الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زاد أبو داود: "فما زاد".
أقول: سؤال السامع لأبي هريرة: (إنا نكون وراء الإمام) دليل على أنه كان مشهوراً عندهم أن الصلاة وراء الإمام لا قراءة فيها، ثم إن قول أبي هريرة:(اقرأ بها في نفسك) دليل عند الحنفية على عدم القراءة وراء الإمام لأن القراءة في النفس تعني القراءة في القلب ولا تعتبر هذه قراءة عندهم.
969 -
* روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر".
أقول: قال الحنفية إن قراءة الفاتحة وسورة قصيرة أو ما يعادلها في الركعتين الأوليين من الفريضة واجبان وعلى هذا حملوا مثل هذا النص، قراءة الفاتحة وشيء معها واجب عندهم في كل ركعات النفل.
واستدل بهذا الحديث على أن البسملة ليست جزءاً من الفاتحة.
-
القراءة خلف الإمام:
970 -
* روى أحمد عن عبادة بن الصامت قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال:"إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم"! قال: قلنا: يا رسول الله إي والله، قال:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
أقول: استدل بهذا الحديث على وجوب القراءة على المأموم في السرية والجهرية ولم يأخذ به من قال بعدم القراءة في الجهرية للآية: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
969 - أبو داود (1/ 216) كتاب الصلاة، 136 باب من ترك القراءة في صلاته [بفاتحة الكتاب] وإسناده صحيح.
970 -
أحمد (5/ 316).
أبو داود (1/ 217) كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب.
الترمذي (2/ 116) أبواب الصلاة، باب ما جاء في القراءة خلف الإمام.
ابن حبان (3/ 137) ذكر الخبر المصرح بأن الغرض على المأمومين قراءة فاتحة الكتاب.
الحاكم (1/ 238، 239).
ترحمون) (1) وبآثار عديدة تنهى عن القراءة خلف الإمام فحملها المالكية والحنابلة فيما جهر به وجعلها الحنفية عامة، وقد ناقش صاحب إعلاء السنن في صحة هذا الحديث من الناحية الحديثية والفقهية ومما قاله:
الحديث مضطرب الإسناد رواه الأوزاعي عن مكحول عن عبد الله بن عمرو
…
وفي التمهيد خولف فيه ابن إسحق فرواه الأوزاعي عن مكحول عن رجاء بن حيوة عن عبد الله بن عمرو.
ورواه الطحاوي في أحكام القرآن من حديث رجاء عن محمود فأوقفه على عبادة.
وقال: ورواه مكحول مرة عن عبادة بن الصامت مرسلاً وأخرى عن نافع بن محمود عن عبادة، وتارة عن محمود عن أبي نعيم أنه سمع عبادة
…
ولا يدري أبو نعيم، وقال مكحول مرة عن نافع عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت.
ثم قال: والصحيح من حديث محمود هو طريق الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفوعاً (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) بدون هذه القصة. أخرجه البخاري.
إلى آخر هذه المناقشة (انظرها 4/ 101 - 107).
ثم أجاب عن حديث عبادة على طريقة الفقهاء فكان مما قاله:
إنه لا يدل على الوجوب بل على الإباحة فحسب، لأن الاستثناء من الحظر يفيد الإباحة والإطلاق، ثم أورد آثاراً تؤيد هذا.
وقال بعد ذلك: لو سلم دلالته على الوجوب فإنه يدل على وجوب القراءة على المأمومين وإن جهر بها الإمام، وكذلك يدل على أنه لا بأس بقراءتهم مع قراءة الإمام ولا بمنازعة القرآن إياه فيعارض قول الله تعالى:(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وما أخرجه مسلم وغيره من حديث (إذا قرأ فأنصتوا) وما رواه أبو هريرة من حديث النبي عن
(1) الأعراف: 204.
المنازعة فعند التعارض يرجح النص وما هو أصح في الباب من الأخبار اهـ. ملخصاً.
أقول: وقوله النص: هو اللفظ الواضح الدلالة على المعنى الذي سيق الكلام من أجله ويحتمل التخصيص والتأويل والنسخ في عهد الرسالة وهو يرجح على الظاهر، والظاهر: هو كل لفظ أو كلام ظهر المعنى المراد به للسامع بصيغته من غير توقف على قرينة خارجية أو تأمل سواء أكان مسوقاً للمعنى المراد منه أم لا.
واستدل أيضاً من قال: لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية بما.
971 -
* روى مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال:"هل قرأ معي أحد منكم آنفاً"؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني أقول: ما لي أنازع القرآن"؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البغوي (2/ 85): وذهب إلى أنه لا يقرأ أحد خلف الإمام سواء أسر الإمام أو جهر، يروى ذلك عن زيد بن ثابت وجابر. ويروى عن ابن عمر: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، واحتجوا بحديث أبي هريرة (ما لي أنازع القرآن) اهـ. (شرح السنة 3/ 82) وتحقيقات الشيخ شعيب عليه.
(1)
أخرجه الطحاوي في (معاني الآثار 1/ 129) من حديث عبيد الله بن مقسم أنه سأل عبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله، فقالوا:(لا تقرؤوا خلف الإمام في شيء من الصلوات) وإسناده صحيح.
971 - الموطأ (1/ 86) 3 - كتاب الصلاة، 10 - باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه وإسناده صحيح.
أحمد (2/ 301).
أبو داود (1/ 218) كتاب الصلاة، 136 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام.
الترمذي (2/ 118) أبواب الصلاة، 233 - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة.
النسائي (2/ 140) 11 - كتاب الافتتاح، 28 - ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به.
ابن حبان (3/ 159) كتاب الصلاة، باب ذكر الزجر عن رفع الصوت بالقراءة للمأموم.
(2)
رواه مالك في (الموطأ) 1/ 86 في الصلاة: باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، وإسناده صحيح، وروى ابن أبي شيبة، وأحمد 3/ 339، والدارقطني ص 123، والطحاوي 1/ 128 من عدة طرق عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة". وهو حديث حسن بطرقه وشواهده، انظر (نصب الراية) 2/ 7، 12، و (إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام) للكنوي. اهـ شعيب.
ولما كان بعض الناس يحملون على الحنفية ويرمونهم بما ليس فيهم أنقل لك مجملاً موجزاً لأدلتهم في عدم القراءة وراء الإمام:
استدل الحنفية بالكتاب والسنة والقياس، أما الكتاب فقوله تعالى:(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) أخرج البيهقي عن الإمام أحمد قال: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة. وأخرج عن مجاهد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فسمع قراءة فتى من الأنصار فنزل: (وإذا قرئ القرآن الآية).
وعلى فرض أن الآية لم تنزل في الصلاة فالعبرة كما قرر الأصوليون بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. والآية تطلب من المكلفين استماعاً هو خاص بالجهرية وإنصاتاً وهو يعم السرية والجهرية فيجب على المخاطبين أن يستمعوا فيما يجهر به وأن ينصتوا فيما يسر به وكان مقتضى ذلك أن يكون الاستماع فرضاً تركه حرام. لكن العمومات القاضية بطلب القراءة من كل مصلٍ جعلت دلالة الآية ظنية مقيدة للوجوب الذي يوجب مخالفته كراهة التحريم.
أما السنة، فمنها، ما رواه أبو حنيفة عن عبد الله بن شداد عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال. من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة. وهذا عام كما ترى فيشمل الجهرية والسرية. ويؤيده ما جاء في إحدى رواياته أن رجلاً قرأ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في الظهر أو العصر. فجعل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه عن القراءة في الصلاة، فلما انصرف أقبل عليه الرجل وقال: أتنهاني عن القراءة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعا حتى ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم:"من صلى خلف إمام الحديث"، فهذه
القصة تدل على منع القراءة لأن جواب النبي صلى الله عليه وسلم فيها خرج تقرير النهي للصحابي عن القراءة في الصلاة وقد كانت الصلاة سرية، وإذا تقرر النهي في السرية فمن باب أولى يتقرر في الجهرية وهذا الحديث قد رفعه عدد من المحدثين بطرق صحيحة ورواه أحمد عن جابر بإسناد قال فيه: إسناد صحيح متصل رجاله كلهم ثقات، ومنها ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا". صححه مسلم.
ومنها ما روي عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه سبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال: "أيكم قرأ أو أيكم القارئ" فقال الرجل: أنا، فقال:"لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها"، متفق عليه، ومعنى خالجنيها نازعنيها، وهذا الكلام يدل على إنكار القراءة وإذا أنكرت في الظهر وهي صلاة سرية ففي الجهرية أولى.
هذا، وقد وردت آثار عن كثير من الصحابة وكلها صريحة في المنع عن القراءة فعن علي: ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام، وعن ابن مسعود- وقد سئل عن القراءة خلف الإمام- أنه قال: أنصت فإن في الصلاة شغلاً ويكفيك الإمام، وعنه: أن من قرأ خلف الإمام ملئ فوه تراباً وعن سعد بن أبي وقاص: وددت الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة.
وأما القياس فقالوا: لو وجبت على المأموم لما سقطت عن المسبوق كسائر الأركان فقاسوا قراءة المؤتم. على قراءة المسبوق في حكم السقوط فتكون غير مشروعة والاشتغال بغير المشروع مكروه.
(انظر مقارنة المذاهب في الفقه ص 25 - 26 للسارس) هذا، وقد أطال وأجاد وأفاد الإمام ظفر التهانوي في إعلاء السنن في بيان أدلة الحنفية في هذه المسألة فبلغ عشرات الصفحات، ثم قال (4/ 89 - 93):
وبعد ذلك كله فاعلم أن قول أصحابنا بكفاية قراءة الإمام، وعدم افتراض القراءة،
ووجوبها على المأموم خلفه في غاية القوة. وكذا قولهم بكراهة القراءة أو حرمتها مع قراءة الإمام في الجهرية بحيث يخل بالاستماع، ووجوب السكوت عنه ذلك في غاية الوثاقة. ولذا تراهم لم يختلفوا في ذلك بل اتفقوا على ذلك بأسرهم، وأما قولهم بكراهة مطلق القراءة أو حرمتها في الجهرية ولو في حالة السكتات، وكذا بكراهة القراءة في السرية، فإنه وإن كان عندهم عليه دليل كما عرضنا عليك فيما سبق بالتفصيل ولكن لا يخلو الاحتجاج به عن قال وقيل، ولذلك اختلف أقوال أصحابنا في القراءة خلف الإمام في السكتات في الجهرية وفي السرية مطلقاً. قال في إمام الكلام (ص: 30) وفي المفيد والمزيد: لو قرأ خلف الإمام للاحتياط فإن كان في صلاة الجهر يكره إجماعاً، وفي المخافة قيل: لا يكره، والأصح أنه يكره، وكذا في الذخيرة، لكن نقل عن جدي شيخ الإسلام إمام أئمة الأعلام في العالم محي مراسم الدين بين الأمم الماحي بسطوته سياط البدع وآثار الظلم السعيد الشهيد نظام الملة والدين عبد الرحيم المشهور بين الأنام بشيخ التسليم وهو مجتهد في مذهب أبي حنيفة باتفاق علماء ما وراء النهر، وخراسان أنه كان يقول: يستحب للاحتياط فيما يروى عن محمد ويقول: لو كان في فمي جمرة يوم القيامة أحب إلي من أن يقال: (لا صلاة لك) انتهى ملخصاً اهـ. وفيه (ص: 31) وفي شرح النقاية للبرجندي عن الإمام أبي حفص الكبير أنه لا يكره قراءة المؤتم في صلاة لا يجهر فيها، وقيل: على قول محمد لا يكره، وعلى قولهما يكره، وهو الأصح اهـ. وفيه (ص: 32) ناقلاً عن الهداية: ويستحسن على سبيل الاحتياط فيما يروى عن محمد، ويكره عندهما لما فيه الوعيد انتهى.
وقال في غيث الغمام: وذكر الشعراني أن هذه الرواية (أي استحسان القراءة في السرية) هي التي رجع إليه محمد وأبو حنيفة حيث قال: لأبي حنيفة ومحمد قولان، أحدهما عدم وجوبها على المأموم، بل ولا تسن، وهذا قولهما القديم، وأدخله محمد في تصانيفه القديمة، وانتشرت النسخ إلى الأطراف.
وثانيها استحسانها على سبيل الاحتياط وعدم كراهتها عند المخالفة للحديث المرفوع (لا تفعلوا إلا بأم القرآن) إلى أن قال: فرجعا من قولهما الأول إلى الثاني احتياطاً. انتهى. لكن كتب الحنفية أكثرها خالية عن ذكر الرجوع ولو ثبت ذلك كان قاطعاً للنزاع اهـ