وخارجها قال تعالى:(وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، والصابرين على ما أصابهم، والمقيمي الصلاة)(1)، وقال تعالى:(واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون)(2). وفي شأن تعظيم الخشوع في الصلاة قال تعالى: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)(3) وقال تعالى: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرجوا سجداً وبكياً)(4) وفي شأن الخشوع لسماع القرآن قال تعالى: (وإذا سمعوا ما أنزل على الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق)(5)(إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)(6).
(1) الحج: من آية 24، 25.
(2)
البقرة: 45.
(3)
المؤمنون: 1.
(4)
مريم: من آية 58.
(5)
المائدة: 83.
(6)
الإسراء: من آية 107.
- ولأهمية الخشوع في الصلاة نهى الشارع أن يصلي الإنسان وهناك صارف طبيعي يصرفه عن الخشوع كوجود الطعام، ونهى عن إتيان الصلاة إلا بهيئة خشوع فلا يركض الإنسان من أجلها وأمر بإتمام هيئاتها الظاهرة من طمأنينة وعدم التفات وأمر بالإقلال من الحركة، ونهى عما يصرف عن الخشوع من نظر إلى السماء أو انشغال فيها عما ليس منها.
ومن هنا نعرف أن للخشوع سمتاً ظاهراً وهو أن تؤدى الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، وكما أن للخشوع مظهراً خارجياً فإن له حقيقة باطنة وهي التدبر والتأثر. وذروة التأثر أن تفيض العينان بالبكاء من خشية الله عز وجل.
- والخشوع علم بنص الحديث الذي رواه أبو الدرداء، وهذا العلم قل العارفون به ولذلك قل الخشوع، ومبنى علم الخشوع معرفة علم ما يصلح القلب وما يفسده ومعالجة فساد القلوب للوصول بها إلى القلب السليم، (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)(1).
- ولا شيء أصلح للقلب من كثرة ذكر الله عز وجل، قال تعالى:(ويهدي إليه من أناب، الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(2).
وأول ما يقبل الإنسان على الله بالذكر، يذكر مع الغفلة، فإذا استمر مع الذكر نقله الله إلى الحضور معه، فإذا استمر على الذكر وصل إلى مقام المراقبة والمشاهدة، فإذا أديت الصلاة في هذين المقامين فذلك من كمال الخشوع.
- من مظاهر الخشوع عند الحنفية نظر المصلي إلى موضع سجوده قائماً، وإلى ظاهر قدميه راكعاً وإلى أرنبة أنفه ساجداً وإلى حجره جالساً وإلى منكبيه مسلماً، وأن يمسك فمه عند التثاؤب فإن لم يقدر غطاه بظهر يده اليسرى أو بكمه بأقل ما يمكن من الحركة، وأن يدفع السعال ما استطاع، والسعال عندهم بلا عذر يفسد الصلاة إذا خرج حرفان أو أكثر بسببه، ومما ينبغي أن يلاحظه الإنسان بأن يقوم إلى الصلاة بنشاط، قال تعالى في وصف
(1) الشعراء: 89.
(2)
الرعد: من 27، 28.
المنافقين: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى)(1) وقال الشافعية ويسن للمصلي أن يفرغ قلبه من الشواغل الدنيوية لأنه أعون على الخضوع والخشوع.
ونحن إذ اقتصرنا في فضل الخشوع على ما ذكرناه من نصوص فلأن النصوص المرتبطة بالخشوع كثيرة جداً، تمر بمناسبات متعددة، فاقتصرنا ها هنا لأن النصوص الأخرى لا تغيب عن القارئ إذا جاءت في مناسباتها.
(1) النساء: 142.