الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24:26].
وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينه وبين البيت.
العنصر السادس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من صلح الحديبية
.
أولاً: كان صلح الحديبية فتحاً مبيناً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، ففي عودة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من الحديبية نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي بسورة الفتح.
يقول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: "لقد أنزلت علي الليلة سورة لهيَ أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} (1).
يقول البراء رضي الله عنه "تعدون أنتم الفتح؛ فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية"(2).
عباد الله! وقد اشتملت هذه السورة العظيمة على المبشرات الكثيرة
(1) رواه البخاري (رقم 4177).
(2)
رواه البخاري (رقم 4150).
الطيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللصحابة الكرام رضي الله عنهم ومن هذه
المبشرات:
1.
المغفرة من الله عز وجل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم ما تقدم وما تأخر من ذنبه.
قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} [الفتح: 1 - 3].
2.
تبشير المؤمنين بالجنة.
3.
بشرهم بفتح خيبر.
قال تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ .. } [الفتح: 20].
قيل هذه غنائم خيبر.
4.
بشرهم الله عز وجل برضاه عنهم.
قال تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18].
5.
بشرهم بالنصر والتمكين في الأرض وظهور هذا الدين.
فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)} [الفتح: 28].
ثانياً: في صلح الحديبية تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى في الإِسلام.
حيث استشار المسلمين في الإغارة على ذراري المشركين عندما قال لهم:
"أشيروا أيها الناس عليَّ" وأخذ برأي الصديق رضي الله عنه واستشار أم سلمة رضي الله عنها في أمر الناس؛ لما لم يبادروا بالنحر والحلق حين أمرهم بعد الصلح، وأخذ صلى الله عليه وسلم برأيها.
ثالثاً: وقد ظهرت معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما ازداد الماء بين يديه يقول جابر رضي الله عنه: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:"ما لكم؟ " قالوا يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون.
قال جابر: فشربنا وتوضأنا.
قال رجل لجابر: كم كنتم يومئذ؟
قال جابر: لو كنا مائة ألفٍ لكفانا كنا خمس عشرة مائةً (1).
اللهم اجعل للمسلمين فرجاً ومخرجاً.
(1) رواه البخاري (152).