الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عباد الله! ولذلك ضرب لنا الرسول- صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده مثلاً أعلى في الوفاء بالعهود، استجابة لأمر الله ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
العنصر الثاني: موقف اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة
.
عباد الله! اليهود شعب مجرم لا يحب إلا نفسه، ولا يعرف إلا مصالحه؛ يعيش على حساب خراب بيوت الآخرين، دائماً يُشعلون نار الحرب بين القبائل قديماً وبين الدول حديثاً.
واليهود في المدينة هم الذين كانوا يشعلون نار الحرب بين الأوس والخزرج، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بالإِسلام، عرفوا وأيقنوا أن هذا الدين الجديد يقضي على مصالحهم الخبيثة، فنظروا إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم والإِسلام نظرة حقد وحسد وبغض ولكنهم لم يستطيعوا أن يظهروا ذلك في أول الأمر.
ويظهر لنا ذلك من قصة إسلام عبد الله بن سلام عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهود فجاءوا فقال لهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "يا معشر اليهود؛ ويلكم اتقوا الله وأسلموا، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد علمتم أني رسول الله حقاً، وأني قد جئتكم بالحق من عنده"
فقالوا: ما نعلمه -وهذا يدل على ما في قلوبهم- علماً أنهم يعرفون رسول الله- صلى الله عليه وسلم حقاً كما يعرفون أبناءهم.
وعندما قال لهم: "أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟
قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم.
وعندما قال لهم عبد الله بن سلام: يا معشر اليهود! اتقو الله فوالله الذي
لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بالحق، فقالوا له: كذبت (وهذا يعبر عما في قلوب اليهود).
ويظهر لنا ذلك أيضاً مما رواه ابن إسحاق عن أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها أنها قالت: كنت أحَبُّ ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر؛ لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه.
قالت: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قباء في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي؛ حيي بن أخطب، وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين -أي وقت صلاة الفجر-
قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس.
قالت: فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى
قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع. فوالله! ما التفت إلى واحدٌ منهما، مع ما بهما من الغمِّ.
قالت: وسمعت عمي أبا ياسر، وهو يقول لأبي، حيي بن أخطب: أهو هو؟ - وهذا هو الشاهد -أي: أهو الرسول الذي نعرفه في التوراة.
قال: نعم والله!
قال: أتعرفه وتثبته؟
قال: نعم
قال: فما في نفسك منه؟
قال: عداوته والله! ما بقيت -وهذا هو الشاهد- (1).
(1)"سيرة ابن هشام"(1/ 518 - 519).