الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمة الإِسلام! ومع ذلك فقد ضيع الكثير من الناس الصلاة.
أنسي هؤلاء الذين ضيعوا الصلاة أن من أول أسباب دخول النار ترك الصلاة، قال تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)} [المدثر: 42 - 43].
أنسي الذين تركوا الصلاة أن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم:"بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة"(1)، وقال صلى الله عليه وسلم:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"(2).
أمة الإِسلام! اتقوا الله في الصلاة، فإنكم ستسألون عنها يوم القيامة.
عباد الله! من الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من قصة الإسراء والمعراج.
ثالثاً: التحذير من الغيبة والخوض في أعراض المسلمين، وأكل لحوم الأبرياء:
قال صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم.
فقلت: من هؤلاء يا جبربل؟
قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم" (3).
عباد الله! الذين يغتابون المسلمين، ويأكلون لحوم الأبرياء في مجالسهم،
(1) رواه مسلم (رقم 282).
(2)
"رياض الصالحين" رقم (1086)، تحقيق الألباني.
(3)
"رياض الصالحين" رقم (1534) تحقيق الألباني.
هذا عذابهم في حياة البرزخ جزاءً وفاقاً، ولا يظلم ربك أحداً، فليتق الله كل منا في لسانه؛ لأن اللسان إذا أُطلق في أعراض المسلمين أدخل صاحبه النار قال تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} [المدثر: 42 - 47].
أي: كنا في الدنيا نخوض بألسنتنا بالباطل وأكل لحوم الأبرياء
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال: يا رسول الله إن فلانة تُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها" -أي النافلة- "ولكنها تؤذى جيرانها بلسانها، فقال صلى الله عليه وسلم: "هي في النار".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم! إن فلانة تُذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها، ولكنها لا تؤذى جيرانها بلسانها، قال صلى الله عليه وسلم:"هي في الجنة".
وعن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار؟
قال صلى الله عليه وسلم: "لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه" فبعد أن أخبره ودله على أبواب الخير.
قال صلى الله عليه وسلم له: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله".
قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال:"كف عليك هذا".
قلت: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال: "ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا
حصائد ألسنتهم؟ " (1).
وقال صلى الله عليه وسلم للرجل عندما سأله: ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك؟ "(2).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"(3).
وقال رجل يا رسول الله! أي المسلمين أفضل، فقال صلى الله عليه وسلم:"من سلم المسلمون من لسانه ويده"(4).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم الذين يأكلون لحوم الناس بألسنتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته" (5).
فاتقوا الله يا معشر المسلمين في ألسنتكم وأمسكوها عن أعراض المسلمين، وعن الغيبة، فإنكم راجعون إلى الله وموقوفون بين يديه، وسائلكم عن ألسنتكم.
قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} [الإسراء: 36].
عباد الله! ومن الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من قصة الإسراء والمعراج
(1)"رياض الصالحين" رقم (1530) تحقيق الألباني.
(2)
"رياض الصالحين" رقم (1528) الألباني.
(3)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 6018)، ومسلم (رقم 47).
(4)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 11) ومسلم (رقم 42).
(5)
"صحيح الجامع"(7861).
رابعاً: التحذير من خطباء السوء الذين يقولون ما لا يفعلون، والذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، والذين يدعون الناس إلى كل شر الذين يدعون الناس إلى الشرك والبدع والخرافات، الذين يدعون الناس إلى الحزبية البغيضة التي فرقت الأمة، الذين يحرضون المسلمين على ولاة أمرهم ليفسدوا في الأرض.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أسري بي- رجالاً تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت: يا جبريل! من هؤلاء؟
قال: هؤلاء خطباء من أمتك، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب؛ أفلا يعقلون؟! (1).
فهذا الخطيب الذي يقول للناس هذا حرام ثم يفعله، ويقول لهم هذا حلال ولا يفعله، خطيب السوء الذي يأمر بالبر وينسى نفسه، يأمر الناس بالحجاب وينسى امرأته وابنته، يأمر الناس أن يبتعدوا عن البنوك ويضع ماله في البنوك، يأمر الناس بالمحافظة على الصلاة وهو يضيع الصلاة، يحذر الناس من الكذب وهو يكذب، يحذر الناس من الغيبة والنميمة وهو واقع فيها هذا خطيب لا عقل له، قال رب العزة:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)} [البقرة: 44].
ونقول لهذا الخطيب:
يا أيها الرجل المعلم غيره
…
هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام من الضنا
…
كيما يصح به وأنت سقيم
(1) قال الشيخ الألباني رحمه الله حديث حسن انظر كتاب "الإسراء والمعراج" ص (52).
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
…
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
…
عار عليك إذا فعلت عظيم
والله سبحانه وتعالى يمقت ذلك، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 2 - 3].
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب الذي يقول للناس ويخالف بفعله ما يقول، فقال صلى الله عليه وسلم:"يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"(1).
أمة الإِسلام! خطباء السوء "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، وهم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا"(2).
فاحذروهم يا عباد الله!.
فهذا حذيفة رضي الله عنه قال: يا رسول الله: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال صلى الله عليه وسلم: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"(3).
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3267)، ومسلم (رقم 2989).
(2)
متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3606)، ومسلم (رقم 1847).
(3)
متفق عليه، قطعة من الحديث الذي قبله.
فيا أمة الإِسلام! فوالله إني لكم لناصح أمين، فإن وجدتم المنابر قد صعد إليها الخطباء الذين يدعون إلى الحزبية البغيضة، ولا هم لهم إلا أن يحرضوا الناس على ولاة الأمر، ويجعلون بلاد المسلمين بركة من الدماء، فاحذروهم، وارجعوا إلى عقيدة التوحيد وإلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى ما كان عليه الصحابة، كما قال ربنا -جل وعلا-:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة" قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: "التي تكون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي"(1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليه بالنواجذ" (2).
أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلني وإياكم من المتبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) حسن بشواهده.
(2)
صحيح، أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676).