الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثالثة والأربعون: غزوة خيبر
أيها الإخوة عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن غزوة خيبر.
عباد الله! خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع، تقع على بعد ستين أو ثمانين ميلاً من المدينة من جهة الشمال، وسكانها من اليهود.
عباد الله! ومدينة خيبر كانت حين غزاها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه آخر معقل من معاقل اليهود في أرض الجزيرة.
عباد الله! وفتح خيبر وعداً وعده الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين عند عَوْدَتِهم مِنْ صلح الحديبية، قال تعالى:{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20].
يعني صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة خيبر.
عباد الله! وحديثنا عن غزوة خيبر سيكون حول العناصر التالية:
العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة وموقف المنافقين
.
العنصر الثاني: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى خيبر.
العنصر الثالث: أحداث الغزوة.
العنصرالرابع: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر.
العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة وموقف المنافقين:
ومن أسباب هذه الغزوة: أن اليهود في خيبر نقضوا المعاهدة التي بينهم
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقدوا حلفاً مع قريش ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، يهدف إلى تطويقه من الشمال إلى الجنوب (1).
واليهود في خيبر هم الذين حزَّبوا الأحزاب ضد المسلمين في غزوة الأحزاب، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ويهود خيبر هم الذين وضعوا خطة لاغتيال النبي- صلى الله عليه وسلم.
فكان لا بد من التخلص من يهود خيبر، الذين هم سبب لكل شر وبلاء في أرض الجزيرة.
عباد الله! وموقف المنافقين واحد لا يتغير إلا في أسلوبه وشكله فقط، وعندما خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم والمسلمون إلى خيبر، أرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول إلى يهود خيبر:"أن محمداً قصدكم وتوجه إليكم فخذوا حذركم، ولا تخافوا منه، فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمَّد شرذمة قليلون، عُزَّلٌ لا سلاح معهم إلا قليل".
فلما علم ذلك يهود خيبر، أرسلوا إلى غطفان يستمدونهم -لأنهم كانوا حلفاء يهود خيبر، ومظاهرين لهم على المسلمين- وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين (2).
وصدق الله العظيم حيث قال في وصف المنافقين: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)} [النساء: 138 - 139]، وقال
(1)"مختصر السيرة لابن هشام".
(2)
"الرحيق المختوم".