المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة - سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام - جـ ١

[صالح بن طه عبد الواحد]

فهرس الكتاب

- ‌الخطبة الأولى: ثمار دراسة السيرة النبوية

- ‌محمد رسول الله والذين معه

- ‌الخطبة الثانية: صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه

- ‌العنصر الأول: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من حل شيء

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم أشرف الناس نسباً

- ‌العنصر الثالث: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً وخَلْقاً:

- ‌العنصر الرابع: أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الأول: أحوال مكة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بعثته

- ‌العنصر الثاني: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الثالث: دروس وعظات وعبر

- ‌الخطبة الرابعة: الآيات الجسام التي ظهرت ليلة مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الخامسة: ميلاده صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الأول: ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم في مهمة تجارية إلى بلاد الشام

- ‌العنصر الثالث: الله عز وجل يحفظ رسوله صلى الله عليه وسلم في شبابه منأقذار الجاهلية

- ‌العنصر الرابع: دروسٌ وعظات وعبر

- ‌الخطبة السادسة: الأحداث الجسام قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحدث الأول: شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌الحدث الثاني: زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها

- ‌أولاً: منزلة خديجة من نساء العالمين

- ‌ثانياً: منزلة خديجة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: منزلة خديجة في الجنة:

- ‌رابعاً: جبريل عليه السلام يقرئ خديجة السلام من ربها ويبشرها بقصر في الجنة:

- ‌خامساً:

- ‌الحدث الثالث: بناء الكعبة وقضية التحكيم

- ‌الخطبة السابعة: البشارات بنبوة النبي- صلى الله عليه وسلم قبل بعثته

- ‌أولاً: بشارات الأنبياء بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانياً: بشارات الكتب السماوية بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: بشارات علماء أهل الكتاب بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثامنة: إشراق شمس النبوة

- ‌الخطبة التاسعة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الأولى: الدعوة إلى الله سراً

- ‌الخطبة العاشرة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الثانية: الدعوة إلى الله جهراً

- ‌الخطبة الحادية عشرة:أسلوب جديد من أساليب كفار مكة في الصد عن دين الله، ألا وهو أذية قريش لرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثانية عشرة: أذية قريش لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة عشرة:‌‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌الخطبة الرابعة عشرة: مجادلة قريش للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: البعث بعد الموت

- ‌ثانيا: الآلهة التي تعبد من دون الله:

- ‌ثالثا: الروح:

- ‌رابعا: القدر

- ‌خامسا: القرآن الكريم

- ‌سادسا: نزول القرآن منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سابعا: مجالسة المستضعفين والفقراء من المؤمنين

- ‌الخطبة الخامسة عشرةقريش تعود إلى أسلوب الخنق والتضييق والتعذيب

- ‌الخطبة السادسة عشرةالهجرة إلى الحبشة وأعجب ما رأى المسلمون في أرض الحبشة

- ‌أولاً: تحريم الظلم

- ‌ثانياً: أن نصر المظلوم واجب على القادر عليه

- ‌ثالثاً: إثبات البعث، والحشر، والحساب، والجزاء:

- ‌الخطبة السابعة عشرةإسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌أولاً: سماعه للقرآن الكريم:

- ‌ثانياً: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له:

- ‌الخطبة الثامنة عشرةالمقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

- ‌الخطبة التاسعة عشرة: الإسراء والمعراج

- ‌المعجزة الأولى:

- ‌المعجزة الثانية:

- ‌المعجزة الثالثة:

- ‌الخطبة العشرون: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من الإسراء والمعراج

- ‌أولاً: أهمية المسجد الأقصى في الإِسلام

- ‌ثانياً: أهمية الصلاة في الإِسلام

- ‌ثالثاً: التحذير من الغيبة والخوض في أعراض المسلمين، وأكل لحوم الأبرياء:

- ‌الخطبة الحادية والعشرون: بيعة العقبة

- ‌الخطبة الثانية والعشرون: هجرة الصحابة رضي الله عنهم إلى المدينة

- ‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة

- ‌الخطبة الرابعة والعشرونالباحثون عن الحق عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة الخامسة والعشرونالدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من إسلام عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة السادسة والعشرون: المسجد في الإسلام

- ‌العنصر الأول: اهتمام الإسلام بالمساجد

- ‌العنصر الثاني: أهمية المسجد في الإِسلام

- ‌العنصر الثالث: البدع والمخالفات الشرعية التي وقعت في بناء المساجد

- ‌أولاً: بناء المساجد على القبور

- ‌ثانياً: زخرفة المساجد

- ‌الخطبة السابعة والعشرون: الإخاء بيم المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الأول: المهاجرون والأنصار في الكتاب والسنة

- ‌العنصر الثاني: الإخاء بين المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الثالث: حقوق الأخوة في الله:

- ‌أولاً: التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر

- ‌ثانياً: النصرة والدفاع والإعانة على قضاء الحاجات

- ‌ثالثاً: من حقوق الأخوة في الله: الدعاء لأخيك بظهر الغيب

- ‌رابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: الاستغفار للأخ حياً وميتاً

- ‌خامساً: ومن حقوق الإخوة في الله: الإصلاح بينهم إذا وقع بينهم خلاف ونزاع

- ‌سادساً: ومن حقوق الإخوة في الله: أن يحب الأخ لأخيه ما يحب لنفسه

- ‌سابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: التعاون على البر والتقوى

- ‌ثامناً: من حقوق الأخوة في الله: التزاور في الله

- ‌تاسعاً: ومن أعظم حقوق الأخوة في الله: ألا يكون الأخ أحق بدرهمهوديناره من أخيه

- ‌العنصر الرابع: الأمراض التي تفتك، وتفسد الأخوة في الله

- ‌أولاً: الحسد والتباغض والتدابر

- ‌ثانياً: سوء الظن والتجسس والغيبة والنميمة

- ‌ثالثاً: الهجران

- ‌رابعاً: السخرية

- ‌خامساً: عدم التثبت من الأخبار التي ينقلها بعض الفساق

- ‌سادساً: الغش في البيع والشراء

- ‌الخطبة الثامنة والعشرون: وفاء المسلمين وغدر وخيانة اليهود

- ‌العنصر الأول: الإِسلام دين السلام والأمن والأمان، يأمر بالوفاء وينهى عن الخيانة والغدر:

- ‌العنصر الثاني: موقف اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة

- ‌العنصر الثالث: معاملة النبي- صلى الله عليه وسلم لليهود في المدينة

- ‌العنصر الرابع: اليهود أهل غدر وخيانة

- ‌الخطبة التاسعة والعشرون: مشروعية القتال

- ‌العنصر الأول: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل مشروعية القتال

- ‌العنصر الثاني: مشروعية القتال

- ‌المرحلة الأولى: الإذن بالقتال دفاعاً عن النفس

- ‌المرحلة الثانية: أمر الله المسلمين بالقتال دفاعاً عن النفس والعقيدة

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌العنصر الثالث: السرايا والغزوات التي تحركت من المدينة بعد الإذن بالقتال

- ‌الخطبة الثلاثونالأهداف السامية والحكم العالية التي من أجملها شُرِعَ القتالُ في سبيل الله

- ‌الخطبة الحادية والثلاثون: الترغيب في القتال والجهاد في سبيل الله

- ‌الخطبة الثانية والثلاثون: غزوة بدرالكبرى

- ‌العنصر الأول: بين يدي الغزوة

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان

- ‌عباد الله! العنصر الثالث نتائج الغزوة

- ‌أولاً: نصر عظيم من الله للمؤمنين

- ‌ثانياً: هلاك أئمة الكفر:

- ‌هلاك أبي جهل لعنه الله:

- ‌هلاك عقبة بن أبي مُعيط أشقى القوم لعنه الله:

- ‌هلاك أمية بن خلف عدوالله:

- ‌ثالثاً: ومن نتائج غزوة بدرٍ الكبرى: الأسرى

- ‌رابعاً: الغنائم

- ‌خامساً: الشهداء

- ‌الخطبة الثالثة والثلاثون: غزوة بني قينُقاع وغزوة بني النضير

- ‌العنصر الأول: بعد غزوة بدرٍ الكبرى كفار مكة في مكة يهددون، واليهود في المدينة يغدرون

- ‌العنصر الثاني: ولا يحيق المكُر السيئ إلا بأهله

- ‌العنصر الثالث: اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولى الأبصار

- ‌العنصر الرابع: الدروس والعظات والعبر:

- ‌الخطبة الرابعة والثلاثون: غزوة أُحُد

- ‌العنصر الأول: أحد جبل يحبنا ونحبه:

- ‌العنصر الثاني: يوم التقى الجمعان

- ‌العنصر الثالث: ما فعله الرسول- صلى الله عليه وسلم -بعد انتهاء الغزوة

- ‌الخطبة الخامسة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والفوائد التي تؤخذ من غزوة أحد

- ‌1 - سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب:

- ‌2 - أنس بن النضر رضي الله عنه

- ‌3 - عبد الله بن حرام، والد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌4 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌5 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌الخطبة السادسة والثلاثون: غدر الكفار: مأساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة

- ‌أولاً: مأساة يوم الرجيع

- ‌ثانياً: مأساة بئر معونة

- ‌أولاً: الغدر والخيانة من أخلاق الكفار واليهود

- ‌ثانياً: إثبات كرامة الأولياء

- ‌الخطبة السابعة والثلاثون: غزوة بني المصطلِق (المريسيع)

- ‌العنصر الأول: أحداثُ الغزوة

- ‌العنصر الثاني: دور المنافقين الخبيث في غزوة بني المصطلق

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد مما حدث في غزوة بني المصطلق:

- ‌الخطبة الثامنة والثلاثون: حديث الإفك

- ‌الخطبة التاسعة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والآداب التي تؤخذ من حديث الإفك

- ‌أولاً: الصبر على الإشاعات الكاذبة التي يشُنُّها أعداء الإِسلام على الإِسلام والمسلمين

- ‌ثانياً: إحسان الظن بالمؤمنين

- ‌ثالثاً: التثبت من الأخبار وإمساك اللسان عن الخوض في أعراض المسلمين

- ‌رابعاً: لا تتبعوا خطوات الشيطان

- ‌خامساً: أن تُحسِنَ إلى من أساء إليك

- ‌الخطبة الأربعون: غزوه الأحزاب (الخندق)

- ‌العنصر الأول: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}:

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: الرسول- صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في المدينة يستعدون لملاقات العدو:

- ‌العنصر الثالث: مواقف المؤمنين ومواقف المنافقين

- ‌العنصر الرابع: شدة وكرب وبلاء، يعقبها نصر وفرج

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب

- ‌أولاً: الكفر ملةٌ واحدة هدفهم واحد وهو: دمروا الإِسلام أبيدوا أهله

- ‌ثانياَّ: من الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب (إن تنصروا الله ينصركم)

- ‌الخطبة الحادية والأربعون: غزوة بني قريظة

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: الجزاء من جنس العمل

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة بني قريظة

- ‌أولاً: الله عز وجل للظالمين بالمرصاد

- ‌ثانياً: المستقبل للإسلام

- ‌ثالثاً: فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌الخطبة الثانية والأربعون: عمرة الحديبية (صلح الحديبية)

- ‌العنصر الأول: سبب هذه العمرة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يتحركون إلى مكة

- ‌العنصر الثالث: الأحداث التي وقعت عند الحديبية قبل الصلح

- ‌العنصر الرابع: صلح الحديبية:

- ‌العنصر الخامس: الأحداث التي وقعت بعد الصلح:

- ‌العنصر السادس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من صلح الحديبية

- ‌الخطبة الثالثة والأربعون: غزوة خيبر

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى خيبر

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيير:

- ‌الخطبة الرابعة والأربعون: كُتُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء يدعوهم فيها إلى الإسلام

- ‌الخطبة الخامسة والأربعون: غزوة مؤتة

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: رسول الله- صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في المدينة قبل التحرك إلى الشام

- ‌العنصر الثالث: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى أرض الشام:

- ‌العنصر الرابع: أحداث الغزوة:

- ‌العنصر الخامس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة مؤتة:

- ‌الخطبة السادسة والأربعون: الفتح الأكبر (فتح مكة)

- ‌العنصر الأول: سبب هذا الفتح

- ‌العنصر الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد للخروج إلى مكة في سرية تامة

- ‌العنصر الثالث: رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في طريقهم إلى مكة وأحداث الطريق

- ‌العنصر الرابع: أحداث الفتح

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من فتح مكة

- ‌الخطبة السابعة والأربعون: غزوة حُنين

- ‌العنصر الأول: جيش المشركين بقيادة مالك بن عوف سيد هوزان يستعد لمحاربة المسلمين

- ‌العنصر الثاني: جيش المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد في مكة للقضاء على بقايا الشرك والوثنية. وأحداث الطريق

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقسيم الغنائم:

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة حنين:

- ‌أولاً: التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب:

- ‌ثانياً: الإعجاب بالكثرة يحجب نصر الله:

- ‌ثالثاً: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل

- ‌رابعاً: حلمهُ صلى الله عليه وسلم على جفاء وغلظة الإعراب:

- ‌الخطبة الثامنة والأربعون: غزوة تبوك

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة وتاريخها

- ‌العنصر الثاني: موقف المؤمنين وموقف المنافقين من غزوة تبوك

- ‌العنصر الثالث: أحداث في الطريق، والوصول إلى تبوك

- ‌العنصر الرابع: العودة من تبوك إلى المدينة:

- ‌الخطبة التاسعة والأربعون: قصة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌الخطبة الخمسون: حجة الوداع

- ‌الإحرام:

- ‌دخول مكة والطواف:

- ‌الوقوف على الصفا والمروة

- ‌الأمر بفسخ الحج إلى العمرة

- ‌النزول في البطحاء

- ‌خطبته صلى الله عليه وسلم بتأكيد الفسخ وإطاعة الصحابة له

- ‌قدوم علي من اليمن مهلاً بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التوجه إلى مِنى محرمين يوم الثامن وهو يوم التروية:

- ‌التوجه إلى عرفات والنزول بنمرة:

- ‌خطبة عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين والوقوف على عرفة:

- ‌الإفاضة من عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين في المزدلفة والبيات بها:

- ‌الوقوف على المشعر الحرام

- ‌الدفع من المزدلفة لرمي الجمرة

- ‌رمي الجمرة الكبرى

- ‌النحر والحلق

- ‌خطبة النحر

- ‌الإفاضة لطواف الصدر:

- ‌أولاً: تحديد مصدر التلقي

- ‌ثانياً: قطع الصلة بالجاهلية، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي:

- ‌ثالثاً: الوصية بالنساء

- ‌رابعاً: من مات في الحج محرماً يبعث يوم القيامة ملبياً

- ‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاةُ الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: الغسل:

- ‌ثانياً: الكفن:

- ‌ثالثاً: الصلاة عليه:

- ‌رابعاً: الدفن:

الفصل: ‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة

‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة

عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاءٍ جديدٍ من سيرة الحبيب محمَّد صلى الله عليه وسلم، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

عباد الله! الهجرة من مكة إلى المدينة كانت بوحي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي -أي ظني- إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب"(1).

عباد الله! بعدما تحدد المكان الذي يُهاجر إليه؟ أذن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أفراداً وجماعات، وتغلبوا على جميع الصعوبات التي واجهتهم.

عباد الله! وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه ينتظر أن يؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين؛ إلا من حبس أو فتن؛ إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر رضي الله عنهما.

وكان أبو بكر كثيراً ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"على رسلك يا أبا بكر، فإني أرجو أن يؤذن لي" فقال أبو بكر: أترجو ذلك يا رسول الله بأبي أنت؟ قال: "نعم"، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلف راحلتين كانتا عنده من ورق السمر أربعة أشهر (2)

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3622)، ومسلم (رقم 2272).

(2)

رواه البخاري (رقم 2297).

ص: 221

إستعداداً للهجرة من مكة إلى المدينة.

عباد الله! رأت قريش أن الديار قد خلت من أهلها، وأن المسلمين قد تركوا مكة مهاجرين إلى المدينة، تاركين ديارهم وأموالهم، وشعرت قريش أيضاً بأن الإِسلام أضحت له دارٌ يأرز إليها، وحِصنٌ يحتمي به، وتوجست خيفةً من عواقب هذه المرحلة الخطيرة في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلمت قريش أيضاً أن محمداً لا بد أن يدرك أصحابه اليوم أو غداً، فاجتمعوا في دار الندوة ليتخذوا قراراً حاسماً في هذا الأمر.

فرأى بعضهم أن توضع القيود في يد محمَّد صلى الله عليه وسلم ويشد وثاقه ويرمى به في السجن لا يصله منهم إلا الطعام، ويترك على ذلك حتى يموت، ورأى آخر أن ينفي من مكة فلا يدخلها وتنفض قريش يديها من أمره، وقد استُبعِدَ هذان الاقتراحان لعدم جدواهما واستقر الرأي على الاقتراح الذي أبداه أبو جهل.

قال أبو جهل: أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شاباً نسيباً وسطاً فتياً، ثم نعطي كل فتى سيفاً صارماً، ثم يضربونه جميعاً ضربة رجل واحدٍ، فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلِّها، ولا أظن أن بني هاشم يقوون على حرب قريش كافة، فإذا لم يبق أمامهم إلا الدية أديناها.

ورضي كفار مكة بهذا الحل للمشكلة التي حيرتهم، وانصرفوا ليقوموا على تنفيذ هكذا القرار الجائر الغادر.

وقد أخبرنا الله في كتابه عن هذا الاجتماع، قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ

ص: 222

الْمَاكِرِينَ (30)} [الأنفال: 30](1).

عباد الله! لما أجمع كفار مكة على قتله صلى الله عليه وسلم، أوحى الله تبارك وتعالى إليه بالإذن في الهجرة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه ليخبره بذلك.

تعالوا بنا لنستمع إلى عائشة رضي الله عنها وهي تخبرنا الخبر، قالت عائشة رضي الله عنها: "بينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحو الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً- في ساعة لم يكن يأتينا فيها- فقال أبو بكر: فداءً له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له، فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخْرِجْ مَنْ عِندَك.

فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وسلم: فإني قد أذن لي في الخروج.

فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال أبو بكر: فخذ- بأبي أنت يا رسول الله- إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بالثمن"، قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق" (2).

إخوة الإِسلام! وتواعدا أن يخرجا ليلاً إلى غار ثور، فيمكثا ثلاث ليال

(1)"سيرة ابن هشام" مع "الروض الأنف"(2/ 221 - 223).

(2)

رواه البخاري (رقم 3905).

ص: 223

وذلك من تمام إحكام الخطة، ورجاء النجاة والسلامة، ذلك أن قريشاً تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مهاجر إلى المدينة فإذا فقدته ستطلبه جهة المدينة- في الشمال- فخرج صلى الله عليه وسلم أول ما خرج جهة الجنوب، جهة اليمن مخالفاً تماماً الطريق الذي قصده، حتى إذا خرجت قريش من جهة المدينة فلم تدركه علمت أنه قد نجى، فترجع فيخرج بعد آمناً سالماً مطمئناً.

واستأجرا أجيراً يهديهما الطريق، وكان كافراً إلا أنهما أمناه على هذا السر، وأسلما له الراحلتين، وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث في غار ثور.

وفي الليل خرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن ينام في فراشه تلك الليلة، وأتيا غار ثور فدخلاه، وكان عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما يبيت عندهما إلى الثلث الأخير من الليل، فإذا دخل السحر تدلى إلى مكة فأصبح بينهم كأنه بائت فيهم، فيستمع إليهم بالنهار، وما يكيدونه للنبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاء الليل ذهب إليهما، فأخبرهما بما سمع من مكائد قريش، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى الغنم قريباً من الغار، فإذا كانت العشاء راح عليهما بالغنم في الظلام، فيحلبان ويطعمان ثم ينعق عامر على الغنم فتنزل إليه، صنع ذلك حتى انتهت الثلاث.

عباد الله! وجاء الشباب الذين أجمعوا أمرهم على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وباتوا ليلتهم أمام الدار، فلم يرعهم إلا خروج علي بدلاً من محمَّد صلى الله عليه وسلم، فجن جنونهم وطاروا هنا وهناك في الطرقات، يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه حتى انتهى بهم أثر الأقدام إلى غار ثور الذي دخله النبي صلى الله عليه وسلم، فأعمى الله أبصارهم، وصرف قلوبهم عن دخول الغار، وهم أمام بابه وأبو بكر يقول: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا.

فيقول صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، يا أبا بكر لا تحزن إن

ص: 224

الله معنا" قال تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40].

عباد الله! وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره، فصرف قلوبهم عن دخول الغار، فرجعوا يجرون أذيال الخيبة، وبعد ثلاث جاء الأجير الكافر في موعده، وكان هادياً خريتاً -أي ماهراً بالطريق- بالراحلتين فارتحل النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما وأبو بكر الأخرى، وخرج معهم عامر ابن فهيرة، وانطلق بهم الدليل نحو الجنوب، ثم انحاز بهم نحو الساحل ثم أخذ طريق الساحل إلى المدينة.

عباد الله! ولكن قريشاً لم تسكت ولم تهدأ، ساءها خروج النبي صلى الله عليه وسلم من بينهم، وفشلهم في إدراكه.

فذاعوا في الناس: من جاء بمحمد وصاحبه أحياءً وأمواتاً فله ديتهما، والدية مائة من الإبل، والإبل أنفس أموال العرب وأحبها إلى قلوبهم، فسال لعاب الناس، من الذي يأتي بمحمد وصاحبه فيأخذ مائتين من الإبل.

عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى سراقة بن مالك وهو يخبرنا الخبر قال سراقة: "فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي إذ أقبل رجل فيهم حتى قام علينا ونحن جلوس.

فقال: يا سراقة! إني رأيت آنفاً أسودة بالساحل أراها محمداً وأصحابه.

قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا.

ص: 225

ثم لبثت في الجلس ساعة ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره فركبت فرسي- وعصيت الأزلام- تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت- وأبو بكر يكثر الالتفات- ساخت يد فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة، إذا لأثرِ يديها عُثانٌ ساطعٌ في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم؛ أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزءاني، ولم يسألاني إلا أن قال: أخف عنا.

فسألته أن يكتب لي كتاب أمان، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أُدم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

إخوة الإِسلام! النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى المدينة، وقد وصلت الأخبار إلى المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة إلى المدينة فكانوا يغدون كل غداة إلى ظاهر المدينة ينتظرونه، حتى إذا اشتد الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم.

حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه انتظروه حتى لم يبق ظل يستظلون به

(1) رواه البخاري (رقم 3906).

ص: 226

فعادوا، وقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد دخلوا بيوتهم، فبصر به يهودي فناداهم بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جَدُّكم الذي تنتظرون، فخرجوا فاستقبلوه وكان فرحتهم به غامرة فقد حملوا أسلحتهم وتقدموا نحو ظاهر الحرّة فاستقبلوه.

ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قباء في بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة وأسس مسجد قباء، ولما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل المدينة أرسل إلى زعماء بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم وعدد الذين استقبلوه من الأنصار خمس مئة. فأحاطوا بالرسول وبأبي بكر وهما راكبان، ومضى الموكب داخل المدينة.

"وقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم" وقد صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون: يا محمَّد يا رسول الله، يا محمَّد يا رسول الله.

قال الصحابي البراء بن عازب رضي الله عنه وهو شاهد عيان "ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم"(1).

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة جداً منها:

أولاً: الدين أغلى عند المسلم من كل شيء، فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تركوا ديارهم وأموالهم فداء ونصرة لهذا الدين العظيم، وهذا يظهر من قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا

(1)"السيرة النبوية الصحيحة" أكرم ضياء العمري (ص 218 - 219).

ص: 227

مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} [الحشر: 8].

ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى، والله! لولا أني أخرجت منك، ما خرجت"(1).

عباد الله! كفار مكة أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأنهم قالوا: ربنا الله، ولأنهم دخلوا في دين الله، وهذا يظهر من قول ورقة بن نوفل لرسولنا صلى الله عليه وسلم: يا ليتني فيها جذعاً حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي" (2).

ولذلك على المسلم إذا ضيق عليه في دينه، ولم يتمكن من عبادة ربه، أن يهاجر إلى أي بلد مسلم آخر ليتمكن من عبادة ربه، فليس هناك على وجه الأرض شخص أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هناك بلد أفضل من مكة ومع ذلك فقد هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

ثانياً: الله عز وجل ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة مهما كاد الكفار للمسلمين وخططوا، قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)} [غافر: 51]، وقال تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)} [الصافات: 171 - 173]، وقال تعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)} [المجادلة: 21].

وهذا يظهر من نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة.

(1)"صحيح ابن ماجه"(2523).

(2)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3)، ومسلم (رقم 160).

ص: 228

فالصحابة الكرام رضي الله عنهم هناك في المدينة لا يملكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، وكفار مكة يطاردون رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان ليقتلوه، ومع ذلك نصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأيده بجنوده التي لا يعلمها إلا الله.

قال تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} [التوبة: 40].

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

ص: 229