الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفرقان: 32](1).
سابعا: مجالسة المستضعفين والفقراء من المؤمنين
.
عباد الله! ومن الأمور التي جادل فيها المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ جلوسهم مع الفقراء من المسلمين، في مجلس واحد، عن خباب رضي الله عنه قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب قاعداً في ناسٍ من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي صلى الله عليه وسلم حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا؛ فإن وفود العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد! فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت. قال:"نعم".
قالوا: فاكتب لنا عليك كتاباً.
قال: فدعا بصحيفة، ودعا علياً ليكتب -ونحن قعود في ناحية- فنزل جبرائيل عليه السلام فقال:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} [الأنعام: 52].
ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)} [الأنعام: 53]. ثم قال: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا
(1) انظر "فتح القدير" الشوكاني (4/ 75)، و "السيرة النبوية الصحيحة" أكرم ضياء العمري (1/ 166).
فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيفة من يده ثم دعانا، قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وهو يقول:"سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} : ولا تجالس الأشراف {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} يعني: عيينة والأقرع {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} قال: هلاكاً؛ قال: أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا.
قال خباب: فكنا نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها؛ قمنا وتركناه حتى يقوم" (1).
عباد الله! مجادلة بالباطل من كفار مكة، ومع ذلك فشلوا في هذه الأساليب جميعها لصد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دعوته الجديدة.
اللهم رد المسلمين إلى دينك رداً جميلاً.
(1)"صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 222 - 224).