الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خير إلا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة" (1).
هكذا عباد الله! بدأ النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد في المدينة، وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا تشد الرحال إلا إليه، وإلى المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، بنى النبي صلى الله عليه وسلم لله بيتاً قبل أن يبني لنفسه بيتاً وسكناً، وبهذه البساطة قام مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من النخيل ومن الحجارة والسقف من الجريد، ولكنه خرَّج رجالاً هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، الذين فتحوا قلوب العباد والبلاد.
عباد الله! وحديثنا عن المسجد سيكون حول العناصر التالية:
العنصر الأول: اهتمام الإسلام بالمساجد
.
العنصرالثاني: أهمية المسجد في الإِسلام.
العنصرالثالث: البدع والمخالفات الشرعية التي وقعت في بناء المساجد.
العنصر الأول: اهتمام الإِسلام بالمساجد.
اهتم الإِسلام بالمساجد اهتماماً كبيراً وربط المسلمين بالمساجد، ففي كتاب ربنا: قال تعالى: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29].
وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
وقال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)} [التوبة: 108].
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 428)، ومسلم (رقم 524).
وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)} [البقرة: 114]. وقال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} [الجن: 18]. وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)} [النور: 36 - 37].
عباد الله! أما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالمساجد اهتماماً كبيراً، فحث النبي صلى الله عليه وسلم على بناء المساجد، فقال صلى الله عليه وسلم:"من بني لله مسجداً يبتغي به وجه الله؛ بني الله له بيتاً في الجنة"(1)، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً علَّمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه مِنْ بعد موته"(2).
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 450)، ومسلم (رقم 533) واللفظ له.
(2)
"صحيح الجامع"(2227).
- وحث النبي صلى الله عليه وسلم على نظافة المساجد فقال صلى الله عليه وسلم: "البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها"(1).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدُّور (أي: في الأحياء) وأن تنظف وتطيب"(2).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردَّها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا"(3).
فلا يجوز إنشاد الضالة عبر السماعات في المسجد.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك"(4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تقام الحدود في المساجد، ولا يستقاد فيها"(5).
- وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بحضور الجماعة في المساجد وحذر من التخلف عن ذلك بدون عذر شرعي، فقال صلى الله عليه وسلم:"من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر"(6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 415)، ومسلم (رقم 552).
(2)
"صحيح أبي داود"(1/ 436).
(3)
رواه مسلم (رقم 568).
(4)
"صحيح الترمذي"(1/ 265).
(5)
"صحيح أبي داود"(3/ 3769).
(6)
رواه ابن ماجه (793).
فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم .. " (1).
فليتق الله الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة بلا عذر شرعي.
- وحث النبي صلى الله عليه وسلم على شهود الجماعة، وحضور الصلاة، وملازمة المساجد في أوقات الصلاة.
فقال صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح"(2).
وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ "
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط"(3).
وقال صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"(4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة"(5).
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 644)، ومسلم (رقم 651).
(2)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 662)، ومسلم (رقم 669).
(3)
رواه مسلم (رقم 251).
(4)
"صحيح أبي داود"(رقم 525).
(5)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 647)، ومسلم (رقم 649) واللفظ للبخاري.