الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
أحكام الإمام والمأموم
-
الأحق بالإمامة:
1559 -
* روى مسلم عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سناً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" وفي رواية (2)"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة، ولا يؤمن الرجل الرجل في أهله، ولا في سلطانه" وذكر الباقي.
قال النووي في (شرح مسلم 5/ 172): فيه دليل لمن يقول بتقديم الأقرأ على الأفقه وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وبعض أصحابنا وقال مالك والشافعي وأصحابهما الأفقه مقدم على الأقرأ لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه قالوا ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة على الباقين مع أنه صلى الله عليه وسلم نص على أن غيره أقرأ منه وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحاية كان هو الأفقه لكن في قوله فإن كانوا في القراءة سواء أعلمهم بالسنة دليل على تقديم الأقرأ مطلقاً.
وقال (5/ 173): قوله صلى الله عليه وسلم "ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه" معناه ما ذكره أصحابنا وغيرهم أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه وصاحب المكان أحق فإن شاء تقدم وإن شاء قدم من
1559 - مسلم (1/ 465) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 53 - باب من أحق بالإمامة؟.
أبو داود (1/ 159) كتاب الصلاة، 60 - باب من أحق بالإمامة.
الترمذي (1/ 458، 459) أبواب الصلاة، 174 - باب ما جاء من أحق بالإمامة.
(تكرمته) تكرمة الرجل: موضع جلوسه في بيته، وما يقعد عليه من مطرح أو نحوه.
(2)
مسلم (1/ 465) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 53 - باب من أحق بالإمامة؟.
يريده وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولاً بالنسبة إلى باقي الحاضرين لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء قال أصحابنا فإن حضر السلطان أو نائبه قدم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما لأن ولايته وسلطنته عامة قالوا ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه.
أقول: إن الذين قدموا الأعلم على الأقرأ في الإمامة- كالحنفية مثلاً- ربطوا العلم بالقراءة في العصر الأول، فكان الأعلم هو الأقرأ، وقد كان الصحابة يأخذون القرآن والعلم والعمل، فلما تخلف العلم بالقرآن عن حفظه، قدم الحنفية الأعلم لأنه هو الذي يستطيع أن يأتي بالصلاة على وجهها ويكفيه أن يحفظ شيئاً من القرآن وأن يتقن تلاوة ما يحفظ فلو سبقه إنسان بالحفظ فإنه لا يقدم عليه، والعبرة العلم بالإسلام عامة كي لا يكون على بدعة، وبأحكام الصلاة خاصة كي لا يأتي ناقضاً أو مكروهاً أو يترك ركناً.
1560 -
* روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة: أقرؤهم".
1561 -
* روى أحمد عن عمرو بن سلمة قال: كان يأتينا الركبان من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحدثونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليؤمكم أكثركم قرآناً".
1562 -
* روى الطبراني عن إبراهيم قال: أتى عبد الله أبا موسى فتحدث عنده فحضرت الصلاة فلما أقيمت تأخر أبو موسى فقال له عبد الله: أبا موسى لقد علمت أن من السنة أن يتقدم صاحب البيت فأبى أبو موسى حتى تقدم مولى لأحدهما".
1563 -
* روى الشيخان عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: "أتينا رسول الله
1560 - مسلم (1/ 464) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 53 - باب من أحق بالإمامة؟.
النسائي (2/ 76) 10 - كتاب الإمامة، 2 - باب من أحق بالإمامة.
1561 -
أحمد (3/ 475).
كشف الأستار (1/ 230) باب الإمامة.
مجمع الزوائد (2/ 63) وقال الهيثمي: قلت حديث عمرو بن أبيه في الصحيح وهذا من حديثه عن الركبان.
1562 -
مجمع الزوائد (2/ 65، 66) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1563 -
البخاري (2/ 111) 10 - كتاب الأذان، 18 - باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة.
مسلم (1/ 465، 466) 5 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، 53 - باب من أحق بالإمامة؟.
صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً، وظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا؟ فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومرهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم". وللبخاري "وصلوا كما رأيتموني أصلي" ولمسلم (1) مختصراً قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فقال لنا: إذا حضرت الصلاة فأذنا، ثم أقيما، وليؤمكما أكبركما". وفي أخرى (2) له نحوه قال: "أتاه رجلان يريدان السفر- زاد في رواية (3) - قال: وكانا متقاربين في القراءة". وفي رواية (4) النسائي مختصراً قال: قال: "أتيت أنا وابن عم لي- وقال مرة: أنا وصاحب لي- إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما". وفي رواية الترمذي (5) وأبي داود (6) هذه المختصرة: قال الترمذي: "أنا وابن عم لي". وفي أخرى (7) لأبي داود زيادة: قال: "وكنا متقاربين في العلم".
قال النووي في (شرح مسلم 5/ 175): فيه الحث على الآذان والجماعة وتقديم الأكبر في الإمامة إذا استووا في باقي الخصال وهؤلاء كانوا مستوين في باقي الخصال لأنهم هاجروا جميعاً وأسلموا جميعاً وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة فاستووا في الأخذ عنه ولم يبق ما يقدم به إلا السن واستدل جماعة بهذا على تفضيل الإمامة على الأذان لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "يؤذن أحدكم" وخص الإمامة بالأكبر وفيه أن الأذان والجماعة مشروعان للمسافرين وفيه الحث على المحافظة على الأذان في الحضر والسفر وفيه أن الجماعة تصح بإمام ومأموم وهو
(1) مسلم (1/ 466) الموضع السابق.
(2)
مسلم، الموضع السابق.
(3)
مسلم الموضع السابق.
(4)
النسائي (2/ 8، 9) 7 - كتاب الأذان، 7 - أذان المنفردين في السفر.
(5)
الترمذي (1/ 399) أبواب الصلاة، 151 - باب ما جاء في الأذان في السفر.
(6)
أبو داود (1/ 161) كتاب الصلاة، 60 - باب من أحق بالإمامة.
(7)
أبو داود، الموضع السابق.
ابن خزيمة (1/ 206) 48 - باب الأمر بالأذان والإقامة في السفر، باب ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة.
(شببة): جمع شاب، مثل كاتب وكتبة.
إجماع المسلمين وفيه تقديم الصلاة في أول الوقت. اهـ.
وقال في (فتح الباري 2/ 172): وفي الحديث أيضاً فضل الهجرة ولارحلة في طلب العلم وفضل التعليم، وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة والاهتمام بأحوال الصلاة وغيرها من أمور الدين، وإجازة خبر الواحد وقيام الحجة به اهـ.
فائدة: قال ابن حجر في (الفتح 2/ 171): اقتصار الصحابي على ذكر سبب الأمر برجوعهم بأنه الشوق إلى أهليهم دون قصد التعليم هو لما قام عنده من القرينة الدالة على ذلك، ويمكن أن يكون عرف ذلك بتصريح القول منه صلى الله عليه وسلم وإن كان سبب تعليمهم قومهم أشرف في حقهم، لكنه أخبر بالواقع ولم يتزين بما ليس فيهم، ولما كانت نيتهم صادقة صادق شوقهم إلى أهلهم الحظ الكامل في الدين وهو أهلية التعليم كما قال الإمام أحمد في الحرص على طلب الحديث: حظ وافق حقاً. اهـ.
أقول: إن مراعاة النفس البشرية في المباحات من سياسات النبوة فكل عالم ينبغي أن يراعي النفس البشرية في المباح ويندبها إلى العزائم على أن لا يحملها على عزيمة تسبب فترة، فالإغراق في المباحات قد يؤدي إلى قسوة قلب كما أن حمل الناس على العزائم ومخالفة النفوس قد يؤدي إلى عكس المراد.
1564 -
* روى أبو داود عن أبي عطية العقيلي قال: "كان مالك بن الحويرث يأتينا إلى مصلانا يتحدث، فحضرت الصلاة يوماً، قال أبو عطية، فقلنا له: تقدم فصله، قال لنا: قدموا رجلاً منكم يصلي بكم، وسأحدثكم لم لا أصلي بكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من زار قوماً فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم".
أقول: في النص دليل على قضية سياسية هامة وهي مراعاة أن يكون لكل ولاية إسلامية أميرها ووزراؤها الذين هم من أهلها إذا وجدت الكفاءة والثقة، وهذا المعنى يلحظ في الولايات الأصغر ما أمكن لأن الأصل أن يبعث لكل قوم رسول منهم لأن ذلك أدعى
1564 - أبو داود (1/ 162، 163) كتاب الصلاة، 65 - باب إمامة الزائر.
الترمذي (2/ 187) أبواب الصلاة، 264 - باب ما جاء فيمن زار قوماً لا يصلي بهم وهو حديث حسن بشواهده.
لمعرفة طبيعتهم ولأن يستسلموا له أكثر من الغريب عنهم، أما عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه خصوصية خص بها من بين الرسل، وأما تأمير الصحابة على الأنصار، فلفضل الصحبة، ولأن البلدان المفتوحة لم يكن يوجد من أهلها من فقه وقوي على تدبير أمور أهلها بالإسلام، وعلى هذا فينبغي لدعاة الإسلام أني حرصوا أن يكون لكل قطر مؤسساته الاصة به وأمراؤه الذين هم من أهله، ومهما استطعنا أن نعمم ذلك فيما دون ذلك فعلينا أن نفعل ما لم تترتب على ذلك مفسدة محققة أو تفوتنا بذلك مصلحة محققة.
1565 -
* روى البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال: "كنا بما ممر الناس، يمر بنا الركبان نسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه كذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، فكأنما يغرى في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون: ارتكوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست، أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص".
أقول: لا يجيز فقهاء الحنفية ومن وافقهم أني صلي غير البالغ إماماً بالبالغين لأنه غير مكلف، وهم مكلفون، ولا يعتبرون هذه الحادثة دليلاً لجواز صلاة الصبي بالبالغين، لأنه من تصرف القوم بناءً على نص عام مخصص بنصوص أخرى.
1565 - البخاري (8/ 22) 64 - كتاب المغازي، 52 - باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح.
(يغرى) يقال: غري هذا الحديث في صدري: إذا التصق به، كأنه ألصق بالغراء.
(تلوم): أي تتلوم والتلوام: المكث والانتظار.
(تقلصت) تقلص الثوب عن الإنسان: إذا قصر وارتفع إلى فوق.
1566 -
* روى الترمذي عن أبي هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً وهم نفر، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"ماذا معك من القرآن"؟ فاستقرأهم، حتى مر على رجل منهم وهو من أحدثهم سناً، قال:"ماذا معك يا فلان" قال: معي كذا وكذا، سوورة البقرة. قال:"معك سورة البقرة"؟ قال: نعم. قال: "اذهب فأنت أميرهم". فقال رجل هو من أشرفهم- والذي كذا وكذا يا رسول الله ما منعني أن أتعلم القرآن إلا خشية أن لا أقوم به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلم القرآن، فاقرأه وارقد، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكاً يفوح ريحه على كل مكان، ومن تعلمه ورقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكئ على مس".
1567 -
* روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة- موضعاً بقباء- قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا" وفي رواية (3)"لما قدم المهاجرون الأولون المدينة كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وفيهم عمر، وأبو سلمة بن عبد الأسد" وفي أخرى (4) نحوه وفيه "وفيهم عمر، وأبو سلمة، وزيد وعامر بن ربيعة".
- الصلاة خلف البر والفاجر.
1568 -
* روى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار "أنه دخل على عثمان وهو محصور، فقال: إنك إمام العامة، ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة، ونتحرج من الصلاة معه؟ فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم".
1566 - الترمذي (5/ 156، 157) 46 - كتاب فضائل القرآن، 2 - باب ما جاء في فضل سورة البقرة وىية الكرسي.
ابن خزيمة (3/ 5) 31 - باب استحقاق الإمامة بالازدياد من حفظ القرآن.
(الوكاء): الرباط.
1567 -
البخاري (1/ 184) 10 - كتاب الأذان، 54 - باب إمامة العبد والمولى.
أبو داود (1/ 160) كتاب الصلاة، 60 - باب من أحق بالإمامة.
(3)
أبو داود (1/ 160) نفس الموضع السابق.
(4)
البخاري (13/ 167) 93 - كتاب الأحكام، 25 - باب استقضاء الموالي واستعمالهم.
1568 -
البخاري (2/ 188) 10 - كتاب الأذان، 56 - باب إمامة المفتون والمبتدع.