المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عرض إجمالي الجماعة هي الارتباط الحاصل بين صلاة الإمام والمأموم، وقد - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفقرة الرابعة: في الأذان والإقامة

- ‌تشريع الأذان:

- ‌ فضيلة النداء وإجابته وكراهية الشيطان له:

- ‌ ما ينبغي على من سمع الأذان:

- ‌ اتخاذ أكثر من مؤذن:

- ‌ حكم أخذ الأجر على الأذان:

- ‌ الأذان في السفر:

- ‌ من آداب الأذان:

- ‌الفصل الثالثفي الشرط الثالث من شروط الصلاة وهو:ستر العورة وما له علاقة بلباس المصلي

- ‌عرض إجمالي

- ‌ نصوص هذا الفصل:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الرابعفي الشرط الرابع من شروط صحة الصلاة وهواستقبال القبلة، وما له علاقة بموضوع القبلة

- ‌عرض إجمالي:

- ‌ تحويل القبلة:

- ‌التوجه إلى جهة الكعبة:

- ‌ المتطوع على الراحلة هل يستقبل القبلة:

- ‌ تحريم اتخاذ القبور مساجد:

- ‌ في اتخاذ سترة بين يدي المصلي:

- ‌ النهي عن المرور أمام المصلي:

- ‌ مقاتلة المار بين يدي المصلي:

- ‌ الصلاة إلى الكعبة:

- ‌ الأدب في التوجه إلى القبلة:

- ‌ النهي عن التصاوير في القبلة:

- ‌ فيمن بصق في القبلة:

- ‌الفصل الخامسفي الشرط الخامس من شروط الصلاة وهوالنيةوما له علاقة بها

- ‌الباب الثالثأفعال الصلاة وأقوالها وما يدخل فيها من أركان وواجباتوسنن وآداب وما يرافقها أو يتبعها أو يتعلق بها

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي نصوص جامعة تصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي تعليم المسيء صلاته

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثالثفي روايات في التكبير في الصلاة ووضع اليمين على الشمال

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الرابعفيالاستفتاح

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الخامسفي: القراءة

- ‌عرض إجمالي

- ‌ حكم الإسرار بالبسملة:

- ‌ قراءة الفاتحة في الصلاة:

- ‌ القراءة خلف الإمام:

- ‌ ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة:

- ‌القراءة في صلاة الفجر:

- ‌ القراءة في الظهر والعصر:

- ‌ القراءة في المغرب:

- ‌ القراءة في صلاة العشاء:

- ‌ من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في القراءة:

- ‌فائدة: في إطالة القراءة وتخفيفها:

- ‌ القراءة في الليل:

- ‌ هل يجهر بالتأمين؟ وفضل التأمين:

- ‌ القراءة المنكوسة والترتيب:

- ‌الفصل السادسفيالركوع والسجود وما يتعلق بهماعرض إجمالي

- ‌ كيفية الركوع والسجود:

- ‌النهي عن الافتراش في السجود وعن الإقعاء:

- ‌ كيف يهوي إلى السجود:

- ‌ صفة السجود:

- ‌ أعضاء السجود:

- ‌ المنهي عنه في السجود:

- ‌ ما ورد في جلسة الاستراحة:

- ‌ فضل السجود:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل السابعفيالقنوت في الصلاةعرض إجمالي

- ‌الدعاء في القنوت:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثامنفيالقعود في الصلاة وما يتعلق بهعرض إجمالي

- ‌ كيفية الجلوس:

- ‌ الجلوس للتشهد وآدابه:

- ‌ ألفاظ التشهد المسنونة:

- ‌ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجلوس الأخير:

- ‌ التسليم في انتهاء الصلاة وكيفيته:

- ‌الفصل التاسعفيالخشوع في الصلاة

- ‌ حقيقة الخشوع وطرق تحصيله

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل العاشرفي بعض أدعية الصلاة وأذكارها المأثورة

- ‌نصوص جامعة عامة:

- ‌ أدعية الاستفتاح:

- ‌ التعوذ بعد الاستفتاح:

- ‌ أذكار الركوع والرفع منه واعتداله:

- ‌فائدة:

- ‌ ما يقول بعد التشهد:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الحادي عشرفي بعض الأدعية والأذكار المأثورة بعد الصلاة

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثاني عشر: في لواحق الباب الثالث

- ‌الفقرة الأولى: في الصلاة في النعال

- ‌الفقرة الثانية في الصلاة على الحصير وغيرها

- ‌الفقرة الثالثة: في مكان الصلاة

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الرابعة: في الصلاة في البيوت

- ‌مسائل وفوائدحول الباب الثالث

- ‌الباب الرابعفي أفعال ممتنعة في الصلاة وأفعال جائزة

- ‌عرض إجمالي

- ‌ النهي عن الكلام والسلام في الصلاة:

- ‌ البكاء من خشية الله

- ‌ العمل القليل لا يبطل الصلاة:

- ‌ حمل الأطفال في الصلاة:

- ‌ من نابه شيء في صلاته فإنه يسبح والمرأة تصفق:

- ‌ كراهة رفع البصر إلى السماء في الصلاة:

- ‌ النهي عن القراءة في الركوع والسجود:

- ‌ النهي عن نقر الصلاة:

- ‌ النهي عن الافتراض في الصلاة، ونحوه:

- ‌ حكم القهقهة:

- ‌ النهي عن تزيين الصلاة:

- ‌ كراهة الصلاة مع المدافعة:

- ‌ النهي عن الالتفات:

- ‌ الرخصة في مسح الحصى لضرورة:

- ‌ النهي عن الاختصار والتشبيك وفرقعة الأصابع في الصلاة:

- ‌ النهي عن المرور بين يدي المصلي:

- ‌ النهي عن الصلاة مع مغالبة النعاس:

- ‌ النهي عن الصلاة لمعقوص الرأس:

- ‌ كراهية الصلاة بعد العصر:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الخامسفي المساجد والجماعة والجمعة

- ‌مقدمة الباب

- ‌الفصل الأولفي المساجد وأحكامها

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرة الأولىالاهتمام ببناء المساجد وخدمتها وفضلها

- ‌الفقرة الثانيةفي بعض ما ورد عن مسجد الرسول

- ‌الفقرة الثالثةفي بعض آداب المسجد وأحكام المسجد

- ‌ النهي عن البيع والشراء ونشدان الضالة:

- ‌ إنشاد الشعر في المسجد:

- ‌ منع المشركين من المسجد الحرام:

- ‌ التصدق في المسجد:

- ‌ منع الحائض والجنب من المسجد:

- ‌ تنزيه المسجد عن غير الصلاة والذكر ونحو ذلك:

- ‌النهي عن البصاق في المسجد:

- ‌ النوم في المسجد

- ‌ اللعب بالحراب في المسجد:

- ‌ من آداب الذهاب إلى المسجد والجلوس فيه:

- ‌ الإكثار من اتخاذ المساجد:

- ‌ الإخلاص في عمارة المساجد:

- ‌ الوضوء في المسجد:

- ‌ فضل الإقامة في المسجد:

- ‌ ما جاء في المحراب:

- ‌ تنزيه المسجد عن الرائحة الكريهة:

- ‌ النهي عن اتخاذ القبور مساجد:

- ‌ ما يقول إذا دخل المسجد وإذا خرج

- ‌الفقرة الرابعةفي صلاة المرأة في المسجد

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيفي صلاة الجماعة وما يتعلق بها

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرة الأولى‌‌فضل صلاة الجماعةوالمشي إلى المساجد وانتظار الصلاة والترهيب من تركالجماعة، وبعض الأعذار التي تبيح ترك الجماعة

- ‌فضل صلاة الجماعة

- ‌مسألة: إذا أعاد المسلم الصلاة فأيهما الفرض وهل تجوز الإعادة ومتى

- ‌1 - ما هي الصلوات التي تجوز إعادتها

- ‌2 - ثم أيتهما النافلة وأيتهما الفريضة

- ‌3 - هل الإعادة مختصة بمن صلى منفرداً أولاً أم لا

- ‌ فضل المشي إلى المسجد والجماعات:

- ‌ فضل انتظار الصلاة:

- ‌ الترهيب من ترك الصلاة لوقتها والترهيب من ترك الجماعة:

- ‌ بعض الأعذار التي تبيح ترك الجماعة:

- ‌الفقرة الثانيةأحكام الإمام والمأموم

- ‌ الأحق بالإمامة:

- ‌ من أم قوماً وهم له كارهون:

- ‌ إمامة العبد

- ‌ إمامة الأعمى:

- ‌ إمامة النساء:

- ‌ تخفيف الإمام الصلاة على العامة:

- ‌ ماذا يفعل من دخل المسجد والإمام راكع:

- ‌ إقامة الصلاة إذا تأخر الإمام:

- ‌ وجوب متابعة الإمام:

- ‌ الفتح على الإمام:

- ‌ القراءة خلف الإمام:

- ‌ التأمين خلف الإمام:

- ‌ الاستخلاف في الصلاة وتقديم الأولى:

- ‌ ما يقول المأموم إذا رفع رأسه من الركوع:

- ‌ حكم من أدرك ركعة خلف الإمام:

- ‌ جواز صلاة القائم خلف القاعد، وعدم جواز جلوس المقتدي بجلوس إمامه

- ‌ الصلاة على المكان المرتفع:

- ‌فائدة:

- ‌ تأخر الرجال عن النساء في الخروج من المسجد:

- ‌الفقرة الثالثةفيأحكام الصفوف

- ‌ فضل الصف الأول:

- ‌ ترتيب الصفوف:

- ‌ تسوية الصفوف:

- ‌ الصلاة بين السواري:

- ‌ النهي عن التأخر عن الصف الأول بلا وجه شرعي:

- ‌ حكم الصلاة منفرداً خلف الصف:

- ‌مسائل وفوائد

الفصل: ‌ ‌عرض إجمالي الجماعة هي الارتباط الحاصل بين صلاة الإمام والمأموم، وقد

‌عرض إجمالي

الجماعة هي الارتباط الحاصل بين صلاة الإمام والمأموم، وقد شرعت الجماعة للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة ولصلاتي العيدين ولصلوات أخرى سنراها.

وقد قال الحنفية والمالكية: الجماعة في الصلوات الخمس غير الجمعة سنة مؤكدة للرجال العاقلين القادرين عليها من غير حرج، فلا تجب على النساء والصبيان والمجانين والعبيد والمقعدين والمرضى والشيوخ الهرمين ومن قطعت يده ورجله من خلاف، أما الجمعة فإنها فريضة كما سنرى وقال الشافعية في القول الأصح عندهم: الجماعة فرض كفاية لرجال أحرار مقيمين فإن امتنعوا في بلد صغير أو كبير كلهم من إقامتها قاتلهم الإمام أو من له حكم الإمام، وقال الحنابلة: الجماعة واجبة وجوب عين لقوله تعالى: (واركعوا مع الراكعين)(1) ولكنهم قالوا بأن الجماعة ليست شرطاً لصحة الصلاة وأقل الجماعة عند الشافعية والحنابلة إمام ومأموم ولو كان المأموم صبياً، ولا تنعقد الجماعة مع صبي مميز عند المالكية، وتنعقد الجماعة مع صبي مميز عند الحنابلة في الفرض فقط وأفضل الجماعة ما كانت في المسجد إلا للمرأة والخنثى، فالبيت في حقهما أفضل ويفضل للمكلف أن يصلي في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره أو إذا كان حضوره يشجع غيره على صلاة الجماعة ثم ما كان أكثر جماعة والمسجد الأبعد أفضل من الصلاة في الأقرب وإقامتها في الوقت المفضل على ما فصله الفقهاء أفضل من انتظار كثرة الجمع، وقال المالكية: لا نزاع في أن الصلاة مع العلماء والصلحاء وأهل الخير أفضل من غيرها، وقد فصل بعضهم في صلاة الجماعة بالنسبة للنساء في المسجد فالعجوز التي انقطعت حاجة الرجال منها فهذه تخرج للمسجد ولمجالس الذكر والعلم ولصلاة العيدين والاستسقاء والجنازة ولقضاء حوائجها أو حوائج غيرها بلا حرج وأما من قاربت الأولى في السن فهذه مثل الأولى تحتاط أكثر وأما الشابة التي لا تلفت

(1) البقرة: من 43.

ص: 958

النظر فهذه تخرج للمسجد لصلاة الفرض جماعة وفي جنازة أهلها وأقاربها ولا تخرج لعيد ولا استسقاء ولا لمجالس ذكر أو علم إلا إذا كان هناك ضرورة بالنسبة للعلم، وأما الشابة التي تلفت النظر فعند الشافعية والحنابلة يكره لها حضور جماعة الرجال، والثواب الأكمل يحصل لمن أدرك الصلاة مع الإمام من أولها إلى آخرها فإن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام فضيلة، ويدرك الإنسان فضيلة الجماعة ما لم يسلم الإمام وإن لم يقعد معه بأن انتهى سلام الإمام عقب تكبيره إحرامه، وقال المالكية: لا يدرك فضل الجماعة كاملاً إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام والأجر حاصل لمن أدرك أقل من ركعة واتفق أئمة المذاهب على أن من أدرك الإمام راكعاً في ركوعه فإنه يدرك الركعة مع الإمام وشرط ذلك أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم أو أقرب إلى القيام فإن ركع بعد رفع الإمام رأسه من الركوع لم تحسب الركعة وفصل المالكية بأنه إذا وافق ركوع المأموم رفع الإمام وهو أقرب إلى الركوع جازت الركعة، وتجزئ تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع عند الحنابلة ولا تسقط سنية تكبيرة الانتقال عند الشافعية والمالكية بتكبيرة الإحرام، وقال المالكية: إذا خشي القادم إلى الصلاة أن تفوته الركعة فله أن يركع دون الصف إذا خاف فوات الركعة وقال الحنابلة وغيرهم: لا يركع دون الصف إلا إذا أتى آخر ووقف معه، والأصح عند الحنابلة أن الجماعة واجبة والسعي إلى المسجد سنة ويستحب عند العلماء لمن قصد الجماعة أن يمشي إليها وعليه السكينة والوقار وأجاز المالكية الإسراع المعتدل لإدراك الجماعة، ويبادر المصلي فيقتدي بالإمام سواء أكان الإمام قائماً أو راكعاً أو ساجداً وإذا أقيمت الصلاة لإمام راتب فقد قال المالكية يحرم على المتخلف أن يبتدئ صلاة منفرداً فريضة أو نافلة وإن أقيمت صلاة المسجد والمصلي في صلاة فريضة أو نافلة بالمسجد أو رحبته فإن خشي فوات ركعة مع الإمام قطع صلاته بسلام أو كلام بنية إبطال وإن لم يخش فوات الركعة فإن كانت الصلاة نافلة أتمها ركعتين وإن كان يصلي نفس صلاة الإمام ينصرف عن شفع إن كان في الشفع الأول ويقطعها ويلحق بالإمام وإن كان في الثالثة قبل كمالها بسجودها رجع للجلوس فتشهد وسلم، ودخل في صلاة الإمام، هذا إن كان في صلاة رباعية فإن كان في صلاة صبح أو مغرب فأقيمت قطع صلاته ودخل مع الإمام وإن أتم ثانية المغرب أو الثالثة أو ثانية الصبح كملها بنية الفريضة وقال الشافعية إن كان المصلي في صلاة نافلة ثم أقيمت الجماعة فإن لم يخش

ص: 959

فوات الجماعة أتم النافلة ثم دخل في الجماعة وإن خشي فوات الجماعة قطع النافلة وإن دخل في فرض الوقت ثم أقمت الجماعة فالأفضل أن يقطع ويدخل في الجماعة، وإن حضر وقد أقيمت الصلاة لم ينشغل عنها بنافلة وعند الحنابلة متى شرع مقيم الصلاة في إقامة الصلاة فلا يشرع الدخول في نفل مطلق ولا سنة راتبة في المسجد أو غيره فإن شرع في نافلة لم تنعقد وإن أقيمت الصلاة وهو في النافلة ولو كان خارج الصلاة أتمها خفيفة ولو فاتته ركعة ولا يزيد على ركعتين إلا إذا كان قد شرع في الركعة الثالثة فإنه يتمها أربعاً فإن سلم ولحق بالإمام جاز وإذا خشي المتنفل فوات الجماعة قطع نافلته.

وعند الحنفية إن شرع في سنة الظهر القبلية مثلاً فأقيمت الجمعة أو في سنة الجمعة فصعد الخطيب المنبر سلم بعد ركعتين ثم قضى السنة أربعاً بعد أداء الفرض والسنة البعدية وعند محمد يقضي قبل السنة البعدية ويكره عند الحنفية تكرار الجماعة بأذان وإقامة في مسجد محلة أما مسجد الطريق أو المسجد الذي لا إمام له ولا مؤذن فلا كراهة لو صلى الناس فيه فوجاً بعد فوج والأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة، وقال المالكية يكره تكرار الجماعة في إمام له راتب وكذلك يكره إقامة الجماعة قبل الإمام الراتب ويحرم إقامة جماعة مع جماعة الإمام الراتب، ومن دخل المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى بعد صلاة الإمام الراتب يصلي منفرداً عند المالكية ويكره عندهم تعدد الأئمة الراتبين ويكره بأن يصلي أحدهم بعد الآخر ويكره تعدد الجماعات في وقت واحد ولا يكره عند الشافعية تكرار الجماعة في المسجد المطروق في ممر الناس أو في السوق أو فيما ليس له إمام راتب أو له إما مراتب وضاق المسجد عن الجميع أو خيف خروج الوقت وقال الحنابلة: يحرم إقامة جماعة في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه كما يحرم إقامة جماعة أخرى أثناء صلاة الإمام الراتب ولا تصح الصلاة في تلك الحالتين ولا يكره أن يصلي الناس جماعة إذا تأخر الإمام الراتب لعذر أو ظن عدم حضوره أو ظن حضوره ولم يكن يكره صلاة غيره في حالة حضوره، ومن باب أولى ما إذا كان قد أذن، ولا يكره عندهم تكرار الجماعة بإمامة غير الراتب بعد انتهاء الإمام الراتب إلا في مسجدي مكة والمدينة فقط فإنه تكره إعادة الجماعة فيهما إلا لعذر كنوم ونحوه فمن فاتته صلاة الجماعة في المسجدين لعذر لا يكره له أن يصلي جماعة بعد صلاة

ص: 960

الإمام الراتب ويكره تعدد الأئمة الراتبين بالمسجدين المذكورين ويكره للإمام عندهم إعادة الصلاة مرتين، ويجوز للمنفرد أن يعيد الصلاة في جماعة وتكون الثانية له نفلاً والحنفية كما نعلم لا يجيزون التنفل بعد صلاة العصر وتكره عندهم إعادة الصلاة بعد العصر، وقل مثل ذلك في صلاة الصبح عند الحنفية، ولكون الحنفية لا يتنفلون بوتر فإنه يكره عندهم إعادة صلاة المغرب كذلك، وعند المالكية يندب لكل منفرد أن يعيد صلاته في جماعة إلا إذا صلى في أحد المساجد الثلاثة، فيندب له إعادتها فيها لا خارجها، والشافعية يرون إجازة إعادة الصلاة للمنفرد وغيره بنية الفرض، وفي المذهب الجديد عند الشافعية إذا صلى وأعاد مع الجماعة فالفرض هو الأولى وتكون الثانية نفلاً، وقال الحنابلة يستحب لمن صلى فرضه منفرداً أو في جماعة أن يعيد الصلاة إذا أقيمت الجماعة وهو في المسجد ولو كان وقت الإعادة وقت نهي، سواء كانت الإعادة مع الإمام الراتب أو مع غيره إلا المغرب فلا تسن إعادته، وتكون صلاة الأولى هي الفريضة وينوي بالثانية الإعادة، وفي كل الأحوال فإن الثانية تعتبر نفلاً، وهذا كله إذا كان داخل المسجد، أما من كان خارج المسجد وصلى صلاته ودخل بذلك وقت النهي كالصبح والعصر فلا يستحب له دخول المسجد حتى تفرغ صلاة الجماعة وتحرم عليه الإعادة، أما إذا لم يكن الوقت وقت نهي ودخل المسجد لا بنية الإعادة وكان الناس يصلون فإنه يسن له أن يعيد، ويسن للناس عند الحنفية أن يقوموا جميعاً إماماً ومأمومين إلى الصلاة عند (حي على الفلاح)، وذهب الحنابلة إلى أن القيام عند:(قد قامت الصلاة) ويرى الشافعية أن القيام يكون بعد انتهاء المقيم من الإقامة، ولم يحدد المالكية للقيام إلى الصلاة وقتاً فمتى بدأت الإقامة جاز للإنسان أن يقوم إلى الصلاة.

والأعذار التي تجيز للإنسان ترك الجمعة والجماعة كثيرة منها: المرض الذي يشق معه الحضور أما المرض الخفيف كصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر، ومنها التمريض لمن لا متعهد له سواء كان قريباً أو نحوه إذا خاف على المريض، ومن ذلك الخوف من حدوث المرض لو أنه خرج إلى الجمعة أو الجماعة، ولا تجب الجماعة والجمعة على مقعد وزمن ومقطوع يد ورجل من خلاف أو رجل فقط، ومفلوج وشيخ كبير عاجز وأعمى وإن وجد قائداً في رأي الحنفية، ولا يعذر إذا وجد قائداً عند الحنابلة والمالكية والشافعية في ترك الجمعة دون

ص: 961

الجماعة، ومن الأعذار التي تسقط الجمعة والجماعة أن يخاف ضرراً في نفسه أو ماله أو عرضه، كأن خاف ظالماً أو حبساً لأنه معسر، أو خاف ملازمة غريم وهو معسر، أو خاف عقوبة يرجو سقوطها لو تأخر اعتقاله، مما يمكن أن يدخل في دائرة العفو، والعري عذر، وكذلك خوف زيادة المرض أو بطء البرء، والقادر بقدرة الغير لا يعتبر قادراً عند الحنفية، ويعتبر قادراً عند الحنابلة والمالكية والشافعية في حق الجمعة ولا تجب الجمعة والجماعة بسبب الخوف من الانقطاع عن الرفقة في السفر ولو سفر نزهة أو بسبب الخوف من تلف مال كخبز في تنور وطبيخ على نار أو الخوف من فوات فرصة كالخوف من ذهاب شخص يدله على ضائع، ومن الأعذار التي تبيح ترك الجمعة والجماعة المطر والوحل والبرد الشديد والحر الشديد ظهراً، ومن الأعذار التي تبيح ترك الجماعة: الريح الشديدة في الليل لا في النهار والظلمة الشديدة، والثلج والجليد كالمطر والطين في إباحة ترك الجمعة والجماعة.

ومما يجيز ترك الجماعة مدافعة الأخبثين: البول والغائط أو أحدهما، وحضور طعام تتوقه نفسه وغلبة نعاس ومشقة، ومن أعذار ترك الجماعة عند الحنفية: الاشتغال بالفقه لا بغيره.

ومن أعذار ترك الجماعة: أكل ثوم أو بصل أو فجل أو منتن تظهر رائحته حتى يذهب ريحه وكل من تظهر منه رائحة منتنة بسبب عمله، وتسقط الجماعة عمن به برص أو جذام أو مرض يمكن انتقاله، ومما يسقط الجمعة والجماعة الحبس، ومن مسقطات الجماعة عند الشافعية تقطير سقوف الأسواق والزلزلة والريح الحارة ليلاً أو نهاراً والبحث عن ضالة يرجوها والسعي في استرداد مغصوب والسمن المفرط، والهم المانع من الخشوع، والاشتغال بتجهيز ميت، ووجود من يؤذيه في طريقه أو في المسجد وزفاف زوجته إليه في الصلاة الليلية، وزيادة الإمام على المسنون، وتركه سنة مقصودة، وكون الإمام سريع القراءة والمأموم بطيئاً، أو كون الإمام ممن يكره الاقتداء به، ومن أعذار ترك الجماعة أن يخشى الإنسان وقوع فتنة له أو به وتسقط الجمعة والجماعة عند المالكية لمدة ستة أيام بسبب الزفاف.

ومن انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها المبيحة للتخلف يحصل له ثوابها.

والجماعة في الصلاة تكون بإمام ومأموم ويتم بها ارتباط صلاة المؤتم بالإمام.

ص: 962

وشروط صحة إمامة الإمام: الإسلام والذكورة في إمامة الرجال أو الرجال مع النساء، ولا تصح إمامة الخنثى للرجال أو النساء وتصح إمامته لمثله وتصح إمامة النساء للنساء.

ومن شروط صحة الإمامة: العقل، ولا تصح إمامة المجنون ولا المعتوه ولا السكران كما لا تصح صلاتهما، واشترط الحنفية لصحة الإمامة في فرض أو نفل البلوغ واشترطه الحنابلة والمالكية في الفرض فقط، فلا تصح عندهم غير إمامة البالغ في الفرض، وأجاز الشافعية اقتداء البالغ بالصبي المميز حتى في الجمعة مع الكراهة، ولا تكره عند الشافعية جماعة النساء بل تستحب وتقف وسطهن، وقال الحنفية يكره تحريماً جماعة النساء وحدهن إلا في صلاة الجنازة، وتقف الإمامة وسطهن، ويكره عند الحنفية والحنابلة أن يؤم الرجال النساء في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه أو زوجته.

ومن شروط صحة الإمامة الطهارة من الحدث والخبث، وهناك تفصيلات في المذاهب حول لزوم إعادة صلاة الإمام أو المأموم إذا وجد فساد، فالمشهور عند الشافعية أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام صحة لا فساداً. ومن شروط صحة الإمامة: إحسان القراءة وإقامة الأركان، فلا تصح الصلاة خلف أخرس ولو صلى بأخرس مثله، ولا تصح الصلاة خلف عاجز عن ركوع أو سجود أو قعود أو استقبال قبلة أو اجتناب النجاسة، وتصح الصلاة خلف المماثل فيما ذكرناه، قال المالكية يشترط في الإمام القدرة على الأركان القولية كالفاتحة، والفعلية كالركوع والسجود والقيام فإن عجز لم يصح الاقتداء به إلا إذا تساوى الإمام والمأموم في العجز.

ولا يصح الاقتداء بمأموم حال اقتدائه، أما الاقتداء بمن كان مقتدياً بالإمام بعد انقطاع القدوة كأن كان مسبوقاً، فقد قال الحنفية والمالكية: لا يجوز اقتداء المسبوق بغيره ولا الاقتداء به، وقال الشافعية: يصح الاقتداء بمن كان مسبوقاً بعد أن سلم إمامه أو بعد أن نوى مفارقته، وتصح عندهم نية المفارقة في غير صلاة الجمعة أما فيها فلا يصح الاقتداء، ومذهب الحنابلة قريب من مذهب الشافعية واشترط الحنفية والحنابلة لصحة الإمامة السلامة من الأعذار كسلس البول ونحوه، فلا تصح إمامة من قام به عذر من الأعذار إلا بمعذور مثله بشرط أن يتحد عذرهما، ومن عنده عذران لا يصح أن يؤم من له عذر واحد،

ص: 963

وعند المالكية يكره أن يؤم صاحب العذر من ليس له عذر وعند الشافعية تصح إمامة صاحب العذر الذي لا تجب معه إعادة الصلاة لمقتد سليم، ولا تصح عند الحنفية إمامة الألثغ وهو من يبدل بعض الحروف بأخرى إلا إذا كان المقتدي مثله، ولا تصح عندهم إمامة التمتام الذي يكرر التاء، والفأفاء الذي يكرر الفاء إلا لمن ماثلهما، وأجاز الحنابلة إمامة من يبدل ضاد المغضوب والضالين بظاء، ولا تجوز إمامة الأرت وهو الذي يدغم بعض الحروف ببعضها في غير موضوع الإدغام كأن يقول: المتقيم بدل المستقيم، وقال الشافعية ومن يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة يعدان كالألثغ لا تصح إمامتهما إلا للمثل، وأكثر العلماء على أنه تصح إمامة التمتام والفأفاء ولو لغير المماثل مع الكراهة.

ولم يكن الاختلاف في الفروع الفقهية مانعاً من صلاة الصحابة بعضهم وراء بعض، وعلى هذا فالصلاة خلف المخالف في الفروع المذهبية من أتباع أئمة الاجتهاد من مذاهب أهل السنة والجماعة صحيحة غير مكروهة، ولكن من الأفضل للإمام أن يراعي مذاهب المصلين وراءه ما أمكن كي لا يدخل في إشكال مع المتعصبين لمذاهبهم، والأصل أن يكون الإمام عدلاً تقياً ورعاً، وشدد الحنابلة بأن منعوا إمامة الفاسق ولو بمثله وأوجبوا إعادة الصلاة في مثل هذه الحالة إلا في صلاة الجمعة والعيدين فإنهما تصحان عندهما خلف الفاسق إن لم تتيسر الصلاة خلف عدل، واشترط المالكية أن يكون الإمام سليماً من الفسق الذي سببه الصلاة كمن يتهاون في شرائطها وفرائضها، وجماهير العلماء على أن الصلاة خلف البر والفاجر جائزة، لأن الصحابة صلوا وراء أئمة الجور، وكره عامة العلماء الصلاة وراء المبتدعة الذين صلوا ببدعتهم.

والجمهور على أنه لا يصح لمفترض أن يصلي وراء متنفل، وخالف في ذلك الشافعية، والأحق بالإمامة عند الحنفية: الأعلم بأحكام الصلاة صحة وفساداً مع العدالة والحفظ من القرآن بقدر ما يؤدي فرضه، ثم الأحسن تلاوة ثم الأورع ثم الأسن، ثم الأحسن خلقاً ومن اجتمع له كل هذا فهو المقدم، فإن استووا يقرع بينهم أو الخيار إلى القوم وإن اختلفوا اعتبر الأكثر، وإذا وجد الخليفة المسلم فهو المقدم، ثم السلطان ثم الأمير ثم القاضي ثم صاحب المنزل ولو مستأجراً، ويقدم القاضي على إمام المسجد، فإذا لم يوجد سلطان أو قاض يقدم

ص: 964

في البيت صاحب البيت وفي المسجد إمام المسجد الراتب.

وهذه الأحكام مأخوذة من فقه الحنفية وهناك تفصيلات في بقية المذاهب وشيء من الاختلاف في الأحق بالإمامة.

ومن كلام المالكية: إن كان صاحب المنزل امرأة أنابت من يصلح للإمامة وتستخلف الأفضل، والأحق بالإمامة عندهم: السلطان ثم نائبه، ثم الإمام الراتب ثم رب المنزل ثم الأفقه ثم الأعلم بالسنة أو الحديث، ثم الأقرأ والأمكن في مخارج الحروف، ثم الأعبد ثم الأقدم إسلاماً ثم الأرقى نسباً، ثم الأحسن خلقاً، ثم الأحسن لباساً، فإن تساووا قدم الأورع والزاهد ويقدم الأعدل على مجهول الحال، والأب على ابنه، والعم على ابن أخيه، فإن تساووا في كل شيء قرع بينهم إلا إن رضوا بتقديم أحدهم.

قال الشوكاني: والظاهر أن الولاية للسلطان الذي له ولاية أمور الناس.

أقول: فإذا ما ذكر فهو المراد.

وليراجع كل صاحب مذهب وجهة نظره في هذا الموضوع وما ذكرناه نموذج.

وتكره إمامة الفاسق ولو كان عالماً والمبتدع الذي لا يكفر ببدعته، أما إذا كفر فلا تجوز الصلاة وراءه، وتكره صلاة الأعمى تنزيهاً عند الحنفية والمالكية والحنابلة إلا إن كان يحتاط في نظافته وطهارته وكان أعلم القوم، وأجاز الشافعية إمامته بدون كراهة، والأصم كالأعمى عند الحنابلة تصح إمامته مع الكراهة التنزيهية، وذكر الحنابلة مسألة أقطع اليدين فأجازوا إمامته في رواية، ومن المسائل التي ذكروها أن لا يصح الائتمام بأقطع الرجلين.

ويكره لإمام كراهة تحريمية عند الحنفية أن يؤم قوماً هم له كارهون.

ويكره تطويل الصلاة على القوم تطويلاً زائداً على السنة أو على القدر الذي يحتمله حالهم، واستثنى الشافعية والحنابلة حال الرضى بالتطويل من جماعة محصورين فلا حرج في ذلك.

ويكره للإمام أن يتكلف في قيامه وركوعه وسجوده وغير ذلك انتظاراً لداخل جديد،

ص: 965

هذا قول الجمهور، أما الشافعية فاستحبوا انتظار الداخل على تفصيلات عندهم ملاحظين في ذلك مساعدة المتأخرين لإدراك فضل ما أمكن من الجماعة وتكره إمامة اللحان الذي يكثر اللحن، هذا إذا كان لا يحيل المعنى، أما إذا أحال المعنى فقد تساهل فيه متأخرو الحنفية إلا إذا عبر المعنى الذي فيه اللحن عما يعتبر كفراً فتبطل الصلاة عندهم.

وتكره إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالضاد والقاف، وتصح إمامته، ومر معنا أن التمتام والفأفاء لا تجوز الصلاة خلفهما عند الحنفية وتجوز الصلاة خلفهما عند الجمهور مع الكراهة، وتكره إمامة العامي وأمثاله ممن لا يعيش في البيئات العلمية والبيئات المهذبة فالجهل والقسوة تكره الإمامة وراء أصحابهما.

ويكره أن يصلي على مكان مرتفع على المأمومين إذا كان الارتفاع بقدر ذراع أو أكثر.

ويكره أيضاً عند الحنفية والمالكية والشافعية ارتفاع المقتدين عن مكان الإمام بقدر ذراع، وإذا كان بجانب الإمام واحد أو أكثر في تلك الحالتين ارتفعت الكراهة، والعذر عند الشافعية يرفع الكراهة، ومن كلامهم: إن قصد الإمام والمأموم بعلوه الكبر بطلت الصلاة، والعلو اليسير معفو عنه عند الحنابلة والمالكية.

وتكره الصلاة وراء كل إمام ينظر إليه الناس باحتقار لأن ذلك ينفر من صلاة الجماعة، ويكره عند الحنفية تنزيهاً إمامة الأمرد الصبيح الوجه إن كان يخشى من إمامته الفتنة والشهوة كما تكره عندهم إمامة السفيه، ويكره تنزيهاً عندهم قيام الإمام في غير المحراب لئلا يلزم عدم القيام في الوسط.

وذكر المالكية أنه تكره إمامة غير المختون ومن يتكسر في كلامه كالنساء، وتكره الصلاة بين الأعمدة، وتكره عندهم صلاة المأموم أمام الإمام إلا لضرورة فلا كراهة، وكره عندهم صلاة رجل بين نساء أو صلاة امرأة بين رجال، ومن كلامهم أنه يجوز التبليغ خلف الإمام واقتداء الناس بسماع صوت المبلغ، وجاز الاقتداء برؤية الإمام أو المأموم وإن كان المأموم بدار مثلاً والإمام بمسجد ولا يشترط إمكان التوصل إليه.

ومن كلام الشافعية: أنه تكره إمامة من يكرهه أكثر القوم لأمر مذموم كالإكثار من الضحك.

ص: 966

ومن كلام الحنابلة: وتصح مع الكراهة إمامة مقطوع الرجلين أو إحداهما إذا كان يستطيع القيام بأن يتخذ له رجلين من خشب أو نحوه، وتكره عندهم إمامة المفضول مع وجود الأفضل.

وشروط صحة الاقتداء عند الشافعية ألا يعلم المقتدي بطلان صلاة إمامه وألا يعتقد أنه يجب على الإمام وجوب قضاء الصلاة التي يصليها، وألا يكون الإمام مأموماً في الوقت نفسه، وألا يكون مشكوكاً في كونه إماماً أو مأموماً، وألا يكون مخلاً بشيء من الفاتحة أو لا يحفظها، وألا يقتدي الرجل بالمرأة، والمقتدي وراء الإمام له ثلاثة أحوال: مدرك ولاحق ومسبوق.

قال الحنفية: المدرك من صلى جميع الصلاة كاملة مع الإمام، والمسبوق من سبقه الإمام بكل الصلاة أو بعضها وحكمه بعد انقضاء صلاة الإمام أنه كالمنفرد يقضي ما فاته قضاء، فيقضي أول صلاته في حق الثناء والقراءة ويجوز له في الجهرية الإسرار والجهر كالمنفرد، والمسبوق إن أدرك الإمام وهو راكع كبر للإحرام قائماً ثم يركع معه وتحسب له هذه الركعة، فإن أدركه بعد ركوع كبر قائماً وتابعه ولا تحسب له هذه الركعة، والمسبوق كالمنفرد إلا إنه لا يجوز اقتداؤه بغيره ولا يجوز الاقتداء به، وإذا كبر ناوياً استئناف صلاة جديدة وقطعها صار مستأنفاً وقاطعاً للصلاة الأولى بخلاف المنفرد، وإذا قام إلى قضاء ما سبق به وعلى الإمام سجود سهو فسجد الإمام بعد أن قام المقتدي، فما دام لم يقيد ركعته بسجدة فعليه أن يتابع الإمام، وكذلك إذا قضى الإمام سجدة التلاوة، ويأتي بتكبيرات التشريق بعد انتهاء صلاته اتفاقاً بين الحنفية بخلاف المنفرد حيث لا يأتي بها عند أبي حنيفة، ويكره تحريماً للمسبوق أن يقوم لقضاء ما فاته قبل سلام إمامه إلا في حالات فصلها فقهاء الحنفية، واللاحق عند الحنفية هو من أدرك أول الصلاة مع الإمام ثم حدث له عارض فلم يشارك الإمام في قسم من صلاته، كأن أصابته غفلة أو نوم أو زحمة أو سبق إمامه في ركوع وسجود فإنه في الحالة الأخيرة يقضي ركعة، وحكمه أنه كمؤتم حقيقة فيما فاته، فلا تنقطع تبعيته للإمام فلا يقرأ في قضاء ما فاته ولا يسجد لسهو ويبدأ بقضاء ما فاته أثناء صلاة الإمام ثم يتابعه فيما بقي إن أدركه ويسلم معه فإن لم يدركه مضى في صلاته إلى النهاية.

ص: 967

وإن كان اللاحق مسبوقاً بأن بدأ مع الإمام في الركعة الثانية مثلاً ثم فاتته ركعة فأكثر خلف الإمام فعليه قضاء ما سبق به وتفصيلات أحكام اللاحق والمسبوق والمدرك في مذهب الحنفية وبقية المذاهب متشعبة ولابد للمسلم أن يتفقه ليعرف تفصيلات الأحكام على مذهب من المذاهب الأربعة.

ولابد أن ينوي المأموم مع تكبيرات الإحرام أو قبلها الاقتداء أو الجماعة أو المأمومية ولا يجب تعيين الإمام باسمه فإن عينه وأخطأه بطلت صلاته عند الشافعية، ولذلك فإن الإنسان إذا لم يعرف الإمام ينوي الاقتداء بالإمام الواقف بالمحراب أو بالإمام الذي يشاهده إن كان يشاهده أو بإمام ذلك الجمع، ولو ظن أنه فلان ولم يكن كذلك لا تبطل صلاته عند الحنفية.

أما نية الإمام الإمامة فلا تشترط عند الجمهور غير الحنابلة بل تستحب، واستثنى الشافعية والمالكية الصلاة التي تتوقف صحتها على الجماعة كالجمعة وصلاة الخوف فلابد من نية الإمام الإمامة، واستثنى الحنفية اقتداء النساء بالرجال فإنه يشترط نية الإمام الإمامة لصحة اقتداء النساء به، ومن كلام الحنفية: أنه لا يصح الاقتداء إلا إذا اتحدت صلاتا الإمام والمأموم واستثنوا من ذلك جواز اقتداء المتنفل بالمفترض ولم يجيزوا العكس.

وجماهير العلماء لا يجيزون للمأموم أن يتقدم على إمامه بعقبه إن صلى قائماً، أو بعجزه إن صلى قاعداً أو بجنبه عن صلى مضطجعاً، والجمهور على وجوب اتحاد المكان بين صلاة الإمام والمقتدي برؤية أو سماع ولو بمبلغ.

ويجب على المأموم أن يتابع إمامه، إما بالمقارنة وإما بالتعقيب المباشر وإما بتعقيب متراخ يلحق به الإمام، في جزء مما هو فيه.

ولا يصح عند الحنفية أن تحاذي المرأة الرجل ولو كانت محرماً فإذا حدثت المحاذاة في صلاة مشتركة، ونوى الإمام إمامة النساء بطلت صلاة المحاذي يميناً والمحاذي شمالاً ومن خلفها وهذا إذا كانت المرأة المحاذية مشتهاة، وان تكون الصلاة كاملة الأركان وهي التي لها ركوع وسجود وأن تكون الصلاة مشتركة وألا يكون هناك حائل بمقدار ذراع في غلظ أصبع

ص: 968

أو فرجة تسع رجلاً، وإنما تبطل الصلاة إذا كانت هذه المحاذاة في ركن كامل وأن تتحد الجهة.

والجمهور على أن وقوف المرأة في صف الرجال لا يبطل صلاتها ولا صلاتهم ولا صلاة من خلفها.

وإذا كان الإمام يصلي برجل أوقفه عن يمينه وإن صلى بامرأة منفردة أوقفها خلفه، وإن صلى برجل منفرد أوقفه عن يمينه ولو كان صبياً مميزاً مع تأخره قليلاً بعقبه، وإن صلى برجل أو امرأة قام الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفه، وإن صلى خلفه رجلان أو رجل وصبي أو نساء فقط، صلوا خلف الإمام، وإذا اجتمع رجال وصبيان وخناثي ونساء، صف الرجال ثم الصبيان ثم الخناثي ولو منفرداً ثم النساء.

ويقف الإمام وسط القوم في الصف متقدماً عليهم بمقدار ما يسع من وراءه أن يسجد على الأقل. هذا، وللصف الأول فضل وبذلك يستحب أني سارع أهل الفضل إلى الصف الأول وأن يعطى لأهل الكمال ما يلي الإمام ويستحب للإمام أن يأمر بتسوية الصفوف وسد الخلل وتسوية المناكب، ومن صلى منفرداً خلف الصف فقد جازت صلاته مع الكراهة، وقال الحنابلة: لا تجوز صلاته إذا صلى ركعة كاملة خلف الصف وحده، والكمال في مثل هذه الحالة عند الشافعية أن يحرم الإنسان بالصلاة ثم يجر واحداً من الصف إليه، أما إذا جر إليه أحداً قبل الإحرام وتابعه المصلي دون نية تخدم الصلاة فقد بطلت الصلاة عند الحنفية.

ونكرر ما ذكرناه سابقاً أن التفقه لا يتم للإنسان إلا بدراسة مذهب من المذاهب الأربعة على يد فقيه، فهذا الذي يجعل الإنسان عارفاً بالكيفية الكاملة لما ينبغي فعله في كل جزئية، والذين يفرون من مثل هذا أقل ما يوصفون به أنهم جهلة.

انظر فيما سبق: (حاشية ابن عابدين)، (الدر 1/ 367 - 401)، (الشرح الصغير 1/ 424 - 464)، (المهذب 1/ 93 - 100)، (المغني 2/ 176 فما بعدها)، (بداية المجتهد 1/ 140 - 156)، (الفقه الإسلامي 2/ 149 فما بعدها و 2/ 174 فما بعدها)، (الفقه على المذاهب الأربعة 1/ 404 فما بعدها).

ص: 969