الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة السابعة والعشرون: الإخاء بيم المهاجرين والأنصار
أيها الإخوة عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن الإخاء بين المهاجرين والأنصار
عباد الله! في الجمعة الماضية تبين لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة بدأ أولاً ببناء المسجد؛ لأن في المسجد يقف المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة بين يدي ربهم، وفي المسجد يتعلم المسلمون دينهم، وفي المسجد يتعود المسلمون على النظام في كل حياتهم، وفي المسجد يتدرب المسلمون على السمع والطاعة لأولي أمرهم.
عباد الله! ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بربهم من خلال عبادتهم في المسجد، وصل بين المسلمين بعضهم ببعض فآخى بين المهاجرين والأنصار.
عباد الله! وحديثنا عن الإخاء بين المهاجرين والأنصار سيكون حول العناصر التالية:
العنصر الأول: المهاجرون والأنصار في الكتاب والسنة
.
العنصر الثاني: الإخاء بين المهاجرين والأنصار.
العنصر الثالث: حقوق الأخوة في الله.
العنصر الرابع: الأمراض التي تفتك وتفسد الأخوة في الله.
العنصر الأول: المهاجرون والأنصار في الكتاب والسنة.
المهاجرون هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، طاعة ومحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة لدين الله كما وصفهم ربهم في كتابه.
فقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)} [الحشر: 8].
نعم والله صادقون في إيمانهم، صادقون في هجرتهم، صادقون في محبتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
أما الأنصار هم أهل المدينة الذين استقبلوا إخوانهم المهاجرين وضربوا مثلاً أعلى في الإيثار، كما وصفهم ربهم تبارك وتعالى في كتابه فقال:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} [الحشر: 9].
ومن الأمثلة على الإيثار عند الأنصار
يقول أبوهريرة رضي الله عنه: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أصابني الجهْد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئاً، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله!؟ فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله. فذهب إلى أهله فقال لامرأته: ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخري به شيئاً.
قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية!
قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت.
ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة، فأنزل الله عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (1).
ولذلك أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار وتمنى أن يكون منهم فقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار".
فقال أبو هريرة: ما ظلم بأبي وأمي! آووه ونصروه (2).
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم حبهم علامة الإيمان، وبغضهم أمارة النفاق، فقال صلى الله عليه وسلم:"الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله"(3).
فالويل الويل للروافض الشيعة الذين يبغضون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار"(4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالأنصار خيراً"(5).
عباد الله! ها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، من سلك سبيلهم سعد في الدنيا والآخرة، ومن ترك سبيلهم شقي في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 4889)، ومسلم (رقم 2054).
(2)
أخرجه البخاري (رقم 3779).
(3)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3783)، ومسلم (رقم 75).
(4)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3784)، ومسلم (رقم 74).
(5)
"ترتيب صحيح الجامع"(2/ 158).