الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّاهِدِينَ (81)} [آل عمران: 81].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق: "لئن بعث محمَّد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق: لئن بعث محمَّد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه" (1). وفي هذا دليل يا عباد الله! أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بشروا برسولنا صلى الله عليه وسلم وأمروا باتباعه"(2).
ثانياً: بشارات الكتب السماوية بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم
-.
أخبرنا الله عز وجل في كتابه أن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر به في التوراة والإنجيل، قال تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف: 157].
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
(1)"صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 52).
(2)
"صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 52).
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الفتح: 29].
ومن الأمثلة على ذلك: أن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر به في التوراة والإنجيل:
1.
عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل؛ والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي! إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء؟ بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح بها أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً" (1).
ولكن لماذا لم يؤمنوا به؟ حسداً من عند أنفسهم.
2.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها، يعزي بها على نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان وأجملهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنشدك بالذي أنزل التوراة؛ هل تجدني في كتابك ذا، صفتي ومخرجي؟ " فقال برأسه هكذا؛ أي: لا. فقال ابنه: أي والذي أنزل التوراة؛ إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:"أقيموا اليهودي عن أخيكم" ثم ولي كفنه
(1)"صحيح البخاري"(رقم2125)، "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 77).
والصلاة عليه (1).
الشاهد: أن هذا الفتى في اللحظات الأخيرة قال: إي والله إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك ولكن كتموا ذلك حسداً وبغياً.
3.
وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم فقال صلى الله عليه وسلم لهم:"يا معشر اليهود! أروني اثني عشر رجلاً يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ يحط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليهم"، قال: فأسكتوا ما أجابه منهم أحدٌ! ثم رد عليهم، فلم يجبه منهم أحد فقال صلى الله عليه وسلم:"أبيتم! فوالله، إني لأنا الحاشر، وأنا العاقب، وأنا النبي المصطفى، آمنتم أو كذبتم" ثم انصرف وأنا معه، حتى إذا كدنا أن نخرج، فإذا رجل من خلفنا يقول: كما أنت يا محمَّد! فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا: والله؟ ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ولا أفقه منك، ولا من أبيك قبلك، ولا من جدك قبل أبيك. قال: فإني أشهد له بالله أنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة. فقالوا: كذبت! ثم ردوا عليه قوله، وقالوا فيه شراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفاً فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، وأما إذ آمن فكذبتموه وقلتم فيه ما قلتم، فلن يقبل قولكم"، قال: فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا،
(1)"صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 73).