الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)} [الأحزاب: 9].
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسب الفضل كله في هزيمة الأحزاب لله عز وجل.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده"(1).
العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب
.
أولاً: الكفر ملةٌ واحدة هدفهم واحد وهو: دمروا الإِسلام أبيدوا أهله
.
عباد الله! الكفر ملةٌ واحدة في كل بلاد الدنيا هدفهم: دمروا الإِسلام أبيدوا أهله، ويفعل الكفر ذلك تحت ستار (مكافحة الإرهاب).
وهدف الكفار من القضاء على الإِسلام والمسلمين هو السيطرة على خيرات المسلمين، وهذا يا عباد الله يظهر لنا من غزوة الأحزاب فقد جاءوا من كل مكان للقضاء على الإِسلام والمسلمين والسيطرة على خيرات المسلمين في المدينة، ولتأمين طرق التجارة بين مكة والشام.
عباد الله! والتاريخ يُعيد نفسه فما من عام يمر علينا إلا ونسمع ونرى ملة الكفر يجتمعون لحرب المسلمين تحت شعارات كاذبة، لينهبوا خيرات بلاد المسلمين وليأمنوا مصالحهم في تلك البلاد ورسولنا صلى الله عليه وسلم يخبرنا بذلك فيقول:
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 4114)، ومسلم (رقم 2724).
"يوشك أن تداعى عليكم الأمم" -أي: يدعو بعضها بعضاً، فتجيب- "كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ؟
قال صلى الله عليه وسلم: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السَّيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهنَ.
قالوا: يا رسول الله! وما الوهنُ؟
قال صلى الله عليه وسلم: "حب الدنيا وكراهية الموت"(1).
عباد الله! وهذا الحديث يُشَخّص لنا حال الأمة الإِسلامية إذا ضعفت وتفرقت مع أعدائها، ففي هذا الحديث:
أولاً: أن أعداء الإِسلام يرصدون حالة أمة الإِسلام؛ فإن رأوا أن الوهن دبّ إليها، والمرض نخر جسمها، وثبوا عليها ليقضوا على ما تبقى منها.
ثانياً: أن أمم الكفر تدعو بعضها بعضاً لتجتمع للتآمر على الإِسلام وأهله.
ثالثاً: أن ديار المسلمين منبع خيرات وبركات، تحاول أمم الكفر الاستيلاء عليها ولذلك شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بالقصعة المملوءة بالطيب من الطعام، التي أغرت الأكلة فتواثبوا عليها، كل يريد نصيب الأسد.
رابعاً: أن أمم الكفر لم تعد تهابُ المسلمين لأنهم فقدوا مهابتهم بين الأمم، بعد أن بعدوا عن دينهم.
خامساً: عناصر قوة الأمة الإِسلامية ليس في عددِها وعُدتِها، بل في عقيدتها ومنهجها.
(1) صحيح: انظر "صحيح الجامع""صحيح أبي داود".