الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة التاسعة والعشرون: مشروعية القتال
عباد الله! وموعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن مشروعية القتال.
وكلامنا عن مشروعية القتال سيكون حول العناصر التالية:
العنصر الأول: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل مشروعية القتال
العنصر الثاني: مشروعية القتال.
العنصر الثالث: السرايا والغزوات التي تحركت من المدينة بعد الإذن بالقتال.
العنصر الأول: رسول الله- صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل مشروعية القتال:
عباد الله! أرسل الله رسوله إلى الناس جميعاً، وأمره أن يدعو إلى الهدى ودين الحق، فلبث في مكة يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، عباد الله! فقابل كفار مكة هذه الدعوة بالصد والاعتداء على رسول الله- صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، والله عز وجل يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقابل هذا الاعتداء؛ بالصبر، والعفو، والصفح الجميل.
قال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48]، وقال تعالى:{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} [الزخرف: 89]، وقال تعالى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} [الحجر: 85]، وقال تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14].
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وكفار قريش يقابلون ذلك بالاعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. ولم يأذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقابل السيئة بالسيئة، أو يواجه الأذى بالأذى، أو يحارب الذين حاربوا الدعوة، أو يقاتل الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، ولكن قال له:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)} [المؤمنون: 96].
وذلك يا عباد الله! حتى لا يصطدم المسلمون مع الكفار في بداية الدعوة، فيؤثر ذلك على دعوة الإِسلام.
عباد الله! النبي صلى الله عليه وسلم في مكة يربي أصحابه على العفو والصبر والصفح، وينهاهم عن قتال الكفار قبل مشروعية القتال.
ومن الأمثلة على ذلك:
1.
كان النبي- صلى الله عليه وسلم يمر على أصحابه وهم يعذبون فيقول لهم: "صبراً آل ياسر،
فإن موعدكم الجنة" (1).
2.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة- يريدون بذلك أن يأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتلوا الكفار- فقال: "إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا .. " (2).
3.
وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد
(1) قال الشيخ الألباني في التعليق على "فقه السيرة"(ص 107)"حديث حسن صحيح".
(2)
"صحيح سنن النسائي"(2891).