الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أقول: قال الشافعية والحنابلة: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركن في القعود الأخير بعد التشهد، لهذا الحديث وللآية:(يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً)(1) وتتحقق الركنية عند الشافعية بأن يقول المصلي (اللهم صل على محمد) وأكمل الصلاة على النبي أن يقول (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وقال الحنفية والمالكية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القعود الأخير بعد التشهد سنة، وقال الحنفية: الصلاة على النبي صلى الله عليه سلم في القعود الأول من الصلاة الثلاثية والرباعية مكروه، وقال الشافعية والمالكية بسنتها وقال الحنابلة بوجوبها، قال البغوي (3/ 185): وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فعامة العلماء على أن التشهد الأول ليس محلاً لها. اهـ، وأما الصلاة على الآل في القعود الأخير فهي سنة عند الشافعية واجبة عند الحنابلة ويسن الدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل السلام وقد مرت معنا بعض صيغه، وستمر معنا بعض صيغه فيما بعد.
ويقتصر عند الحنفية على الدعاء المأثور، وأما الأئمة الآخرون فيقولون إن له أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، والمأثور أفضل ويندب تعميم الدعاء له ولغيره من المسلمين.
-
التسليم في انتهاء الصلاة وكيفيته:
1160 -
* روى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم".
(1) الأحزاب: 56.
1160 -
أبو داود (1/ 16) كتاب الطهارة، 31 - باب فرض الوضوء.
الترمذي (1/ 8) أبواب الطهارة، 3 - باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور. والحديث له شواهد فهو حسن.
(تحريمها التكبير) أصل التحريم، من قولك: حرمت فلاناً عطاءه، أي منعته إياه، وأحرم الرجل بالحج: إذا دخل فيما يمتنع معه من أشياء كانت مطلقة له قبل، وكذلك المصلى: بالتكبير صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير: تحريم، لمنعه المصلي من ذلك "وتحليلها التسليم" أي: دخل بالتسليم في الحل والإباحة لما كان ممنوعاً منه، كما يستحل المحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان محظوراً عليه.
أقول: السلام الأول للخروج من الصلاة حال القعود فرض عند المالكية والشافعية، والتسليمتان فرض عند الحنابلة في صلاة الفريضة، وقال الحنفية: التسليمتان واجبتان، فمن خرج بصنعه من الصلاة بغير سلام فصلاته جائزة عند الحنفية إلا أنها مكروهة كراهة تحريم وأقل ما يجزئ عند الحنفية (السلام) دون قوله (عليكم) وأكمله وهو السنة: أن يقول: (السلام عليكم ورحمة الله) وأكمله عند المالكية (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
وقوله: وتحليلها التسليم يفيد فرضية السلام ظاهراً كما قال الإمام الشافعي لكن عارضه حديث علي وغيره: (إذا جلس مقدار التشهد ثم أحدث فقد تمت صلاته) وهو موقوف في حكم المرفوع وإسناده حسن أخرجه البيهقي فأورث شبهة في فرضيته، فقال الحنفية بوجوبه) اهـ (انظر إعلاء السنن 3/ 14 و 117 و 141 ونيل الأوطار 2/ 344).
(تحريمها التكبير) أصل التحريم، من قولك: حرمت فلاناً عطاءه، أي منعته إياه، وأحرم الرجل بالحج: إذا دخل فيما يمتنع معه من أشياء كانت مطلقة له قبل، وكذلك المصلي: بالتكبير صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير: تحريم، لمنعه المصلي من ذلك: وتحليلها التسليم. أي: دخل بالتسليم في الحل والإباحة لما كان ممنوعاً منه، كما يستحل المحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان محظوراً عليه.
1161 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
قال الصنعاني في "سبل السلام": قد ثبت قوله "صلوا كما رأيتموني أصلي" وثبت حديث "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح فيجب التسليم لذلك. وقد ذهب إلى وجوبه الهادوية والشافعية وقال النووي إنه قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وذهب الحنفية وآخرون إلى أنه سنة مستدلين على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر "إذا رفع الإمام رأسه من السجدة وقعد ثم أحدث قبل التسليم فقد تمت صلاته" فدل على أن التسليم ليس بركن واجب وإلا لوجبت الإعادة ولحديث المسيء صلاته فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالسلام وأجيب عنه بأن حديث ابن عمر ضعيف باتفاق الحفاظ؛ فإنه أخرجه الترمذي وقال هذا حديث ليس بذاك القوي وقد اضطربوا في إسناده، وحديث المسيء صلاته لا ينافي الوجوب فإن هذه زيادة وهي مقبولة، والاستدلال بقوله (اركعوا واسجدوا) على عدم وجوب السلام استدلال غير تام لأن الآية مجملة بين المطلوب منها فعله صلى الله عليه وسلم. (الناشر).
1161 -
الترمذي (2/ 89) أبواب الصلاة، 221 - باب ما جاء في التسليم في الصلاة.
وزاد أبو داود (1) بعد قوله: "شماله": "حتى يرى بياض خده". وفي رواية النسائي (2): "حتى يرى بياض خده من ها هنا، [وبياض خده من ها هنا] ".
1162 -
* روى أبو داود عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة الله".
1163 -
* روى مسلم عن أبي معمر الأزدي الكوفي قال: إن أميراً كان بمكة يسلم تسليمتين، فسمع به عبد الله، فقال: أنى علقها؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
أقول: ليس هذا إنكاراً، بل تعجباً من علم الرجل وكان بعض الناس يجهلون مثل هذا أو يقتصرون على السلام الأول، وهو دليل لمن ذهب إلى سنية السلام الثاني، قال ابن المنذر:(أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم إلى أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة) وقال الحنفية: لكنه مكروه تحريماً.
1164 -
* روى ابن خزيمة عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يسلم واحدة السلام عليكم.
1165 -
* روى مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله- وأشار بيده إلى
(1) أبو داود (1/ 261، 262) كتاب الصلاة، 188 - باب في السلام.
(2)
النسائي (3/ 63) 13 - كتاب السهو، 70 - باب كيف السلام على اليمين.
1162 -
أبو داود (1/ 262) كتاب الصلاة، 188 - باب في السلام.
وإسناده منقطع وله شواهد تقويه، فهو حسن، وأخرجه ابن حبان (3/ 223، 224) ذكر كيفية التسليم الذي ينفتل المرء به من صلاته وذكر خبر كان يصرح بصحة ما ذكرناه، وقد ذكر الرملي في شرح المنهاج أنها ثبتت من عدة طرق ومن ثم اختار جمع ندبها.
1163 -
مسلم (1/ 409) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 22 - باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها.
(أنى علقها) أنى: بمعنى: من أين؟ وبمعنى كيف، و"علقها" بمعنى: تعلمها: أي: من أين عرف ذلك، وممن أخذها؟.
1164 -
ابن خزيمة (1/ 360) 34 - باب إباحة الاقتصار على تسليمة واحدة من الصلاة.
1165 -
مسلم (1/ 322) 4 - كتاب الصلاة، 27 - باب الأمر بالسكون في الصلاة، والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام.
الجانبين- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علام تؤمنون بأيديكم، كأنها أذناب خيل شمس؟ وإنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من عن يمينه وشماله". وفي رواية (1) أبي داود، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم أحدنا: أشار بيده من عن يمينه، ومن عن يساره، فلما صلى قال:"ما بال أحدكم يومئ بيديه كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي- أو ألا يكفي- أحدكم أن يقول هكذا"- وأشار بإصبعه- "يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله". وفي أخرى (2) له بمعناه، وقال:"إنما يكفي أحدكم- أو أحدهم أن يضع يده على فخذيه، ثم يسلم على أخيه من عن يمينه وشماله". وفي أخرى (3) له، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس رافعوا أيديهم- قال زهير: أراه قال: في الصلاة- قال: "مالي أراكم رافعي أيديكم، كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة"، هذه الرواية الآخرة قد أخرجها مسلم (4) في جملة حديث يتضمن معنى آخر.
أقول: من هذا الحديث وأمثاله أخذ الحنفية عدم رفع الأيدي في الصلاة إلى حذاء الأذنين إلا عند تكبيرة الإحرام تقليلاً للحركة في الصلاة، على أن القائلين بسنية الرفع لا يعتبرون ذلك من غير أفعال الصلاة.
1166 -
* روى مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يختم الصلاة بالتسليم، وينهى عن عقبة الشيطان.
(علام تومئون) الإيماء: الإشارة إلى الشيء باليد والرأس، والعين، و"علام": أي على ما، حذفت الألف من "ما" تخفيفاً لكثرة الاستعمال، ومثله عم، [وبم]، وفيم.
(خيل شمس) شمس: جمع شموس، وهو من الدواب ما لا يكاد يستقر شغباً وبطراً، ورجل شموس الأخلاق: أي عسرها.
(1)
أبو داود (1/ 262) كتاب الصلاة، 188 - باب في السلام.
(2)
أبو داود، الموضع السابق.
(3)
أبو داود، نفس الموضع السابق.
(4)
مسلم، نفس الموضع السابق ص 322.
1166 -
مسلم (1/ 357، 358) 4 - كتاب الصلاة، 45 - باب الاعتدال في السجود.
أقول: فسر بعضهم عقبة الشيطان بأن يفترش الإنسان كلاً من قدميه فيما بين السجدتين أو أثناء القعود وهو مكروه، وفسره بعضهم بالإقعاء المعهود، أما أن ينصب الإنسان كلاً من قدميه ويجلس على عقبيه ما بين السجدتين فقد مر معنا أنه مسنون عند بعض المحدثين، ونقل عن الشافعي أنه مستحب والظاهر أنه خلاف السنة الأغلبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
1167 -
* روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
أقول: يستحب لمن فرغ من صلاة الفريضة ألا يصلي النافلة بعدها إلا بفاصل أو انتقال، ويجزئ في الفاصل عند الحنفية أن يقول:(اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) ويقرأ عند غير الحنفية أوراد الصلاة بعد التسليم وقبل صلاة النافلة، ويقرؤها عند الحنفية بعد صلاة النافلة لأن النافلة عندهم تجبر نقص الفريضة، فكان من المناسب أن يسارع إليها بعد أدنى فاصل.
1168 -
* روى مسلم عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال: سألت أنس بن مالك: كيف أنصرف إذا سلمت: عن يميني، أو عن يساري؟ قال: أما أنا فأكثر ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه.
1169 -
* روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائماً وقاعداً، ويصلي حافياً ومنتعلاً، وينصرف عن يمينه وعن شماله.
1170 -
* روى مالك عن واسع بن حبان قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسند
1167 - مسلم (1/ 414) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 26 - باب استحباب الذكر بعد الصلاة.
الترمذي (2/ 95، 96) أبواب الصلاة، 224 - باب ما يقول إذا سلم من الصلاة.
ابن خزيمة (1/ 362، 363) 237 - باب الثناء على الله عز وجل بعد السلام من الصلاة.
1168 -
مسلم (1/ 492) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 7 - باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال.
النسائي (3/ 81) 13 - كتاب السهو، 10 - باب الانصراف من الصلاة.
1169 -
النسائي (3/ 81، 82) 13 - كتاب السهو، 100 - باب الانصراف من الصلاة، وحديث صحيح.
1170 -
الموطأ (1/ 169) 9 - كتاب قصر الصلاة في السفر، 23 - باب العمل في جامع الصلاة، وإسناده صحيح.
ظهره إلى جدار القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر، فقال عبد الله بن عمر: ما منعك أن تنصرف عن يمينك؟ قال: فقلت: رأيتك فانصرفت إليك: قال عبد الله: فإنك قد أصبت، إن قائلاً يقول: انصرف عن يمينك، فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت: إن شئت على يمينك، وإن شئت على يسارك.
1171 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا يجعل أحدكم للشيطان شيئاً من صلاته، يرى أن حقاً عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ينصرف عن يساره. إلا أن أبا داود قال: أكثر ما ينصرف عن شماله. قال عمارة: أتيت المدينة بعد، فرأيت منازل النبي صلى الله عليه وسلم عن يساره.
1172 -
* روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه كان ينفتل عن يمينه وعن يساره ثم يعيب على من يتوخى أو يعمد الانفتال عن يمينه. علقه البخاري بصيغة الجزم، قال الحافظ: وظاهر هذا الأثر يخالف ما رواه مسلم من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال: سألت أنساً كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري؟ قال أما أنا، فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه.
ويجمع بينهما بأن أنساً عاب من يعتقد تحتم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمر فجهة اليمين أولى. قال البغوي (3/ 213): إذا كان المصلي له حاجة ينصرف إلى جانب حاجته فإن استوى الجانبان فينصرف إلى أي جانب شاء واليمين أولاهما لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب من التيمن وإن لم يرد الخروج من المسجد فليقبل على الناس بوجهه من جانب يمينه لحديث البراء الآتي.
1173 -
* روى أبو داود عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا انصرف انحرف.
1171 - البخاري (2/ 337) 10 - كتاب الأذان، 159 - باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال.
مسلم (1/ 492) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 7 - باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال.
أبو داود (1/ 273) كتاب الصلاة، 203 - باب كيف الانصراف من الصلاة.
النسائي (3/ 81) كتاب السهو، 100 - باب الانصراف من الصلاة.
1172 -
البخاري (2/ 337) 10 - كتاب الأذان، 159 - باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال.
1173 -
أبو داود (1/ 167) كتاب الصلاة، 71 - باب الإمام ينحرف بعد التسليم.
وفي رواية (1) النسائي: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى انحرف.
1174 -
* روى مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه، فيقبل علينا بوجهه، قال فسمعته يقول:"رب قني عذابك يوم تبعث عبادك أو تجمع عبادك".
أقول: من ههنا استحب العلماء أن يحول الإمام جلسته بعد السلام فيتجه نوع اتجاه نحو المصلين، وقد جرت العادة في بعض البلدان أن يقيم الإمام والمأمومون أوراد الصلاة على هذه الصفة، وقيد الحنفية توجه الإمام نحو المصلين بأن يكون في صلاة ليس بعدها تنفل أو أن يتجه إليهم بعد التنفل.
1175 -
* رو الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال إذا سلم الإمام وللرجل حاجة فلا ينتظره إذا سلم أن يستقبله بوجهه وإن فصل الصلاة التسليم، وكان عبد الله إذا سلم لم يلبث أن يقوم أو يتحول من مكانه أو يستقبلهم بوجهه.
1176 -
* روى البخاري عن هند بنت الحارث، أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها: أن النساء كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلمن من المكتوبة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى خلفه من الرجال، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال.
1177 -
* روى البخاري عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
(1) النسائي (3/ 64) كتاب السهو، 78 - باب الانحراف بعد التسليم. وإسناده صحيح.
1174 -
مسلم (1/ 492) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 8 - باب استحباب يمين الإمام.
أبو داود (1/ 167) كتاب الصلاة، 71 - باب الإمام ينحرف بعد التسليم.
1175 -
الطبراني "المعجم الكبير"(9/ 309).
مجمع الزوائد (2/ 147) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
1176 -
البخاري (2/ 349) 10 - كتاب الأذان، 133 - باب انتظار الناس قيام الإمام.
ابن خزيمة (3/ 108) جماع أبواب صلاة النساء في الجماعة، 201 - باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقوم ساعة يسلم إذا لم يكن خلفه نساء.
1177 -
البخاري (2/ 350، 351) 10 - كتاب الأذان، 164 - باب صلاة النساء خلف الرجال.
ابن خزيمة (3/ 108، 109) جماع أبواب صلاة النساء في الجماعة، 201 - باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يقوم ساعة يسلم إذا لم يكن خلفه نساء.
إذا سلم من الصلاة لم يمكث إلا يسيراً حتى يقوم.
قال الزهري: فنرى ذلك- والله أعلم- أن ذاك ليذهب النساء قبل أن يخرج أحد من الرجال.
أقول: هذه من الأفعال التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم فيها الناس ما هو من باب الذوق والمروءات، وهو شيء نجده في كثير من تعاليمه ومن تصرفاته عليه الصلاة والسلام وتصرفات أصحابه، لذلك كان للمروءات شأنها في الإسلام حتى قال الفقهاء: إن من فعل فعلاً يخل بالمروءة ولو كان مباحاً سقطت عدالته، ومن مثل هذا النص أخذ بعض القائمين على التعليم في بعض البلدان الإسلامية بمبدأ صرف الطالبات من مدارسهن قبل صرف الذكور.
1178 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن رفع الصوت بالذكر، حين ينصرف الناس من المكتوبة: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك، إذا سمعته.
وفي رواية (2): ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير قال عمر [بن دينار]: وأخبرني به أبو معبد، ثم أنكره بعده.
إلا أن أبا داود قال في الأولى: [كنت أعلم إذا انصرفوا] بذلك، وأسمعه.
وأخرج النسائي الرواية الثانية (3)، وقال الحافظ في (الفتح) قال النووي: حمل الشافعي هذا الحديث على أنهم جهروا به وقتاً يسيراً لأجل تعليم صفة الذكر، لا أنهم داموا على الجهر به، والمختار أن الإمام والمأموم يخفيان الذكر إلا إن احتيج إلى التعليم.
1178 - البخاري (2/ 324) 10 - كتاب الأذان، 155 - باب الذكر بعد الصلاة.
مسلم (1/ 410) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 23 - باب الذكر بعد الصلاة.
أبو داود (1/ 263) كتاب الصلاة، 190 - باب التكبير بعد الصلاة.
(2)
البخاري (2/ 325) 10 - كتاب الأذان- 155 - باب الذكر بعد الصلاة.
(3)
النسائي (3/ 67، 68) 13 - كتاب السهو، 79 - التكبير بعد تسليم الإمام.
1179 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم، وإذا سلمت فعجلت بك حاجة فانطلق قبل أن تقبل بوجهك.
أقول: الظاهر أن الخطاب في الأثر للإمام الذي يندب له بعد الصلاة أن يتوجه إلى المصلين، فله إذا انتهت الصلاة أن يخرج مباشرة لحاجته، وقد يراد بالإقبال الإقبال على أوراد الصلاة وأذكارها فيكون الخطاب موجهاً لكل مصل، وهذا يفيد أن الإمام والمأموم يقتصران على مجرد الصلاة، دون أذكارها إذا كان هناك وضع خاص يقتضي الإقبال على مهمة من دين أو دنيا، كأن يكون الناس في اجتماع يتدارسون فيه أمراً مهماً، والإقبال على الأذكار والدعوات يكون على حساب هذا المهم.
1179 - الطبراني "المعجم الكبير"(9/ 295).
مجمع الزوائد (2/ 104) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.